الثلاثاء، 15 مارس 2011

مسيرات " لا للانقسام" عمقت الانقسام

مسيرات "لا للإنقسام" عمقت الانقسام
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لم يكن هناك خلاف بين الفلسطينيين بأن الانقسام قد الحق الضرر بالقضية الفلسطينية وبالمجتمع الفلسطيني، وأن انجاز ملف المصالحة الوطنية قد أصبح ملحاً أكثر من أي وقت مضى، وجاءت الثورات العربية في كل من تونس ومصر تطالب باسقاط الانظمة الحاكمة،وقد نجحت في ذلك، فكان مناسباً ان يتناغم الشعب الفلسطيني مع محيطه العربي ليطلق شعار " الشعب يريد انهاء الانقسام"، واعتقد البعض أن نشاطاً فيسبوكياً سيكون قادراً على انهاء الانقسام، وطبيعي أن هذه النظرة المبسطة للامور تدل على بساطة شعبنا وعفويته ومعاناته من الانقسام بحيث اعتقد الشباب ان مسيرات تجوب ارجاء الوطن في 15 آذار قادرة على انهاء الانقسام قبل أن يعود الشباب الى بيوتهم عند نهاية يوم الثلاثاء، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث، بل يمكن القول ان هذا اليوم عمق الانقسام، لأن الأمر لم يأت كنتيجة منطقية لمقدمات تسوق طرفي الانقسام سوقاً الى تحقيق الهدف والشعار الذي انطلقت الفعاليات من أجله ، وهو انهاء الإنقسام.
كان الأصل في مسيرات 15 آذار أن تكون نتيجة تراكمات كبيرة، وتتويجاً لمراحل طويلة قامت بها الاطراف الحزبية ومؤسسات المجتمع المدني، التي وقفت تتفرج على طرفي الانقسام دون القيام بجهد ملموس وعملي من أجل انهاء الانقسام، والضغط على أطرافه لوضع حد للحالة الشاذة التي عاشها شعبنا الفلسطيني منذ الانقسام، وقد كان ذلك مؤشراً على عجز كثير من التنظيمات والاحزاب والمؤسسات في اجتراح مبادرات خلاقة وواقعية يمكن أن تضع حداً للانقسام، بل يمكن القول ان المصالح الفئوية والحزبية الضيقة لتلك القوى هو الذي منعها من المبادرة، إذ كيف يمكن أن نتفهم أن لتنظيم يساري ثلاثة مواقف، موقف يصدر من القيادة التي تقتات على مائدة رام الله، وموقف مغاير يصدر من غزة، وموقف ثالث في نفس المسألة من دمشق.
لقد كان الانقسام وما زال في عناوينه الكبرى بين فتح وحماس، ولكن الواقع يؤكد أن كثيراً من الاحزاب والحركات التي تطالب بانهاء الانقسام، هي جزء من هذا الانقسام، وهذا يقودنا الى تسليط الضوء على واقع الانقسام، وخلفياته وسبل انهائه.
اعتقد أن جنين الانقسام قد تكون بعد ظهور نتائج انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، فقد رفضت قوى سياسية كثيرة، وعلى رأسها حركة فتح، نتائج هذه الانتخابات، وحيث أن هذه الحركة قد انغمست في السلطة التي نشأت على أثر اتفاقات اوسلو، بكل ما تعنيه السلطة من مصالح مادية، مما خلق نفس الواقع الذي ثارت عليه الشعوب العربية، واقع السفاح المحرم بين السلطة ورأس المال، الذي أدى الى عدم تسليم مقاليد السلطة لحركة حماس باعتبارها الكتلة التي شكل اعضاؤها اغلبية ساحقة في المجلس التشريعي، وبدأت مؤسسة الرئاسة في ابتداع مراسيم رئاسية تحد من سلطة الحكومة الجديدة، حتى أن بعض القيادات الفتحاوية بدأت تطلب من الناس بعد اسبوع من ظهور النتائج، الى أن يتهيأوا لانتخابات مبكرة، مما يعني عدم الاعتراف بشرعية ونتائج الاتخابات التي أتت بحركة حماس، وكان من الطبيعي ان تتساوق قوى اقليمية ودولية مع حركة فتح لاعتبارات كثيرة في افشال تجربة وصول حركة اسلامية الى الحكم من خلال صناديق الاقتراع، فمصر والاردن مثلاً عملوا بكل ما اوتوا من قوة لافشال تلك التجربة بسبب احتمال انتقال العدوى، حيث تشكل حركة الاخوان المسلمين في كلا البلدين القوة الوحيدة التي يحسب لها حساب حقيقي.
لم تكن السلطة تدرك أن الفساد الذي استشرى في مؤسساتها وبين قياداتها، كان أحد الاسباب الحقيقية وراء نجاح حركة حماس، وبدل أن تقوم بمحاولة اصلاح شأنها بدأت بمناكفة سياسية وأمنية لحركة حماس، ولم تدرك حركة فتح أن سقوطها المدوي كان تعبيراً عن ثورة حقيقية على السلطة، وهي في الحقيقة أول ثورة عربية على نظام حكم قائم، ولكن الظروف لم تكن مواتية للسير بها الى نهاياتها المحتومة، كما جرى في تونس ومصر.
كذلك كان للبرنامج السياسي الذي رسمته حركة فتح والسلطة الفلسطينية اسوأ الاثر عليهما، فقد فشل هذا البرنامج في اقناع الشعب الفلسطيني به، ولم ينجح في تحقيق اي انجاز واقعي وعملي، خاصة بعد أن ظهرت قيادات حركة فتح لتقول بأن نهج المفاوضات فشل، ومع ذلك يتحدث ابو مازن عن المفاوضات باعتبارها الطريق الوحيد الذي يعرفه، ولن يسمح للشعب الفلسطيني باللجوء الى أي خيار آخر.
هذا الواقع الذي نشأ بعد انتخابات 2006 ، كان بكل جزئياته يقود الى الانقسام، لذلك لا يمكن تغييره بالنوايا الحسنة فقط دون جهد حقيقي يطال السياسات والبرامج والحيثيات التي قادت اليه، ومن هنا لا بد من الاشارة الى جملة من المسائل التي تساهم في انهاء الانقسام:
المسألة الاولى: أن الثوابت الفلسطينية أغلى واكبر واعظم من انجاز المصالحة وانهاء الانقسام، فالانقسام جرى حول البرامج التي تناولت تلك الثوابت، لذلك فأول خطوة لانهاء الانقسام هي الاتفاق برنامج سياسي يؤكد الحفاظ على الثوابت الفلسطينية ممثلة في حق عودة اللاجئين واقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وكذلك حق المقاومة بكل الاشكال التي يتوافق عليها الشعب الفلسطيني، وأن لا يكون شيء من ذلك كله خاضع لموازين القوى مع الاحتلال، فهي ثوابت لا يجوز التنازل عنها بأي شكل من الأشكال.
المسألة الثانية: قضية التنسيق الأمني التي شكلت احد اهم الاسباب الحقيقية للانقسام، ولا أظن ان هناك امكانية حقيقية وواقعية لانجاز ملف المصالحة وانهاء الانقسام مع بقاء التنسيق الامني خارج المسائل الحياتية، ويجب ان يكون هناك جهات مراقبة للتنسق المدني الذي قد تدعو الضرورة اليه.
المسألة الثالثة: ضمانات بالاعتراف بنتائج الانتخابات المقبلة والاعتذار عن ممارسات الاجهزة الامنية التي عاقبت ولاحقت كثيراً من الناس بسبب انتخابهم لحركة حماس، فقد حرم بعض الناس من حقهم في الوظيفة العمومية بسبب الانتخابات، وعوقب البعض فيما يتعلق بالترقيات الادارية ايضاً.
بدون ذلك، لا يمكن ان ينتهي الانقسام، وستبقى مسيرات 15 آذار ومثيلاتها سبباً في تعميق الانقسام وليس سبباً في انهائه.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 9 مارس 2011

ثورات الشعوب العربية سنة إلهية

ثورات الشعوب العربية سنة إلهية
بقم: أ. سعيــد الصرفنــدي
كل مؤمن يعتقد أن هناك قوانين الهية تتحكم في حركة المادة، كالجاذبية ودرجة الغليان وقابلية التفاعل الذري والكيماوي بين بعض العناصر دون بعض، ولكن قليلاً منا يدرك أن المجتمعات أيضاً لها قوانين الهية تتحكم فيها، وسنن تفعل فعلها وإن كانت بصورة أقل حدّية من قوانين الفيزياء والكيمياء0 والقران أفرد مساحة واسعة للتاريخ في سوره وآياته حين تناول الامم والشعوب التي نشأت ثم اندثرت، وطبيعي أن هذه الإشارات القوية والواضحة لعلم الاجتماع في القرآن مقصودها تلافي المجتمع المسلم لأسباب السقوط التي أثرت في تلك المجتمعات وتجاوزها.
السنن الاجتماعية لم يفرد لها العلماء المسلمون كتباً مستقلة، ولكن ذلك لا يعني اشتمال النصوص القرآنية والنبوية عليها، وأول من كتب في هذا العلامة ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، حيث بيَّن طبيعة البشر باعتبارهم عاجزين كأفراد من انتاج كل ما يحتاجونه لاشباع غرائزهم وحاجاتهم العضوية، فكان لا بد من الاجتماع للتعاون على متطلبات الحياة، ومن ذلك نشوء الدولة.
لقد أكد القران أن المجتمعات تخضع للسن الاجتماعية باعتبارها مجتمعات وليس تجمعاً للأفراد، قال تعالى:" ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" ، فقد نصت الآية على أن المجتمعات بمعنى الدول لها أجل محدد، وما دام لها أجل فمعناه ان لها بداية ولها نهاية، والنهاية هنا ليس كنهاية الافراد، بل بسبب جملة من القوانين المتحكمة في هذا المجتمع، فالافراد نهايتهم واجلهم فردي، والمجتمعات اجلها جمعي، ومن الآيات التي تناولت هذة السنة الاجتماعية قوله تعالى:" وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ {15/4} مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ {15/5}.
ومن السنن التي نحتاج الاشارة اليها هنا هي سنة التغيير، قال تعالى:" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ " فلا تغيير الا اذا اراد الناس تغيير واقعهم، وما جرى حتى الآن في الثورات العربية منسجم مع هذه السنة، حيث لم يكن من الممكن أن تتغير الاحوال في مصر وتونس لولا ارادة التغيير التي نبعت من الناس أنفسهم، فعندما لم تكن ارادة التغيير موجودة بقيت الاحوال على ما كانت عليه سنوات طويلة، وما اسهل ان تتغير الحياة في اي مجتمع بمجرد وجود ارادة التغيير، فقد خنعت الشعوب العربية طويلاً امام حكامها، فسامها الحكام الوان الذل والعذاب، خافوا من الحكام واجهزتهم الامنية، فسلطوا عليهم زبانية لا تخشى الله ولا تتقيه.
وكذلك النعم التي انعم الله بها على الامم والشعوب لا ينزعها عنهم الا إذا غيروا ما بأنفسهم، قال تعالى:"ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {8/53}، ومن أمثلة ذلك سقوط الأندلس، فقد كانت من أعظم النعم على المسلمين، ولم تسلب منهم الا عندما ركن الناس الى الدنيا وشهواتها، فتغيرت نفوسهم وافكارهم وغاياتهم وشهواتهم، فنزعت منهم تلك النعمة العظيمة. صحيح أن الفئة المتنفذة تقف أمام التغيير وهذه ايضاً من السنن الاجتماعية التي عرض لها القران، قال تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ {34/34}، ولكن هذا لا يعفي الشعوب التي تسكت على هؤلاء المترفين الذين تحكموا برقاب العباد وثروات البلاد، قال تعالى: " وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {8/25}، فلم تكن الفتنة التي اصابت الشعوب العربية في حكامها واستمرارها سنوات طويلة الا بسبب سكوتهم على أولئك الحكام.
لكل ما ورد، نجد فعلاً أن هناك سنناً تتحكم في مسيرات الشعوب، لا تتبدل ولا تتغير، فمن أراد الخلاص من الطواغيت وجلاوزتهم لا يكتفي بالدعاء عليهم، بل لا بد له من التخلص من الجبن والخوف، وان يقف في وجوههم شامخاً كالطود العظيم، ليقول لهم كفى ! لقد آن الأوان للتغيير، آن الأوان لأن تحكم الشعوب وفق قناعاتها وافكارها وما تريد.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونتي الخاصة " مدونة الصرفندي

الثلاثاء، 8 مارس 2011

بين فتوى القرضاوي وفتاوى الوهابية

بين فتوى القرضاوي وفتاوى الوهابية
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لطالما تساءل طلبة العلم الشرعي عن الاسباب الحقيقية وراء دفاع الوهابية المستميت عن الحكم الاموي وتحديدا حكم معاوية بن أبي سفيان، فقد ضخَّموا ما له وأنكروا ما عليه، مع أنه هو الذي انطبق عليه كما المح الالباني الذي حسن حديث" اول من يبدل سنتي رجل من بني أمية"، فقد بدل معاوية سنة الشورى في اختيار الحاكم ، وجعلها ملكية، أي عودة للعصبية القبلية التي جاء الاسلام ليهدمها، فقد استطاع الاسلام هدم القبيلة كأساس للحكم فجاء معاوية ليهدم الصرح الذي اقامه الاسلام ، ويعود الى القبيلة كأساس للحكم في الاسللام.
لقد تبنى حكام السعودية أفكار الوهابية التي مجّدتْ ملكية معاوية، لتكون تلك الافكار وحملتها درعاً امام أي انتقاد للملكية والنظام الملكي، باعتباره نظاماً شرعياً استناداً الى ما فعله معاوية، من حصر الحكم في العائلة المالكة، وهذا ما يفعله هؤلاء الحكام، وكل نزع لشرعية الحكم الملكي الاموي هو محاولة لنزع الشرعية عن الحكم الملكي السعودي.
من هنا نفهم الاسباب الحقيقية التي دعت علماء السلطان من مشايخ الوهابية الى استحضار كل النصوص التي تحرم الخروج على الحاكم، وتجعل من المظاهرات عملاً شريراً مخالفاً لأحكام الاسلام، فليس هناك وقت انسب من هذا الوقت في استعادة الاموال التي انفقت على العلماء مع فوائد عالية تتمثل في مثل تلك الفتاوى، وهذا ما أكدته على الدوام علاقة الحكام بعلماء السوء، فالحاكم يعطي من أمر الدنيا للعلماء ولكنه يأخذ من أمر دينهم، فالنصوص التي يستندون اليها في تحريم الخروج على الحاكم، تنطبق على الحاكم الذي يحكم باحكام الاسلام، يجاهد في سبيل الله ويقيم الحدود ويكون خادماً للأمة كما فعل ابا بكر وعمر، أما الحاكم الذي جعل بلاده نهباً للكافر المستعمر، ووالى هؤلاء الكفار وجعل ارض المسلمين قاعدة لعدوانهم على المسلمين .. الخ مخازيهم فليس هو ولي الامر الذي نهى الشرع عن الخروج عليه.
يضاف الى ذلك أن الخروج المنهي عنه هو الخروج بالسيف، والمظاهرات ليست خروجاً بالسيف، هذا اذا اعتبرنا هؤلاء الحكام تجاوزاً " ولاة أمر" وهو ما لم يقل به الا علماء السلاطين. لقد حان الوقت لهؤلاء المحسوبين في زمرة العلماء أن يقولوا بأن الحاكم المطاع شرعاً هو الحاكم الذي يأخذ البيعة من الشعب وليس من هيئة سميت زوراً وبهتاناً باهل الحل والعقد، تتكون من بطانة سوء لهذا الحاكم أو ذاك.
الدولة التي تنسجم مع قواعد الاسلام واهدافه وغاياته هي التي تتكون بعقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وإذا خالف الحاكم مقتضيا ت هذا العقد حل خلعه ومحاسبته ومحاكمته.
مقابل هذه الفتاوى السياسية التي أُلسبت ثوب الفتاوى الشرعية، نرى فتوى الشيخ يوسف القرضاوي، امد الله في عمره، ونفعنا بعلمه، وهي فتوى تبيح الخروج على كل حاكم ظلم شعبه واهان كرامته، واستباح ماله وعرضه، وليس هذا الامر مما يحتاج الى دليل شرعي؛ إذ وصل هؤلاء الى الحكم اصلاً بطريق غير شرعي، فمصلحة الاسلام والمسلمين هي بالخروج على هؤلاء الحكام وخلعهم، فقد أذلوا العباد وافسدوا البلاد، ولا يقال بأن هناك من العلماء من جعل طاعة المتغلب على الحكم واجبه، وهذا فوق كونه يفتقد الى الدليل، فقد اشار العلماء الى حالة هذا المتغلب، فإذا حكم بالاسلام وقبل به المسلمون فهو كذلك، وهذا ما لم يحصل لحاكم من حكام المسلمين، فالمتغلب جاء على ظهر دبابة امريكية، وحفظ للامريكان حقهم مقابل حفظ حكمه، مما يعنى أن هؤلاء الحكام لم تتناولهم احاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي تحرم الخروج عليهم.
من المؤسف حقاً أن ترى فضائيات الزور التابعة للحكام الظلمة، تستنجد بالنصوص التي تمنع الخروج على الحاكم وتأتي بمن ليس له باع في العلم الشرعي ليقرأها على الناس وكأنه فقيه اجتهد فَعُدِمَ احتمال الخطأ.
لن تقبل الأمة بعد اليوم شيخاً يتخذ من نصوص الكتاب والسنة ذريعة لتشريع حكم حاكم ظالم استقوى على شعبه بأجهزة امنية مجرمة، تكمم الأفواه، وتحاسب الناس على ميولهم واهوائهم مظاهاة لمحاكم التفتيش، وستلحق الأمة بكل شيخ جليل يكون في مقدمة المتظاهرين ضد الظلمة والطواغيت.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونتي الخاصة" مدونة الصرفندي

السبت، 5 مارس 2011

مستقبل الكيان الصهيوني بعد تحرر الشعوب

مستقبل الكيان الصهيوني بعد تحرر الشعوب
بقلم: أ. سعيـد الصرفنــدي
منذ قامت دولة الكيان الصهيوني عام 1948 ، قامت أمريكا التي تربعت على عرش الدولة الاولى فوق مسرح السياسة الدولية، بترتيب الدول العربية بشكل يخدم بقاء الكيان الصهيوني قوياً، بل بقاؤه يداً ضاربة لتحقيق المصالح الاستراتيجية الامريكية في المنطقة، فقد تمت صياغة الكيانات العربية فيما يسمى تجاوزاً ب"الدول"، للمحافظة على المصالح الامريكية وأهمها بعد النفط أمن اسرائيل، فقد تم تشويه البنى والتراكيب المتعلقة بالدولة والمجتمع للابقاء على تلك الأهداف.
وجاءت اتفاقية كامب ديفد، ثم توقيع اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية عام 1979 ليشكل اعظم انجاز امريكي-صهيوني بعد اعلان قيام اسرائيل، فقد اخرجت هذه الاتفاقية مصر من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي، مصر الدولة الكبرى في المنطقة بكل امكانياتها وطاقاتها، وقد ثبت بعد ذلك أن العرب تبع لمصر سلماً أو حرباً، وبذلك طويت صفحة الحرب مع اسرائيل، مع اطلاق يد اسرائيل في المنطقة لتشن الحروب وترتكب الجرائم دون حسيب ولا رقيب، ثم تم جرُّ الفلسطينيين لتوقيع اتفاقية اوسلو وبعدها مباشرة الاتفاق الاردني الاسرائيلي في وادي عربه، الذي اكدت الشواهد والتواريخ أن توقيعه كان ينتظر توقيع الفلسطينيين، وبذلك تغير وجه المنطقة لصالح الكيان الصهيوني.
الخيارات التي كانت سائدة في المنطقة ، كانت في الحقيقة هي خيارات الأنظمة، ولم يكن الصراع العربي الاسرائيلي في يوم من الأيام مرتبطاً بخيارات الشعوب العربية والاسلامية، ولكن هذا الواقع الوردي لامريكا واسرائيل بدأ يتغير بفعل الهزات العنيفة التي تجتاح المنطقة وأهمها سقوط النظام المصري، فقد بدأت المنطقة تتشكل وفق رؤى جديدة، وخيارات جديدة، ولا يعني ذلك الاستخفاف بمحاولات امريكا واسرائيل لانتاج النظم البالية، التي سقطت وتلك الآيلة للسقوط، بشكل يخدم مصالحها في المنطقة، الا أن الرؤية السليمة لتطور مسار الاحداث يؤكد أن المنطقة لن تعود الى ما كانت عليه، وخاصة فيما يتعلق بالصراع مع دولة الكيان الصهيوني.
إذن المنطقة مقبلة على التشكل وفق خيارات الشعوب، وهذا معناه أن السلام مُفرَدَةٌ ستختفي من قاموس الانظمة العربية في السنوات المقبلة، حتى لو لم يتم اللجوء الى خيار الحرب قريباً، بل يمكن القول أن نقمة الشعوب على حكامها له اسباب من أهمها تخاذل الحكام العرب أمام دولة الكيان الصهيوني، فالدوافع القومية والعقائدية، تفرض على الشعوب العربية والاسلامية، ان تكون قضية فلسطين من أهم قضاياها، وعندما تترجم ارادات الشعوب في انظمة ديموقراطية حقيقية، لا بد أن تطفو على السطح خيارات جديدة غير التي كانت على مدار عشرات السنين، سيما وأن هناك عناصر قوة جديدة ستضاف الى ما سيكون في المستقبل القريب، وهما العنصر التركي الذي ظهر قوياً حتى قبل بداية التحولات الثورية في المنطقة وكذلك قوة ايران المتنامية والتي كان ابرز مظهر سريع لها هو دخول السفن الحربية الى قناة السويس متوجهة الى سوريا.
إن " اسرائيل " التي نشأت كدولة وظيفية، وككيان مصطنع، مستغلةً، هي ومن شغلها ووظفها، الظروف التي تشكلت في المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، لن تكون قادرة على مواجة التحديات المقبلة، وسيكون وجودها مرهوناً بمسار التغيرات في المنطقة، إضافة الى أن الغرب ومنه امريكا، يقوم في سياسته الداخلية والخارجية على أساس المصلحة؛ سيجد دولة الكيان الصهيوني في يوم من الايام عبئاً عليها من المفيد الخلاص منه.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونتي الخاصة: " مدونة الصرفندي"