الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

هل نضجت الظروف لتفيذ المصالحة

هل نضجت الظروف لتنفيذ المصالحة
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لم يكن توقيع اتفاق القاهرة للمصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس في الرابع من أيار الماضي قد جاء في سياقه الطبيعي، بل تعبيراً عن استجابة إجبارية لظروف استثنائية، فكان من الطبيعي أن تراوح الاجتماعات مكانها، وحتى يكون الأمر مقنعاً؛ تم إبراز مسألة تسمية رئيس الوزراء باعتبارها عقدة العقد التي تمنع تنفيذ الاتفاق، علمأ أنها كانت الغطاء غير الساتر لعيوب اتفاق المصالحة، وهنا يبرز السؤال الأهم : هل نضجت الظروف لدى حركتي حماس وفتح للانتقال إلى مرحلة جديدة تقتضي التنفيذ الأمين لاتفاق المصالحة؟.
لقد أصبح تجاوز عقدة فياض أمراً واقعا؛ إذ لم يعد الأمر مستنداً إلى تحليلات، بل إلى تصريحات تؤكد ذلك، وهذا معناه أن مرحلة جديدة قد بدأت بالفعل، فما هي المستجدات التي أدت إلى التفاؤل بتحقيق المصالحة بعد الإعلان عن موعد لقاء عباس مشعل في القاهرة في الثالث والعشرون من هذا الشهر:
أولاً: كان توقيع اتفاق المصالحة غير مقبول من أمريكا وإسرائيل، فظهرت من الطرفين علامات الاستياء والغضب والتهديد والوعيد للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، ولم يكن الرئيس عباس قد يئس تماماً في حينه من الموقف الأمريكي مما دعاه إلى تعطيل المصالحة أملاً في تحقيق اختراق سياسي، ويبدو أن التطمينات والوعود الأمريكية بالضغط على نتنياهو لم تعد سوى ملهاة لكسب الوقت من جانب إسرائيل لخلق أمر واقع على الأرض لا ينتقص من حدود الفلسطينية المفترضة بل ينتقص أيضاً من كرامة وشعبية الرئيس عباس، فلم يعد للفعل السياسي الفلسطيني أي مبرر، ولم يعد الشعب الفلسطيني يقبل إلى الأبد بقاء الأوضاع على ما هي عليه، فكان من الطبيعي أن تقبل القيادة الفلسطينية بتنفيذ المصالحة بعد العجز الأمريكي والغطرسة الإسرائيلية المدعومة عمليا من الرباعية الدولية، حيث لم يكن الدعم والتأييد الا كلمات تشنف أسماع الفلسطينيين في المقاطعة، ودليل ذلك موقف هذه القوى من مسألة الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
ثانياً:لا شك أن هناك تآكلاً في شعبية حركة فتح، فلا هي تمارس حتى المقاومة السلمية ولا هي قادرة على تحقيق انجاز سياسي عبر المفاوضات، وهذا معناه الركود الذي يؤدي إلى ان تصبح مياهها آسنة تعلوها الطحالب والفطريات، فكان تنفيذ المصالحة هو الطريق الأسلم والأسرع في عودة فتح إلى الشارع الفلسطيني، سيما أن ابرز تجليات المصالحة هي الإعداد لانتخابات تشحذ فيها الهمم وتتعالى العصبية التي تستقطب المشاعر الفتحاوية النائمة.
ثالثاً: الواقع العربي عموماً والمصري على وجه الخصوص، فقد بات الجميع يدرك أن الإخوان المسلمون قادمون بقوة إلى الواجهة السياسية، فحركة النهضة لا تملك جسماً تنظيمياً قويا وفاعلاً في تونس قبل سقوط بن علي، ومع ذلك تقدمت على كافة الأحزاب العمانية واليسارية، فكيف سيكون الحال إذا جرت انتخابات نزيهة ي مصر، التي تعتبر المعقل الأقوى لحركة الإخوان، وطبيعي أن هذا الصعود للإخوان في مصر سيؤثر قطعاً على قوة حركة حماس، مما يعني أن ما قبلت به حماس في الماضي لن يكون مقبولاً بعد ذلك، فأراد عباس والسلطة الفلسطينية تحقيق المصالحة منعا لاستفادة حماس من الظروف التي ستنشأ بعد الانتخابات المصرية.
رابعاً: بغض النظر عن تصريحات حماس بشأن نقل مكاتبها ومركز وجودها من دمشق؛ فإن مسار الأحداث يؤكد أن ذلك أمر حتمي، وقد تحدثت التقارير الإخبارية عن ضغوط على النظام الأردني للقبول بمكاتب لحركة حماس في الأردن، وسوف يكون لها أيضاً مكاتب تمثيلية في مصر، وهذا يعني عدم التصادم مع توجهات القيادة المصرية الحالية التي تريد انجازاً حقيقياً، ومن الطبيعي أن الساحة الفلسطينية عبر تنفيذ اتفاق المصالحة هو أسهل وأرخص انجاز.
خامساً: إن إمكانية التوافق على برنامج سياسي بين حركتي فتح وحماس أصبح أمراً ممكناً، وليس معنى ذلك التوافق الكلي بين الطرفين، بل يمكن أن تفسر صيغة هذا البرنامج من قبل حركة فتح بغير ما تفسره حركة حماس، مع يعطي الطرفين وخاصة حركة حماس فرصة لإقناع أنصارها بقبول برنامج سياسي مشترك مع حركة فتح.
سادساً: تبقى العقدة النظرية والعملية متمثلة بالأجهزة الأمنية، التي كانت خلال المد والجزر كأنها ليست خاضعة لأحد معروف، وهذا يتطلب إنهاء قوتها لإعادتها إلى حركة فتح، فقد شكلت هذه الأجهزة بممارساتها مع عناصر حماس حرجاً شديداً أثناء المحادثات بين طرفي الانقسام، حتى قالت قيادات فتح : لسنا نحن الذين نعتقل بل الأجهزة الأمنية، وسوف يكون التغلب على هذه العقدة سهلاًًً في ظل غياب فياض، مما يعني أن الاتفاق على رئيس جديد للوزراء معناه سلب الأجهزة الأمنية قوتها المستقلة عن القيادة السياسية وهو ما يمهد الطريق للوصول إلى المصالحة
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي