الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

التعصب الغاء للعقول

التعصب الغاء للعقول
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
مما ابتلي به المسلمون قديماً وحديثاً التعصب للفكرة التي يحملها الإنسان، وكأن تبني هذا الانسان او ذاك لفكرة معينة يدل على صحتها وصوابها، وهذا باطل باتفاق العقول السليمة ، فإن الناس يعتنقون افكاراً مختلفة ومتناقضة، ولو كان مجرد تبني الانسان لفكرة معينة يدل على صحتها لاصبحت الافكار المتناقضة كلها صحيحة ، وهذا محال.
كل نص، مهما كان، يختلف الناس في فهمه، ويتفاوتون في معرفة غاياته ومقاصده، وهناك أسباب كثيرة تسهم في هذا الاختلاف، فامتلاك ناصية اللغة او عدم ذلك بالنسبة الى اللغة التي كتب بها النص يجعل الاختلاف قائما ، وخلفية القارئ عن الموضوع والمعلومات السابقة تؤدي ايضاً الى الاختلاف، والمصلحة كذلك، الى غير من جملة العوامل التي تؤدي الى الاختلاف في الفهم أو تفاوته بين الناس.
لذلك هناك فرق بين تبني الانسان للفكرة والدعوة اليها، فأنت عندما تتبنى فكرة ما، فلست مطالباً بالأدلة عليها، ولكن عندما تدعو الى فكرة فأنت مطالاب بإقامة الدليل عليها حسب طبيعتها، فإن كانت المسألة عقلية فأنت مطالب بإقامة الادلة العقلية عليها، وإن كانت شرعية فأنت مطالب بإقامة الأدلية الشرعية عليها.
ومع ذلك فإن الأدلة العقلية المقنعة لفلان قد لا تكون مقنعة لشخص آخر، وهذا معناه وجوب التسامح مع الآخرين فيما يرونه صحيحاً، ولا يجوز الحجر على عقولهم، بالإدعاء ان ما تحمله أنت هو الصواب المطلق الذي لا صواب سواه.
وهنا اجزم أن التخلي عن التعصب وعدم تسفيه آراء الآخرين كفيل بخضوع الرقاب الى الأدلة المبنية على العقل والمنسجمة مع الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها. وهنا يسعى الانسان الى احقاق الحق والوصول اليه بدل فرض تصوراته الشخصية على الآخرين؛ إذ يصبح المهم هو التعريف بالحق واظهاره.
اللهم طهر قلوبنا من التعصب والنفاق، واجعل الحق غايتنا.
وصلى اللهم على محمد وآل بيته الطاهرين0