الجمعة، 29 يناير 2010

من الذي يعطل المصالحة فعلاً ...؟!

من الذي يعطل المصالحة فعلاً ...؟!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
مع أن الصحافة العبرية تحاول دائماً دس السم بالدسم، وتسعى بشكل متواصل الى ضرب عرى الوحدة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها صحافة تخدم الخطوط العريضة لسياسة الإحتلال؛ إلا أن التجربة أثبتت أن السبق الصحفي الذي يسعى اليه كوكبة من كتاب الصحف الإسرائيلية، يعطي مصداقية لما يكتبون، ومن آخر الأمثلة على صدق الصحافة الإسرائيلية كشفها قبل غيرها عن البدء بإنشاء جدار الموت الفولاذي الذي تبنيه مصر على حدودها مع قطاع غزة، ولذلك فالصحافة الاسرائيلية، وتحديداً، اسماء لامعة فيها، تتصل مباشرة مع أصحاب القرار وتنقل في أغلب الأحيان معلومات دقيقة، بعكس الصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني الذي يضطر الى الخوض في التحليلات دون المعلومات مما يضعف أداءه ويجعل الصحافة عندنا تستند غالباً الى ما يكتب في الصحافة الأجنبية ومنها الصحافة الإسرائيلية، خاصة أن الترجمة أصبحت ميسرة، مما يتيح الاطلاع على كل ما يكتب في العالم بسهولة ويسر.
الخبر الذي نشرته "هآرتس" اليوم الجمعه 29/1/2010 للمحللان عاموس هرئيل وأفي يساخروف في مقال مشترك ، "عن مسؤولين أمنيين أن المصريين باتوا يوافقون على وجهة النظر الإسرائيلية الأمريكية بأن لا شيء إيجابي سيتمخض عن جهود القاهرة لعقد مصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية. إذ أن إدارة أوباما تخشى بأن يعزز اتفاق المصالحة حركة حماس على حساب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض".
هذه المعلومات ليست جديدة، ولكنها تؤكد أن الاحتلال وبدعم أمريكي واستجابة فلسطينية هو الذي يعطل الوصول الى مصالحة وطنية فلسطينية، فالمصريون الذين تفاجئوا باستعداد حماس على توقيع ورقة المصالحة الفلسطينية، عرضوا الأمر على الامريكيين والإسرائيليين فأوصوا بوضع نقاط وحذف نقاط لا تستطيع بعدها حركة حماس ان توقع على الورقة المصرية المعدلة مما يعطي مجالاً للمصريين وللسلطة الفلسطينية ولحركة فتح أن تقول بأن حركة حماس هي التي تعطل الوصول الى مصالحة وطنية بامتناعها عن التوقيع على الورقة المصرية.
المقال المشار اليه، يعتبر أن موافقة السلطة وحركة فتح على المصالحة يعرضها لوقف تدفق الاموال، وهذا ما كشفه السيد جبريل الرجوب قبل أيام، عندما قال بأننا تلقينا تهديدات أمريكية بفرض حصار علينا إذا توصلنا الى مصالحة مع حركة حماس، مما يدل أن المعلومات التي كشفتها صحيفة "هآرتس" تأتي في سياقها، إضافة الى ان الواقع يشهد بصحة هذه المعلومات. وقد كشفت المعلومات أن هناك سلسلة قوانين أمريكية تمنع وصول اي دولار لعباس وفياض في حالة قبول حماس كشريك، وهذا يعني أن السلطة وحركة فتح لن تقبل أبداً بتوقيع إتفاق مصالحة حقيقية مع حركة حماس، فهي ليست قادرة على الحياة يوماً واحداً بدون المساعدات المقدمة للاجهزة الامنية ووزارات السلطة، ولذلك نجد التعنت في جملة من التصريحات التي صدرت عن قيادة السلطة وحركة فتح، فهم متفقون على جملة واحدة : " لتوقع حماس الورقة المصرية"، وهم يعلمون أن توقيع حركة حماس للورقة المصرية كما هي أمر مستحيل؛ لأن ذلك انتحار سياسي تفقد حركة حماس مبرر وجودها بعده.
المصريون، حسب صحيفة"هآرتس"، أوقفوا جهودهم على مسار المصالحة الفلسطينية، وهم-أي المصريون- والامريكيون والاسرائيليون باتوا يعطون الأولوية لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، في الوقت الذي يتم فيه الضغط على حركة حماس وحرمانها من تحقيق أي انتصار او انجاز، ويأتي في هذا السياق الضغط الامريكي لوقف تنفيذ صفقة تبادل الأسرى التي اعلن الامريكان علناً أنها تضعف عباس والسلطة الفلسطينية، والتي كن من المفترض أنها اكبر انجاز لحركة حماس.
هذه المعلومات وغيرها، التي بدأت تنشر كل يوم في الصحافة الاجنبية ومنها الاسرائيلية، تدل دلالة واضحة لا لبس فيها أنه ليس من مصلحة حركة فتح ولا من مصلحة السلطة الفلسطينية انجاز ملف المصالحة الوطنية مع حركة حماس، فهم في الحقيقة لا يريدون غزة ضمن السلطة الفلسطينية، في الوقت الذي يسيطرون هم على الضفة الغربية، وهي مربط الفرس؛ فالمصالحة قد يترتب عليها اجراء انتخابات تفوز فيها مجدداً حركة حماس مما يضع أطرافا عديدة في خانة ضيقة، وهذه الاطراف جميعاً ليست مستعدة للوقوف في تلك الزاوية الحرجة، فتعطيل المصالحة هو الذي تريده امريكا واسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهو الذي يبقي حركة حماس خارج دائرة الفعل السياسي، وخارج التأثير في الحياة السياسية.
هذا الواقع قد يتزامن معه في الأيام القليلة القادمة حملة اعتقالات وتضييقات على كوادر حركة حماس ومناصريها، وقد تكون البداية ما حصل مع النائب ابو جحيشة.
على اساس هذه الخلفية فإن حركة فتح مطالبة باتخاذ موقف واضح من قضية المصالحة، ولا يكفي فقط طرح بعض المواقف الايجابية من المصالحة في الاجتماعات المغلقة للمجلس الثوري لحركة فتح، يجب ان تخرج الاصوات المخلصة عالياً لتقول أن الذي يعطل المصالحة الوطنية الفلسطينية هم أمريكا واسرائيل، ولا يجوز أن ترتهن مصالح الشعب الفلسطيني بحفنة من الدولارات التي تقدم لحكومة فياض.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 27 يناير 2010

مساهمة في الجدل حول مسلسل "يوسف الصدّيق"
بقلم : أ. سعيــد الصرفندي
كثر الجدل هذه الأيام حول مسلسل " يوسف الصدّيق" وهو المسلسل الذي تبثه قناة "المنار" التابعة لحزب الله، وهو مسلسل يتناول حياة النبي يوسف عليه السلام ضمن الخطوط العريضة التي وردت في سورة يوسف مع اضافات تفصيلية لا ذكر لها في القرآن واستدعتها اصول الإخراج لأي عمل تلفزيوني، وهو يأتي في سياق مجموعة من المسلسلات التي أنتجتها ايران متناولة قصصاً قرآنياً كقصة أصحاب الكهف وقصة مريم عليها السلام.
لقد صدرت فتاوى كثيرة تحرّم تجسيد الأنبياء والملائكة من خلال التمثيل، وهذه الفتاوى منها قديم قبل انتاج وعرض مسلسل "يوسف الصديق"، ومنها فتاوى صدرت متناولة المسلسل تحديداً، ولا بد من الإشارة الى أن هذه الفتاوى كلها صدرت من علماء السنة العرب والمسلمين، مما دفع البعض لاعتبارها موقفاً سنّياً ضد عمل شيعي ايراني، فلم تظهر أيّ فتوى من أي عالم شيعي تحرم هذا العمل أو تحرم عرضه.
المتتبع لحديث الناس عن مسلسل "يوسف الصدّيق"، يلمس إقبالاً شديداً لمتابعة المسلسل، وبديهي أن غالبية المتابعبن لم يخطر في بالهم أن هناك حكماً شرعياً يتناول تجسيد شخصيات الأنبياء أو حكماً شرعياً يتناول مشاهدة المسلسل، وهذا دليل على ضعف الثقافة الدينية، فالأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي، ولكن كثيراً من الناس يسأل عن الحكم الشرعي بعد القيام بالفعل، وهنا نلمس تقصير العلماء في الوصول الى حياة الناس وتبيان الأحكام الشرعية العملية المتصلة بحياة الناس.
من اسباب متابعة المسلسل عند كثير من الناس أن القصة القرآنية التي يقرأونها مجملة في سورة يوسف، وجدوها بأدق التفاصيل في عمل درامي مشوق جعلهم يتعرفون على معلومات كثيرة لا مجال لذكرها في الروايات التي وصلتنا عن حياة يوسف عليه السلام، ولكنها تأتي أحياناً منسجمة مع الأفكار الكلية التي عرضها القرآن، كقيام يوسف عليه السلام في السجن بالدعوة الى الله الواحد ، صحيح أن التفاصيل في المسلسل ليست آتية من روايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنها تأتي ضمن إطار الدعوة للتوحيد التي قام بها يوسف عليه السلام في السجن.
ومن أسباب متابعة المسلسل، أن حياة الناس تعتمد في حصولها على المعلومات من القنوات الفضائية، فنحن أمّة تركت القراءة، وقد يكون ذلك بسبب طبيعة حياة الناس العملية؛ فأصبح التلفاز هو مصدر المعلومات الوحيد الذي يستند اليه معظم الناس، فكان الفضول لمعرفة تفاصيل قصة مجملة في القرآن، خاصة وأن العمل من ناحية درامية وفنية بذل فيه الكثير من أجل أن يكون مشوقاً، وقد كان.
وبالعودة الى الفتاوى التي صدرت حول هذا المسلسل أو غيره مما يتم فيه تجسيد شخصيات الأنبيء والملائكة؛ فإن هذه الفتاوى تحتاج الى توضيح وتفصيل، فقد اختلط الأمر عند من أفتى ومن سمع الفتوى، حيث أن الفتوى تحرم تجسيد الانبياء والملائكة، ولكن كثيراً من الناس فهم أن مشاهدة المسلسل حرام، بل أوصلها بعضهم الى الكفر، وبديهي أن هناك مسألتين كلٌ منهما يحتاج الى تبيان الحكم الشرعي المتعلق به، فالتمثيل الذي يجسد الأنبياء والملائكة شيء، ومشاهدة المسلسلات التي تشتملها شيء آخر.
بعض الناس لا يتقبل مشاعرياً تصوير نبي من أنبياء الله عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة وأتم التسليم، لما للأنبياء من مكانية عالية ومنزلة عظيمة في نفوس المسلمين، ولكن هذه الحالة المشاعرية لا ينبثق عنها حكم شرعي، ولا يجوز أن يلحق العلماء بأهواء العوام ومشاعرهم؛ إذ الأصل في مشاعر الناس أن تكون تبعاً للحكم الشرعي الذي يبينه العلماء ، فهم الذين يوقعون بفتواهم عن رب العالمين، ولكن للأسف فإن الفتاوى التي صدرت حول الموضوع لم ترقَ حتى الآن الى مستوى الفتوى المعتمدة على النص، فالحكم الشرعي عند معظم الفقهاء هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين أو العباد، على الخلاف المشهور في تعريف الحكم الشرعي، وهذا معناه أن الحكم الشرعي لا بد أن يستند الى الكتاب أو السنة أو ما أرشدا اليه، ولكن الفتاوى التي صدرت كلها- على حد علمي- استندت الى باب سد الذرائع، وهو باب مقبول عند بعض الفقهاء ومرفوض عند آخرين منهم؛ لأنه باب لا يمكن ضبطه بضوابط واضحة ومقبولة عند الجميع.
الأدلة نوعان، عقلية ونقلية، والحكم الشرعي يستند الى الأدلة النقلية؛ لأن الأدلة العقلية متفاوتة بحسب قدرات الناس المتفاوتة، فقد يكون الخصم أشد قدرة في ابطال حجة عقلية طرحها صاحبها، فكان وصف الأفعال والأشياء لله وحده، فلا يجوز أن نحرم أو نحلل بدون دليل، وهذه مسألة محسومة شرعاً؛ إذ يقول الله جل جلاله :" ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله ". ولا يخفى على الكثيرين أن هناك فتاوى صدرت مع بداية ظهور التلفزيون وانتشاره، تحرم الصورة المتلفزة، فإذا بمن أفتى بذلك أو من تلاميذه من يبث محاضراته ودروسه من خلال الفضائيات، بل أصب لهم فضائيات خاصة يبثون أفكارهم من خلالها، وتنقل صلاة الحرم المكي والمدني من خلالها، كذلك أصدر بعض العلماء فتاوى تحرم الصور المتحركة ، فإذا بالصور المتحركة طريقاً لتعليم الصلاة واركان الاسلام واخلاق الاسلام.
لذلك فإن إصدار فتوى تتعلق بتجسيد شخصيات الأنبياء والملائكة تحتاج الى دراسة واسعة وعميقة ترتبط بالزمان الذي نعيشه وفق القواعد الشرعية المتفق عليها عند العلماء، وخاصة علماء الأصول، فالفقيه يستند في فتواه الى القواعد الأصولية التي وضعها علماء الاصول.
اما الشق الثاني من المسألة، وهو مشاهدة مسلسل "يوسف الصدّيق"، فإنها مخرجّة على قاعدة "ناقل الكفر ليس بكافر"، فمن باب أولى أن مشاهدة الكفر ليس كفراً ولا حراماً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أحداً لا يستطيع وصف مشاهدة المسلسل بالكفر، فالأصل أن المشاهدة أمر مباح حتى يأتي دليل التحريم.
من المفارقات العجيبة أن معظم الذين أفتوا بحرمة مشاهدة مسلسل" يوسف الصدّيق" قد شاهدوا حلقات معينة منه، مما جعل المشاهدين لا يقتنعون بحرمة المشاهدة.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.co,
مدونة الصرفندي

الثلاثاء، 26 يناير 2010

التكفير أشد من الكفر

التكفير أشد من الكفر
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
مما ابتليت به الأمة قديماً وحديثاً، آفة التكفير، والتكفير معناه: إخراج معين أو موصوف من دائرة الإسلام بعد أن ثبت له وصف الإسلام، وهذا معناه استحلال دمه وعرضه وماله، وقد بحثت مطولاً عن قول واحد ولم اجده، يكفر فيه الجيل الأول من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحداً من المسلمين، مما يعني أن التكفير حق لله وليس لأحد من عباده.
واول من جاهر ببدعة التكفير قديماً، الخوارج الذين كفروا علياً-رضي الله عنه- بعد قبوله بالتحكيم حقناً لدماء المسلمين، وقد تصدى علي ومن معه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لهذه البدعة المنكرة، فقد أصبحت مناظرة ابن عباس المشهورة للخوارج حجة لمن جاء بعده في إبطال شرعية منهج التكفير، الذي يعتبر في حالة حسن النية، دليلاً على قلة البضاعة في العلوم الشرعية، فقد اشتهر عن المكفرين أو التكفيريين، أنهم من غير طلبة العلوم الشرعية، مما أدى الى مخالفة نصوص قطعية في ثبوتها ودلالتها، تمنع تكفير المسلم.
لا شك أن القرآن الكريم بين لنا أنه لا يجوز تكفير من أعلن الإسلام من بوابة الشهادتين فقط، لأن باقي أركان الإسلام مختلف في حكم تاركها بين الجحود والتكاسل، كما في موضوع الصلاة، فالشافعي مثلاً، لا يقول بكفر تارك الصلاة تكاسلاً مع تكفيره عند الإمام أحمد.
لقد تناول القرآن في قول الله جل جلاله:" قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم " هذه المسألة بشكل لا غموض فيه، فالأعراب المقصودون هنا هم الذين دخلوا الاسلام ولما يدخلوا الإيمان، ومعلوم أن دائرة الاسلام أوسع من دائرة الإيمان؛ فكل من نطق بالشهادين ولم ينكر معلوماً من الذين بالضرورة، فقد دخل دائرة الاسلام، وهؤلاء الاعراب لم يكونوا مؤمنين، فلم يقبل الله زعمهم الانتقال من دائرة الاسلام الى دائرة الايمان، فقال لهم " قولوا اسلمنا" فأنتم دخلتم الاسلام بإظهار شعائر الاسلام وأركانه، وهذا التفريق معناه أننا نحكم على الناس بالاسلام ولا نحكم على الناس بالإيمان، فمن أظهر شعائر الاسلام ثبتت له أحكامه، فالمسلم إذا مات مثلاً تم تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين وفق احكام الاسلام، ويقع التوارث بينه وبين اقاربه كذلك، وإذا طلب مسلمة للزواج زوجّناه، وقبلت شهادته في مجلس القضاء في القضايا التي يشترط فيها أن يكون الشاهد مسلماً...الخ الأحكام التي تثبت للمسلمين.
الا أن التعصب الذي ظهر بين المسلمين على أساس الإنتماء الفقهي والمذهبي بعد ذلك جعل كثيراً من أبناء المسلمين يغالون في التكفير، تعصباً لما يقوله علماؤهم، والتعصب كلمة أُخذت من العصبية، وهي دعوة الرجل الى نصرة عصبيته والوقوف معها على من يناوئها، ظالمة كانت أو مظلومة، وهذا التعصب يمكن أن يكون على مستوى الأفكار والمشاعر والاقوال والافعال. وقد أدى ظهور الفرق والجماعات الاسلامية الى تعميق ظاهرة التعصب، فقد ظهرت هذه الفرق في البداية لأسباب سياسية ثم تعصب كل فريق لما تبناه، ومعلوم أن الإنقسامات الأولى الى سنة وشيعة وخوارج ومعتزلة كانت لاسباب سياسية ثم تحولت بسبب التعصب الى خلافات عقائدية، ولا شك أن هذه الانقسامات جعلت اصحابها يؤلفون الكتب والصحاف متناولين مسائل جزئية لا تسمن ولا تغني، بل لا أشك أن الخوض في تلك المسائل الجزئية جعل الأمة تنشغل عن غايتها الأساسية وهي الدعوة الى الله، ولا شك أن هذا التعصب كان أحد أهم أسباب الوضع في الحديث، فقد انبرى كل فريق من المتعصبين يخترع من الأحاديث ما يوافق مواقفه أو متبنياته العقائدية والفقهية، وهذا باب واسع لا نريد فتحه هنا، كذلك كان التعصب للأشخاص سبباً في ما آلت اليه الأمور بين اتباع المذاهب، فالفقيه الحنفي مُسعر بن كدام (ت155هـ) كان فيه غلو في تعظيمه للإمام أبي حنيفة النعمان (ت150هـ ، فكان يقول: " جعلتُ أبا حنيفة حجة بيني و بين الله تبارك و تعالى "، وقد ذكر ابن حجر في اللسان ج1 ص 458 أن الفقيه المالكي أصبع بن خليل القرطبي (ت272هـ) ، كان شديد التعصب للمذهب المالكي حتى أنه اختلق حديثا في ترك رفع اليدين في الركوع و الرفع منه ، فكشف الناس أمره.
لقد أدى التعصب الى التكفير فظهر من الشيعة من يكفر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، كما نقل ابن كثير ، ونقل الذهبي في ميزان الاعتدال ج5 ص: 302 عن العالم الشيعي عمرو بن ثابت الكوفي (ت 172هـ )كان يسب السلف ـ و يقول:" كفر الناس بعد رسول الله إلا أربعة "
كذلك ظهر من أهل السنة من يكفر الشيعة فقد ذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك ج1 ص:86 عن الامام مالك بن أنس قوله :" أهل الأهواء كلهم كفار ، و أسوأهم الروافض"، كذلك ما ذكره الحافظ عبد الرزاق الصنعاني (ت211هـ ) قال : الرافضي عندي كافر . و ما ينسب الى الإمام محمد بن إدريس الشافعي(ت 204هـ) ، قال بكفر الروافض الذين يبغضون الصحابة موافقا في ذلك ما ذهب إليه مالك بن أنس " انظر: الذهبي: السير ، ج 14 ص: 178 . و ميزان الاعتدال ، ج 3 ص: 38 ، والأمثلة على ذلك كثيرة.
ومع أن تكفير المخالفين في المذهب مقبولاً عند المتعصبين ، الا أنه لم يسلم من التكفير أيضاً الموافقين في المذهب، ومنه ما ذكره الحافظ أبو نصر السجزي الحنفي(ت 444هـ) من أن أبا الحسن الأشعري و أصحابه جعلوا عوام المسلمين –الذين لا يعرفون الله بالأدلة العقلية- "ليسوا مؤمنين في الحقيقة ،و إن جرت عليهم أحكام الشريعة"، و كذلك ما رواه المؤرخ عبد الرحمن بن الجوزي(ت597هـ) ، من أن المتكلم أبا ذر الهروي الأشعري (ت قرن: 5هـ) كان يعتقد كفر المحدث ابن بطة العكبري الحنبلي" أنظر: ابن الجوزي: المنتظم ، ج 7 ص: 114 .
كذلك إذ أقدم فقيه أشعري من المدرسة النظامية ، على تكفير الحنابلة سنة 470 هجرية ، فأدى ذلك إلى وقوع فتنة دامية بين الطرفين انظر: االجوزي: المنتظم ، ج 8 ص: 312،313 . و ابن كثير: البداية ، ج 12 ص: 117، وذكر امثال ذلك يطول وهو بحاجة الى كتاب كامل وليس الى مقال قصير كهذا.
خلاصة الأمر أن التكفير سواء للمؤتلف او المختلف في المذهب هو نتيجة طبيعية للتعصب بسبب البعد عن العلم الشرعي، وهو أمر مذموم شرعاً؛ إذ التكفير له شروطه وموانعه ولا يستطيع ذلك الا أهل العلم المحققين، أما التكفير بالأهواء والميول فهو أمر عظيم لا يجوز لمسلم أن يفعله، فالتكفير فعلاً أشد من الكفر؛ لأن فيه استباحة دم المكَفَرِ وعرضه وماله، ولا يخفى على عاقل ما يترتب على ذلك في اي مجتمع مسلم، وخاصة اذا تصدى للتكفير أغرار كل بضاعتهم كلمات سمعوها او صفحات قرأوها ففهمت على غير مرادها ومعناها.
اللهم إني أبرأ اليك ممن يكفر مسلماً فيستحل دمه وماله وعرضه
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الاثنين، 25 يناير 2010

وكالة فلسطين برس للأنباء ...هل هذه اخلاق فلسطينية

وكالة فلسطين برس للأنباء ...هل هذه اخلاق فلسطينية
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
نشرت وكالة فلسطين برس للأنباء على موقعها الألكتروني، الإثنين، 25/1/2010، خبراً بعنوان" أمطار الخير تغيث البلاد والعباد مع طلوع أول فجر على انتهاء ولاية المجلس التشريعي"، وقد رأيت أن هذا الخبر فيه من الاستخفاق بعقول القراء ، ولا اعتقدهم كثير، وهو كذلك يمثل عقلية بعيدة عن اخلاق الشعب الفلسطيني الذي يستمدها من دينه الحنيف، والأعجب من ذلك جملة من التعليقات السخيفة التي لا أظن ان أحداً من أصحابها عانى من ويلات الاحتلال؛ لأن الكلمات الجارحة التي اشتملتها لم نسمعها في حق الاحتلال الذي يحتل الارض ويهوّد القدس.
عنوان الخبر يوحي بأن الله غاضب على الشعب الفلسطيني بسبب وجود مجلس تشريعي على رأسه حركة حماس، مع أن الواقع يقول بأن إسرائيل هي التي غضبت على المجلس التشريعي الفلسطيني الذي ترأسه حماس، وأمريكا هي التي غضبت لوجود هذا المجلس وعرب التطبيع هم الذين غضبوا لوجود مجلس تقوده حماس، وليس الله، فالمجلس التشريعي هو المجلس الوحيد الذي عبر عن رأي الشارع الفلسطيني في انتخابات نزيهة لن تحدث مرة ثانية، فكل من يلمز ويهمز على المجلسي التشريعي إنما يستخف بالشعب الفلسطيني ووعيه واختياره.
لا أدري ما علاقة نزول الغيث بانتهاء صلاحيات التشريعي، الا ان يكون كاتب الخبر يمتلك من الحقد والبغضاء على الشعب الفلسطيني الذي انتخب حماس ما لا يتسع له صدر انسان طبيعي وينتمي الى فلسطين.
اقتبس من الخبر: " وقد عبر مواطنون عن فرحتهم بنزول هذه الكمية الكبيرة من الأمطار، سيما وأن هذا الشتاء قد شهد انحباسا في تساقط الأمطار. وكانت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ انقلابها الدموي في حزيران 2007م، قد دعت قبل أسبوعين إلى إقامة صلوات الاستسقاء في مناطق متفرقة من قطاع غزة، إلا أنه لم يشهد سقوطا للأمطار، حينما ازدادت الشمس إشراقا "، يبدو أن كاتب الخبر لا يعلم أن صلاة الاستسقاء سنة، فقد صلاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصلاها المسلمون من بعده، ولم يقل أحد من العلماء أن الغيث يتساقط مباشرة بعد صلاة الاستسقاء، بل يمكن أن يكون بعد ايام بل اسابيع، ولذلك فقد يكون هذا الغيث بفضل صلاة الاستسقاء التي صلاها من حرمهم الاحتلال واعوانه من كل شيء فلم يبق لهم الا التوجه الى الله، فلعل الله استجاب دعاء طفل او امرأة او مريض بعد أن صمّت آذان البشر.
الاسفاف كان في الخبر هو الإيحاء بأن التشريعي الذي انتهت ولايته لا يشمل الا نواب حماس، فهل هذا من الانصاف او الاخلاق التي يجب ان يتمتع بها صوت يوصف بأنه فلسطيني.
يضيف الخبر ان المجلس التشريعي كان يعاني شللاً خلال الفترة الماضية. الا يعلم كاتب الخبر، والوكالة المحترمة أن اعتقال الاحتلال لنواب حماس بهدف افشال التجربة الرائدة، هو الذي اوصل المجلس الى الشلل.
كل انتخابات، وكل مجلس تشريعي لا يعجب الاحتلال سيتم اعتقال اعضائه، فيصاب المجلس بالشلل، هل يكون الذنب والوزر على المجلس أم على الاحتلال.
اعتقد أن هذا الخبر، والتعليقات التي نشرت عليه، يساهم في تعميق الإنقسام النفسي بعد حدوث الإنقسام السياسي، وهو كذلك امتهان للصحافة وامتهان للقارئ وامتهان للشعب الفلسطيني.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 20 يناير 2010

هل ما نسب لجبريل الرجوب حقاً ؟!

هل ما نسب لجبريل الرجوب حقاً ؟!
بقلم : أ. سعيــد الصرفنــدي
نشرت صحيفة "الصباح" التونسية ما وصفته بمقابلة خاصة مع جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي يزور تونس لاسباب رياضية دعوته وأوروبا إلى فتح حوار مع حماس والإقرار بوجود الحركة كجزء من منظومة العمل السياسي النضالي الوطني، ونسبت الصحيفة الى الرجوب اعترافه " بان فتح تعرضت لتهديدات أمريكية أثناء النقاش من اجل المصالحة الفلسطينية وقال «نعم أثناء النقاش وصلنا تهديد من الأمريكيين بان توقيعنا على وثيقة المصالحة سيقود إلى فرض حصار علينا".
هذا اللقاء الحصري نشرته صحيفة " الصباح " التونسية يوم 19/1/2010 ، ولم نسمع حتى الآن أي نفي، سواء من الرجوب نفسه أو من اللجنة المركزية لحركة فتح، وهذا معناه أن ما نسب الى الرجوب صحيح، فما دلالات ذلك :
1. إن اعتراف جبريل الرجوب بأن حركة حماس جزء من منظومة العمل النضالي الوطني، اعتراف بحقيقة لم يجرؤ على قولها في المرحلة السابقة أحد من قيادات حركة فتح أو سلطة رام الله، فقد دأبت تلك القيادات على التنكر للدور الوطني والنضالي الذي قامت وتقوم به حركة حماس في الصراع مع الاحتلال الصهيوني.
2. أما الاعتراف من قبل السيد جبريل الرجوب بأن فتح تعرضت لتهديدات أمريكية أثناء النقاش من أجل المصالحة؛ فهذا له دلالات كثيرة؛ إذ لا يمكن الفصل بين تلك التهديدات بفرض حصار على حركة فتح وعدم تحقق المصالحة حتى الآن ، وهذا ما يبطل التلميحات والتصريحات التي ملأ بها قادة فتح والسلطة الفلسطينية الدنيا بأن حركة حماس لا تملك قراراً بالمصالحة وأنها ترهن قرارها لأجندات إقليمية، مشيرين بذلك الى ايران وسوريا.
إن عدم استعداد حركة فتح لحصار أمريكي عليها جعلها تضحي بالوحدة الوطنية والمصالح الوطنية مقابل الإبقاء على علاقات جيدة مع أمريكا واوروبا، وهذا ليس تجنياً بل هو النتيجة التي لا تحتمل التأويل، فعدم حدوث المصالحة حتى الآن معناه أن هناك قيادات متنفذة في حركة فتح تتعارض مصالحها المرتبطة بالسيد الامريكي وممثله دايتون، مع المصالحة الوطنية، مما ادى الى استجابة الحركة للمطالب الامريكية بعدم التوقيع على ورقة المصالحة التي تتهم حماس بأنها لا تريد التوقيع عليها، فقد أحرجت حركة حماس المصريين وحركة فتح بقبولها التوقيع على مصالحة وطنية، فما كان من المصريين الا أن أضافوا بضغط امريكي نقاط يعلمون أن حركة حماس لن توافق عليها، وبالتالي كان التدليس بالقول أن حركة حماس تعطل الوصول الى مصالحة بعدم توقيعها للورقة المصرية كما هي.
3. ما صرح به جبريل الرجوب يقودنا للتأكيد أن ما حصل في غزة من حسم عسكري لصالح حركة حماس لم يكن مسألة اختيارية لحركة حماس، بل فرض عليها، وأن مبررات هذا الحسم خلقتها قيادات حركة فتح في قطاع غزة وهي الأشد ارتباطاً بالجانب الأمريكي والاسرائيلي والعربي الذي كان يرى في نتائج الانتخابات التشريعية كابوساً لا بد من التخلص منه.
بعد هذه التصريحات التي كشفت عن عمق الأزمة التي تعيشها حركة فتح؛ لا بد من مصارحة الشعب الفلسطيني علانية من كل مستويات حركة فتح والسلطة الفلسطينية بأن أمريكا هي التي تقف امام المصالحة الوطنية وليست حماس، وأن التفاهمات التي جرت خلال جولات المصالحة لم تتنكر لها حركة حماس ، وأن مصر بضغط امريكي واسرائيلي منعت تحقق المصالحة، وأن على الشعب الفلسطيني أن يختار بين مصالحة وثوابته الوطنية وبين الاستجابة للضغوط الامريكية الاسرائيلية.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

في كل بلد عربي دايتون

في كل بلد عربي دايتون

بقلم : أ. سعيــد الصرفنــدي

عندما قدم الجنرال دايتون محاضرته المشهورة التي أحرجت السلطة الفلسطينية عموماً وحركة فتح خصوصاً، والتي قدم فيها خطته العبقرية لصناعة الفلسطيني الجديد، اعتقد الكثير من الناس أن هذه المهمة انيطت بدايتون فقط في مناطق السلطة الفلسطينية وبشكل حصري في الضفة الغربية.

جوهر النظرية الدايتونية هو خلق انسان فلسطيني لا ينتمي الى تاريخ فلسطين ولا يعرف عنه شيئاً، ولا يعتقد أن اليهود أعداء له أو خصوم، كل همه في الحياة المأكل والمشرب وملذات الحياة التافهة.

هذا الفكر الدايتوني بدأ يعطي ثماره على ارض الواقع، من خلال إفساد العملية التعليمية التي أنتجت طلاباً في يعض المدارس وصلوا الى المراحل الثانوية ولا يتقنون القراءة والكتابة، ولا يعرفون شيئاً عن تاريخ فلسطين وثوراتها وقياداتها، ولا يملكون فكراً محدداً ولا متابعة للقضايا السياسية والاجتماعية بالقدر الذي يتابعون فيه أخبار أحدث الهواتف النقالة . كذلك الناظر إلى تلفزيون فلسطين يدرك عمق الأزمة التي يعاني منها الإعلام الفلسطيني الرسمي ومساهمته بحسب طاقته المتواضعة في تسهيل مهمة دايتون.

كذلك نجد أن العالم العربي تطبق فيه نظرية دايتون، وقد تجلت تطبيقات نظريته في الحرب التي شنها العدو الصهيوني على قطاع غزة 2008-2009، فقد كان العرب(معظمهم) يشاهدون ما يحدث في غزة على شاشات الفضائيات دون أن يؤثر ذلك في سلوكهم، فالطفل العربي الذي يعمل والده عسكرياً في جيش عربي ، لا يرى حرجاً في ان يحمل والده كل النياشين والرتب العسكرية ثم يرى طفلاً او امرأة تدمي حالتها قلوب الكلاب، ولا تسأله زوجته اذا كانت هذه النياشين حقيقية فلماذا لم يتم تحرير فلسطين أو عمل شيء لأهل قطاع غزة.

العالم العربي كله يتم سوقه الى "القرن الامريكي" الذي تعتبر الدايتونية أهم تجلياته، فلم يعد المقصود فلسطيني جديد بل عربي جديد، وقد نجحوا في ذلك، سواء كان ذلك بالإكره أو الإفساد، فالشعب المصري الجديد في أغلبه لا يستطيع أن يحرك ساكناً تجاه ما تقوم به مصر من مساهمة في حصار قطاع غزة وتجويعه وجملة ممارسات التي كان آخرها "جدار الموت" الفولاذي الذي تبنيه امريكا واسرائيل بأيدٍ مصرية على الحدود المصرية مع قطاع غزة، في الوقت الذي اهتزت فيه مصر كلها بسبب مباراة كرة قدم مع الجزائر، فقد تم تجييش المصريين ووسائل اعلامهم للمساهمة في الحرب الكروية على الجزائر.

مواقف التضامن التي يقوم بها الغربيون، أو العرب الذين يعيشون في الغرب، لا تثير حفيظة العربي الجديد، فهو يشاهد ما يحدث في غزة خصوصاً وفي فلسطين عموماًُ، ولا يتأثر بذلك أبداً.

العالم العربي فقدت فيه الاحزاب القومية برامجها او القدرة على تطبيق برامجها، وليس ذلك بسبب عجز تلك البرامج، بل بسبب عدم جاهزية الانسان العربي الجديد لاستيعاب أي فكر يربطه بالعرب الآخرين وقضاياهم.

بقايا الحركات اليسارية والماركسية فقدت تأثيرها ومصداقيتها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية، فقد انحازت هذه الاحزاب والحركات الى المخطط الامريكي في منطقة الشرق الاوسط، ولم يعد لها برنامج يميزها عن برامج الاحزاب التي تسير في ركاب امريكا علناً.

الحركات الاسلامية هي التي تحاول ان تقف في وجه هذه النظرية الدايتونية، إذ طبيعة الفكر الإسلامي لا تنسجم مع تلك الافكار.

لذلك يمكن القول ان الدايتونية فكرة بدأت تتحكم في العالم العربي لخلق العربي الجديد، الذي يرتبط في احسن الاحوال بقضاياه القطرية فقط وينسلخ عن قوميته وعقيدته التي تشكل منطلقاُ فكرياً له، مما يسهل بقاء العالم العربي محكوماً من حكام جعلوا مقدرات الامة نهباً للاستعمار بكل اشكاله وألوانه.

هذا الواقع الذي بدأ يتجلى ويتضح يوما بعد يوم بحاجة الى مراجعة فكرية من المفكرين والعلماء بكل تخصصاتهم للوقوف في وجه هذه الموجة التي اصبحت واقعاً وليس امراً متوقعاً.

لا بد من تظافر الجهود القومية والدينية للتصدي لمحاولات خلق العربي الجديد بالمقاييس الدايتونية، والعمل بشكل دؤوب لخلق عربي جديد مرتبط يعروبته ودينه ليرتقي العالم العربي الى المكانة التي تتناسب مع إمكاناته وتاريخه والمستقبل الذي يليق يه.

sarafandisaed@yahoo.com

ssarafandi@hormail.com

مدونة الصرفندي

الاثنين، 18 يناير 2010

العلامة القرضاوي والسلطة الفلسطينية

العلامة القرضاوي والسلطة الفلسطينية

بقلم : أ. سعيــد الصرفنــدي

لا شك أن الشيخ يوسف القرضاوي من المرجعيات القليلة في العالم السني التي لها قبول متميز؛ وذلك بسبب وسطيته التي شكلت علامة فارقة مقابل التشدد والتعصب الذي مثله علماء الوهابية، والذين كانوا حاضنة طبيعية للحركات التكفيرية بعد ثورة البترودولار، فالعلامة الشيخ القرضاوي يعتبر نقطة مضيئة في ظل سطوة الفكر الظلامي المدعوم ممن يسمون بالسلفية، فدعوته دعوة قريبة من الاسلام الذي آمنت به الشعوب المسلمة خلال تاريخها كله.

لقد كانت للشيخ القرضاوي مواقف مشرفة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؛ إذ كان منافحاً عنها ، داعماً للشعب الفلسطيني في كل مراحل جهاده ومقاومته للعدو الصهيوني، مسخراً الكثير الكثير من الجهد والوقت لجمع التبرعات لأهل فلسطين، وقد اتهمته دوائر صهيونية وامريكية بدعم الارهاب، وخاصة بعد فتواه الجريئة التي اباح فيها العمليات الاستشهادية في فلسطين، وهو جراء ذلك ممنوع من دخول كثير من الدول وبخاصة بريطانيا.

منذ تشكل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة كانت للشيخ القرضاوي مواقف انتقادية لهذه السلطة، ومنشؤها الفساد والتعاون الامني بين هذه السلطة والاحتلال الصهيوني، مما ازعج الكثير من رجالات السلطة الفلسطينية، وكان آخر فتوى خالف فيها سلطة رام الله هي حرمة بناء مصر لجدار الموت الفولاذي على حدودها مع قطاع غزة، مخالفاً بذلك أيضاً فتوى شيخ الأزهر في نفس الموضوع.

إن موقف الشيخ القرضاوي من سلطة رام الله وسياساتها جعله يظهر وكأنه مؤيد لحماس ضد فتح مما زاد من وتيرة العداء للشيخ القرضاوي، خاصة وأن الدعم لحركة فتح والسلطة في الخارج بدأ يتناقص وممن ساهم في ذلك موقف القرضاوي الداعم لغزة وصمود اهلها .

من كل ما تقدم فإن الهجوم على الشيخ القرضاوي من السلطة ومن اللجنة المركزية لحركة فتح عبر بيانها، يأتي في سياقه الطبيعي، ولكن غير الطبيعي اجبار الخطباء في يوم الجمعة المقبل على مهاجمة الشيخ القرضاوي.

لقد اجتمع وزير الاوقاف في سلطة رام الله، محمود الهباش، مع مدراء الاوقاف في محافظات الضفة وابلغهم أن هناك خطبة معدة من وزارة الاوقاف تتناول الشيخ القرضاوي وأن كل خطيب يخالف ذلك ويمتنع عن مهاجمة القرضاوي فهو مهدد بالفصل من وظيفته، وفي اليوم التالي تم توزيع الخطبة على الخطباء في مديريات الاوقاف التي يتبعونها مقرونة بالتهديد لكل من يخالف.

إن السلطة التي تمنع تسييس المنابر تريد من الخطباء أن يكونوا ابواقاً سياسية لها، وهذا من القمع والارهاب الفكري الذي لن يكون مقبولاً لا من الخطباء ولا من السامعين، وسيؤدي الى عزوف الناس عن المساجد.

إن خطبة الجمعة المقبلة في مساجد الضفة الغربية ستثير فتنة عظيمة، خاصة وان الناس يعلمون مكانة الشيخ القرضاوي ويحفظونها له، فكيف سيقف خطيب تم توظيفه بالواسطة لانتمائه السياسي، لا يعرف اركان الصلاة من شروطها ، ليهاجم العلامة الشيخ القرضاوي.

من العار ان يهاجم القرضاوي في وسائل اعلام السلطة وحركة فتح ، ومن العار اكثر ان يتم المقارنة بينه وبين نتانياهو، وكأن السلطة في موقع يتساوى فيه من يهاجمها، نتنياهو يهاجم السلطة ومحمود عباس لانه يريد منها ان ستكون سلطة كاملة العمالة لاسرائيل، والشيخ القرضاوي يهاجم السلطة بسبب تفريطها في ثوابت الامة وحقوق الشعب الفلسطيني, فهل يمكن أن تصبح منابر الجمعة مكاناً يهاجم فيه علماء الامة الاوفياء لله ورسوله والمؤمنين.

الجمعة، 8 يناير 2010

الحراك السياسي ضحك على الذقون

الحراك السياسي ضحك على الذقون بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
تاريخ النشر : 2010-01-08
القراءة : 11

الحراك السياسي ضحك على الذقونبقلم: أ. سعيــد الصرفنــديلا شك أن الغطرسة والتصلب الإسرائيلي أدى الى إحراج جهات عديدة منها الجانب الفلسطيني ومن خلفه العربي، مما أدى الى وصف المبادرة العربية للسلام من قبل عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية بأنها ميتة، ثم جاء دور الرئيس الفلسطيني محمود عباس للانسحاب من مسار التسوية في ظل الظروف الحالية التي أثبتت أنها لن تؤدي الى شيء، وأن كل حديث عن انجاز او اختراق لا يعدو عن كونه حملاً كاذباً؛ لأنه لا أب له.مسيرة السلام التي تحدث شامير عنها منذ البدايات وقال أنه سيماطل الفلسطينيين عشر سنوات على طاولة المفاوضات دون اعطائهم شيئاً،استمرت ثمانية عشرة عاماًَ دون اعطاء الفلسطينيين شيئاً، الا سلطة تقوم بتنسيق أمني خدمة لاسرائيل ، مما جعله المبرر الوحيد لوجود السلطة من وجهة نظر اسرائيلية،وحادثة اغتيال ثلاثة من مسلحي حركة فتح في نابلس دليل صارخ على ذلك،فالمفاوضات متوقفة ولكن التنسيق الامني ما زال مستمراً لمصلحة الاحتلال الصهيوني، إضافة الى طلب اسرائيل من السلطة يوم أمس اعتقال 9 من كتائب شهداء الاقصى، مما دعا هؤلاء المسلحين الى تسليم انفسهم للسلطة تحاشياً لاحراج السلطة التي ستلجأ الى اعتقالهم بالقوة إذا لم يسلموا انفسهم. أي أن ما اعطي للفلسطينيين كان رشوة لفئة سياسية على حساب الشعب الفلسطيني، فالحياة الاقتصادية كانت افضل في ظل الاحتلال، والخدمات الطبية كانت افضل فالمواطن الذي كان لديه تأمين صحي كان يتمتع بخدمات طبية ملكية، كذلك كان مستوى التعليم والتحصيل العلمي في المدارس الحكومية أفضل منه في ظل السلطة الفلسطينية، حيث تدنى التحصيل العلمي في ظل السلطة الى ادنى المستويات التي عرفها الشعب الفلسطيني لدرجة لا نبالغ إذا قلنا فيها ان هناك طلاباً في الصفوف الثانوية لا يحسنون القراءة والكتابة.في ظل هذا الاخفاق على طاولة المفاوضات، والاخفاقات المتزايدة داخلياً على الصعيد الفلسطيني، فإن الاعلان عن عدم العودة الى المفاوضات الذي يظهر انه حقق شعبية للرئيس عباس، الا أنه يعتبر الآن احراجا للسلطة ولعباس لأن الاعلان عن فشل منهج المفاوضات لم يتلازم مع الاعلان عن بديل لهذا المنهج الفاشل.الجانب الفلسطيني إذن محرج من توقف المفاوضات، فالبرنامج السياسي للرئيس عباس استند فقط الى المفاوضات لحل القضية الفلسطينية، وهذا المنهج فشل باعتراف اصحابه، وهذا معناه عدم الحاجة لاصحاب هذا النهج؛ إذ ليس مبرراً سياسياً واخلاقياً بقاء قيادة سياسية فشل خيارها الوحيد، مما يجعل دائرة السؤال المشروع تتسع يوما بعد يوم، هذا السؤال هو: ما هي الحاجة الى وجود هذه القيادة السياسية الفلسطينية إذا كانت بدون خيارات وبدائل؟ ، لقد كان الاعلان عن عدم الذهاب الى المفاوضات في ظل التعنت الاسرائيلي مناورة يقصد منها ابتزاز الجانب الاسرائيلي والامريكي، واثبت الواقع ان الجانب هو الجانب الوحيد القابل للابتزاز، وأن اسرائيل لن تخضع الا لما يحقق مصالحا.الجانب العربي أيضاً محرج من جمود العملية السلمية، فالعرب الذي طرحوا مبادرة السلام، وقالوا يوما ما ان هذه المبادرة لن تبقى على الطاولة الى الأبد، هؤلاء أيضاً محرجون، فما هو البديل اذا سحبت مبادرة السلام، فالدول العربية ليس لديها بديل، لذلك سوف تسعى الى الضغط على الجانب الفلسطيني للعودة الى طاولة المفوضات، لتبرير العلاقة مع اسرائيل والسير أكثر فأكثر في طريق التطبيع مع الجانب الصهيوني.امريكا ايضاً محرجة من جمود العملية السلمية، فأمريكا هي راعية العملية السلمية منذ انطلاقتها، بل قبل ذلك، وتوقف المفاوضات يعنى استسلام امريكا لخيار فشل المفاوضات، وهذا ما لن تسمح به امريكا، ولذلك سوف تجبر الجانب الفلسطيني،سواء كان ذلك بالعصا أو بالجزرة للعودة الى طاولة المفاوضات.إسرائيل هي الاقل احراجاً من توقف المفاوضات، فالشعب الاسرائيلي يميل منذ سنوات الى التطرف وعدم الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، والقيادات السياسية هي تعبير حقيقي عن الشارع الاسرائيلي؛ لذلك فإن اسرائيل وقياداتها السياسية لن تُجبر على العودة الى المفاوضات بشروط لا تقبلها.على أساس هذه الخلفية يمكن النظر الى الحراك السياسي القائم في الدول العربية والتسريبات عن خطط وآراء امريكية لاستئناف المفاوضات؛ بأنه محاولة لاستمرار العملية السياسية التي يدرك الجميع أنها عقيمة ولا يمكن أن تؤدي الى شيء. اسرائيل مستمرة في تنفيذ خططها على الأرض وخلق أمر واقع في موضوع الاستيطان وتهويد القدس، وسوف يستمر هذا الواقع سواء كانت المفاوضات قائمة أم لا، وليست في موقع ضعيف حتى يتم الزامها بما لا تريد الالتزام به، ولذلك فالسؤال المشروع: لماذا الاستمرار في المفاوضات ونحن نعلم نتائجها منذ الآن؟ لأن المقصود منها ضحك على الذقون إضافة الى عدم بروز بديل للمفاوضات يتبناه الشعب الفلسطيني ؛ إذ هناك عملية سلمية ومفاوضات بين اطراف النزاع ، وعلى الجميع انتظار مولودها .sarafandisaed@yahoo.comssarafandi@hotmail.कॉम

دعوة للتوقيع على عريضة ضد"جدار الموت"

دعوة للتوقيع على عريضة ضد "جدار الموت"بقلم: أ. سعيــد اصرفنــدي
تاريخ النشر : 2010-01-06
القراءة : 167

دعوة للتوقيع على عريضة ضد "جدار الموت"بقلم: أ। سعيــد اصرفنــديمن المعلوم أن قادة الفكر هم الذين يؤثرون في مسارات مجتمعاتهم سواء كان ذلك على المستوى السياسي أو الاجتماعي، الفكري والسلوكي، ويبدو أن هناك تأثيراً ولو ضعيفاً في العالم العربي لما يكتب على صفحات المواقع الإلكترونية، خاصة في القضايا السياسية.من هنا كان لا بد من الحديث عن "جدار الموت" بشكل دائم، وقد كتب كثير من الأخوة على صفحات دنيا الوطن سواء بمقالات مستقلة أو بتعليقات أغنت المقالات المنشورة.لا يجوز للمخلصين من الشعب الفلسطيني والأمة العربية والاسلامية السكوت على "جدار الموت" ، ولا بد من الدق على جدران الخزان حتى يستمع العالم الى بشاعة الجريمة التي ترتكب بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، هذه الجريمة التي ترتكب بحق قطاع غزة بكل ما فيه من تكوينات سياسية وفكرية.لذلك آمل ان يبدأ كتاب دنيا الوطن والمعلقين التوقيع على عريضة نعلن فيها أننا نبرأ الى الله مما يفعله النظام المصري نيابة عن امريكا واسرائيل، ونعلن رفضنا لجدار الموت الذي يقصد منه تركيع الشعب الفلسطيني اما العدو الصهيو-أمريكي.اللهم إني قد بلغّت، اللهم فاشهدsarafandisaed@yahoo.comssarafandi@hotmail.comمدونة: sarafandisaed@blogspot.com