الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

هل نضجت الظروف لتفيذ المصالحة

هل نضجت الظروف لتنفيذ المصالحة
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لم يكن توقيع اتفاق القاهرة للمصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس في الرابع من أيار الماضي قد جاء في سياقه الطبيعي، بل تعبيراً عن استجابة إجبارية لظروف استثنائية، فكان من الطبيعي أن تراوح الاجتماعات مكانها، وحتى يكون الأمر مقنعاً؛ تم إبراز مسألة تسمية رئيس الوزراء باعتبارها عقدة العقد التي تمنع تنفيذ الاتفاق، علمأ أنها كانت الغطاء غير الساتر لعيوب اتفاق المصالحة، وهنا يبرز السؤال الأهم : هل نضجت الظروف لدى حركتي حماس وفتح للانتقال إلى مرحلة جديدة تقتضي التنفيذ الأمين لاتفاق المصالحة؟.
لقد أصبح تجاوز عقدة فياض أمراً واقعا؛ إذ لم يعد الأمر مستنداً إلى تحليلات، بل إلى تصريحات تؤكد ذلك، وهذا معناه أن مرحلة جديدة قد بدأت بالفعل، فما هي المستجدات التي أدت إلى التفاؤل بتحقيق المصالحة بعد الإعلان عن موعد لقاء عباس مشعل في القاهرة في الثالث والعشرون من هذا الشهر:
أولاً: كان توقيع اتفاق المصالحة غير مقبول من أمريكا وإسرائيل، فظهرت من الطرفين علامات الاستياء والغضب والتهديد والوعيد للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، ولم يكن الرئيس عباس قد يئس تماماً في حينه من الموقف الأمريكي مما دعاه إلى تعطيل المصالحة أملاً في تحقيق اختراق سياسي، ويبدو أن التطمينات والوعود الأمريكية بالضغط على نتنياهو لم تعد سوى ملهاة لكسب الوقت من جانب إسرائيل لخلق أمر واقع على الأرض لا ينتقص من حدود الفلسطينية المفترضة بل ينتقص أيضاً من كرامة وشعبية الرئيس عباس، فلم يعد للفعل السياسي الفلسطيني أي مبرر، ولم يعد الشعب الفلسطيني يقبل إلى الأبد بقاء الأوضاع على ما هي عليه، فكان من الطبيعي أن تقبل القيادة الفلسطينية بتنفيذ المصالحة بعد العجز الأمريكي والغطرسة الإسرائيلية المدعومة عمليا من الرباعية الدولية، حيث لم يكن الدعم والتأييد الا كلمات تشنف أسماع الفلسطينيين في المقاطعة، ودليل ذلك موقف هذه القوى من مسألة الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
ثانياً:لا شك أن هناك تآكلاً في شعبية حركة فتح، فلا هي تمارس حتى المقاومة السلمية ولا هي قادرة على تحقيق انجاز سياسي عبر المفاوضات، وهذا معناه الركود الذي يؤدي إلى ان تصبح مياهها آسنة تعلوها الطحالب والفطريات، فكان تنفيذ المصالحة هو الطريق الأسلم والأسرع في عودة فتح إلى الشارع الفلسطيني، سيما أن ابرز تجليات المصالحة هي الإعداد لانتخابات تشحذ فيها الهمم وتتعالى العصبية التي تستقطب المشاعر الفتحاوية النائمة.
ثالثاً: الواقع العربي عموماً والمصري على وجه الخصوص، فقد بات الجميع يدرك أن الإخوان المسلمون قادمون بقوة إلى الواجهة السياسية، فحركة النهضة لا تملك جسماً تنظيمياً قويا وفاعلاً في تونس قبل سقوط بن علي، ومع ذلك تقدمت على كافة الأحزاب العمانية واليسارية، فكيف سيكون الحال إذا جرت انتخابات نزيهة ي مصر، التي تعتبر المعقل الأقوى لحركة الإخوان، وطبيعي أن هذا الصعود للإخوان في مصر سيؤثر قطعاً على قوة حركة حماس، مما يعني أن ما قبلت به حماس في الماضي لن يكون مقبولاً بعد ذلك، فأراد عباس والسلطة الفلسطينية تحقيق المصالحة منعا لاستفادة حماس من الظروف التي ستنشأ بعد الانتخابات المصرية.
رابعاً: بغض النظر عن تصريحات حماس بشأن نقل مكاتبها ومركز وجودها من دمشق؛ فإن مسار الأحداث يؤكد أن ذلك أمر حتمي، وقد تحدثت التقارير الإخبارية عن ضغوط على النظام الأردني للقبول بمكاتب لحركة حماس في الأردن، وسوف يكون لها أيضاً مكاتب تمثيلية في مصر، وهذا يعني عدم التصادم مع توجهات القيادة المصرية الحالية التي تريد انجازاً حقيقياً، ومن الطبيعي أن الساحة الفلسطينية عبر تنفيذ اتفاق المصالحة هو أسهل وأرخص انجاز.
خامساً: إن إمكانية التوافق على برنامج سياسي بين حركتي فتح وحماس أصبح أمراً ممكناً، وليس معنى ذلك التوافق الكلي بين الطرفين، بل يمكن أن تفسر صيغة هذا البرنامج من قبل حركة فتح بغير ما تفسره حركة حماس، مع يعطي الطرفين وخاصة حركة حماس فرصة لإقناع أنصارها بقبول برنامج سياسي مشترك مع حركة فتح.
سادساً: تبقى العقدة النظرية والعملية متمثلة بالأجهزة الأمنية، التي كانت خلال المد والجزر كأنها ليست خاضعة لأحد معروف، وهذا يتطلب إنهاء قوتها لإعادتها إلى حركة فتح، فقد شكلت هذه الأجهزة بممارساتها مع عناصر حماس حرجاً شديداً أثناء المحادثات بين طرفي الانقسام، حتى قالت قيادات فتح : لسنا نحن الذين نعتقل بل الأجهزة الأمنية، وسوف يكون التغلب على هذه العقدة سهلاًًً في ظل غياب فياض، مما يعني أن الاتفاق على رئيس جديد للوزراء معناه سلب الأجهزة الأمنية قوتها المستقلة عن القيادة السياسية وهو ما يمهد الطريق للوصول إلى المصالحة
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

من يهتم بقضايا الناس الحيوية بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

من يهتم بقضايا الناس الحيوية
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
بعد أن صلينا الجمعة، وكالعادة تجاذبت أطراف الحديث مع عدد من الأصدقاء، أحدهم كان يحمل هم الدنيا على كتفيه حتى ظهر الحزن على غير العادة في عينيه، يفكر ويفكر ولا يجد حلاً، قلة النوم بادية على ملامحه، ماذا أفعل ؟!
صديقي هذا تاجر كانت أحواله حتى الوقت القريب مقبولة ومعقولة، ولكن الحالة الاقتصادية التي تمر بها المناطق الفلسطينية هذه الأيام انقلبت بشكل لم يكن من الممكن توقعه، فأصدر عدداً من الشيكات لا يستطيع تغطيتها، وبدأ التجار الكبار يطاردونه عبر الهاتف.. قد تصل الأمور إلى السجن أو الحجز على بيته الذي لا يملك غيره، ماذا يمكن أن يفعل؟ يتساءل بكل مرارة، وكنت استمع أنا أيضاً بكل مرارة لأنني لا استطيع أن أفعل شيئاً فأنا لا أملك شيئاً من حطام الدنيا يحل مشكلته، وأنا أحاول هنا أن أعبر عن مشاعري تجاه حالة هذا الأخ والصديق، وأحاول المساهمة في ايجاد حل له ولكثيرين من أمثاله فكتبت ما يلي :
أولاً : هذه الحالة التي يعاني منها صاحبنا ليست حالة فردية، فقد أصبح كثير من التجار في مثل وضعه، مما يعني أنها أصبحت ظاهرة مرضية عامة، أي أن هذا التاجر أو ذاك لا يتحمل كل المسؤولية، لأن هذه الحالة ناشئة عن الأوضاع العامة بسبب الأوضاع السياسية، وبنية الاقتصاد المتهاوية التي بنيت على أساس اتفاقية اوسلو، وهذا يتطلب معالجة عامة، أي أن تتحمل السلطة جزءً من مسؤولياتها تجاه الحالة القائمة، وأقل ما يمكن أن تفعله هو سن قوانين طارئة تمنع حبس التاجر الذي لا يستطيع تغطية الشيكات التي أصدرها، وحتى لا تكون المسألة فضفاضة، يمكن أن تتشكل لجان من الغرف التجارية تضع معايير للحالات التي يمكن أن ينطبق عليها قانون عدم الحبس المذكور.
ثانياً : إن الأرباح التي تعلن عنها البنوك هي أرباح عالية إن لم نقل خيالية، وهذه الأرباح ناتجة في كثير من الأحوال عن المعاملات التجارية الضخمة للتجار، مما يعني أن هذه البنوك تتحمل أيضاً مسؤولية أخلاقية ووطنية في التخفيف من مأساة عملائها، وفي هذه الحالة يمكن أن تبادر هذه البنوك بتغطية هذه الشيكات لمدة معقولة دون فوائد؛ لأن حالة الركود الاقتصادية ستكون نتائجها كارثية إذا استمرت، ليس على الأفراد والتجار فقط، بل أيضاً ستطال البنوك لاحقاً، وكما يقول المثل " قليل دائم خير من قليل منقطع".
ثالثاً: أن يتوجه اتحاد الغرف التجارية إلى جهات عربية وإسلامية للحصول على قرض حسن بدون فوائد لمدة طويلة، وهذا الأمر، إذا توفرت الإرادة فهو ممكن جداً، وأعتقد أن عقد اجتماعات على مستوى الغرف التجارية يمكن أن يأتي بأفكار كثيرة فيها حلول لمشكلة هؤلاء التجار الذين مالت أحوالهم بشكل مفاجئ، وإلا فإنهم سينضمون إلى جيش العاطلين عن العمل هم ومن يعمل تحت أيديهم.
رابعاً : إن لجوء التجار إلى قروض ربوية معناه إجبار الناس على مخالفة قناعاتهم، مما يهدم الأساس الأخلاقي لكثير من الناس، إضافة إلى أن هذه القروض لتغطية الشيكات الصادرة لا يشكل الا حلاً مؤقتاً ولكنه سيأتي بنتائج مفجعة على المدى البعيد .
خامساً : لا بد أن يتنبه الجميع، وأقصد بالجميع كل القوى والأحزاب السياسية والهيئات والجمعيات ومؤسسات السلطة إلى أن نتائج الحالة الاقتصادية السيئة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية لا تقف عند حدود المسائل المادية الصرفة، بل يمكن أن تتعداها إلى بروز ظواهر اجتماعية سلبية كالدياثة والمتاجرة بالأعراض، واستغلال هذه الأوضاع ممن فقدوا الكرامة والقيم الدينية والاجتماعية الأصيلة.
الأمر جلل وخطير ويحتاج إلى تظافر الجهود من أجل تدارك الحالة الراهنة لأن تداعياتها ستطال كل فئات الشعب الفلسطيني بدون استثناء .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

السبت، 3 سبتمبر 2011

كسر ساق حماس لن يسمح لفتح بالمسير بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

كسر ساق حماس لن يسمح لفتح بالمسير
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

يمكن القول أن حركتي فتح وحماس تشكلان بسبب قوتهما الجماهيرية، ساقا الشعب الفلسطيني، وقد اعتمدت حركة فتح إستراتيجية خاطئة بعد انتخابات المجلس التشريعي 2006، مفادها أن كسر ساق حماس سواء كان ذلك بفعل فتح نفسها او بفعل جهة خارجية، يعطي قوة لحركة فتح. إلا أن الواقع والتجربة العملية أثبتت أن كسر ساق أحد الطرفين لن يبقي الساق الأخرى سليمة،فحركة فتح التي تسير بدون الساق الأخرى وهي حركة حماس، أصبحت ضعيفة مهتزة قابلة للابتزاز بسبب فقدانها لتوازنها وصعوبة المشي بساق واحدة.
لو كانت المسألة حزبية فقط، لما اعترض أحد على حركة فتح بسبب إستراتيجيتها الخاطئة تلك، فهي حرة سواء حاولت القفز على ساق واحدة أو زحفت في سيرها على بطنها، ولكن هذه الإستراتيجية أضرت بالشعب الفلسطيني وثوابته، فالأخطاء لا تدفع ثمنها حركة فتح، بل الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، ولو استعرضنا الحالة الفلسطينية بعد انتخابات 2006 لوجدنا ما يلي :
أولاً : خلقت نتائج الانتخابات واقعاً سياسياً وحزبياً جديداً، كان يمكن – لو استمر - أن يقلب الأوضاع في الضفة الغربية رأساً على عقب، فقامت سلطات الاحتلال باعتقال نواب حركة حماس، في محاولة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، أي سيطرة حركة فتح على الساحة السياسية، ولم يكن هناك موقف حازم من حركة فتح تجاه اعتقال الاحتلال لنواب الشعب الفلسطيني، وهذا الموقف عبر عن حزبية ضيقة لدى حركة فتح؛ إذ لم تدرك أن الاعتداء على رموز الشرعية الفلسطينية هو اعتداء على الشعب الفلسطيني نفسه، فبقي التنسيق الأمني مع الاحتلال واستمرت مسيرة المفاوضات العبثية ثم كانت حملات الاعتقال والتنكيل ليس فقط بقيادات وكوادر حركة حماس، بل أيضاً بأنصارها، فحرم من الوظيفة العمومية كل من انتخب حركة حماس، وما زال كثير ممن يتم استدعاؤهم للأجهزة الأمنية يسألون عن مشاركتهم في انتخابات 2006 لصالح حركة حماس.
هذا الموقف من اعتقال النواب شكل ضربة قوية لحركة فتح، فقد أصبحت الحركة ممثلة في السلطة الفلسطينية، عاجزة عن التصدي لممارسات الاحتلال من تهويد للقدس واعتداءات للمستوطنين على الأرض والسكان، وأضعف تأثير حركة فتح حزبياً وجماهيرياً، فلم تعد الجماهير الفلسطينية ترى أو تلمس في حركة فتح أنها حركة مناضلة ومقاومة للاحتلال، وكل ما تراه في وسائل الإعلام إما مشاركة هذا القائد الفتحاوي في مراسيم استقبال مبعوث أمريكي او جلسات المفاوضات مع الإسرائيليين أو قائداً يمتدحُ الاحتلالُ تعاونَه الأمني.
ثانياً : حاولت حركة فتح أن تتدارك الحالة المزرية التي وصلت اليها، فعقدت مؤتمرها السادس في بيت لحم، ولكن هذا المؤتمر عقد في حالة فلسطينية استثنائية شكلت رمالاً متحركة غاصت ركب حركة فتح في اعماقها، فقد فشل المؤتمر في طرح برنامج سياسي محدد الملامح، مما يعني أن هذه الحركة أصبحت تفتقد وجود غاية محددة ، وطبيعي أن غياب الغاية يقتضي فقدان بوصلة التوجه والمسير، وهذا ما جعل حركة فتح مشلولة تراوح مكانها، فقد وجدت القيادة الجديدة بعد المؤتمر السادس أن الساحة خالية من منافس حقيقي كحركة حماس فركنت إلى ذلك، وضعف الاندفاع والاستعداد لتحقيق أي انجازات حقيقية.
ثالثاً : هذه الحالة من القفز على ساق واحدة، تشير بشكل لا لبس فيه إلى عجز حركة فتح عن قيادة المشروع الوطني الفلسطيني بثوابت الحد الأدنى الذي يحظى بالإجماع الوطني، وفي هذه الحالة فإن الشعب الفلسطيني هو الذي يدفع ثمن هذا العجز وهذا الإخفاق، سواء من كرامته على حواجز الاحتلال في الضفة ومداخل القدس أو من أرضه التي يبتلعها غول الاستيطان كل يوم، أي أن الحالة الراهنة ليست فشلاً لحركة فتح وحدها بل إنهاك للقضية الوطنية الفلسطينية، مما جعل قسماً كبيراً من الشعب الفلسطيني لا يعبأ بخطوات السلطة باتجاه ما يسمى "استحقاق سبتمبر" وكما يقول المثل الفلسطيني " لو بدها تشتي كان غيمت" ، حيث لا يرى الشعب في ذلك الا سياسة عرجاء تمثل مصالح شخصية أو في أحسن الأحوال مصالح حزبية وفئوية.
رابعاً : المرحلة المقبلة، مرحلة صعبة ومفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، وتحتاج إلى ساقين قويتين، بل أيضاً إلى سيقان عربية قوية بفعل الحالة الثورية الراهنة، ولا يصح الذهاب إلى مستقبل القضية دون خطط وبرامج محددة، بحيث تستولى هذه الخطط والبرامج على مشاعر وأحاسيس وأفكار الكل الفلسطيني، وهذا معناه التعجيل بإنجاز ملف المصالحة الفلسطينية، ومن الطبيعي أن من يذهب بساق واحدة ضعيفة مرتجفة سيسقط في بداية السباق ولن يحصد الا الهزيمة والمرارة .

sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

ماذا بعد سبتمبر ؟؟ ... لا شيء جديد !!

ماذا بعد سبتمبر ؟؟ ...لا شيء مهم !!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لم تكن الانتصارات الحقيقية للشعوب في يوم من الأيام من صنع القيادات السياسية، بل كان دور القيادات السياسية هو صياغة التراكمات النضالية المعمدة بالتضحيات بكل أنواعها لبلورة برنامج عمل سياسي له أهدافه الواضحة وأساليبه المنسجمة مع غاياته، وبدون ذلك فإن أي قيادة سياسية معزولة عن الفعل الجماهيري عند تشكلها أو تشكل برنامجها السياسي لا يمكن أن تحقق انتصاراً حقيقياً؛ فالقيادة المعزولة تطمح في تحقيق غاياتها أو في أحسن الأحوال - مع افتراض حسن النية- فإنها تطمح لتحقيق برنامج يُقزّم الأهداف لتكون بمستوى قدراتها هي، لا بمستوى قدرات الشعوب المناضلة، وينتج عن ذلك فجوة واسعة بين الشعوب وبين هذا النوع من القيادات السياسية. ومكمن الخطر هنا أن تلك القيادات بحاجة إلى محضن مناسب أو غير مناسب، وفي حالة عدم الانسجام بين الشعب وقيادته لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون الشعب محضناً مناسباً، فيبدأ البحث عن محضن خارجي، وبذلك تصبح القيادة السياسية غريبة عن الشعب وهمومه وغاياته وأهدافه، وتصبح في نفس الوقت أكثر عرضة واستجابة للابتزاز السياسي.
ليس ذلك تنظيراً بعيداً عن الواقع السياسي الفلسطيني، بل هو قراءة دقيقة وعميقة للحالة الفلسطينية الراهنة، وما وصل إليه الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية فيما يتعلق بما يسمى "استحقاق سبتمبر"،فقد توصلت القيادة السياسية إلى هذا التوجه منفردة، دون إجماع شعبي أو فصائلي، وهو ما يفسر برودة التعاطي الشعبي مع هذا الاستحقاق، فالقيادة السياسية عندما تتحدث عنه فهي تظهر كل الحماس والاندفاع، مقابل لا مبالاة شعبية، وكأن الأمر لا يخص الشعب الفلسطيني بمجمله بل هو مسألة خاصة بالقيادة السياسية لاعتبارات خاصة بها.
الواقع يؤكد أن التوجه الفلسطيني لمجلس الأمن أو للجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يعدو كونه هروباً للأمام، فالفشل الذريع لمسار المفاوضات فلسطينياً، جعل القيادة السياسية تتشبث بحبال الهواء من أجل البقاء في موقعها، ومن تلك الحبال "استحقاق سبتمبر"، فهي تفتقر إلى برنامج سياسي واقعي حتى لو كان يحتاج إلى زمن طويل لترجمته واقعياً، مما جعلها تفكر في انقاذ نفسها من حالة الغرق، ولو كان المستقبل قاتماً وغير مضمون، فالغريق همه الأول والأخير هو النجاة، ولا يسمح وضعه بالتفكير أكثر من ذلك، وحيث أننا لسنا كشعب في تلك الحالة المزرية فلنا أن نفكر برويّة وتأمل وتدبر لما بعد سبتمبر، وهذا يسوقنا جبراً لجملة من الملاحظات والتساؤلات:
أولاً : كل من يستخف بعقول الشعب، بدأ للتنظير السياسي الفارغ بقوله: إن اسرائيل وفي حالة الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67 ستكون في مأزق؛ لأنها ستصبح معتدية ومحتلة لأراضي دولة مستقلة ومعترف بها، مما يعني عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي لأراضي هذه الدولة. وهذا في الحقيقة إن لم يكن كذباً وتضليلاً مقصوداً، فهو سذاجة سياسية لا تليق بقيادة سياسية في أكثر بقاع الأرض تخلفاً؛ لأن هذا القول يقتضي أن القانون الدولي والشرعية الدولية كانت ترى في الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس وضمها أمراً مشروعاً، ولذلك لم تتخذ أي إجراء عملي ضد هذا الاحتلال، بل إنه من المعلوم أن جزءً من المساعدات الرسمية الأمريكية للكيان الصهيوني كان يذهب للاستيطان، وإذا كان الاحتلال بكل جرائمه مخالفاً للشرعية الدولية التي افتقرت إلى آلية لإحقاق الحق، فما هو المستجد الذي سيتغير بعد الاعتراف بدولة فلسطين، ألم تكن الضفة الغربية قد احتلت عام 67 باعتبارها جزءً من دولة معترف بها، وعضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي الأردن ؟!
ثانياً : هل القيادة السياسية المتنفذة مستعدة للتنازل عن موقع القيادة، وتقديم الاستقالة في حالة عدم تحقيق انجاز ملموس؟ هذا هو الأصل، ولكن ذلك لن يحدث؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها إسرائيل، ستقدم للسلطة مظلة هبوط آمنة، وذلك ليس محبة ولا اشفاقاً عليها، بل خوفاً من الفراغ السياسي الداخلي الذي ستملؤه حركة حماس، وهذا يعني الاتفاق على صيغة معدّلة للعودة إلى طاولة المفاوضات، ويمكن في هذا السياق أن يضطر نتنياهو إلى القبول بصيغة دولتين على أساس حدود الرابع من حزيران 67، مع تبادل للأراضي بصيغة غامضة تتطلب عشرات السنين للتفاوض حول تطبيقها.
ثالثاً : في هذه الحالة، وتناغماً مع الحالة الثورية السائدة اقليمياً، فإن الشعب الفلسطيني سيقول كلاماً قاسياً للقيادة السياسية، وقد يكون فعله أشد قسوة، مما يعني احتمالات مفتوحة، أحدها وأخطرها أن تتحول السلطة إلى قوة قمع حقيقية ومباشرة، وترضى علانية بدور الوكيل الأمني للاحتلال. صحيح أن هذا السيناريو صعب التطبيق وطنياً ، الا أن الأوضاع التي نشأت بفعل السيطرة على الأجهزة الأمنية والمال، قادرة على جعل هذا السيناريو أمراً واقعاً، فالحالة الاقتصادية الصعبة في الضفة الغربية، والتي تم تفصيلها بإحكام لتكون مشنقة تشتد ضيقاً كلما حصل تململ وحركة من المشنوق، قادرة على تسهيل تطبيق هذا السيناريو.
رابعاً : بعد ذلك كله، ألا يجدر بالقيادة السياسية، أن تدعو إلى مؤتمر استثنائي لكل مكونات وأطياف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، لتدارس الحالة الراهنة والخروج بتوصيات لها صفة الالزام، لتكون برنامجاً سياسياً يدافع عنه الشعب الفلسطيني كله ويتحمل تبعات الإخفاق إن حصل .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 24 أغسطس 2011

من أجل ذلك .. لا لاستحقاق ايلول بقلم: أ.سعيــد الصرفنــدي

من أجل ذلك .. لا لاستحقاق ايلول
بقلم : أ. سعيــد الصرفنــدي
لا شك أن التوجه إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة من قبل السلطة الفلسطينية للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، لم يكن منذ البداية توجهاً ذاتياً للسلطة، فهو أحد تداعيات التصريحات التي قدمها اوباما معبراً عن تمنياته أن يرى فلسطين عضوا في الأمم المتحدة، وقد تمسكت السلطة الفلسطينية بهذا الأمر، حتى أنها اعتبرت توجهها في ايلول المقبل للاعتراف بالدولة الفلسطينية هو معركة شرسة ستخوضها القيادة بكل حزم وقوة ولن تخضع للضغوط الأمريكية والنصائح الدولية بعدم جدوى هذا التوجه، ومن أجل تسليط الضوء على هذا الاستحقاق "العظيم" لا بد من التنبه إلى ما يلي :
أولاً : القيادة الفلسطينية التي كشفت عن كل اوراقها ومكونات استراتيجيتها في التعامل مع الكيان الصهيوني، بانتهاجها سياسة المفاوضات ولا شيء غير المفاوضات بأشكالها المعهودة من مباشرة وغير مباشرة أو ما يمكن ابتداعه واختراعه من اشكال جديدة للمفاوضات، حصلت من خلالها على لا شيء، وخرج علينا رموز السلطة ومهندسو المفاوضات ليقولوا لنا بأن المفاوضات أصبحت عقيمة ولن تحقق شيئاً ايجابيا للشعب الفلسطيني، وطبيعي أن هذا الاعتراف من قيادات السلطة كان انتحاراً سياسياً؛ لأن من مقتضيات ذلك أن تسلم هذه القيادات الأمانة إلى غيرهم، فقد فشلوا من خلال منهجهم في الوصول إلى تحقيق أيّ من الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، ذلك أنهم ذهبوا للمفاوضات يبحثون عن حقوق الشعب الفلسطيني، وشتان ببن من يذهب للمفاوضات لانتزاع حقوق واضحة ومعروفة مسبقاً، وبين من يذهب إلى عدوه خالي الوفاض، آملاً بالتفاهم معه على الحقوق، مما جعل قيادة السلطة تدرك أنها شرعية وجودها اصبح موضع شك، فكان الحديث عن استحقاق ايلول مخرجاً لهذه القيادة، فهو يُظهر بأن هذه القيادة ما زالت تمتلك المبادرة السياسية والقيام بالفعل السياسي، الذي يؤهلها للبقاء على قيادة الدفة . ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أن القيادة الفلسطينية لا تدرك ما سيترتب على توجهها للامم المتحدة في ايلول القادم من مخاطر، فقد أصبح هذا التوجه هو الورقة الأخيرة بيد السلطة، وهي تدرك أنها لن تحقق شيئاً من خلاله، وهي ليست مستعدة للحديث عن مرحلة ما بعد الفشل، فهي لا تملك تصوراً واضحاً لتلك المرحلة، مما يعني أن الشعب الفلسطيني، ومن خلال الإيحاءات القوية من الحالة العربية الراهنة، سيقول كلمته، وسوف تكون كلمة قاسية، لأن التوجه إلى الأمم المتحدة لم يكن خياراً يحظى بالإجماع الوطني الفلسطيني، فالسقوط سيكون لمن توجه منفرداً دون الاستناد إلى اجماع وطني، فقد كان من المفترض بعد الاعلان عن فشل المفاوضات أن تتم الدعوة لمؤتمر استثنائي تحضره كل اطياف ومكونات الشعب الفلسطيني لتدارس الحالة الفلسطينية والخروج باستراتيجية وطنية تعبر عن الكل الفلسطيني.
ثانياً : هناك فرق بين تحليل لكاتب او محلل سياسي يتحدث عن مخاطر التوجه إلى الامم المتحدة على القضية والثوابت الوطنية، وبين صدور هذا الرأي عن خبير في القانون الدولي مثل البروفيسور جودين جيل، الذي أشار إلى خطورة هذا التوجه، فقد تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها ممثلاً شرعيا ووحيداً للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وهذا اعتراف صريح بأن اللاجئين وفلسطينيي الشتات هم جزء من الشعب الفلسطيني مما يعتبر اقرارا بحق عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها؛ ولذلك فإن تغيير الصفة القانونية لمنظمة التحرير واستبدالها بدولة يمس مباشرة حقوق اللاجئين الفلسطينيين وعلى رأس ذلك حق العودة، فهو يقول في هذا السياق : انهم يشكلون اكثر من نصف الشعب الفلسطيني، فإذا تم حرمانهم من حقوقهم وفقدوا تمثيلهم في الامم المتحدة، فلن يكون هذا مجحفا فقط بحقهم في التمثيل المتساوي، وعلى عكس ارادة الجمعية العامة، بل سيمس ايضا قدرتهم على التعبير عن آرائهم، ومشاركتهم في قضايا الحكم الوطني و التي تشمل بناء وتشكيل الهوية السياسية للدولة، وسيمس ايضا قدرتهم على ممارسة حق العودة"
ثالثا: بما أن هناك خطورة ظاهرة على حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته من خلال التوجه إلى الأمم وتغيير الصفة القانونية لمنظمة التحرير ؛ فإن المطلوب التوجه إلى الشعب الفلسطيني قبل التوجه إلى الأمم المتحدة، وبوابة ذلك انجاز ملف المصالحة الوطنية .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

السبت، 25 يونيو 2011

حركة فتح، هي هي مستعدة للمصالحة

حركة فتح، هل هي مستعدة للمصالحة
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
يعتقد البعض أن الخلاف حول اسم رئيس الوزراء المقبل هو جوهر الخلاف بين حركتي فتح وحماس، وهذا يدل على سذاجة وأمية سياسية؛ إذ تمسك محمود عباس بسلام فياض لا يعدو كونه هروباً من الاستحقاقات السياسية والعملية للمصالحة، وهي استحقاقات لم تتهيأ لها حركة فتح، بحكم سيطرتها على الضفة وما تلازم مع ذلك من مصالح فئوية وشخصية ظهرت وتعززت عبر الانقسام ، فاتفاق المصالحة الذي ظهر فجأة في القاهرة كان مؤشراً على أن هناك أطرافاً وظروفاً أملت توقيع اتفاق المصالحة دون أن تنضج الظروف الداخلية، وهو ما يعاني منه الاتفاق القسري الذي توقف عملياً عند التوقيع الاحتفالي في القاهرة، فهو اتفاق ولد معوقاً ولم يستطع ان يخطو خطوة واحدة إلى الأمام، ويبدو أن بريقه سيخبو شيئاً فشيئاً، وما هي إلا أياما معدودة حتى تعود المناكفات الإعلامية بين حركتي فتح وحماس.
ما هي المستجدات التي أدت وستؤدي إلى عدم تطبيق اتفاق المصالحة؟
أولاً : لا شك أن أمريكا ومعها إسرائيل رأت في المصالحة خطراً على مسار التسوية وهو المسار الذي يسير بخط متوازِ مع السلام، فهما قريبان ولكنهما لن يلتقيا أبداً، فقد أصبح من البديهيات والمسلمات أن أمريكا اخترعت مسار السلام ، ووافقت عليه إسرائيل ، من أجل كسب الوقت لخلق أمر واقع لا يمكن القفز عنه وتجاوزه عند الحديث عن حل نهائي وفق الشروط الإسرائيلية، فالقيادة الفلسطينية التي تم إضعافها خلال السنوات الماضية، وفقدت القدرة على طرح أي خيار غير خيار المفاوضات؛ هذه القيادة بتوقيعها اتفاق المصالحة اعترفت أن خيار المفوضات قد سقط ولم يعد خياراً حقيقياً للشعب الفلسطيني، وهذا معناه الإعلان الصريح من القيادة الفلسطينية بفشل السياسة الأمريكية التي تولت بشكل حصري رعاية العملية السلمية، وهو أمر لم تقبل به الولايات المتحدة الأمريكية، مما فسر المواقف الأمريكية المتصلبة والغاضبة تجاه المصالحة، وفسر كذلك الدوافع وراء عودة عباس إلى الإكثار من ذكر استعداده للعودة إلى المفاوضات، مما يعتبر تأكيداً على أن خيار امريكا وهو خيار المفاوضات ما زال هو المنطلق الوحيد والأوحد لتسوية الصراع، ولا أظن أن هناك موقفاً استراتيجياً لدى القيادة الفلسطينية بالإعلان عن فشل أمريكا في تحقيق السلام، وهذا يتطلب اتخاذ موقف عملي، ومن متطلبات ذلك عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة.
ثانياً: إن فشل عملية التسوية معناه فشل البرنامج السياسي لحركة فتح، وبشكل متزامن إعلان قوي وصريح : أن برنامج حركة حماس لم يفشل، مما يعني أن تنفيذ اتفاق المصالحة هو دعاية فتحاوية مجانية لبرنامج حماس الذي ستخوض به الانتخابات المقبلة، فمن الطبيعي أن الانتخابات المقبلة تحتاج إلى برنامج سياسي واضح، وحركة فتح بتوقيعها اتفاق المصالحة وتطبيقه تكون قد انتحرت سياسياً، أي أنها لن تجد ما تسوقه في الانتخابات لاستقطاب الناخب الفلسطيني، فالمفاوضات، ومسار التسوية لم يعد مجدياً، ليس فقط في تحقيق شيء؛ بل لأن المواطن الفلسطيني يلمس يومياً ابتلاع أراضِ جديدة من قبل حكومات المستوطنين، وتهويد القدس، وجنوح المجتمع الإسرائيلي نحو مزيد من التطرف والشوفينية العمياء بفعل القوة الإسرائيلية والضعف الفلسطيني، مما جعل مطلب الاعتراف بـ"يهودية الدولة" إلغاءً لحق العودة الذي يعتبر في الحقيقة جوهر القضية الفلسطينية، وهذا كله يمنع حركة فتح من تطبيق اتفاق المصالحة.
ثالثاً: يعتبر التنسيق الأمني من أشد المواضيع حساسية بين حركتي فتح وحماس خلال المرحلة الماضية، بل يمكن القول بأنه أحد الأسباب الكامنة وراء الانقسام، وقد تربع على عرش التنسيق الأمني أشخاص محسوبون على حركة فتح، بل يمكن القول أنهم الشريحة الأقوى تنظيماً وتأثيراً في حركة فتح، والواقع الذي يلمسه المواطن الفلسطيني أن حركة فتح هي قيادات الأجهزة الأمنية، وقد نشأت لهذه الشريحة مصالح مادية ومعنوية لا يمكن التنازل عنها بسهولة، ومن الطبيعي أن الأجهزة الأمنية هي من أهم القطاعات المرشحة للتغيير في ظل المصالحة الفلسطينية، وهذا معناه أن الفئة القوية والمؤثرة في حركة فتح ليس من مصلحتها تطبيق المصالحة.
رابعاً: ما زالت حركة فتح تتخذ من م.ت.ف غطاء لشرعنة مواقفها، فاللجنة التنفيذية والمجلس المركزي الذين تهيمن عليهما حركة فتح، يتم استدعاؤهما في كل مرة لتمرير مواقف حركة فتح، ويمكن القول ان المنظمة بتركيبتها الحالية هي الجهة التي تعطي الشرعية لحركة فتح وبرنامجها السياسي، ومن الطبيعي أن تشكيل الحكومة الفلسطينية يتطلب تشكيل اللجنة القيادة الجديدة لمنظمة التحرير، مما يعني سلب حركة فتح قوتها التي تعاظمت في السنوات الماضية عبر السيطرة على م.ت.ف ، بل إن التغيير على بنية المنظمة سيؤدي إلى إسقاط شرعية مسار التسوية ونهج المفاوضات، وهذا ما لا تريده حركة فتح.
لذلك فالتباطؤ والتلكؤ ومحاولات التملص من تطبيق المصالحة ليس له علاقة في الحقيقة بتسمية فياض رئيساً للحكومة المقبلة، بل هو العقبة التي وضعتها حركة فتح ورئيسها محمود عباس؛ لأنهم يعلمون أن هذه العقبة يصعب اجتيازها وعبورها من قبل حركة حماس، ومن الأدلة على ذلك:
1. أن فياض لم يطرح في الجولة الأولى من قبل فتح باعتباره مرشحاً لرئاسة الحكومة، وتصريحات عزام الأحمد شاهدة على ذلك.
2. أن فياض لم يحقق انجازاً حقيقياً من شأنه أن يقنع الشعب الفلسطيني بجدوى بقاءه وتعطيل المصالحة من أجله، فالتنسيق الأمني هو السمة الوحيدة لحكومة فياض، التي يشعر بها الشعب الفلسطيني، اضافة إلى تزايد وتيرة الاستيطان وتهويد القدس .
3. أن الانجازات الاقتصادية التي طبلت وزمرت لها بعض المواقع الإعلامية ليست إلا سراباً يحسبه الظمآن ماء، فالبطالة في ازدياد، وليس هناك مشروعاً اقتصادياًًًًًً واحداً يمكن وصفه من علماء الاقتصاد بأنه حيوي، وكذلك التآكل في رواتب الموظفين وضعف القدرة الشرائية نتيجة التضخم المالي .
4. ديون حكومة فياض بلغت حوالي 2 مليار دولار ، وقضية الديون يحتاج فياض وعباس لشرحها للشعب الفلسطيني، لماذا هذه الديون ومن المستفيد منها، فالمقاصة، وهي المبالغ التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة، وهي بالمناسبة يدفعها الشعب الفلسطيني من قوت يومه، ويضاف إليها أموال الدول المانحة والضرائب الداخلية، وهي بالمناسبة تكفي، فإما انه لا توجد في الحقيقة مساعدات اجنبية، وهنا يبرز السؤال بقوة: لماذا نرهن مواقفنا برضى تلك الدول اذا كانت لا تقدم شيئاً حقيقياً، واما أن أنها تقدم ما يكفي، فلماذا هذه الديون الضخمة.
كل ذلك يؤكد أن فياض ليس خياراً حقيقياً من قبل عباس وحركة فتح، بل أداة لتعطيل المصالحة للأسباب المذكورة.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الاثنين، 6 يونيو 2011

هل ستضحي السلطة بالمصالحة على مذبح المفاوضات

هل ستضحي السلطة بالمصالحة على مذبح المفاوضات
بقلم :أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما فاجأت حركتا فتح وحماس الشعبَ الفلسطيني والعالمَ أجمع، بتوقيع إتفاق المصالحة، كان التحليل المنطقي لما حدث، أن هناك أموراً طارئة دخلت على الطرفين، أجبرت أو أقنعت بتوقيع الاتفاق، وبقدر ما كان ذلك خبراً سعيداً، إلا أنه كان يحمل في جنباته الخبر السيئ، وهو أن ما بني على طوارئ، فقد تأتي طوارئ جديدة تجعله أثراً بعد عين، إذ تؤكد الوقائع أن توقيع الإنفاق لم يكن نتيجة حتمية لتراكمات كمية كانت مخرجاتها المصالحة، فقد أظهر التراشق الإعلامي بين المواقع الإعلامية والمتحدثين الإعلاميين للحركتين عقب فعاليات 15 آذار؛ أن البون شاسع، وليس من احتمال على المدى المنظور أن يتم إنجاز ملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الذي استمر سنوات.
وكان من الطبيعي أن كل من كتب حول المصالحة كان يغفل الفأل السيئ ، مع الاعتراف بأن هناك من تساءل تحت ضغط الواقع سؤالاً مشروعاً، جوهره: هل المصالحة كانت خياراً استراتيجياً عند البعض، أم ورقة للضغط على أطراف بعينها، لتحسين الحالة التفاوضية.
هناك همس أخذ، يتعالى ويكاد يصبح صراخاً، لماذا هذا التأخير في تطبيق بنود المصالحة وأهمها تشكيل الحكومة العتيدة ؟! هل هناك أطراف فلسطينية لا تريد المصالحة ، هذا صحيح ولكننا نسلط الضوء هنا على العوامل الخارجية.
لا شك أن من المعوقات التي ظهرت بعد الاتفاق هي الاتفاق على تسمية رئيس الوزراء، فقد أدركت حركة فتح –على الأقل ممثلها في الحوار عزام الأحمد- أن التخلص من سلام فياض ليس أمراً سهلاً كما توقعوا، أي أن التوافق مع حماس على استبعاد فياض لا يجعله بعيداً عن الساحة السياسية الفلسطينية، فهناك دول مانحة وهناك إسرائيل وهناك الضغط الإعلامي الذي مارسته أقلام عديدة بالاستطلاعات تارة، وبالمقالات التي تربط مستقبل القضية الفلسطينية وحاضرها ببقاء سلام فياض تارة أخرى، ومع ذلك فليست قضية سلام فياض هي المعضلة الكبرى؛ إذ يمكن التخلص منها، حتى من قبل حركة حماس، عبر الاعتراف بشرعية الحكومة إذا نالت الثقة من المجلس التشريعي، حيث يبقى فياض في هذه الحالة مقيداً ومرهوناً برضا المجلس التشريعي، وهذا ما لا يريده ابو مازن، فهو يعلم أن تفعيل المجلس التشريعي والتصويت على حكومة يرأسها فياض، هو إسقاط لخطته في بناء دولة الأمر الواقع، مستغلاً سيطرته على المال وعلى الأجهزة الأمنية.
إذن ما هي الأسباب الحقيقية وراء عدم تنفيذ اتفاق المصالحة حتى الآن :
أولاًً : بدأت الصحف الإسرائيلية ووكالات الأنباء تكشف المستور مرة أخرى، فهي تكشف ولا تدعي أن هناك خطوطاً مفتوحة بين الدكتور صائب عريقات ومولخو، من أجل تدبير شيء في موضوع المفاوضات، وهذا معناه أن هناك طعنة توجه للمصالحة الفلسطينية في الخفاء، وتشكيل الحكومة الفلسطينية من شأنه أن يهدم كل ما يمكن أن يتم الاتفاق عليه بين عريقات باعتباره ممثلاُ لأبي مازن وبين الإسرائيليين، إذ تشكيل الحكومة معناه البدء بتشكيل اللجنة القيادية لمنظمة التحرير وهذا يعني أنه لم يعد من حق عباس ولا عريقات أن ينفردوا بصياغة موقف سياسي يقال بأنه يمثل منظمة التحرير الفلسطينية.
ثانياً : لا شك أن إسرائيل تدرك أهمية توجه السلطة إلى الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67 ، ومع قناعتنا أن هذا التوجه لن يسفر عن شيء حقيقي؛ لأن الاعتراف بدولة ما كعضو في الأمم المتحدة يستلزم كما ينص الميثاق، على التوجه اولاً إلى مجلس الأمن ذي النتائج المعروفة سلفاً بسبب الفيتو الأمريكي، الا أن الأمر مع ذلك يحرج إسرائيل ويحرج أمريكا كذلك في حال حصوله، فكان المخرج هو المبادرة الفرنسية التي قدمت بالفرنسية ولكنها لا يمكن أن تقرأ إلا باللغة العبرية، وجاءت موافقة ابو مازن عليها فنزلت كالصاعقة على الشعب الفلسطيني، هل يمكن أن نعود إلى طاولة المفاوضات مرة ثانية؟ ما هي الشروط التي يمكن أن يقبل بها ابو مازن للعودة إلى المفاوضات في ظل عدم شمول المبادرة على الانسحاب من القدس وغير ذلك من الثوابت ؟؟
يبدو أن هناك من يراهن على أن ابو مازن يمكن أن يضحي بالمصالحة الفلسطينية مقابل تقديم شيء ما على المسار التفاوضي، ويبدو أن هناك قبولاً بدرجة ما، وهذا قد يفسر عدم تنفيذ اتفاق المصالحة على الأرض ومنه تشكيل الحكومة وعدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية.
يجب أن لا يسمح لأحد بالتضحية بالمصالحة الفلسطينية مقابل وعود كاذبة نعلم بعد أن تعلمنا على جلودنا، بأن منهج المفاوضات سراب خادع لا يمكن أن يحقق حقاً، بل كل ما فعله وسيفعله، هو إعطاء غطاء لما يخلقه الاحتلال من أمر واقع على الأرض، لا يمكن تجاوزه والقفز عليه، ثم يطالب الفلسطيني بالاعتراف بهذا الواقع.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي