الجمعة، 9 يوليو 2010

هل انتهت صلاحية حركة فتح؟!

هل انتهت صلاحية حركة فتح ؟!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما علمت اسرائيل وأمريكا أن حركة فتح هي العمود الفقري للنضال الوطني الفلسطيني، والتي استطاعت أن تصهر في بوتقتها كل أطياف ومكونات الشعب الفلسطيني من الماركسي والتروتسكي الذي كان يرى في شعاراتها وخاصة الكفاح المسلح ،عداء للامبريالية وجزءً من الثورة العالمية ضد الاستعمار الكولونيالي واعوانه من الرجعية العربية... الى آخر شعارات اليسار من الستينات الى اواخر ثمانينات القرن الماضي، الى الفلسطيني المتدين ، والذي كان يرى في شعار الكفاح المسلح الذي طرحته حركة فتح شكلاً من أشكال الجهاد ضد اليهود المحتلين لفلسطين، عند ذلك أدركت أمريكا واسرائيل أن إضعاف الشعب الفلسطيني يقتضي إضعاف حركة فتح واخراجها عن سكة المبادئ والقيم التي قامت عليها، الى سكة المصالح التي يصعب مقاومتها، ولم تتنبه قيادة حركة فتح الى أن التفاف الشعب الفلسطيني حولها لم يكن لسواد عيون قادتها ولا لانهم شخصيات كارزماتية عجز رحم الشعب الفلسطيني ان يلد مثلها، بل لالتصاق شعاراتها ومبادئها بمصالحه وتعبيرها عن آماله وطموحه، ولذلك كان من الطبيعي أن يصفع الشعب الفلسطيني حركة فتح في انتخابات المجالس المحلية 2005 وانتخابات المجلس التشريعي عام 2006،عندما لمس أن هذه الحركة سخرت مقدرات الشعب الفلسطيني لخدمة اهداف شخصية وفئوية وجهوية، وضحت بمصالح الشعب على مذبح مصالحها الخاصة ، بل مصالح فئة اختطفت حركة فتح وسخرت تاريخها الناصع لتاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم الأسود، فالشعب الفلسطيني له ثوابت واهداف وغايات ، يحمل على أعناقه كل من ينادي بتحقيقها،سواء كان المنادي بها والعامل لتحقيقها حركة فتح أو حركة حماس أو غيرهما؛ إذ ليس المهم من هو التنظيم الذي يدّعي حمل الثوابت والدفاع عنها، بل المهم هو من يحمل هذه الثوابت حقيقةً ويدافع عنها ويضحي من أجلها.
كانت البداية بتوقيع اتفاقات أوسلو، والنهاية بسلطة تدفع رواتب الموظفين مقابل غطاء للاحتلال وجرائمه من تهويد القدس، الى غول الاستيطان الذي يبتلع الأض الفلسطينية صبيحة كل يوم جديد، ويخلق أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه والقفز عنه عند توقيع اتفاق نهائي بعد أن تصاب اسرائيل بتخمة الاستيطان وعسر الهضم فلا تستطيع بعد ذلك قضم شبر فلسطيني جديد.
كان المنطق الحزبي والحركي يفترض ان تحل حركة فتح نفسها باعتبارها حركة تحرر وطني، وينتظم اعضاؤها في الاحزاب والحركات الفلسطينية القائمة او يشكلوا احزاباً جديدة بحسب الرؤى والافكار التي يحملها كل انسان ويراها طريقاً صحيحاً لبناء الدولة الفلسطيية المستقلة؛ ولأن هذا الأمر لم يحدث، لم تستطع حركة فتح أن تشكل جامعاً حقيقياً لكل أعضائها، فسادت بينها الشللية والمحسوبية والمناطقية والعشائرية، وهذه العناصر لا توجد في جماعة إلا أهلكتها، لأنها تثقل جسم الجماعة فلا تسمح لها بالسير بنشاط وحيوية الى الامام، بل تنشغل عن أهدافها وغاياتها لتضميد جراحها الداخلية، وهذا فعلاً ما جعل حركة فتح غير قادرة على السير الى الامام بل المراوحة في مكانها مما استنفذ طاقتها وجهدها، وجعل جراحها عميقة تستنزف ليس فقط قدراتها، بل وقدرات الشعب الفلسطيني في محاولة لوقف النزيف.
لقد أثبت الاجواء التي سادت مرحلة ما قبل الغاء الانتخابات المحلية؛ ان حركة فتح فقدت قدرتها على قيادة الشعب الفلسطيني، بل فقدت قدرتها على الحفاظ على وحدتها التنظيمية، وهذا طبيعي جداً، فمرحلة ما بعد بناء السلطة الفلسطينية، هي مرحلة جديدة غير تلك التي وجدت وانطلقت فيها حركة فتح؛ إذ الانطلاقة كان يكفيها ان ترفع شعار الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني وعودة اللاجئين الىديارهم، ليلتف حولها الشعب الفلسطيني كله، فهذه الشعارات كانت تعبر عن كل مكونات واطياف الشعب الفلسطيني، الذي كان يرى المسألة بكل بساطة: شعبٌ اغتصبت ارضه وطرد منها، وطريق استعادة البلاد وعودة العباد هي الكفاح المسلح وأشكال النضال الأخرى التي تجعل المحتل يدفع ثمناً غالياً لغطرسته واحتلاله واستيطانه وتهويده للقدس، فلم يكن يحتاج الفلسطيني البسيط جهداً في اقناعه بالالتحاق بحركة فتح، بل هو جزء منها بطبيعته حتى دون أن ينتمي إدارياً وتنظيمياً لهذه الحركة.
لقد جاءت انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، بزلزال ما زالت ارتداداته تفعل فعلها على الأرض حتى الآن، مما يؤكد أن استمرار حركة فتح بحالتها الهلامية، فكراً وتنظيماً، لا يمكن أن تكون لصالح الشعب الفلسطيني، فنحن الآن امام منعطف خطير يتعلق بمستقبل الشعب الفلسطيني، يتطلب اجتيازه تحديد سياسات وبرامج واضحة فيما يتعلق بالثوابت الفلسطينية وآليات تحقيقها، فلا يمكن دخول حرب جديدة بأسلحة قديمة، إذ على حركة فتح أن تحدد بوضوح تام للشعب الفلسطيني ،ما هو موقفها من الاحتلال والثوابت الفلسطينية ، وما هي الاسترتيجيات التي تؤمن بها للحفاظ على الثوابت وتحقيقها؛ لأن الزمن لا ينتظر، فسوف يتجاوزها وتصبح من الماضي الذي انتهت صلاحيته.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق