الأربعاء، 26 مايو 2010

فتح تخسر في الانتخابات المحلية

فتح تخسر في الانتخابات المحلية..!!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
ليست كل انتخابات يعرف الفائز والخاسر فيها بالضرورة بعد الإعلان عن النتائج؛ إذ يمكن أن يفوز فريق قبل اجراء الإنتخابات، ويمكن أن يخسر فريق أيضاً قبل إجراء الانتخابات، ويبدو أن حركة فتح خسرت الإنتخابات المقبلة للبلديات والمجالس المحلية، وذلك قبل خوضها، ومن المؤشرات على ذلك ما يلي :
1.أن هذه الإنتخابات في حال عقدها وإجرائها في الموعد المقرر؛ ستتفتقر الى المنافسة الحقيقية، وذلك لغياب حركة حماس وعدم مشاركتها، وهي الحركة التي حازت أغلبية واضحة في الإنتخابات السابقة سواء كانت البلدية أو التشريعية، وبالتالي فإن حركة فتح ستنافس قوائمها التي ستنشق عنها أو القوائم الوهمية التي ستتم صناعتها لاهداف تجميلية، وهذا معناه أن حركة فتح ستفور بمن صوت، حتى لو كانت الأصوات التي حازت عليها أقل من 20% من اصوات من يحق لهم التصويت، وهذا في الحقيقة ليس انتصارا ولا فوزاً؛ لأن الإنتصار والفوز لا يكون الا بعد المنافسة حيث لا منافسة.
2. مما يقال، بدأ همساً، والآن في وسائل الاعلام، أن حركة فتح عاجزة عن تشكيل قوائم موحدة لأعضاء الحركة، وخاصة في المدن الكبرى التي يتنافس فيها ابناء العائلات الكبرى كمدينة نابلس والخليل، وهذا الأمر يعكس حالة التردي التي وصلتها حركة فتح، من تأثير العشائرية والشللية والمناطقية، حتى أصبح التنظيم لا يعرف شيئاً عن الالتزام بمقررات الحركة، وطبيعي أن خوض قوائم متعددة مستقلة على رأسها كوادر فتحاوية لا يعني في حال انتصارها أنها انتصار لفتح، مع ان المتوقع ان تتبنى حركة فتح كل الفائزين سواء من تمت تسميتهم من قبل الحركة او الفتحاويين الذين خاضوا الانتخابات بقوائم مستقلة؛ ليظهر بأن فتح حققت انتصارا كاسحاً في هذه الانتخابات، وفي هذه الحالة لا يمكن القول ان فتح انتصرت وفازت. وانا على يقين أن كل من سيفوز من المستقلين الفتحاويين لن يمانع تبني فتح له بعد الانتخابات لأنهم هم أيضاً سيكونون بحاجة الى حركة فتح، بل سيتم القول بأنهم كانوا يمثلون قوائم فتح الشرعية، ولكن هناك اعتبارات كثيرة حالت دون الاعلان عنهم انهم هم الممثلون الرسميون لفتح، ومعنى ذلك أن اصوات المستقلين الذين لم يصوتوا لقائمة فتح سيجدون اصواتهم قد ذهبت لحركة فتح ، وطبيعي أن هذا ليس انتصاراً، بل هزيمة اخلاقية لحركة فتح.
3. اعداد المرشحين الفتحاويين حتى الآن كبيرة جداً، وكثير من هؤلاء المرشحين لا يأملون بالفوز بل لا يريدون المنافسة أصلاً، وسبب ترشحهم هو الابتزاز والحصول على مكاسب وظيفية؛ إذ يتم الحديث عن وعود لكثير ممن سجلوا اسماءهم حتى الآن بترقيتهم الى مدراء C وBو A ، إذا انسحبوا لمصلحة القائمة الموحدة وهذا يدل على أن فتح ستفوز بهدر مقدرات عامة هي من حق الشعب الفلسطيني وليس من حق فتح، مما يعني في الحقيقة خسارة فتح لأنها لم تعتمد على مقدراتها وطاقاتها، وهذا الامر سيجعل المواطن المستقل الذي يطمح بالتنافس على الوظائف العامة والترقيات الوظيفية إذا كان موظفاً، يشعر بأن فتح تبيع هذه الوظائف والمناصب من اجل الفوز بهذه الانتخابات وهذا بحد ذاته خسارة فادحة.
4. أن هذه الإنتخابات تجري في ظل الإنقسام بين غزة والضفة، هذا الإنقسام الذي لم تنجح حركة فتح في احتوائه، بل يمكن القول أن حركة فتح تتحمل مسئولية كبيرة في عدم انجاز ملف المصالحة حتى الآن، ولو كانت القضايا التي تطالب بها حركة حماس لتوقيع ورقة المصالحة شكلية كما تدعي حركة فتح، فالاولى بها التنازل والقبول باقتراحات حماس من أجل المصلحة الوطنية، ولكن الذي يحدث هو العكس، تمسك فتح بشروطها، والتي هي في الحقيقة شروط الرباعية، يجعل اي انتخابات في الضفة بدون توافق وطني، تعميقاً للانقسام، فالفوز في الانتخابات على حساب المصلحة الوطنية التي تتحق بالمصالحة، لا يمكن اعتباره فوزاً، بل هو هزيمة منكرة، فما قيمة انتصار في انتخابات محلية مقابل خسارة الوحدة الوطنية.
5. حركة فتح تجند كل طاقاتها وطاقات السلطة للفوز في هذه الانتخابات، وليس هذا لاهمية الانتخابت المحلية، بل لأن حركة فتح تفتقر الى الشرعية الحقيقة التي تؤهلها لقيادة الشعب الفلسطيني، فهي تسيطر على منظمة التحرير الفلسطينية التي انتهت صلاحيتها وصلاحية كل المؤسسات المنبثقة عنها، وكذلك خسارتها في انتخابات المجلس التشريعي جعلها تفقد أي شرعية منتخبة، لذلك فهي بحاجة الى الفوز في هذه الانتخابات للقول بأنها تمتلك شرعية القيادة، مع أن حركة فتح لم تقبل بوصف فوز حماس في انتخابات البلديات عام 2005 بأنه فوز سياسي، ولكنها ستقبل- اي حركة فتح- بوصف هذه الانتخابات بأنها انتخابات سياسية.
6. هذه الشرعية التي تطمح لها حركة فتح، من خلال الفوز في انتخابات البلديات والمجالس المحلية، تريد توظيفها لمسار المفاوضات، بعد أن فقد هذا المسار شعبيته حتى بين الاعضاء والمؤيدين لحركة فتح، ولكن فتح اختارت مسار المفاوضات حتى الممات، وهذا ما يشكل هاجساً عند قيادتها، فقد فقدت عملية المفاوضات زخمها وحتى قبول الشارع الفلسطيني بها، مما يمثل حالة من الانفصال بين الشارع وبين قيادة فتح، وفي حال الفوز ستقول قيادة فتح بأن هذه النتائج استفتاء على برنامجها السياسي ومواقفها السياسية ومن ضمنها نهج المفاوضات، وستعتبر فوزها مبايعة من الشعب لنهج المفاوضات.
لهذه الأسباب وغيرها، سيكون فوز حركة فتح في الانتخابات المحلية القادمة خسارة مدوية ، إذ ليست النتائج مهما كانت انتصارا حقيقياً، وهذا ما يجب على العقلاء من حركة فتح تداركه قبل فوات الأوان.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

السبت، 22 مايو 2010

كيف نفهم القرآن؟

كيف نفهم القرآن ؟!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لو أن محاضراً تحدث أمام جمع من الناس في موضوع ما، فإن استيعاب السامعين يتفاوت بحسب تفاوت قدراتهم، فمن كانت عنده معلومات سابقة عن الموضوع، كان استيعابه أكثر ممن لا خلفية له عن موضوع المحاضرة، ومن كان تحصيله العلمي اعلى، كانت نسبة استيعابه اعلى ممن هو أدنى منزلة منه، فلا يمكن أن يكون استيعاب الجميع وفهمهم واحداً مع أن الكلام الذي تحدث به المحاضر هو نفس الكلام الذي سمعه جميع الحاضرين، وقد يُفهم الكلام على مقتضى مصلحة السامع او مخالفتها، كذلك تقاس فكرة المحاضر وفق المعايير الفكرية التي يتبناها السامع، فإذا وافقها كان المتكلم ممدوحاً وإذا خالفها كان مذموماً.
ومع الفارق بين كلام الله وكلام البشر، الا أن التفاوت في فهم كلام الله حاصل لا محالة بين الناس، ولا يمكن أن يقال بأن أحداً من أتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم استطاع أن يحيط بمدلولات القرآن المطلقه، لأن ذلك معناه حصر دلالة القرآن بزمان أو مكان؛ وهذا ممتنع لأن القرآن لا تنقضي عجائبه، فلا يفهم الا وفق ضوابط وشروط وأحوال، منها:
1. أن كلاً منا يأخذ من القرآن بحسب إنائه، وطبيعة البشر المحسوسة تدل على تفاوت آنية البشر، فمنهم من يضيق إناؤه الى مستوى الكأس، فلا يأخذ عند قراءته للقرآن الا بحسب هذا الإناء، ومنهم من يكون إناؤه كالبحر المحيط، فيأخذ من القرآن أقصى ما تستطيعه الطبيعة البشرية، وطبيعي أن تكبير الآنية أو تصغيرها يعود في بعض جوانبه الى الإنسان نفسه، فالإخلاص عند قراءة القرآن يزيد من قدرة الانسان على الفهم لكلام الله، وتقوى الله في كل جوانب الحياة تورث فهماً وعلماً لهذا الكتاب العظيم.
2. إن فهم القرآن يتجاوز حدود الزمان والمكان، فلا يمكن حصر فهمه في زمان أو مكان معين؛ لأن القرآن كتاب هداية للبشرية جمعاء، فهو قادر على الهيمنة على كل معطيات الوجود الانساني الى قيام الساعة، فالآيات التي فهمت في الزمن القديم على نحو ما، يمكن أن تتسع دلالاتها لتفهم فهماً جديداً فتعالج مشكلاتٍ حادثةٍ ومستجدةٍ في حياة المسلمين وحياة البشرية جمعاء.
3. إن القول بأننا ملزمون بفهم سلف الأمة للقرآن فيه تجنٍ على القرآن وعلى سلف الأمة أنفسِهم، ولا يفهم من هذا اهمال وتجاوز فهم السلف الصالح للقرآن، فهو فهم يستأنس به ولكنه ليس فهماً مطلقاً للقرآن؛ إذ هو محكوم بالزمان والمكان الذي عاشه سلف الأمة، وهو فهمهم في زمانهم، ويجب أن يكون لنا فهمنا في زماننا، خاصة اذا كانت المسائل التي نتناولها مسائل حادثةٍ ومستجدة. ومن أعجب ما نسمعه من المتمسكين بفهم السلف الصالح، أنهم يخالفون السلف أنفسَهم، فالسلف الصالح تميز بالإجتهاد وبذل الوسع في فه القرآن وعدم التقليد، فجاء من يزعم السلفية ليقلدهم ويتوقف عند فهمهم بدل الاقتداء بهم باعتبارهم مجتهدين.
4. القرآن تناول الماضي، وذلك بالحديث عن الأمم والرسالات السابقة، وتناول الحاضر عبر الوجود النبوي الذي ترجم القرآن ترجمة لا يقدر عليها الا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتناول المستقبل عبر صياغة القواعد والنظريات التي تكشف سنن المجتمعات البشرية لنتكئ عليها في فهم ومعالجة القضايا الناشئة الى قيام الساعة.
5. هناك منطوق للنصوص القرآنية، وهناك مفهوم ومقاصد. صحيح أن علماء الأصول قرروا انه يقدم المنطوق على المفهوم في حال تعارضهما، ولكن هذا ليس هو المقصود هنا، إذ المقصود هو تجاوز حدود دائرة النص الضيقة والخروج الى فضاءات المقاصد لتلك النصوص، وقد كان من المبدعين في هذا السيق الامام الشاطبي في كتابه الشهير " الموافقات"، فنكون بذلك قد تجاوزنا مرحلة القطيعة والأمية في القرآن، ويكفي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول للبيد عندما اشكل عليه قول الرسول ان العلم يذهب، فقال له ثكلتك امك يا لبيد او ليس هؤلاء اليهود والنصارى بأيديهم التوراة والإنجيل ولا ينتفعون بشيء مما فيهما.
6. القرآن منهج صحيح لا شك فيه، ولا يحتاج الى تجريب لاختباره، ومن الأحكام العقلية المسلّم بها عند العقلاء أن العلة الواحدة لا تنتج معلولات متناقضة، فالقرآن كان ولا يزال مصدر اشعاع فكري وسلوكي،ولا يمكن ان يأتي زمان يكون فيه مصدر جهل وظلم فكري وسلوكي، ولذلك فالأمة لا تفتقر الى المنهج؛ إذ المنهج موجود، ولكنها تفتقر الى فهم يوصل الى تحقيق المنهج، فالتمسك بالموروث القديم لا ينتج فهماً يواكب الحاضر، إذ يجب التحرر من تقديس أفهام السابقين وإنزال هذه الأفهام منزلة الوحي المنزل.
7. سواء كانت " إقرأ " اول كلمة نزلت من القرآن، أو أن القرآن اشتمل عليها، فإنه لا يعقل أن تكون هناك قراءة للقرآن بدون تدبر، بل عاب الله جل جلاله على من يقرأ القرآن دون تدبر لقوله تعالى :" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"، ولا يكون التدبر الا بالفهم العميق الموصل الى انكشاف كل شيء بنور القرآن ، فلا يكفي الإهتمام بأحكام تلاوته وحفظه غيباً دون تدبره، فإن هذا مخالف للغاية المقصودة من إنزاله وهي التي بينها الله بقوله :" كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر اولوا الألباب"، فإن الأمة إن لم تفعل ذلك اقترب منها وصف الله حيث يقول:" والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعميانا".
8. عندما نقرأ القرآن فالمطلوب منا ان نترقى الى مستوى القرآن، فتسمو ارواحنا وتتسع مداركنا وتتفتح ابواب العلم وتغلق ابواب الجهل امامنا، ولا يجوز أن نشد القرآن عندما نقرؤه الى مستوانا، بل أن نرتفع نحن الى مستوى القرآن.
والى لقاء مقبل عبر نسمات القرآن العظيم.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 19 مايو 2010

كيف يجب أن نقرأ القرآن

كيف يجب أن نقرأ القرآن
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
القرآن هو الوحي الوحيد الذي تكفل الله بحفظه لقوله جل جلاله :"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، فقد تنزل الوحي بكتب ورسالات عديدة على الأنبياء والرسل الذين سبقوا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن القرآن هو الوحي الوحيد الباقي من تلك الرسالات والكتب، وما ذلك إلا لعظمة هذا القرآن، وهو ما يوجب التعامل معه بخصوصية نحاول من خلالها الترقّي الى أعلى المستويات البشرية أثناء قراءته.
هل نقرأ القرآن كما نقرأ أي كتاب من كتب البشر،فيتطرق الشك الى نفوسنا أنه يمكن أن يعتريه النقص في الوصف أو المبالغة لاعتبارات بشرية، أو مخالفة الواقع الذي يتناوله، أو التدليس أو الكذب ... الى غير ذلك مما يعتري كتابات البشر، أم يجب أن نقرأ القرآن ونحن نؤمن إيماناً لا شك فيه ولا ريب ، أن ما هو موجود في التدوين موافق لما في التكوين، فما من وصف لله أو لأحد مخلوقاته إلا والوصف مطابق لما تناوله، فالله الذي بدأ القرآن بقوله:"بسم الله الرحمن الرحيم" موافق لما في التكوين وهو بدء كل شيء من عند الله، فليس قبله شيء، وأنه رحمن بكل خلقه مطيعهم وعاصيهم، ورحيم بالمؤمنين، فنؤمن أنه ما من شيء إلا وتتسع له رحمة الله، وما من مؤمن الا واختصه الله بشيء زائد عن الرحمة وهو أنه به رحيم.
وعندما نقرأ قول الله عز وجل :" وما كان لنفس أن تموت الا بإذن الله كتاباً مؤجلاً "، فإن هذه الكلمات دلالتها قاطعة على أن الموت لا يكون الا في الوقت الذي اقته الله وأجله، وأن الموت لا يكون إلا لهذا السبب، أي انتهاء الأجل، فلا يقع موت الا بإذن الله، ولا يكون موت الا بانتهاء الأجل، فالإنسان قد يموت في حالات متعددة ولكنه لا يموت الا بسبب واحد وهو انقضاء الأجل، عند ذلك لا يكون المسلم جباناً فهو يتذكر قول خالد بن الوليد الذي يقول فيه : " ما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح، ثم أموت على فراشي كما يموت البعير" ، فيدرك المسلم أن طعنة الرمح لو كانت تقتل لقتلت خالداً، وكذلك ضربة السيف، فالموت كائن لا محالة عند انتهاء الأجل وليس لعروض حالات الموت، فقد يموت انسان في حالة لا يموت فيها غيره،وقد لا يموت في حالة يموت في مثلها غيره، لماذا يكون هذا؛ لأن الله يقول:" وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلا"، فلا يكفي أن نقرأ هذه الكلمات ولا نعتقد أن لها واقعاً خارجياً، بل يجب اليقين على أن هذه الكلمات المدونة في كتاب الله لها ما يماثلها في الواقع التكويني.
وعندما نقرأ مثلاً قول الله عز وجل:" وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها"، فلا يكفي أن نعلم أننا نحن من الدواب التي تشملها هذه الآية، بل يجب أن يقع اليقين في قلوبنا أن رزقنا على الله وحده، وأن الرزق بيد الله وحده، سواء كان الرزق كثيراً أو قليلاً فهو من الله، وأنه عندما يعطي فإنما يعطي من خزائنه التي لا تنضب، وعندما يمنع فليس لشح ولا لقلة او نضوب للرزق، بل قد يكون هذا لمصلحة العبد. عندما نؤمن أن الرزق من الله فلا تحاسد ولا تباغض بين المؤمنين، ولا يعني هذا الإيمان عدم الأخذ بالأسباب، فقد جعل الله الأسباب غالباً تؤدي الى النتائج، ولولا ذلك لما كانت هناك عمارة لهذا الكون من قبل الإنسان.
لا يمكن حصر الأمثلة ، ولكن المهم هو الإيمان أن ما في كتاب الله من آيات متلوة ليست كالشعر الذي يقوله الشعراء ، ابيات تنضخ شجاعة وعزة في رجال لباسهم الذل والخنوع ، بل القران كلام له واقع مطابق له في الكون، فعندما نقرأ عن الله أنه "سميع" لا بد أن يقع في نفوسنا وقلوبنا أن الله فعلاً سميع بحيث لا يعزب عنه صوت في الكون كله ، فيسمع كل ما يسمع وما لا يسمع، وكذلك عندما نقرأ عن الله أنه "بصير" فهو فعلاً كذلك، فيرى النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، بذلك فقط نخجل من الله السميع البصير أن نرتكب المعصية وهو يرانا ويسمعنا، فيستقيم سلوكنا في الحياة الدنيا.

مدونة الصرفندي

السبت، 15 مايو 2010

الفساد السياسي سبب ضعف الأمة

الفساد السياسي سبب ضعف الأمة
بقلم: أ. سعيـــد الصرفنـــدي
كلما تفكر أحد من أبناء الأمة عن سبب ضعف الأمة مع وجود مقومات الدول العظمى عندنا؛ فإن المؤشر يقوده جبراً الى السبب الأعظم، وهو الفساد السياسي، فالدول الكبرى والأمم العظمى تحتاج الى مقومات منها الثروات الطبيعية والثروة البشرية والموقع الاستراتيجي، وكلها موجودة عند الأمة العربية الاسلامية، ولكنها عناصر جامدة ومعطلة لا تفعل فعلها بسبب الأنظمة الاستبدادية التي تعاني منها هذه الأمة، وطبيعي أن الأنظمة المستبدة تلجأ الى كبت الطاقات والقدرات الفردية والجماعية، كل ذلك بالقوة والجبروت ؛ لأنها تفتقد الحجة والدليل الذي يبرر وجودها وبقاء تسلطها على رقاب الأمة، فليس لهم من سبيل ودليل الا قول فرعون لقومه كما جاء في كتاب الله عز وجل :" ما أريكم الا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد".
لقد عرفت الأمة الإستبداد السياسي منذ بداية الدولة الأموية، فقد سلب معاوية حق الأمة في اختيار الحاكم، عندما أجبر الناس على مبايعة يزيد خليفة له، وقد كانت سنة سيئة عمل بها المسلمون حتى اليوم، وفي هذا مخالفة للقرآن العظيم الذي جعل امرهم شورى بينهم لقوله تعالى : " وأمرهم شورى بينهم"، ومعلوم أن النكرة تفيد العموم، أي ان لفظ "أمرهم" يعم كل أمر من امور المسلمين، ومن أعظم أمورهم تنصيب الحاكم بينهم، فدل على أن تنصيب الخليفة أو الحاكم يجب أن يكون شورى بين المسلمين، فهو في هذه الحالة فقط يستحق السمع والطاعة، أما حين يسلط على العباد والبلاد فيجعل ثرواتها نهباً له ولأعداء الأمة فلا سمع ولا طاعة الا جبراً وقهراً، وهذا هو حال الأمة الاسلامية المقهورة والمغلوبة من حكامها بقوة أجهزتها الأمنية التي تراقب وتعاقب على كل أمر يمس مصلحة الحاكم وأسياده.
الفساد السياسي يتطلب من الحاكم الفاسد واعوانه اموراً عديدة منها الفساد الأخلاقي، وهذا أمر متحقق في البلاد العربية والاسلامية، بل هو محمي بقوة السلطان، فالمجون والخمر والدعارة خرجت من الأماكن المظلمة التي كانت تمارس فيها، لتصبح في الهواء الطلق، وفي بعض الدول التي كانت تغلق البارات والأندية الليلية في شهر رمضان، لم تعد تفعل ذلك منذ سنوات، فالخمر والدعارة مباحة حتى في شهر رمضان، كذلك فإن الفساد السياسي يقتضي إفساد عملية التعليم ، وهذا حاصل أيضاً في معظم البلاد العربية والاسلامية، فمناهج التعليم مناهج غريبة على الطالب الذي تربى وفق قيم محددة؛ إذ معظم المناهج وخاصة في العلوم الانسانية، كانت نتاج تجارب بحثية على عينات تعيش في ظروف مختلفة كل الاختلاف عن المجتمعات العربية والاسلامية، فجاءت هذه المناهج كبذرة تزرع في غير أرضها، فكانت غير منتجة، وهكذا الفساد في كل جوانب الحياة.
ومن مستلزمات الفساد السياسي وجود علماء وفقهاء يشغلون الناس بالحديث عن الطهارة والنجاسة وفتاوى الحيض والنفاس، ويحرمون على الناس وعلى أنفسهم الاشتغال بالسياسة، صحيح أن الطهارة والنجاسة من أمور الدين التي يجب على المسلم معرفتها لأن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، ولكن كثيراً من الناس لا يفهم لماذا يتم تضخيم أمور الطهارة والنجاسة مع أن الآيات والأحاديث التي تناولتها قليلة جداً، وفي المقابل لا يتم الحديث عن شروط الحاكم الواجب الطاعة حسب نصوص الكتاب والسنة، ولا يتم الحديث عن محاسبة الحاكم كما فعل المسلمون مع الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.
لقد وجد من كتب عن السياسة من علماء المسلمين ، وكانت هذه الكتابات تبريراً للظلم السياسي والزاماً للأمة على طاعة الخلفاء، وما كتبه الماوردي في كتابه " الاحكام السلطانية" خير مثال على ذلك؛ إذ اعتبر أن مبايعة واحد من أهل العقد والحل يوجب طاعة الأمة للخليفة المبايع من هذا الفرد، وغالباً ما يكون هذا الفرد من حاشية السلطان الذين يأكلون من "باطيته".
الفساد السياسي هو الذي يمنع الأمة من استنهاض طاقاتها الإبداعية في كل جوانب الحياة، لذلك لا يكون الخلاص من حالة التخلف والتردي التي تعيشها الأمة بالنهضة الاقتصادية والعمرانية والتعليمية، بل بعودة أمر تنصيب الحاكم الى الأمة مرة ثانية، فلا يجوز أن تبقى الأمة مطية لطبقة أو عائلة حاكمة هنا وهناك، بل لا بد من مشاركة الأمة كلها في اختيار الحاكم، والطريقة المثلى هي الانتخابات، حيث يتنافس الاشخاص او الاحزاب على طرح برامج للحكم، فإذا فشلوا اختارت الأمة غيرهم، وهذا يقودنا الى القول بالعقد الاجتماعي Social Contract بين الحاكم والحكوم.
الدولة الاسلامية دولة مدنية بمرجعية دينية، وهذا هو الطريق للتخلص من الفساد والاستبداد السياسي الذي تعاني منه الأمة في هذا الزمان، ولن تقوم لها قائمة الا اذا ازالت عن كاهلها هؤلاء الحكام الذي نصّبوا على رقابها بالقوة والبطش والجبروت فجعلوا ثروات الأمة وكرامتها مستباحة مقابل الحفاظ على عروشكم وامتيازاتهم.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الخميس، 6 مايو 2010

مقاطعة ممنتجات المستوطنات اعتراف بإسرائيل

مقاطعة منتجات المستوطنات اعتراف بإسرائيل
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
كتبت بالأمس مقالاً بعنوان" تساؤلات حول مقاطعة منتجات المستوطنات"، ونشر على صفحات دنيا الوطن، وهذا المقال تضمن تساؤلات متعددة حول فكرة المقاطعة، وعندما قرأت المقال ثثانية وثالثة، وجدت أن هناك أفكاراً كثيرة، ولكنها لم تركز كثيراً على جوهر المسألة وهو الاعتراف بدولة اسرائيل.
قد تبدو هذه الفكرة مشككة من البداية ولكنها زبدة المسألة؛ إذ تزيل اللثام عما يعده اللئام من الاعتراف بدولة اسرائيل، فالمبالغة في إظهار هذا الأمر باعتباره شكلاً من أشكال النضال يثير الريبة والشك، فحكومة فياض أضعف من القيام بخطوة يتحدى فيها دولة الاحتلال، ويهدد مصالحه المادية، وهو الذي يعلم أكثر من غيره طبيعة النظام الرأسمالي القائم على تحقيق امر واحد هو المنفعة والمصلحة المادية، وأن حروب النظام الرأسمالي شنت لتحقيق مصالح مادية أو للحفاظ على تلك المصالح المادية.
إن المدقق في مسألة مقاطعة منتجات المستوطنات يجد أنها ابعد واعمق من تحقيق مصلحةٍ للرأسمال الفلسطيني الذي يسعى للسيطرة على السوق المحلية، فالأمر اعقد من ذلك بكثير، خاصة وان السلطة الفلسطينية التي تعرضت لاستفزازات كثيرة من قبل الكيان الصهيوني، لم يكن لها رد عملي بحجة عدم السماح لاسرائيل بتصوير الجانب الفلسطيني باعتباره معطلاً لعملية السلام، فما الذي جرى حتى تقوم حكومة فياض والسلطة الفلسطينية باصدار قرار يتم بموجبه مقاطعة المنتجات الاسرائيلية التي منشؤها المستوطنات.
الشعب الفلسطيني أظهر من خلال نتائج انتخابات المجلس التشريعي عام 2006 ، أنه ليس مع اتفاقيات اوسلو سيئة السمعة والصيت، وهي الاتفاقات التي كان جوهرها الاعتراف بالكيان الصهيوني، وما زالت حكومة غزة وحركة حماس ومن ماثلها من الحركات الاسلامية تعاني من الحصار والمقاطعة من اجل الاعتراف بشروط الرباعية والتي يعتبر الاعتراف باسرائيل ايضاً هو جوهرها، فلو اعترفت حماس باسرائيل لقضي الأمر .
تلك النتائج، أظهرت أن الشعب الفلسطيني لا يوافق على الاعتراف بإسرائيل، وأن الغاية التي يسعى اليها هي اقامة دولة فلسطينية مستقلة على كامل التراب الفلسطيني، لا فرق بين الخليل وبين تل ابيب، ومن هنا كان الانقلاب على نتائج هذه الانتخابات، بدءً من المقاطعة الدولية بوقف تدفق الاموال على السلطة مما خلق حالة من الارباك الداخلي تم استغلاله من حركة فتح باعلان الاضراب في لمؤسسات الحكومية،مروراً بسلسلة المراسيم الرئاسية التي عطلت قدرة الحكومية الشرعية على تنفيذ برنامجها.
تعهدت اوروبا بدعم الكيان الفلسطيني او السلطة الفلسطينية الناتجة عن اتفاق اوسلو؛ لأنها تعترف باسرائيل، فهي المرة الأولى التي يعترف فيها جسم فلسطيني بحق اسرائيل في الوجود فكانت المكافأة هي الاموال التي تتدفق على وزارة الحكومةالفلسطينية، وعندما اصبحت هذه الحكومة لا تعترف باسرائيل، فقد سقطت كل المبررات لتقديم الدعم لها، فالدعم المالي للسلطة مرهون باعترافها باسرائيل، هكذا بكل وضوح.
لقد ايقنت الدول الأوروبية وامريكا، أن سيطرت حكومة حماس أفشل الرهان على الاعتراف الفلسطيني باسرائيل مقابل المال، فبدأت كل الأطراف مجتمعة للإلتفاف على خيار الشعب الفلسطيني، واجباره على الاعتراف عملياً بدولة اسرائيل من خلال التمييز بين اسرائيل ومنتجاتها وبين المستوطنات ومنتجاتها، واصدار اوامر بمقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية المقامة على اراضي الضفة، إذ أن الأمر بالتأكيد لا يشمل القدس الشرقية ولا المستوطنات المقامة عليها.
إن مقاطعة المنتجات الاسرائيلية الاستيطانية لا يعني الا أمراً واحدا : الاعتراف بدولة اسرائيل، فالشعب الفلسطيني عبر انتخابات المجلس التشريعي اعلنها مدوية وصريحة :" لا اعتراف بدولة الكيان الصهيوني"، أي لا فرق بين الضفة الغربية والداخل الفلسطيني، وأن كل منتج في السوق الفلسطينية من انتاج اسرائيلي هو اسرائيلي، سواء كان مصدره المستوطنات أو حيفا ويافا وتل ابيب، وأنه مجبر على التعامل معها ما دامت السوق بحاجة اليها.
الملفت للإنتباه هو الضجة المفتعلة لقرار المقاطعة، وتصويره بأنه قرار ينضح وطنية وشجاعة، مع أنه من أخطر القرارات التي تتخذها السلطة الفلسطينية في رام الله وحكومة فياض، لاجبار الشعب الفلسطيني للتعامل واقعياً مع فكرة الاعتراف بالكيان الصهيوني، فمقاطعة البضائع المنتجة في المستوطنات غير شرعية والبضائع المنتجة في تل ابيب وحيفا شرعية، اليس هذا فعلاً اعتراف بشرعية الكيان الصهيوني في فلسطين، وهو الأمر الذي يرفضه الشعب الفلسطيني، ولكنه اعتراف عملي وليس اعترافاً نظرياً، وهو اعتراف من كل الشعب الفلسطيني وليس فقط اعتراف من القوى السياسية الفلسطينية التي تعترف باتفاقية اوسلو وبالتالي التي تعترف باسرائيل.
إن سلاح المقاطعة يمكن ان يكون فعالاً لو كانت المقاطعة لكل البضائع الاسرائيلية ، وذلك ليس على الاطلاق؛ الا اذا كانت المقاطعة من الخطوات النهائية لانجاز مرحلة التحرر الوطني، اما تصوير المقاطعة الآن وكأنها تخدم فكرة بناء بنية تحتية للدولة الفلسطينية، فهذا مخالف للواقع والمنطق السليم.
نعم، لا يرى المدقق في قرار المقاطعة الا اعترافاً باسرائيل، عبر التمييز بين بضائع شرعية من "اسرائيل" وبضائع غير شرعية من المستوطنات الاسرئيلية، ولكنه اعتراف يتم تصويره بأنه وطنية وبطولة، ولا يقال هنا بأن هذا رؤية للنصف الفارغ من الكأس؛ إذ الكأس كله فارغ في الحقيقة
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 5 مايو 2010

تساؤلات حول مقاطعة منتجات المستوطنات

تساؤلات حول مقاطعة منتجات المستوطنات
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لأن العلاقة ودية بين السلطة الفلسطينية واسرائيل فإن قرار مقاطعة المنتجات الاسرائيلية التي منشؤها المستوطنات ينظر اليه بكثير من الشك والريبة، ويحتاج الى جملة ايضاحات من الحكومة والرئاسة وردود مقنعة على تساؤلات منها:
1. ما هو تعريف المستوطنات؛ إذ لا بد من تحرير المفردات المستخدمة في هذا الشأن، وتحديدها تحديداً دقيقاً، فالمستوطنات إذا قصد منها كل تجمع يهودي اقيم على ارض الضفة الغربية، فإن هذا يشمل القدس والمستوطنات الكبرى مثل "معالية أدوميم" ومثيلاتها ، فهل يشمل القرار فعلاً هذه المناطق، وإذا كانت كذلك فكيف يوفق المواطن بين تصريحات كثيرة سمعها عن موافقة السلطة على مبدأ " التبادلية" في الحل النهائي وبين فكرة مقاطعة منتجات المستوطنات، إذ المفاوض الفلسطيني موافق على بقاء هذه المستوطنات الكبرى باعتبارها أمراً واقعاً لا يمكن أزالته والقفز عنه أو تجاوزه، وهنا تكمن الإشكالية التي يصعب حلها، فإذا قالت السلطة إن القدس والمستوطنات الكبرى مشمولة بقرار المقاطعة وقعت في تناقض مع موقفها السياسي، وإذا قالت أنها مستثناة من القرار فإن هناك شكوكاً كثيرة حول هذا القرار باعتباره خدمة لشرائح معينة وليس باعتباره جزءا من العمل الوطني للخلاص من الاحتلال وافرازاته وأهمها الربط العضوي بين الاقتصاد الفلسطيني والاقتصاد الاسرائيلي بشقيه التابع للمستوطنات والتابع ل"إسرائيل" .
2. هل يعتبر هذا القرار اعترافاً من الشعب الفلسطيني، أو إجباراً للشعب الفلسطيني بالإعتراف باسرائيل، فالشعب الفلسطيني بأغلبيته لا يميز بين مستوطنة معاليه أدوميم وبين تل أبيب، والمنتجات منهما سواء بسواء، فانا اعتبر منتجات بلدتي المسماة ب"صرفند الخراب" قضاء الرملة مثل منتجات مستوطنات غور الأردن، فقد اقيمت مستوطنات هنا واقيمت مستوطنات هناك.
3. المستوطنات الاسرائيلية في القدس والضفة الغربية اقيمت بدعم حكومي اسرائيلي، وليس هناك حكومة تدعم الاستيطان مثل الحكومة الحالية ، فهي تحالف من قوى سياسية أقواها ممثلو المستوطنين، وهنا يبرز السؤال المشروع: كيف نتعامل مع حكومة تصر على دعم الاستيطان، بل لا تقبل بالاعلان عن تجميد الاستيطان من اجل " السلام"، ونقاطع منتجات هذه الحكومة الا وهي المستوطنات، فالمطلوب مقاطعته أولاً هو الحكومة الاسرائيلية التي ترعى الاستيطان بل إن بعض وزرائها يقيم في المستوطنات ويعتبرها جزءً من أرض اسرائيل.
4. خطوة كهذه تحتاج الى دراسة مستفيضة ومعمقة لنتائجها، وهذا ما لم يحصل، ولا أقصد بالدراسة العميقة الحديث بالشعارات الرنانة التي سمعناها من المسئولين في وسائل الاعلام، بل دراسة تستوجب ايجاد بديل لآلاف العمال المهددين بالطرد من اماكن عملهم، وما سمعناه من بعض الوزراء، انهم – اي العمال- سينضمون الى جيش العاطلين عن العمل، فليس هناك دولة نسبة البطالة فيها صفر....!! هذا الكلام يدل على ارتجالية لا تليق بقرار كهذا، فايجاد البديل لهذه الآلاف هو عمل وطني بامتياز، لأن هناك آلاف البيوت التي تعتمد على عمل هؤلاء العمال في المستوطنات الاسرائيلية، وكان الأحرى بهذا الوزير أن يحاسب القيادة السياسية التي انفقت المليارات دون التفكير بايجاد بدائل وطنية لهؤلاء العمال، إذ تم انفاق الأموال على أمور تتعلق بسيادة تافهة ومظهرية للسلطة على حساب العمل لايجاد بنية تحتية تستوعب كل العمال الفلسطينيين ، حتى اذا جاء اليوم الموعود كنا فعلاً قادرين على تنفيذ القرار.
5. رأس المال الفلسطيني لا يختلف في مجمله عن اي رأسمال آخر، والدليل على ذلك الأرباح الخيالية التي حققها كثير من التجار عبر اعادة تغليف المنتجات "الإسرائيلية" في المستوطنات واعادة بيعها في الاسواق الفلسطينية بعد شرائها بأثمان زهيدة، والسؤال هل يمكن ضبط المواد الخام وعدم تسريبها للمصانع المحلية التي يهتم معظم أصحابها بالربح ولا شيء غير الربح.
هذه جزء من الأسئلة التي لا بد من الإجابة عنها قبل الشروع بتنفيذ هذا القرار علماً أن هذا الأمر لن يكون الا في مصلحة شرائح صغيرة، وهي التي تدفع بكل قوة بهذا الاتجاه.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي