الجمعة، 9 سبتمبر 2011

من يهتم بقضايا الناس الحيوية بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

من يهتم بقضايا الناس الحيوية
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
بعد أن صلينا الجمعة، وكالعادة تجاذبت أطراف الحديث مع عدد من الأصدقاء، أحدهم كان يحمل هم الدنيا على كتفيه حتى ظهر الحزن على غير العادة في عينيه، يفكر ويفكر ولا يجد حلاً، قلة النوم بادية على ملامحه، ماذا أفعل ؟!
صديقي هذا تاجر كانت أحواله حتى الوقت القريب مقبولة ومعقولة، ولكن الحالة الاقتصادية التي تمر بها المناطق الفلسطينية هذه الأيام انقلبت بشكل لم يكن من الممكن توقعه، فأصدر عدداً من الشيكات لا يستطيع تغطيتها، وبدأ التجار الكبار يطاردونه عبر الهاتف.. قد تصل الأمور إلى السجن أو الحجز على بيته الذي لا يملك غيره، ماذا يمكن أن يفعل؟ يتساءل بكل مرارة، وكنت استمع أنا أيضاً بكل مرارة لأنني لا استطيع أن أفعل شيئاً فأنا لا أملك شيئاً من حطام الدنيا يحل مشكلته، وأنا أحاول هنا أن أعبر عن مشاعري تجاه حالة هذا الأخ والصديق، وأحاول المساهمة في ايجاد حل له ولكثيرين من أمثاله فكتبت ما يلي :
أولاً : هذه الحالة التي يعاني منها صاحبنا ليست حالة فردية، فقد أصبح كثير من التجار في مثل وضعه، مما يعني أنها أصبحت ظاهرة مرضية عامة، أي أن هذا التاجر أو ذاك لا يتحمل كل المسؤولية، لأن هذه الحالة ناشئة عن الأوضاع العامة بسبب الأوضاع السياسية، وبنية الاقتصاد المتهاوية التي بنيت على أساس اتفاقية اوسلو، وهذا يتطلب معالجة عامة، أي أن تتحمل السلطة جزءً من مسؤولياتها تجاه الحالة القائمة، وأقل ما يمكن أن تفعله هو سن قوانين طارئة تمنع حبس التاجر الذي لا يستطيع تغطية الشيكات التي أصدرها، وحتى لا تكون المسألة فضفاضة، يمكن أن تتشكل لجان من الغرف التجارية تضع معايير للحالات التي يمكن أن ينطبق عليها قانون عدم الحبس المذكور.
ثانياً : إن الأرباح التي تعلن عنها البنوك هي أرباح عالية إن لم نقل خيالية، وهذه الأرباح ناتجة في كثير من الأحوال عن المعاملات التجارية الضخمة للتجار، مما يعني أن هذه البنوك تتحمل أيضاً مسؤولية أخلاقية ووطنية في التخفيف من مأساة عملائها، وفي هذه الحالة يمكن أن تبادر هذه البنوك بتغطية هذه الشيكات لمدة معقولة دون فوائد؛ لأن حالة الركود الاقتصادية ستكون نتائجها كارثية إذا استمرت، ليس على الأفراد والتجار فقط، بل أيضاً ستطال البنوك لاحقاً، وكما يقول المثل " قليل دائم خير من قليل منقطع".
ثالثاً: أن يتوجه اتحاد الغرف التجارية إلى جهات عربية وإسلامية للحصول على قرض حسن بدون فوائد لمدة طويلة، وهذا الأمر، إذا توفرت الإرادة فهو ممكن جداً، وأعتقد أن عقد اجتماعات على مستوى الغرف التجارية يمكن أن يأتي بأفكار كثيرة فيها حلول لمشكلة هؤلاء التجار الذين مالت أحوالهم بشكل مفاجئ، وإلا فإنهم سينضمون إلى جيش العاطلين عن العمل هم ومن يعمل تحت أيديهم.
رابعاً : إن لجوء التجار إلى قروض ربوية معناه إجبار الناس على مخالفة قناعاتهم، مما يهدم الأساس الأخلاقي لكثير من الناس، إضافة إلى أن هذه القروض لتغطية الشيكات الصادرة لا يشكل الا حلاً مؤقتاً ولكنه سيأتي بنتائج مفجعة على المدى البعيد .
خامساً : لا بد أن يتنبه الجميع، وأقصد بالجميع كل القوى والأحزاب السياسية والهيئات والجمعيات ومؤسسات السلطة إلى أن نتائج الحالة الاقتصادية السيئة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية لا تقف عند حدود المسائل المادية الصرفة، بل يمكن أن تتعداها إلى بروز ظواهر اجتماعية سلبية كالدياثة والمتاجرة بالأعراض، واستغلال هذه الأوضاع ممن فقدوا الكرامة والقيم الدينية والاجتماعية الأصيلة.
الأمر جلل وخطير ويحتاج إلى تظافر الجهود من أجل تدارك الحالة الراهنة لأن تداعياتها ستطال كل فئات الشعب الفلسطيني بدون استثناء .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

السبت، 3 سبتمبر 2011

كسر ساق حماس لن يسمح لفتح بالمسير بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

كسر ساق حماس لن يسمح لفتح بالمسير
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

يمكن القول أن حركتي فتح وحماس تشكلان بسبب قوتهما الجماهيرية، ساقا الشعب الفلسطيني، وقد اعتمدت حركة فتح إستراتيجية خاطئة بعد انتخابات المجلس التشريعي 2006، مفادها أن كسر ساق حماس سواء كان ذلك بفعل فتح نفسها او بفعل جهة خارجية، يعطي قوة لحركة فتح. إلا أن الواقع والتجربة العملية أثبتت أن كسر ساق أحد الطرفين لن يبقي الساق الأخرى سليمة،فحركة فتح التي تسير بدون الساق الأخرى وهي حركة حماس، أصبحت ضعيفة مهتزة قابلة للابتزاز بسبب فقدانها لتوازنها وصعوبة المشي بساق واحدة.
لو كانت المسألة حزبية فقط، لما اعترض أحد على حركة فتح بسبب إستراتيجيتها الخاطئة تلك، فهي حرة سواء حاولت القفز على ساق واحدة أو زحفت في سيرها على بطنها، ولكن هذه الإستراتيجية أضرت بالشعب الفلسطيني وثوابته، فالأخطاء لا تدفع ثمنها حركة فتح، بل الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، ولو استعرضنا الحالة الفلسطينية بعد انتخابات 2006 لوجدنا ما يلي :
أولاً : خلقت نتائج الانتخابات واقعاً سياسياً وحزبياً جديداً، كان يمكن – لو استمر - أن يقلب الأوضاع في الضفة الغربية رأساً على عقب، فقامت سلطات الاحتلال باعتقال نواب حركة حماس، في محاولة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، أي سيطرة حركة فتح على الساحة السياسية، ولم يكن هناك موقف حازم من حركة فتح تجاه اعتقال الاحتلال لنواب الشعب الفلسطيني، وهذا الموقف عبر عن حزبية ضيقة لدى حركة فتح؛ إذ لم تدرك أن الاعتداء على رموز الشرعية الفلسطينية هو اعتداء على الشعب الفلسطيني نفسه، فبقي التنسيق الأمني مع الاحتلال واستمرت مسيرة المفاوضات العبثية ثم كانت حملات الاعتقال والتنكيل ليس فقط بقيادات وكوادر حركة حماس، بل أيضاً بأنصارها، فحرم من الوظيفة العمومية كل من انتخب حركة حماس، وما زال كثير ممن يتم استدعاؤهم للأجهزة الأمنية يسألون عن مشاركتهم في انتخابات 2006 لصالح حركة حماس.
هذا الموقف من اعتقال النواب شكل ضربة قوية لحركة فتح، فقد أصبحت الحركة ممثلة في السلطة الفلسطينية، عاجزة عن التصدي لممارسات الاحتلال من تهويد للقدس واعتداءات للمستوطنين على الأرض والسكان، وأضعف تأثير حركة فتح حزبياً وجماهيرياً، فلم تعد الجماهير الفلسطينية ترى أو تلمس في حركة فتح أنها حركة مناضلة ومقاومة للاحتلال، وكل ما تراه في وسائل الإعلام إما مشاركة هذا القائد الفتحاوي في مراسيم استقبال مبعوث أمريكي او جلسات المفاوضات مع الإسرائيليين أو قائداً يمتدحُ الاحتلالُ تعاونَه الأمني.
ثانياً : حاولت حركة فتح أن تتدارك الحالة المزرية التي وصلت اليها، فعقدت مؤتمرها السادس في بيت لحم، ولكن هذا المؤتمر عقد في حالة فلسطينية استثنائية شكلت رمالاً متحركة غاصت ركب حركة فتح في اعماقها، فقد فشل المؤتمر في طرح برنامج سياسي محدد الملامح، مما يعني أن هذه الحركة أصبحت تفتقد وجود غاية محددة ، وطبيعي أن غياب الغاية يقتضي فقدان بوصلة التوجه والمسير، وهذا ما جعل حركة فتح مشلولة تراوح مكانها، فقد وجدت القيادة الجديدة بعد المؤتمر السادس أن الساحة خالية من منافس حقيقي كحركة حماس فركنت إلى ذلك، وضعف الاندفاع والاستعداد لتحقيق أي انجازات حقيقية.
ثالثاً : هذه الحالة من القفز على ساق واحدة، تشير بشكل لا لبس فيه إلى عجز حركة فتح عن قيادة المشروع الوطني الفلسطيني بثوابت الحد الأدنى الذي يحظى بالإجماع الوطني، وفي هذه الحالة فإن الشعب الفلسطيني هو الذي يدفع ثمن هذا العجز وهذا الإخفاق، سواء من كرامته على حواجز الاحتلال في الضفة ومداخل القدس أو من أرضه التي يبتلعها غول الاستيطان كل يوم، أي أن الحالة الراهنة ليست فشلاً لحركة فتح وحدها بل إنهاك للقضية الوطنية الفلسطينية، مما جعل قسماً كبيراً من الشعب الفلسطيني لا يعبأ بخطوات السلطة باتجاه ما يسمى "استحقاق سبتمبر" وكما يقول المثل الفلسطيني " لو بدها تشتي كان غيمت" ، حيث لا يرى الشعب في ذلك الا سياسة عرجاء تمثل مصالح شخصية أو في أحسن الأحوال مصالح حزبية وفئوية.
رابعاً : المرحلة المقبلة، مرحلة صعبة ومفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، وتحتاج إلى ساقين قويتين، بل أيضاً إلى سيقان عربية قوية بفعل الحالة الثورية الراهنة، ولا يصح الذهاب إلى مستقبل القضية دون خطط وبرامج محددة، بحيث تستولى هذه الخطط والبرامج على مشاعر وأحاسيس وأفكار الكل الفلسطيني، وهذا معناه التعجيل بإنجاز ملف المصالحة الفلسطينية، ومن الطبيعي أن من يذهب بساق واحدة ضعيفة مرتجفة سيسقط في بداية السباق ولن يحصد الا الهزيمة والمرارة .

sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي