السبت، 5 مارس 2011

مستقبل الكيان الصهيوني بعد تحرر الشعوب

مستقبل الكيان الصهيوني بعد تحرر الشعوب
بقلم: أ. سعيـد الصرفنــدي
منذ قامت دولة الكيان الصهيوني عام 1948 ، قامت أمريكا التي تربعت على عرش الدولة الاولى فوق مسرح السياسة الدولية، بترتيب الدول العربية بشكل يخدم بقاء الكيان الصهيوني قوياً، بل بقاؤه يداً ضاربة لتحقيق المصالح الاستراتيجية الامريكية في المنطقة، فقد تمت صياغة الكيانات العربية فيما يسمى تجاوزاً ب"الدول"، للمحافظة على المصالح الامريكية وأهمها بعد النفط أمن اسرائيل، فقد تم تشويه البنى والتراكيب المتعلقة بالدولة والمجتمع للابقاء على تلك الأهداف.
وجاءت اتفاقية كامب ديفد، ثم توقيع اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية عام 1979 ليشكل اعظم انجاز امريكي-صهيوني بعد اعلان قيام اسرائيل، فقد اخرجت هذه الاتفاقية مصر من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي، مصر الدولة الكبرى في المنطقة بكل امكانياتها وطاقاتها، وقد ثبت بعد ذلك أن العرب تبع لمصر سلماً أو حرباً، وبذلك طويت صفحة الحرب مع اسرائيل، مع اطلاق يد اسرائيل في المنطقة لتشن الحروب وترتكب الجرائم دون حسيب ولا رقيب، ثم تم جرُّ الفلسطينيين لتوقيع اتفاقية اوسلو وبعدها مباشرة الاتفاق الاردني الاسرائيلي في وادي عربه، الذي اكدت الشواهد والتواريخ أن توقيعه كان ينتظر توقيع الفلسطينيين، وبذلك تغير وجه المنطقة لصالح الكيان الصهيوني.
الخيارات التي كانت سائدة في المنطقة ، كانت في الحقيقة هي خيارات الأنظمة، ولم يكن الصراع العربي الاسرائيلي في يوم من الأيام مرتبطاً بخيارات الشعوب العربية والاسلامية، ولكن هذا الواقع الوردي لامريكا واسرائيل بدأ يتغير بفعل الهزات العنيفة التي تجتاح المنطقة وأهمها سقوط النظام المصري، فقد بدأت المنطقة تتشكل وفق رؤى جديدة، وخيارات جديدة، ولا يعني ذلك الاستخفاف بمحاولات امريكا واسرائيل لانتاج النظم البالية، التي سقطت وتلك الآيلة للسقوط، بشكل يخدم مصالحها في المنطقة، الا أن الرؤية السليمة لتطور مسار الاحداث يؤكد أن المنطقة لن تعود الى ما كانت عليه، وخاصة فيما يتعلق بالصراع مع دولة الكيان الصهيوني.
إذن المنطقة مقبلة على التشكل وفق خيارات الشعوب، وهذا معناه أن السلام مُفرَدَةٌ ستختفي من قاموس الانظمة العربية في السنوات المقبلة، حتى لو لم يتم اللجوء الى خيار الحرب قريباً، بل يمكن القول أن نقمة الشعوب على حكامها له اسباب من أهمها تخاذل الحكام العرب أمام دولة الكيان الصهيوني، فالدوافع القومية والعقائدية، تفرض على الشعوب العربية والاسلامية، ان تكون قضية فلسطين من أهم قضاياها، وعندما تترجم ارادات الشعوب في انظمة ديموقراطية حقيقية، لا بد أن تطفو على السطح خيارات جديدة غير التي كانت على مدار عشرات السنين، سيما وأن هناك عناصر قوة جديدة ستضاف الى ما سيكون في المستقبل القريب، وهما العنصر التركي الذي ظهر قوياً حتى قبل بداية التحولات الثورية في المنطقة وكذلك قوة ايران المتنامية والتي كان ابرز مظهر سريع لها هو دخول السفن الحربية الى قناة السويس متوجهة الى سوريا.
إن " اسرائيل " التي نشأت كدولة وظيفية، وككيان مصطنع، مستغلةً، هي ومن شغلها ووظفها، الظروف التي تشكلت في المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، لن تكون قادرة على مواجة التحديات المقبلة، وسيكون وجودها مرهوناً بمسار التغيرات في المنطقة، إضافة الى أن الغرب ومنه امريكا، يقوم في سياسته الداخلية والخارجية على أساس المصلحة؛ سيجد دولة الكيان الصهيوني في يوم من الايام عبئاً عليها من المفيد الخلاص منه.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونتي الخاصة: " مدونة الصرفندي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق