السبت، 25 يونيو 2011

حركة فتح، هي هي مستعدة للمصالحة

حركة فتح، هل هي مستعدة للمصالحة
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
يعتقد البعض أن الخلاف حول اسم رئيس الوزراء المقبل هو جوهر الخلاف بين حركتي فتح وحماس، وهذا يدل على سذاجة وأمية سياسية؛ إذ تمسك محمود عباس بسلام فياض لا يعدو كونه هروباً من الاستحقاقات السياسية والعملية للمصالحة، وهي استحقاقات لم تتهيأ لها حركة فتح، بحكم سيطرتها على الضفة وما تلازم مع ذلك من مصالح فئوية وشخصية ظهرت وتعززت عبر الانقسام ، فاتفاق المصالحة الذي ظهر فجأة في القاهرة كان مؤشراً على أن هناك أطرافاً وظروفاً أملت توقيع اتفاق المصالحة دون أن تنضج الظروف الداخلية، وهو ما يعاني منه الاتفاق القسري الذي توقف عملياً عند التوقيع الاحتفالي في القاهرة، فهو اتفاق ولد معوقاً ولم يستطع ان يخطو خطوة واحدة إلى الأمام، ويبدو أن بريقه سيخبو شيئاً فشيئاً، وما هي إلا أياما معدودة حتى تعود المناكفات الإعلامية بين حركتي فتح وحماس.
ما هي المستجدات التي أدت وستؤدي إلى عدم تطبيق اتفاق المصالحة؟
أولاً : لا شك أن أمريكا ومعها إسرائيل رأت في المصالحة خطراً على مسار التسوية وهو المسار الذي يسير بخط متوازِ مع السلام، فهما قريبان ولكنهما لن يلتقيا أبداً، فقد أصبح من البديهيات والمسلمات أن أمريكا اخترعت مسار السلام ، ووافقت عليه إسرائيل ، من أجل كسب الوقت لخلق أمر واقع لا يمكن القفز عنه وتجاوزه عند الحديث عن حل نهائي وفق الشروط الإسرائيلية، فالقيادة الفلسطينية التي تم إضعافها خلال السنوات الماضية، وفقدت القدرة على طرح أي خيار غير خيار المفاوضات؛ هذه القيادة بتوقيعها اتفاق المصالحة اعترفت أن خيار المفوضات قد سقط ولم يعد خياراً حقيقياً للشعب الفلسطيني، وهذا معناه الإعلان الصريح من القيادة الفلسطينية بفشل السياسة الأمريكية التي تولت بشكل حصري رعاية العملية السلمية، وهو أمر لم تقبل به الولايات المتحدة الأمريكية، مما فسر المواقف الأمريكية المتصلبة والغاضبة تجاه المصالحة، وفسر كذلك الدوافع وراء عودة عباس إلى الإكثار من ذكر استعداده للعودة إلى المفاوضات، مما يعتبر تأكيداً على أن خيار امريكا وهو خيار المفاوضات ما زال هو المنطلق الوحيد والأوحد لتسوية الصراع، ولا أظن أن هناك موقفاً استراتيجياً لدى القيادة الفلسطينية بالإعلان عن فشل أمريكا في تحقيق السلام، وهذا يتطلب اتخاذ موقف عملي، ومن متطلبات ذلك عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة.
ثانياً: إن فشل عملية التسوية معناه فشل البرنامج السياسي لحركة فتح، وبشكل متزامن إعلان قوي وصريح : أن برنامج حركة حماس لم يفشل، مما يعني أن تنفيذ اتفاق المصالحة هو دعاية فتحاوية مجانية لبرنامج حماس الذي ستخوض به الانتخابات المقبلة، فمن الطبيعي أن الانتخابات المقبلة تحتاج إلى برنامج سياسي واضح، وحركة فتح بتوقيعها اتفاق المصالحة وتطبيقه تكون قد انتحرت سياسياً، أي أنها لن تجد ما تسوقه في الانتخابات لاستقطاب الناخب الفلسطيني، فالمفاوضات، ومسار التسوية لم يعد مجدياً، ليس فقط في تحقيق شيء؛ بل لأن المواطن الفلسطيني يلمس يومياً ابتلاع أراضِ جديدة من قبل حكومات المستوطنين، وتهويد القدس، وجنوح المجتمع الإسرائيلي نحو مزيد من التطرف والشوفينية العمياء بفعل القوة الإسرائيلية والضعف الفلسطيني، مما جعل مطلب الاعتراف بـ"يهودية الدولة" إلغاءً لحق العودة الذي يعتبر في الحقيقة جوهر القضية الفلسطينية، وهذا كله يمنع حركة فتح من تطبيق اتفاق المصالحة.
ثالثاً: يعتبر التنسيق الأمني من أشد المواضيع حساسية بين حركتي فتح وحماس خلال المرحلة الماضية، بل يمكن القول بأنه أحد الأسباب الكامنة وراء الانقسام، وقد تربع على عرش التنسيق الأمني أشخاص محسوبون على حركة فتح، بل يمكن القول أنهم الشريحة الأقوى تنظيماً وتأثيراً في حركة فتح، والواقع الذي يلمسه المواطن الفلسطيني أن حركة فتح هي قيادات الأجهزة الأمنية، وقد نشأت لهذه الشريحة مصالح مادية ومعنوية لا يمكن التنازل عنها بسهولة، ومن الطبيعي أن الأجهزة الأمنية هي من أهم القطاعات المرشحة للتغيير في ظل المصالحة الفلسطينية، وهذا معناه أن الفئة القوية والمؤثرة في حركة فتح ليس من مصلحتها تطبيق المصالحة.
رابعاً: ما زالت حركة فتح تتخذ من م.ت.ف غطاء لشرعنة مواقفها، فاللجنة التنفيذية والمجلس المركزي الذين تهيمن عليهما حركة فتح، يتم استدعاؤهما في كل مرة لتمرير مواقف حركة فتح، ويمكن القول ان المنظمة بتركيبتها الحالية هي الجهة التي تعطي الشرعية لحركة فتح وبرنامجها السياسي، ومن الطبيعي أن تشكيل الحكومة الفلسطينية يتطلب تشكيل اللجنة القيادة الجديدة لمنظمة التحرير، مما يعني سلب حركة فتح قوتها التي تعاظمت في السنوات الماضية عبر السيطرة على م.ت.ف ، بل إن التغيير على بنية المنظمة سيؤدي إلى إسقاط شرعية مسار التسوية ونهج المفاوضات، وهذا ما لا تريده حركة فتح.
لذلك فالتباطؤ والتلكؤ ومحاولات التملص من تطبيق المصالحة ليس له علاقة في الحقيقة بتسمية فياض رئيساً للحكومة المقبلة، بل هو العقبة التي وضعتها حركة فتح ورئيسها محمود عباس؛ لأنهم يعلمون أن هذه العقبة يصعب اجتيازها وعبورها من قبل حركة حماس، ومن الأدلة على ذلك:
1. أن فياض لم يطرح في الجولة الأولى من قبل فتح باعتباره مرشحاً لرئاسة الحكومة، وتصريحات عزام الأحمد شاهدة على ذلك.
2. أن فياض لم يحقق انجازاً حقيقياً من شأنه أن يقنع الشعب الفلسطيني بجدوى بقاءه وتعطيل المصالحة من أجله، فالتنسيق الأمني هو السمة الوحيدة لحكومة فياض، التي يشعر بها الشعب الفلسطيني، اضافة إلى تزايد وتيرة الاستيطان وتهويد القدس .
3. أن الانجازات الاقتصادية التي طبلت وزمرت لها بعض المواقع الإعلامية ليست إلا سراباً يحسبه الظمآن ماء، فالبطالة في ازدياد، وليس هناك مشروعاً اقتصادياًًًًًً واحداً يمكن وصفه من علماء الاقتصاد بأنه حيوي، وكذلك التآكل في رواتب الموظفين وضعف القدرة الشرائية نتيجة التضخم المالي .
4. ديون حكومة فياض بلغت حوالي 2 مليار دولار ، وقضية الديون يحتاج فياض وعباس لشرحها للشعب الفلسطيني، لماذا هذه الديون ومن المستفيد منها، فالمقاصة، وهي المبالغ التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة، وهي بالمناسبة يدفعها الشعب الفلسطيني من قوت يومه، ويضاف إليها أموال الدول المانحة والضرائب الداخلية، وهي بالمناسبة تكفي، فإما انه لا توجد في الحقيقة مساعدات اجنبية، وهنا يبرز السؤال بقوة: لماذا نرهن مواقفنا برضى تلك الدول اذا كانت لا تقدم شيئاً حقيقياً، واما أن أنها تقدم ما يكفي، فلماذا هذه الديون الضخمة.
كل ذلك يؤكد أن فياض ليس خياراً حقيقياً من قبل عباس وحركة فتح، بل أداة لتعطيل المصالحة للأسباب المذكورة.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الاثنين، 6 يونيو 2011

هل ستضحي السلطة بالمصالحة على مذبح المفاوضات

هل ستضحي السلطة بالمصالحة على مذبح المفاوضات
بقلم :أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما فاجأت حركتا فتح وحماس الشعبَ الفلسطيني والعالمَ أجمع، بتوقيع إتفاق المصالحة، كان التحليل المنطقي لما حدث، أن هناك أموراً طارئة دخلت على الطرفين، أجبرت أو أقنعت بتوقيع الاتفاق، وبقدر ما كان ذلك خبراً سعيداً، إلا أنه كان يحمل في جنباته الخبر السيئ، وهو أن ما بني على طوارئ، فقد تأتي طوارئ جديدة تجعله أثراً بعد عين، إذ تؤكد الوقائع أن توقيع الإنفاق لم يكن نتيجة حتمية لتراكمات كمية كانت مخرجاتها المصالحة، فقد أظهر التراشق الإعلامي بين المواقع الإعلامية والمتحدثين الإعلاميين للحركتين عقب فعاليات 15 آذار؛ أن البون شاسع، وليس من احتمال على المدى المنظور أن يتم إنجاز ملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الذي استمر سنوات.
وكان من الطبيعي أن كل من كتب حول المصالحة كان يغفل الفأل السيئ ، مع الاعتراف بأن هناك من تساءل تحت ضغط الواقع سؤالاً مشروعاً، جوهره: هل المصالحة كانت خياراً استراتيجياً عند البعض، أم ورقة للضغط على أطراف بعينها، لتحسين الحالة التفاوضية.
هناك همس أخذ، يتعالى ويكاد يصبح صراخاً، لماذا هذا التأخير في تطبيق بنود المصالحة وأهمها تشكيل الحكومة العتيدة ؟! هل هناك أطراف فلسطينية لا تريد المصالحة ، هذا صحيح ولكننا نسلط الضوء هنا على العوامل الخارجية.
لا شك أن من المعوقات التي ظهرت بعد الاتفاق هي الاتفاق على تسمية رئيس الوزراء، فقد أدركت حركة فتح –على الأقل ممثلها في الحوار عزام الأحمد- أن التخلص من سلام فياض ليس أمراً سهلاً كما توقعوا، أي أن التوافق مع حماس على استبعاد فياض لا يجعله بعيداً عن الساحة السياسية الفلسطينية، فهناك دول مانحة وهناك إسرائيل وهناك الضغط الإعلامي الذي مارسته أقلام عديدة بالاستطلاعات تارة، وبالمقالات التي تربط مستقبل القضية الفلسطينية وحاضرها ببقاء سلام فياض تارة أخرى، ومع ذلك فليست قضية سلام فياض هي المعضلة الكبرى؛ إذ يمكن التخلص منها، حتى من قبل حركة حماس، عبر الاعتراف بشرعية الحكومة إذا نالت الثقة من المجلس التشريعي، حيث يبقى فياض في هذه الحالة مقيداً ومرهوناً برضا المجلس التشريعي، وهذا ما لا يريده ابو مازن، فهو يعلم أن تفعيل المجلس التشريعي والتصويت على حكومة يرأسها فياض، هو إسقاط لخطته في بناء دولة الأمر الواقع، مستغلاً سيطرته على المال وعلى الأجهزة الأمنية.
إذن ما هي الأسباب الحقيقية وراء عدم تنفيذ اتفاق المصالحة حتى الآن :
أولاًً : بدأت الصحف الإسرائيلية ووكالات الأنباء تكشف المستور مرة أخرى، فهي تكشف ولا تدعي أن هناك خطوطاً مفتوحة بين الدكتور صائب عريقات ومولخو، من أجل تدبير شيء في موضوع المفاوضات، وهذا معناه أن هناك طعنة توجه للمصالحة الفلسطينية في الخفاء، وتشكيل الحكومة الفلسطينية من شأنه أن يهدم كل ما يمكن أن يتم الاتفاق عليه بين عريقات باعتباره ممثلاُ لأبي مازن وبين الإسرائيليين، إذ تشكيل الحكومة معناه البدء بتشكيل اللجنة القيادية لمنظمة التحرير وهذا يعني أنه لم يعد من حق عباس ولا عريقات أن ينفردوا بصياغة موقف سياسي يقال بأنه يمثل منظمة التحرير الفلسطينية.
ثانياً : لا شك أن إسرائيل تدرك أهمية توجه السلطة إلى الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67 ، ومع قناعتنا أن هذا التوجه لن يسفر عن شيء حقيقي؛ لأن الاعتراف بدولة ما كعضو في الأمم المتحدة يستلزم كما ينص الميثاق، على التوجه اولاً إلى مجلس الأمن ذي النتائج المعروفة سلفاً بسبب الفيتو الأمريكي، الا أن الأمر مع ذلك يحرج إسرائيل ويحرج أمريكا كذلك في حال حصوله، فكان المخرج هو المبادرة الفرنسية التي قدمت بالفرنسية ولكنها لا يمكن أن تقرأ إلا باللغة العبرية، وجاءت موافقة ابو مازن عليها فنزلت كالصاعقة على الشعب الفلسطيني، هل يمكن أن نعود إلى طاولة المفاوضات مرة ثانية؟ ما هي الشروط التي يمكن أن يقبل بها ابو مازن للعودة إلى المفاوضات في ظل عدم شمول المبادرة على الانسحاب من القدس وغير ذلك من الثوابت ؟؟
يبدو أن هناك من يراهن على أن ابو مازن يمكن أن يضحي بالمصالحة الفلسطينية مقابل تقديم شيء ما على المسار التفاوضي، ويبدو أن هناك قبولاً بدرجة ما، وهذا قد يفسر عدم تنفيذ اتفاق المصالحة على الأرض ومنه تشكيل الحكومة وعدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية.
يجب أن لا يسمح لأحد بالتضحية بالمصالحة الفلسطينية مقابل وعود كاذبة نعلم بعد أن تعلمنا على جلودنا، بأن منهج المفاوضات سراب خادع لا يمكن أن يحقق حقاً، بل كل ما فعله وسيفعله، هو إعطاء غطاء لما يخلقه الاحتلال من أمر واقع على الأرض، لا يمكن تجاوزه والقفز عليه، ثم يطالب الفلسطيني بالاعتراف بهذا الواقع.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي