الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

ماذا بعد سبتمبر ؟؟ ... لا شيء جديد !!

ماذا بعد سبتمبر ؟؟ ...لا شيء مهم !!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لم تكن الانتصارات الحقيقية للشعوب في يوم من الأيام من صنع القيادات السياسية، بل كان دور القيادات السياسية هو صياغة التراكمات النضالية المعمدة بالتضحيات بكل أنواعها لبلورة برنامج عمل سياسي له أهدافه الواضحة وأساليبه المنسجمة مع غاياته، وبدون ذلك فإن أي قيادة سياسية معزولة عن الفعل الجماهيري عند تشكلها أو تشكل برنامجها السياسي لا يمكن أن تحقق انتصاراً حقيقياً؛ فالقيادة المعزولة تطمح في تحقيق غاياتها أو في أحسن الأحوال - مع افتراض حسن النية- فإنها تطمح لتحقيق برنامج يُقزّم الأهداف لتكون بمستوى قدراتها هي، لا بمستوى قدرات الشعوب المناضلة، وينتج عن ذلك فجوة واسعة بين الشعوب وبين هذا النوع من القيادات السياسية. ومكمن الخطر هنا أن تلك القيادات بحاجة إلى محضن مناسب أو غير مناسب، وفي حالة عدم الانسجام بين الشعب وقيادته لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون الشعب محضناً مناسباً، فيبدأ البحث عن محضن خارجي، وبذلك تصبح القيادة السياسية غريبة عن الشعب وهمومه وغاياته وأهدافه، وتصبح في نفس الوقت أكثر عرضة واستجابة للابتزاز السياسي.
ليس ذلك تنظيراً بعيداً عن الواقع السياسي الفلسطيني، بل هو قراءة دقيقة وعميقة للحالة الفلسطينية الراهنة، وما وصل إليه الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية فيما يتعلق بما يسمى "استحقاق سبتمبر"،فقد توصلت القيادة السياسية إلى هذا التوجه منفردة، دون إجماع شعبي أو فصائلي، وهو ما يفسر برودة التعاطي الشعبي مع هذا الاستحقاق، فالقيادة السياسية عندما تتحدث عنه فهي تظهر كل الحماس والاندفاع، مقابل لا مبالاة شعبية، وكأن الأمر لا يخص الشعب الفلسطيني بمجمله بل هو مسألة خاصة بالقيادة السياسية لاعتبارات خاصة بها.
الواقع يؤكد أن التوجه الفلسطيني لمجلس الأمن أو للجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يعدو كونه هروباً للأمام، فالفشل الذريع لمسار المفاوضات فلسطينياً، جعل القيادة السياسية تتشبث بحبال الهواء من أجل البقاء في موقعها، ومن تلك الحبال "استحقاق سبتمبر"، فهي تفتقر إلى برنامج سياسي واقعي حتى لو كان يحتاج إلى زمن طويل لترجمته واقعياً، مما جعلها تفكر في انقاذ نفسها من حالة الغرق، ولو كان المستقبل قاتماً وغير مضمون، فالغريق همه الأول والأخير هو النجاة، ولا يسمح وضعه بالتفكير أكثر من ذلك، وحيث أننا لسنا كشعب في تلك الحالة المزرية فلنا أن نفكر برويّة وتأمل وتدبر لما بعد سبتمبر، وهذا يسوقنا جبراً لجملة من الملاحظات والتساؤلات:
أولاً : كل من يستخف بعقول الشعب، بدأ للتنظير السياسي الفارغ بقوله: إن اسرائيل وفي حالة الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67 ستكون في مأزق؛ لأنها ستصبح معتدية ومحتلة لأراضي دولة مستقلة ومعترف بها، مما يعني عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي لأراضي هذه الدولة. وهذا في الحقيقة إن لم يكن كذباً وتضليلاً مقصوداً، فهو سذاجة سياسية لا تليق بقيادة سياسية في أكثر بقاع الأرض تخلفاً؛ لأن هذا القول يقتضي أن القانون الدولي والشرعية الدولية كانت ترى في الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس وضمها أمراً مشروعاً، ولذلك لم تتخذ أي إجراء عملي ضد هذا الاحتلال، بل إنه من المعلوم أن جزءً من المساعدات الرسمية الأمريكية للكيان الصهيوني كان يذهب للاستيطان، وإذا كان الاحتلال بكل جرائمه مخالفاً للشرعية الدولية التي افتقرت إلى آلية لإحقاق الحق، فما هو المستجد الذي سيتغير بعد الاعتراف بدولة فلسطين، ألم تكن الضفة الغربية قد احتلت عام 67 باعتبارها جزءً من دولة معترف بها، وعضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي الأردن ؟!
ثانياً : هل القيادة السياسية المتنفذة مستعدة للتنازل عن موقع القيادة، وتقديم الاستقالة في حالة عدم تحقيق انجاز ملموس؟ هذا هو الأصل، ولكن ذلك لن يحدث؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها إسرائيل، ستقدم للسلطة مظلة هبوط آمنة، وذلك ليس محبة ولا اشفاقاً عليها، بل خوفاً من الفراغ السياسي الداخلي الذي ستملؤه حركة حماس، وهذا يعني الاتفاق على صيغة معدّلة للعودة إلى طاولة المفاوضات، ويمكن في هذا السياق أن يضطر نتنياهو إلى القبول بصيغة دولتين على أساس حدود الرابع من حزيران 67، مع تبادل للأراضي بصيغة غامضة تتطلب عشرات السنين للتفاوض حول تطبيقها.
ثالثاً : في هذه الحالة، وتناغماً مع الحالة الثورية السائدة اقليمياً، فإن الشعب الفلسطيني سيقول كلاماً قاسياً للقيادة السياسية، وقد يكون فعله أشد قسوة، مما يعني احتمالات مفتوحة، أحدها وأخطرها أن تتحول السلطة إلى قوة قمع حقيقية ومباشرة، وترضى علانية بدور الوكيل الأمني للاحتلال. صحيح أن هذا السيناريو صعب التطبيق وطنياً ، الا أن الأوضاع التي نشأت بفعل السيطرة على الأجهزة الأمنية والمال، قادرة على جعل هذا السيناريو أمراً واقعاً، فالحالة الاقتصادية الصعبة في الضفة الغربية، والتي تم تفصيلها بإحكام لتكون مشنقة تشتد ضيقاً كلما حصل تململ وحركة من المشنوق، قادرة على تسهيل تطبيق هذا السيناريو.
رابعاً : بعد ذلك كله، ألا يجدر بالقيادة السياسية، أن تدعو إلى مؤتمر استثنائي لكل مكونات وأطياف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، لتدارس الحالة الراهنة والخروج بتوصيات لها صفة الالزام، لتكون برنامجاً سياسياً يدافع عنه الشعب الفلسطيني كله ويتحمل تبعات الإخفاق إن حصل .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 24 أغسطس 2011

من أجل ذلك .. لا لاستحقاق ايلول بقلم: أ.سعيــد الصرفنــدي

من أجل ذلك .. لا لاستحقاق ايلول
بقلم : أ. سعيــد الصرفنــدي
لا شك أن التوجه إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة من قبل السلطة الفلسطينية للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، لم يكن منذ البداية توجهاً ذاتياً للسلطة، فهو أحد تداعيات التصريحات التي قدمها اوباما معبراً عن تمنياته أن يرى فلسطين عضوا في الأمم المتحدة، وقد تمسكت السلطة الفلسطينية بهذا الأمر، حتى أنها اعتبرت توجهها في ايلول المقبل للاعتراف بالدولة الفلسطينية هو معركة شرسة ستخوضها القيادة بكل حزم وقوة ولن تخضع للضغوط الأمريكية والنصائح الدولية بعدم جدوى هذا التوجه، ومن أجل تسليط الضوء على هذا الاستحقاق "العظيم" لا بد من التنبه إلى ما يلي :
أولاً : القيادة الفلسطينية التي كشفت عن كل اوراقها ومكونات استراتيجيتها في التعامل مع الكيان الصهيوني، بانتهاجها سياسة المفاوضات ولا شيء غير المفاوضات بأشكالها المعهودة من مباشرة وغير مباشرة أو ما يمكن ابتداعه واختراعه من اشكال جديدة للمفاوضات، حصلت من خلالها على لا شيء، وخرج علينا رموز السلطة ومهندسو المفاوضات ليقولوا لنا بأن المفاوضات أصبحت عقيمة ولن تحقق شيئاً ايجابيا للشعب الفلسطيني، وطبيعي أن هذا الاعتراف من قيادات السلطة كان انتحاراً سياسياً؛ لأن من مقتضيات ذلك أن تسلم هذه القيادات الأمانة إلى غيرهم، فقد فشلوا من خلال منهجهم في الوصول إلى تحقيق أيّ من الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، ذلك أنهم ذهبوا للمفاوضات يبحثون عن حقوق الشعب الفلسطيني، وشتان ببن من يذهب للمفاوضات لانتزاع حقوق واضحة ومعروفة مسبقاً، وبين من يذهب إلى عدوه خالي الوفاض، آملاً بالتفاهم معه على الحقوق، مما جعل قيادة السلطة تدرك أنها شرعية وجودها اصبح موضع شك، فكان الحديث عن استحقاق ايلول مخرجاً لهذه القيادة، فهو يُظهر بأن هذه القيادة ما زالت تمتلك المبادرة السياسية والقيام بالفعل السياسي، الذي يؤهلها للبقاء على قيادة الدفة . ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أن القيادة الفلسطينية لا تدرك ما سيترتب على توجهها للامم المتحدة في ايلول القادم من مخاطر، فقد أصبح هذا التوجه هو الورقة الأخيرة بيد السلطة، وهي تدرك أنها لن تحقق شيئاً من خلاله، وهي ليست مستعدة للحديث عن مرحلة ما بعد الفشل، فهي لا تملك تصوراً واضحاً لتلك المرحلة، مما يعني أن الشعب الفلسطيني، ومن خلال الإيحاءات القوية من الحالة العربية الراهنة، سيقول كلمته، وسوف تكون كلمة قاسية، لأن التوجه إلى الأمم المتحدة لم يكن خياراً يحظى بالإجماع الوطني الفلسطيني، فالسقوط سيكون لمن توجه منفرداً دون الاستناد إلى اجماع وطني، فقد كان من المفترض بعد الاعلان عن فشل المفاوضات أن تتم الدعوة لمؤتمر استثنائي تحضره كل اطياف ومكونات الشعب الفلسطيني لتدارس الحالة الفلسطينية والخروج باستراتيجية وطنية تعبر عن الكل الفلسطيني.
ثانياً : هناك فرق بين تحليل لكاتب او محلل سياسي يتحدث عن مخاطر التوجه إلى الامم المتحدة على القضية والثوابت الوطنية، وبين صدور هذا الرأي عن خبير في القانون الدولي مثل البروفيسور جودين جيل، الذي أشار إلى خطورة هذا التوجه، فقد تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها ممثلاً شرعيا ووحيداً للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وهذا اعتراف صريح بأن اللاجئين وفلسطينيي الشتات هم جزء من الشعب الفلسطيني مما يعتبر اقرارا بحق عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها؛ ولذلك فإن تغيير الصفة القانونية لمنظمة التحرير واستبدالها بدولة يمس مباشرة حقوق اللاجئين الفلسطينيين وعلى رأس ذلك حق العودة، فهو يقول في هذا السياق : انهم يشكلون اكثر من نصف الشعب الفلسطيني، فإذا تم حرمانهم من حقوقهم وفقدوا تمثيلهم في الامم المتحدة، فلن يكون هذا مجحفا فقط بحقهم في التمثيل المتساوي، وعلى عكس ارادة الجمعية العامة، بل سيمس ايضا قدرتهم على التعبير عن آرائهم، ومشاركتهم في قضايا الحكم الوطني و التي تشمل بناء وتشكيل الهوية السياسية للدولة، وسيمس ايضا قدرتهم على ممارسة حق العودة"
ثالثا: بما أن هناك خطورة ظاهرة على حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته من خلال التوجه إلى الأمم وتغيير الصفة القانونية لمنظمة التحرير ؛ فإن المطلوب التوجه إلى الشعب الفلسطيني قبل التوجه إلى الأمم المتحدة، وبوابة ذلك انجاز ملف المصالحة الوطنية .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي