الثلاثاء، 20 يوليو 2010

الى المدعو"ابو سعيد" ومن على مذهبه

الى المدعو "ابو سعيد" ومن على مذهبه
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
في البداية أحمد الله أنه لا يتصدى لمقالاتي الا سفيهٌ بضاعتة من العلم مزجاة، مثل المدعو "ابو سعيد"، والقراء الكرام، يلمسون ذلك ويعرفونه حق المعرفة، فهو لا يحسن الا الشتم والسب والتكفير، خلافاً لمنهج الحق الذي عليه أهل السنة، وعندما أقول أهل السنة، فهم أهل السنة الحقيقيون، لا من يزعمون افتراءً على الله ورسوله، أنهم اهل السنة والجماعة، أو من يسمون بالسلفية زوراً وبهتاناً.
ومن آخر ما كتب "أبو سعيد" رداً عليّ، مقال أسماه" المذهب(الصرفندي) أحدث المذاهب الدخيلة على الاسلام" وهو يرد فيه بطريقة تدل على وقاحته وحقده، بطريقة تخلو من الأدب الذي يتحلى به كل من له باع ولو كان قصيراً في العلم الشرعي، وكذب بإنكار أحاديث صحيحة، سنأتي عليها في مكانها.
مقالي، الذي رد عليه"ابو سعيد" كان عنوانه" لا تحريف في القران بإجماع المسلمين" سقت فيه بعض الأدلة العقلية والنقلية على خلو القرآن من التحريف ، وهذا الموقف أثار المدعو "أبو سعيد"، واعتبرأن فيه دفاعاً عن الشيعة الذين يقولون كلهم-حسب زعمه- بتحريف القران، وحيث أن هذا المقال المسمى ب" المذهب(الصرفندي) أحدث المذاهب الدخيلة على الاسلام" فيه ما فيه من الكذب والتدليس والوقاحة والبذاءة والشتم والتحقير؛ آثرت أن أرد على المسائل العلمية وأترك الوقاحة والكذب والتدليس عليّ ليوم يقتص فيه للجلحاء من القرناء .
1. يحاول المدعو "ابو سعيد " ان يشكك في أنني أحمل شهادة علمية، وهذا لا يسوقه من يكتب باسم مستعار، أما أنا فأكتب باسمي الذي يعرفني به ابناء فلسطين وطلابي في بيوت الله، الذين يسألونني أين سيكون درسك المقبل، في أي مسجد، فأنا ولله الحمد القي دروسي في مساجد محافظة أريحا منذ أكثر من عشرون عاماً، وأنا احمل درجة الماجستير في الدراسات الاسلامية المعاصرة من جامعة القدس/ أبو ديس، يعرفني الناس في طول البلاد وعرضها، وأنا ملتزم بالسنة في هيئتي، فأنا صاحب لحية بيضاء طويلة جداً، وألبس الثوب الفضفاض ....و .... ، ولذلك أقول لك عرفتنا فشتمتنا ولو عرفناك لشتمناك.
2. عندما أقول أن هناك من علماء الشيعة المعتبرين من لا يقول بتحريف القران، لا يعجبه ذلك، مع أنني قادر على سوق أسماء العشرات منهم، ولكنني لو فعلت ذلك هنا فأنا استدل بالدليل على من لا يحتاج الى دليل، لأن هذا الامر يعلمه كل طالب علم منصف، وهو لا ينكر وجود بعضهم، وأنا عندما اقول بأن من علمائهم من ينكر التحريف، فهل هذا دفاع عن من يقول بالتحريف أم شهادة لمن لا يقول بالتحريف، ولكنه العمى والعمه الذي امتد الى قلوب فتاهت عن الحق وغاصت في اوحال الجهل. مع أن مقالي " لا تحريف في القران بإجماع المسلمين" أعلن فيه بكل صراحة أن القول بتحريف القرآن زيادة او نقصاً هو كفر لا شك فيه، ولكنني متبع لمنهج الحق في التكفير، فأقول يعتبر الفعل كفراً ولا يشترك أن يكون فاعله كافراً، الا بشروطه وانتفاء موانعه، واعتقد أن هذه الجملة" الا بشروطه وانتفاء موانعه" أشكلت على المدعو "ابو سعيد" لم يفهمها لأنها من اختصاص طلبة العلم وأنى لمثله أن يفهمها، مع أن هذا الموضوع مما كتب به ابن تيمية، وأذكر أنني كتبت بحثاً في مرحلة الدراسات العليا عن منهج التكفير لابن تيمية، وسقت له اقوالاً كثيرة في هذا السياق وهذا المعنى. أو أن المدعو "ابو سعيد" ينكر أن هناك موانع للتكفير، لأنه يتنبى منهج التكفيريين الذين يكفرون كل من خالفهم.
3. اما إنكارك للروايات التي يفهم منها التحريف في كتب السنة، فهو دليل على جهلك وعدم اطلاعك على هذا الموضوع، ولن أسوق الأقوال ف هذا المقام لأنها طويلة وكثيرة جداً وتحتاج الى مقال مستقل، رغم أنك افتريت على بقولك انها قراءات مختلفة، وأنكرت ما نسب الى ابن مسعود فيما يتعلق بالمعوذتين، مع انه حديث بل روايات كثيرة صحيحة، سأجمعها بالتفصيل في مقال مقبل إنشاء الله، مما اكشف فيه كذبك وتدليسك وانحرافك عن الحق.
4. اما انكارك أن بعضاً من الفلسطينيين يحملون نجمة داوود ويغيرون اسماءهم عندما يكونون بين اليهود، فهذا يعرفه كل اهل فلسطين، ولم يكن من الادب تكذيب أمر لم تسمع عنه من قبل، وهذا ليس منكراً فهو من التقية التي اجازها الاسلام في خالة الخوف من أذى الكفار، لذلك كان الأدب منك يقتضي ان لا تأتي على ذكره لأن اهل فلسطين سيكذبونك ويقولون : يهرف بما لا يعرف.
5. اما عن موقفي من الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فإني اتولاهما والعن من يلعنهما ويكفرهما ، ومن يقول بأن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها زنت فهو كافر مكذب لكتاب الله، ولكنني ، ومن يتابع سفاهاتك تجاهي، يعلم أن حقدك علي لأني اهاجم الامويين ومنهم سيدك يزيد اللعين.
هذا ما حضرني على عجالة في الرد على سفاهاتك، ولكنني لن اتوقف عن الكتابة ، ليس للهجوم عليك بل لرد ما تقول وما يقوله اصحابك من الوهابية المنحرفة.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الاثنين، 19 يوليو 2010

تخريجة العودة للمفاوضات...!!!

تخريجة العودة للمفاوضات ...!!!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
أحياناً يتفاجأ حتى المحللون السياسيون والكتاب من قدرة السياسيين المحترفين على اجتراح حلول إبداعية لقضايا يظهر أنه لا حل لها، وهذا طبيعي جداً، فالسياسي المحترف لا يقف عاجزاً امام أية معضلة، بل لا يكون سياسياً من لا يستطيع البحث عن بدائل وخيارات جديدة، ولذلك فإنني أجزم أن العودة للمفاوضات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، أو صنف ثالث لا نعرفه حتى الآن، ستكون قريبة جداً، فنحن نثق بقدرات السياسي الفلسطيني والعربي على فتح الاقفال المغلقة على الكتاب والصحفيين والمحللين السياسين، لا ندري كيف سيكون ذلك، ولكننا متأكدون انه سيكون !!!
يأتي هذا بعد أن وصلت مسرة المفاوضات الى طريق يبدو أنه مسدود، ولكن لا بد من الإشارة أن هناك باب آخر مسدود وهو باب الخيارات، فلم يعد أمام الفلسطينيين والعرب الا خيار المفاوضات سواء كان هذا اختيارهم بمحض ارادتهم أم هو الخيار الوحيد الذي يملى عليهم مقابل الاستقرار النسبي القائم في بلادهم.
ومع ذلك فإنه ليس محرماً أن نحاول معرفة التخريجة المقترحة للعودة الى أحد أشكال المفاوضات، سيما إذا استعرضنا الحالة الفلسطينية والعربية، التي تؤكد أن العودة للمفاوضات حتمية لا محالة.
فلسطينياً، السلطة الفلسطينية التي أعلنت على لسان كبير مفاوضيها الدكتور صائب عريقات قبل عدة أشهر عن فشل خيار المفاوضات، كانت أعجز من أن تطرح خيارات أخرى غير الخيار الفاشل، وكان هذا في الحقيقة سقوطاً مدوياً من ناحية سياسية، فالقيادة السياسية للشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الاحتلال، تعلن فشل خيارها الوحيد وهو "المفاوضات" ، وتعجز عن التلويح بأية خيارات أخرى، وهذا معناه إظهار العجز، بل الإعلان عنه بطريقة إبداعية!، وكان من الطبيعي بعد ذلك، أن يتنبه من أعلن عن فشل المفاوضات، أو أن يتم تنبيهه، أن هذا الموقف كان خاطئاً من ناحية سياسية، فالشعب الفلسطيني بدأ ثورته ضد الاحتلال الصهيوني وهو لا يعرف الا خياراً واحداً ، وهو المقاومة، وهو خيار لم يستعمل حتى نهايته الطبيعية، فقد تم إفشاله قسراً من خلال الدخول في لعبة الحل السلمي، ثم توقيع أتفاقية اوسلو سيئة السمعة والصيت، وقد تم إقناع جزء من الشعب الفلسطيني بالحالة الوردية التي سيعيشها كمحصلة للمفاوضات، ولكن بعد الاعلان عن فشل المفاوضات فإن الحديث عن خيار المقاومة سيتعزز، فكراً وممارسة، فالشعب الفلسطيني سيكون سعيداً لسماع ثقافة المقاومة حتى لو لم يتم ممارستها عملياً، وهذا كان أحد الأسباب الرئيسية للعودة الى طاولة المفاوضات بشكل ابداعي، وهو المفاوضات غير المباشرة، فالشعب الفلسطيني، لم يرَ خلال فترة المفاوضات الا مزيداً من الاستيطان، والتهويد، وخلق وقائع على الأرض، لا يمكن ازالتها في المستقبل، فيزداد غضبه على الاحتلال وعلى من يفاوض هذا الاحتلال، ويميل نفسياً الى من يتحدث عن المقاومة، أو على الأقل ثقافة المقاومة، التي تفترض في حدها الادنى كراهية الاحتلال والأمل بالتخلص منه، والنظر اليه باعتباره عدواً لا صديقاً نتبادل معه العناق والقبل. من هنا فإن مصلحة السلطة الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح،أن لا تتوقف المفاوضات؛ لأن هذا يشكف عجزها وعدم أهليتها لقيادة الشعب الفلسطيني، ويسمح بتعالي الأصوات المؤيدة لخصمهم السياسي، ومن هنا فالسلطة بحاجة الى أي تخريجة يتم من خلالها العودة الى طاولة المفاوضات.
عربياً، أظهرت الدول العربية تاريخياً عجزها، بسبب ارتباطها بالسياسة الأمريكية، عن تقديم أي انجازات على صعيد القضية القومية الأولى للشعوب العربية، وكان من أعظم لحظات السعادة العربية رسمياً، دخول منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضات مع اسرائيل؛ إذ استطاعت هذه الدول جر المنظمة الى المربع الذي يمنع أحداً من المزاودة عليها، فقد جربت هذه الدول خيار الحرب بنية الهزيمة، واقنعت الشعوب العربية بعجزها عن اللجوء الى خيار الحرب مرة أخرى، فلم يبقَ الا خيار السلام من خلال المفاوضات، فكان خيار المفاوضات فعلاً هو الخيار الذي تملكه الدول العربية في التعامل مع القضية الفلسطينية، وتوقف هذا الخيار معناه كشف عوراتهم؛ ويكشف ضعفهم وعجزهم، وتخاذلهم وتنازلهم أمام الحكومة الإسرائيلية، فهم-أي العرب- بحاجة الى بقاء مسار المفاوضات مع علمهم أنها لن تحقق شيئاً، ومستعدون للضغط على الفلسطينيين اذا تمنعوا من أجل العودة الى طاولة المفاوضات، وهذا مقتضاه البحث بشكل خلاق وابداعي عن التخريجة المطلوبة.
أما اسرائيلياً وأمريكياً، فلا نحتاج الى تحليلٍ لموقفهما ومعرفة حاجتهما الى التخريجة المطلوبة، حتى لو لم تضمن الحفاظ على ماء وجه الفسطينيين والعرب، ما دامت هذه المفاوضات قادرة على ابتزاز المفاوض الفلسطيني وانتزاع غطاء للاستيطان والتهويد.
السياريوهات المحتملة: احدها، التئام اجتماع عربي، يعلن هجوماً لفظياً قاسياً على نتانياهو، ووصفه بأنه يسعى لتخريب العملية السلمية، وانه ليس من مصلحة اسرائيل التوصل الى حل نهائي للقضية الفلسطينية ، وأن العودة لطاولة المفاوضات هي حصار لحكومة نتنياهو وهي حرب شرسة لا بد خوضها، ولن يتناسى البيان الإشادة بصمود الشعب الفلسطيني وقيادته العظيمة والحكيمة . وهذا من أكثر السياريوهات سذاجة ولكن الدول العربية لا تعبأ بذلك، فالمهم العودة الى طاولة المفاوضات.
أما الاحتمال الآخر فهو تقديم ضمانات أمريكية فضفاضة، سواء كانت مكتوبة أو شفوية، يفسرها الفلسطينيون والعرب على غير مقصدها ومرادها، ويعتبرونها كافية للعودة الى طاولة المفاوضات دون تحديد سقف زمني الى أن تتغير الأوضاع الاقليمية والدولية، بشكل يخدم السياسة الامريكية والاسرائيلية فتكون" الاعطيات والهبات الاسرائيلية" غاية يتم النضال من أجلها في المستقبل.
وهناك سيناريو اخر يمكن حصوله وهو: اعلان امريكي بالضغط العلني على الفلسطينيين عبر الاعلان عن وقف المساعدات الاوروبية المقدمة للسلطة اذا لم يتم انجاز تقدم على المسار السياسي، مما يجبر السلطة على العودة الى المفاوضات تحت ضغط الاحتجاجات الجماهيرية التي يقودها الموظفون الذين لم يقبضوا رواتبهم حتى حينه، وهذا هو اكثر السناريوهات المرضية لإسرائيل حتى تمارس تأييدا علنياً لمصلحة الحزب الديموقراطي في انتخابات الكونغرس المقبلة.
أما السيناريو الآخر، فهو اسقاط حكومة نتنياهو بدعم أمريكي غير معلن، حيث تدخل "العملية السلمية" فترة سبات يمتد لأكثر من عام، ترتاح فيها الدول العربية والسلطة الفلسطينية من ضغط وقف المفاوضات، ثم من المؤكد في ظل الخارطة الحزبية في اسرائيل أن تكون الحكومة القادمة اكثر يمينية، والحكومة الأمريكية القادمة ستكون على الاغلب جمهورية، فتعود المفاوضات مرة أخرى لتدور في دوامة جديدة بحجة أن التوازن الدولي ليس لمصلحة العرب والفلسطينيين وأن المفاوضات هي الخيار الوحيد الواقعي.
ومع ذلك قد يفاجئنا العرب بتخريجة لم ترها عين ولا سمعتها أذن ولا خطرت على قلب بشر.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الأحد، 18 يوليو 2010

لا تحريف في القرآن بإجماع المسلمين

لا تحريف في القرآن بإجماع المسلمين
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
أجمع المسلمون على أن القرآن الموجود بين أيدينا اليوم، هو الكتاب المنزل من الله بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام، على قلب الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، ( نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِن رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمينَ ) وأجمعوا أنه-أي القرآن- هو المصدر الأول للعقائد والأحكام والتشريعات، وهو المعجزة الخالدة الدالّة على صدق رسول الله، قامت به الحجة على المخالفين والخصوم في زمانه صلوات الله وسلامه عليه، وتقام أيضاً به الحجة على الناس جميعاً الى يوم لقيامة، أنه الكتاب المنزل من الله شاهداً بصدق ادعاء النبوة.
لقد نزل القرآن على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، في حياته، فكان يأمر أصحابه الكرام بكتابة الوحي المنزل، ويندبهم الى حفظة واستظهاره، وكان هو صلوات الله وسلامه عليه يقرأه لهم في الصلاة، ويقرأه المسلمون كما سمعوه، فأصبح متواتراً بكل حرف فيه، وما توهم التحريف في القرآن، الا وهم من قلوب مريضة وعقول سقيمة، رفعت منزلة أحاديث ساقطة عن الاعتبار او أحاديث آحاد تعارض ظاهر القرآن، وظاهر القرآن حجة، فلا يحتج بما يخالفه من الروايات بغض النظر عمن رواها، والتي تفيد تحريف القرآن، سواء كان التحريف نقصاً أو زيادة، لأنه مناقض لنص القرآن، فالزيادة ممتنعة لأن الله يتحدى به ولو أضاف بشر اليه شيئاً لاستطاع المتحدى أن يأتي بمثله والله يقول: ( قُل لئنِ اجتَمَعَتِ الاِنسُ والجِنُّ عَلَى أن يأتُوا بمِثْلِ هَذا القُرْآنِ لا يأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً )، وكذلك النقص مردود بكتاب الله إذ تكفل الله بحفظه، ولا معنى للحفظ إذا نقص منه شيء، سواء كان النقص بكتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقوله جل جلاله:( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينا بَعضَ الاَقاوِيلِ *لاخذنا مِنهُ باليَمِينِ* ثم لَقَطعنَا مِنهُ الوَتِينَ ) ، أو النقص مطلقاً بفعل العباد لقوله تعالى( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
كذلك فإن التحريف بالزيادة يخالف قوله تعالى: ( وَإنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ * لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ )..
وقد حرص المسلمون على التصدي لأي خطأ يصدر بقصد أو بدون قصد، فقد روي أن عثمان رضي الله عنه قرأ قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يَكنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ولا يُنفِقُونَها في سَبِيلِ اللهِ...) بدون الواو، فقال أُبيّ : لتلحقنّها أو اَضعنّ سيفي على عاتقي ؛ فألحقوها، وما روي عن قراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقوله تعالى ( والسَّابقُونَ الاولُونَ مِن المُهاجِرينَ وَالاَنْصَار والَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ ) فرفع (الانصار) ولم يلحق الواو في (الذين) فقال له زيد بن ثابت : ( وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ )! فقال عمر : (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم باحْسَانٍ) . فقال زيد : أمير المؤمنين أعلم . فقال عمر : ائتوني بأُبيّ بن كعب ، فأتاه فسأله عن ذلك ، فقال أُبيّ : (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهم باحْسَانٍ ) فقال عمر : فنعم ، إذن نتابع أُبيّاً، وكان أبي بن كعب من فقهاء الصحابة وكتاب الوحي وممن جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ومع ذلك لا شك أن كتب كلا الفريقين، سنة وشيعة، اشتملت على أحاديث وروايات يفهم منها تصريحاً أو تلميحاً أن هناك تحريفاً في القرآن، ولكن هذه الروايات لا تلزم كلا الفريقين بالقول بالتحريف، ومن العجيب ان تجد من يقول بنسخ التلاوة، ولا يتهم بالقول بالتحريف، فنسخ التلاوة معناه أن ايات أو سورا من القرآن كانت تقرأ وتعتبر من القرآن فنسخت تلاوتها سواء بقي حكمها او نسخ حكمها مع تلاوتها، وهذا من أسقط الاقوال التي عرفها المسلمون ؛ حيث أن القرآن لا يثبت الا بالتواتر، فكيف تم اعتبار بعض الأقوال آيات ثم القول بنسخ تلاوتها، دون أن تثبت بالتواتر أنها من القرآن ابتداءً.
كيف لا يعتبر ما نسب الى ابن مسعود قوله أن المعوذتين ليستا من القرآن، قولاً بتحريف القرآن، ولكن هذا مما انكره علماؤنا فلا يلزمنا كون هذه الرواية موجودة في كتبنا، وهذا أيضاً موجود تصريحاً في روايات الشيعة، ولكن ذلك ليس بلازم للمذهب، ويعامل كل من يقول بتحريف القرآن معاملة فردية، ولا يحكم بكفر القائل بتحريف القرآن الا إذا كان قوله مستوفياً لشروطه دون وجود موانعه.
إن إنكار علماء معتبرين عند الشيعة التزامهم بالقول بتحريف القرآن ؛ فإننا نحكم أنهم لا يقولون بتحريف القرآن، ولا يقال هنا ان قولهم هذا تقية، مع أن التقية من الفكر الاسلامي الأصيل، ولكنها بشروطها وأحكامها المفصلة في موقعها في كتب التفسير والفقه، فالمسلمون سنة وشيعة يستخدمون التقية مع الكفار، ففي فلسطين مثلاً، تجد شاباً مسلماً إذا دخل بين اليهود اظهر على صدره سلسلة فيها ما يعرف ب"نجمة داوود" واحيانا يكون اسمه محمد ولكن اذا سئل قال ان اسمه"ديفد" مثلاً، ولذلك فإن قولهم-أي الشيعة- في تحريف القرآن لا يصح أن يكون تقية، إذ خطابهم لمسلمين ، الا ان يثبت تكفيرهم لأهل السنة جميعاً، وهذا ما لم نسمعه من أحد منهم، لذلك نقبل منهم هذا القول باعتبارهم مسلمين؛ لأن الأصل في المسلم أنه عدل ثقة حتى يثبت العكس، أي ما يعرف اصطلاحاً ببراءة الذمة.
خلاصة القول أن هذا الموضوع: القول بتحريف القرآن يجب الا يبقى مثار جدل ونقاش دون بينة، وألا يبقى سبباً للقطيعة بين جناحي الامة المسلمة، سنة وشيعة، لأن هناك إجماعاً أن لا تحريف في القرآن.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الاثنين، 12 يوليو 2010

تحفظات حماس هي تحفظات الشعب الفلبسطيني

تحفظات حماس هي تحفظات الشعب الفلبسطيني
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما تصاعد الحديث عن المصالحة الفلسطينية بعد واقعة اسطول الحرية، كانت الشكوك كثيرة حول نية المتحدثين عن المصالحة؛ لأنها كانت في جوهرها تنحصر في ضرورة توقيع حماس على الورقة المصرية ثم الاتفاق أو التعهد بالأخذ بملاحظاتها على الورقة المصرية، ثم إظهار حركة حماس وكأنها هي التي تعطل المصالحة بتعنتها وعدم قبولها بتوقيع الورقة المصرية، وكان من الطبيعي أن لا توقع حركة حماس دون ادراج ملاحظاتها على الورقة سواء كان ذلك باتفاق فلسطيني-فلسطيني أو كجزء ملحق مع الورقة المصرية نفسها، لأن جوهر ملاحظاتها منسجم مع الموقف الشعبي ، وهذه الملاحظات كما تعلن عنها قيادات حركة حماس محصورة في مسألتين: القيادة المؤقتة لمنظمة التحرير حتى اجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، ولجنة الانتخابات المركزية والتعهد بقبول نتائج الانتخابات.
لا شك أن الحديث عن شرعية منظمة التحرير الفلسطينية بتركيبتها الحالية، أصبح حديثاً ممجوجاً، فلا شرعية لها في الحقيقة الا عند الاسرائيليين والامريكان والانظمة العربية الرسمية؛ إذ لم تعد هذه المنظمة تعبر عن طموحات الشعب الفلسطيني بعد إن تخلت عن شعاراتها ومبادئها التي قامت على أساسها، وأهمها عودة اللاجئين وعدم الاعتراف بدولة الاحتلال، وأن فلسطين من البحر الى النهر، وأن الكفاح المسلح هو طريق تحرير فلسطين، فلقد نشأت هذه المنظمة في ظروف غير التي تعيشها في هذه الايام، وتغيرت شعاراتها بحكم تغير الواقع، لكن هذا التغيير لم يكن من حق القيادة بمعزل عن الشعب الفلسطيني؛ إذ استحقت منظمة التحرير شرعية تمثيلها للشعب الفلسطيني عند انطلاقتها ولو كان ذلك بدون انتخاب،كل ذلك بسبب التصاقها بأهداف وثوابت الشعب الفلسطيني، ولكن عندما دخلت دوامة العملية السلمية كان من المفروض ان تتم العودة للشعب الفلسطيني ليستفتى على المنهج والمنحى الجديد الذي التزمته منظمة التحرير، حتى تكون هناك شرعية حقيقية لتمثيلها للشعب الفلسطيني، وهذا ما تخشاه القيادة المتنفذة، فالشتات الفلسطيني لم يعد مؤيداً لهذه المنظمة بتوجهاتها الحالية ، ولا يمكن أن يفوز رموزها الحاليين بتوجهاتهم الحالية في أي تجمع فلسطيني في الخارج؛ إذ فلسطينييو الشتات متعلقون بقوة بحق العودة الذي اسقطته قيادات ورموز المنظمة الحالية، فلا مجال والحالة هذه أن يكون هناك تفويض وتأييد ومباركة من الخارج الفلسطيني للقيادة المتنفذة في منظمة التحرير وسياساتها وتوجهاتها، وطبيعي أن أي فشل لهم في التركيبة المستقبلية إذا جرت انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، معناه رفع السيف المسلط على رقاب الشعب ا لفلسطيني، وهو الالتزام بالاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير، وهذا معناه التراجع عن العملية السلمية ومنهج المفاوضات العبثية.
تغيير تركيبة المنظمة في المستقبل والقبول بقيادة مؤقتة حتى إجراء الانتخابات، هو مطلب فلسطيني بامتياز، والذين يعارضون ذلك هم امريكا واسرائيل والدول العربية، إضافة للقيادة الفلسطينية الحالية، التي تستخدم مومياء المنظمة كلما ارادت القيام بما يخالف توجهات الشعب الفلسطيني، وهنا يجب الاعلان بكل قوة أنه لا يجوز الحديث مطلقاً عن بقاء هذه المنظمة الى قيام الساعة مدعية تمثيلها للشعب الفلسطيني وهي لا تمثل في الحقيقة الا مصالح فئة ارتبطت مصالحها بالعملية السلمية التي حققت كل شيء ما عدا انجاز حقيقي واحد للشعب الفلسطيني.
اما على المستوى الداخلي، اي الضفة الغربية وقطاع غزة، فقد كانت النتائج واضحة، الشعب الفلسطيني لا يعطي حق التمثيل لقيادة هذه المنظمة، فلا يعقل بعد ذلك ان تبقى التركيبة الحالية مهيمنة ومسيطرة على الشعب الفلسطيني، ومن يدعي غير ذلك عليه أن يوافق على اجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، ومطلب حماس بتشكيلا قيادة مؤقتة حتى اجراء هذه الانتخابات هو مطلب فلسطيني، وليس مطلباً لحركة حماس فقط، فلا أدري ما هو وجه الاعتراض من حركة فتح على هذا التحفظ إذا اراتدت المصالحة الحقيقية.
أما المطلب الثاني، وهو تشكيل لجنة الانتخابات المركزية بالتوافق، وضمان الاعتراف بنتائج الانتخابات، فهو أيضاً ليس مطلباً لحركة حماس فقط،بل مطلب فلسطيني بامتياز؛ إذ كيف يطلب من الشعب الفلسطيني المشاركة في الانتخابات واعتبار التصويت واجب وطني ثم لا يلتزم المشاركون بنتائج هذه الانتخابات، بل إن عدم الموافقة على هذا المطلب يعتبر اهانة للشعب الفلسطيني.
اما لماذا يعتبر هذا الأمر مهماً قبل اجراء الانتخابات، فقد حققت حركة حماس اغلبية ساحقة في الانتخابات التشريعية عام 2006، وتعالت الاصوات في اليوم التالي من بعض قيادات حركة فتح تطالب باجراء انتخابات مبكرة، مما يعني فعلاً عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، وهذا معناه أنه اذا حصلت الانتخابات بدون ضمانات للاعتراف بنتائجها فإن دوامة العنف والاقتتال الداخلي مرشحة للعودة مرة أخرى، مما يعني انقساماً جديداً في حينه.
إن عدم الموافقة على لجنة انتخابات بالتوافق، معناه التلميح للتزوير في الانتخابات المقبلة، وهذا ما لا يقبله الشعب الفلسطيني مطلقاً، فقد جرت انتخابات نزيهة في المرة السابقة، ولا يمكن أن تكون نزيهة مرة أخرى الا بلجنة يتم تشكيلها بالتوافق بين مكونات الشعب الفلسطيني وأطيافه السيياسية .
إذا كانت هذه هي ملاحظات حركة حماس فهي في الحقيقة ملاحظات الشعب الفلسطيني كله، فلماذ1ا تعطيل المصالحة حتى الآن .
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

السبت، 10 يوليو 2010

اوباما ونتنياهو يجران عربة واحدة

اوباما ونتنياهو يجران عربة واحدة
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
منذ عدة أشهر اعتقد كثير من المراهنين على الخلاف الظاهري بين نتنياهو واوباما ان الأخير سيتخد مواقف حاسمة من قضية الصراع في الشرق الاوسط لصالح الطرف الفلسطيني، وهذه المراهنة كان لها ما يبررها عند كتاب الاعمدة اليومية الذين يتعاملون وكأنهم مراسلين سياسيين وليسوا محللين سياسيين، مغفلين استراتيجيات امريكا الثابتة في المنطقة والمتعلقة باسرائيل والشرق الاوسط، والحقيقة أن وسائل الاعلام المضللة والرسمية العربية، ساهمت بشكل مقصود في تضخيم الخلاف الظاهري بين اوباما ونتنياهو لتبرير التعلق بالسياسة الامريكية التي تسعى لحل عادل للقضية الفلسطينية وتحاول الضغط على اسرائيل، كما كانت وسائل الاعلام تلك تصور المشهد الامريكي الاسرائيلي.
العلاقة بين أمريكا واسرائيل، وخاصة فيما يتعلق بالشرق الاوسط، تأتي في سياق مشهد اوسع واهم من القضية الفلسطينية؛ إذ يعتبر الملف النووي الايراني احد الاضلاع المهمة في العلاقة الاسرائيلية الامريكية، فالادارة الامريكية تعلم أن البرنامج النووي الايراني لا يمكن وقفه، فهو مثل كرة الثلج التي تنحدر من أعلى القمة ومساحة السفح طويلة جداً، واسرائيل، تعلم حقيقة هذا البرنامج ولكنها تبتز الادارة الامريكية للتغاضي عن طرح حل ملزم للقضية الفلسطينية، وللاستفادة من التعاطف الدولي بسبب التهديد الايراني المزعوم.
الزيارة التي قام بها مؤخراً نتنياهو للبيت الأبيض أظهرت مدى العلاقة الحميمة التي ترتبط بها الادارة الامريكية مع اسرائيل، وتحديداً مع نتنياهو، فقد كان متوقعاً أن اوباما سيوبخ نتنياهو ويجبره على تقديم تنازلات للفلسطينيين، لكن النتائج جاءت مخالفة لكل تلك التوقعات، فلم يعد نتانياهو من البيت الابيض بخفي حنين، بل وضع خفيه على الطاولة امام الفلسطينيين، ليتحدث معهم بلغة جديدة تظهر قوته وتثير الفزع في قلوب الساسة الفلسطينيين، الذين كانوا كولد لجأ الى ابيه لينصفه من ابن الجيران الذي اعتدى عليه، فما كان من الأب الا ان دافع عن ابن الجيران ووبخ ابنه.
لم تناقش امريكا الاهانة التي تم توجيهها لها اثناء زيارة نائب الرئيس الامريكي للمنطقة، جو بايدن، وما عرف في حينه بأزمة "رمات شلومو" التي اعتبرت اهانة قاسية للسياسة الامريكية، وكان هذا دليلاً واضحاً على قبول تام بسياسة الاستيطان التي تمارسها حكومة نتنياهو، وأن الخلاف حول الاستيطان هو خلاف تكتيكي، يسعى كل طرف لتحقيق انجازات سياسية، فنتنياهو يريد ان يثبت أنه الطرف القوي الذي لا تلين له قناة في مسألة الاستيطان، حفاظاً على انجازات شخصية وحزبية، وكذلك الحفاظ على الائتلاف اليميني في الحكومة الاسرائيلية الحالية، اما اوباما فيريد من خلال التعامل مع قضية الاستيطان ان لا يتم اضعاف مصداقيته امام الاطراف الفلسطينية والعربية، لأن ذلك يشكل خطراً على مصالح امريكا في المنطقة ويقوي تيار الممانعة مقابل تيار الاعتدال
العوامل الحزبية الداخلية في امريكا لها ايضاً اعتبارات قوية، فانتخابات الكونغرس المقبلة تضغط على الحزب الديموقراطي لكي يتخذ اوباما موقفاً تصالحياً بل داعماً لاسرائيل ولنتنياهو على وجه الخصوص، حتى تبقى صورة اوباما باعتباره صديقا حميما لاسرائيل، وكان من اوضح مظاهر صورة الصداقة الدعم الامريكي لبرنامج اسرائيل النووي.
كل ذلك يؤكد أن الاتصالات مع الفلسطينيين ستبقى تراوح في مكانها، ولن يتم انجاز حقيقي على مستوى القضية الفلسطينية، وأن كل الجهود والزيارات المكوكية للسيد متشل هي لادارة الصراع وليس لحله، ولن يكون هناك تصادم ولو بالحد الأدنى بين اوباما ونتنياهو، لأن هناك مصالح مشتركة وكل من الحصانين يجر العربة نفسها.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الجمعة، 9 يوليو 2010

هل انتهت صلاحية حركة فتح؟!

هل انتهت صلاحية حركة فتح ؟!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما علمت اسرائيل وأمريكا أن حركة فتح هي العمود الفقري للنضال الوطني الفلسطيني، والتي استطاعت أن تصهر في بوتقتها كل أطياف ومكونات الشعب الفلسطيني من الماركسي والتروتسكي الذي كان يرى في شعاراتها وخاصة الكفاح المسلح ،عداء للامبريالية وجزءً من الثورة العالمية ضد الاستعمار الكولونيالي واعوانه من الرجعية العربية... الى آخر شعارات اليسار من الستينات الى اواخر ثمانينات القرن الماضي، الى الفلسطيني المتدين ، والذي كان يرى في شعار الكفاح المسلح الذي طرحته حركة فتح شكلاً من أشكال الجهاد ضد اليهود المحتلين لفلسطين، عند ذلك أدركت أمريكا واسرائيل أن إضعاف الشعب الفلسطيني يقتضي إضعاف حركة فتح واخراجها عن سكة المبادئ والقيم التي قامت عليها، الى سكة المصالح التي يصعب مقاومتها، ولم تتنبه قيادة حركة فتح الى أن التفاف الشعب الفلسطيني حولها لم يكن لسواد عيون قادتها ولا لانهم شخصيات كارزماتية عجز رحم الشعب الفلسطيني ان يلد مثلها، بل لالتصاق شعاراتها ومبادئها بمصالحه وتعبيرها عن آماله وطموحه، ولذلك كان من الطبيعي أن يصفع الشعب الفلسطيني حركة فتح في انتخابات المجالس المحلية 2005 وانتخابات المجلس التشريعي عام 2006،عندما لمس أن هذه الحركة سخرت مقدرات الشعب الفلسطيني لخدمة اهداف شخصية وفئوية وجهوية، وضحت بمصالح الشعب على مذبح مصالحها الخاصة ، بل مصالح فئة اختطفت حركة فتح وسخرت تاريخها الناصع لتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم الأسود، فالشعب الفلسطيني له ثوابت واهداف وغايات ، يحمل على أعناقه كل من ينادي بتحقيقها،سواء كان المنادي بها والعامل لتحقيقها حركة فتح أو حركة حماس أو غيرهما؛ إذ ليس المهم من هو التنظيم الذي يدّعي حمل الثوابت والدفاع عنها، بل المهم هو من يحمل هذه الثوابت حقيقةً ويدافع عنها ويضحي من أجلها.
كانت البداية بتوقيع اتفاقات أوسلو، والنهاية بسلطة تدفع رواتب الموظفين مقابل غطاء للاحتلال وجرائمه من تهويد القدس، الى غول الاستيطان الذي يبتلع الأض الفلسطينية صبيحة كل يوم جديد، ويخلق أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه والقفز عنه عند توقيع اتفاق نهائي بعد أن تصاب اسرائيل بتخمة الاستيطان وعسر الهضم فلا تستطيع بعد ذلك قضم شبر فلسطيني جديد.
كان المنطق الحزبي والحركي يفترض ان تحل حركة فتح نفسها باعتبارها حركة تحرر وطني، وينتظم اعضاؤها في الاحزاب والحركات الفلسطينية القائمة او يشكلوا احزاباً جديدة بحسب الرؤى والافكار التي يحملها كل انسان ويراها طريقاً صحيحاً لبناء الدولة الفلسطيية المستقلة؛ ولأن هذا الأمر لم يحدث، لم تستطع حركة فتح أن تشكل جامعاً حقيقياً لكل أعضائها، فسادت بينها الشللية والمحسوبية والمناطقية والعشائرية، وهذه العناصر لا توجد في جماعة إلا أهلكتها، لأنها تثقل جسم الجماعة فلا تسمح لها بالسير بنشاط وحيوية الى الامام، بل تنشغل عن أهدافها وغاياتها لتضميد جراحها الداخلية، وهذا فعلاً ما جعل حركة فتح غير قادرة على السير الى الامام بل المراوحة في مكانها مما استنفذ طاقتها وجهدها، وجعل جراحها عميقة تستنزف ليس فقط قدراتها، بل وقدرات الشعب الفلسطيني في محاولة لوقف النزيف.
لقد أثبت الاجواء التي سادت مرحلة ما قبل الغاء الانتخابات المحلية؛ ان حركة فتح فقدت قدرتها على قيادة الشعب الفلسطيني، بل فقدت قدرتها على الحفاظ على وحدتها التنظيمية، وهذا طبيعي جداً، فمرحلة ما بعد بناء السلطة الفلسطينية، هي مرحلة جديدة غير تلك التي وجدت وانطلقت فيها حركة فتح؛ إذ الانطلاقة كان يكفيها ان ترفع شعار الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني وعودة اللاجئين الىديارهم، ليلتف حولها الشعب الفلسطيني كله، فهذه الشعارات كانت تعبر عن كل مكونات واطياف الشعب الفلسطيني، الذي كان يرى المسألة بكل بساطة: شعبٌ اغتصبت ارضه وطرد منها، وطريق استعادة البلاد وعودة العباد هي الكفاح المسلح وأشكال النضال الأخرى التي تجعل المحتل يدفع ثمناً غالياً لغطرسته واحتلاله واستيطانه وتهويده للقدس، فلم يكن يحتاج الفلسطيني البسيط جهداً في اقناعه بالالتحاق بحركة فتح، بل هو جزء منها بطبيعته حتى دون أن ينتمي إدارياً وتنظيمياً لهذه الحركة.
لقد جاءت انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، بزلزال ما زالت ارتداداته تفعل فعلها على الأرض حتى الآن، مما يؤكد أن استمرار حركة فتح بحالتها الهلامية، فكراً وتنظيماً، لا يمكن أن تكون لصالح الشعب الفلسطيني، فنحن الآن امام منعطف خطير يتعلق بمستقبل الشعب الفلسطيني، يتطلب اجتيازه تحديد سياسات وبرامج واضحة فيما يتعلق بالثوابت الفلسطينية وآليات تحقيقها، فلا يمكن دخول حرب جديدة بأسلحة قديمة، إذ على حركة فتح أن تحدد بوضوح تام للشعب الفلسطيني ،ما هو موقفها من الاحتلال والثوابت الفلسطينية ، وما هي الاسترتيجيات التي تؤمن بها للحفاظ على الثوابت وتحقيقها؛ لأن الزمن لا ينتظر، فسوف يتجاوزها وتصبح من الماضي الذي انتهت صلاحيته.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 7 يوليو 2010

عباس: الآن حان موعد الاستقالة

عباس: الآن حان موعد الاستقالة
بقلم : أ. سعيــد الصرفنــدي
أوساط كثيرة كانت تتوقع أن اوباما استدعى نتنياهو لتوبيخه وتطويعه من أجل تقديم تنازلات تدفع بالجانب الفلسطيني للعودة الى طاولة المفاوضات المباشرة، ولكن الواقع جاء مخالفاً لكل تلك التوقعات، حيث جاءت الزيارة ناجحة بكل المقاييس الاسرائيلية، فقد كان الاستقبال دافئاً وودياً مما يشعر بأن الضيف القادم الى البيت الابيض هو ضيف عزيز سيتم اكرامه وقد حصل ذلك.
لقد كانت المواقف متقاربة بدعوة الطرفين لضرورة استئناف المفاوضات المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وهذا معناه الضغط على الجانب الفلسطيني للعودة الى المفاوضات العبثية دون تحقيق اي شرط فسطيني، او ما تعتبره السلطة استحقاقاً على الجانب الاسرائيلي.
العودة الى طاولة المفاوضات المباشرة التي توقفت بسبب استمرار الاستيطان، معناه أن السلطة لا تملك من أمرها شيئاً، وهي مستعدة للعودة للمفاوضات بدون شروط مسبقة، وسوف يتم التوجه الى جامعة الدول العربية لأخذ الضوء الأخضر باستئناف المفاوضات المباشرة بعد أن فشلت المفاوضات غير المباشرة في تحقيق أي شيء يذكر، لأن المرجعية للسلطة أصبحت جامعة الدول العربية.
الموقف المطلوب من السيد محمود عباس والسلطة الفلسطينية هو التوقف عن الارتهان للموقف الامريكي والاسرائيلي، فقد فشل نهج التفاوض في تحقيق اية مكاسب عملية للشعب الفلسطيني، وثبت أن استمرار المفاوضات المباشرة وغير المباشرة يعطي اسرائيل الفرصة لخلق امر واقع يصعب معه التوصل الى اتفاق نهائي تكون الدولة الفلسطينية فيه على حدود عام 1967، حتى لو تم التوصل لاتفاق التبادل بغض النظر عن النسبة اتي سيتم الاتفاق عليها.
لقد كان اعتراف السلطة بفشل منهج المفاوضات أمراً ايجابياًً، ولكن السلبية تمثلت بعدم الحديث عن بدائل امام السلطة الفلسطينية ، وكان هذا في الحقيقة سقوطاًَ مدوياً للمفاوض الفلسطيني الذي جعل خياره الوحيد هو التفاوض ثم التفاوض، ضارباً بمصالح الشعب الفلسطيني وثوابته عرض الحائط، حيث لم يعد منهج المفاوضات مقبولاً من الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات، ولكن السلطة في الحقيقة لا تستطيع وقف المفاوضات لأسباب عديدة منها ، أن وقف المفاوضات يعني ارتفاع الصوت الذي يهمس بوجوب العودة الى خيار المقاومة.كذلك فإن وقف المفاوضات معناه وقف المساعدات المالية التي تشكل عصب الحياة للسلطة وخاصة الفئة المتنفذة التي ارتبطت مصالحها بمشروع التسوية.
الملفت للانتباه أن السلطة، وتحديدا الجهات التي تمارس التفاوض، بدأت تشعر بالاعياء وعدم القدرة على تسويق مواقفها، فكان البديل جاهزاً وهو الاتصالات التي يجريها وسيجريها سلام فياض مع الاسرائيليين، وهي ذات طابع سياسي بحت بغض النظر عن توصيفها من جهة محمود عباس.
الموقف المشرف الذي يمكن أن يقوم به محمود عباس هو الاستقالة من منصبه والعودة للشرعية الفلسطينية ، وليس التوجه الى جامعة الدول العربية لاستخراج فتوى بالعودة الى المفاوضات المباشرة، وهذا الموقف بالتأكيد هو القادر على خلق ضغط حقيقي على الاحتلال وعلى الادارة الامريكية، أما ان يبقى منصب الرئاسة غطاءً لكل ما تفعله اسرائيل من استيطان وتهويد وخلق وقائع على الارض، ثم الحديث عن السلام والمسيرة السلمية وتمسك الجانبالفلسطيني بالثوابت الوطنية فهو أمر لا يمكن فهمه على الاطلاق.
هذا هو الوقت المناسب لاستقالة محمود عباس، واعتقد أن الشعب الفلسطيني سيدعم هذا التوجه؛ لأن شعبنا ملّ الحديث عن المفاوضات وعن السلام في الوقت الذي يرى فيه غول الاستيطان يبتلع الارض الفلسطينية، والتهويد للقدس لم يتوقف منذ مسيرة اوسلو بحيث اصبح الحديث عن تقسيم القدس امراً غير واقعي.