الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

هل نضجت الظروف لتفيذ المصالحة

هل نضجت الظروف لتنفيذ المصالحة
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لم يكن توقيع اتفاق القاهرة للمصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس في الرابع من أيار الماضي قد جاء في سياقه الطبيعي، بل تعبيراً عن استجابة إجبارية لظروف استثنائية، فكان من الطبيعي أن تراوح الاجتماعات مكانها، وحتى يكون الأمر مقنعاً؛ تم إبراز مسألة تسمية رئيس الوزراء باعتبارها عقدة العقد التي تمنع تنفيذ الاتفاق، علمأ أنها كانت الغطاء غير الساتر لعيوب اتفاق المصالحة، وهنا يبرز السؤال الأهم : هل نضجت الظروف لدى حركتي حماس وفتح للانتقال إلى مرحلة جديدة تقتضي التنفيذ الأمين لاتفاق المصالحة؟.
لقد أصبح تجاوز عقدة فياض أمراً واقعا؛ إذ لم يعد الأمر مستنداً إلى تحليلات، بل إلى تصريحات تؤكد ذلك، وهذا معناه أن مرحلة جديدة قد بدأت بالفعل، فما هي المستجدات التي أدت إلى التفاؤل بتحقيق المصالحة بعد الإعلان عن موعد لقاء عباس مشعل في القاهرة في الثالث والعشرون من هذا الشهر:
أولاً: كان توقيع اتفاق المصالحة غير مقبول من أمريكا وإسرائيل، فظهرت من الطرفين علامات الاستياء والغضب والتهديد والوعيد للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، ولم يكن الرئيس عباس قد يئس تماماً في حينه من الموقف الأمريكي مما دعاه إلى تعطيل المصالحة أملاً في تحقيق اختراق سياسي، ويبدو أن التطمينات والوعود الأمريكية بالضغط على نتنياهو لم تعد سوى ملهاة لكسب الوقت من جانب إسرائيل لخلق أمر واقع على الأرض لا ينتقص من حدود الفلسطينية المفترضة بل ينتقص أيضاً من كرامة وشعبية الرئيس عباس، فلم يعد للفعل السياسي الفلسطيني أي مبرر، ولم يعد الشعب الفلسطيني يقبل إلى الأبد بقاء الأوضاع على ما هي عليه، فكان من الطبيعي أن تقبل القيادة الفلسطينية بتنفيذ المصالحة بعد العجز الأمريكي والغطرسة الإسرائيلية المدعومة عمليا من الرباعية الدولية، حيث لم يكن الدعم والتأييد الا كلمات تشنف أسماع الفلسطينيين في المقاطعة، ودليل ذلك موقف هذه القوى من مسألة الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
ثانياً:لا شك أن هناك تآكلاً في شعبية حركة فتح، فلا هي تمارس حتى المقاومة السلمية ولا هي قادرة على تحقيق انجاز سياسي عبر المفاوضات، وهذا معناه الركود الذي يؤدي إلى ان تصبح مياهها آسنة تعلوها الطحالب والفطريات، فكان تنفيذ المصالحة هو الطريق الأسلم والأسرع في عودة فتح إلى الشارع الفلسطيني، سيما أن ابرز تجليات المصالحة هي الإعداد لانتخابات تشحذ فيها الهمم وتتعالى العصبية التي تستقطب المشاعر الفتحاوية النائمة.
ثالثاً: الواقع العربي عموماً والمصري على وجه الخصوص، فقد بات الجميع يدرك أن الإخوان المسلمون قادمون بقوة إلى الواجهة السياسية، فحركة النهضة لا تملك جسماً تنظيمياً قويا وفاعلاً في تونس قبل سقوط بن علي، ومع ذلك تقدمت على كافة الأحزاب العمانية واليسارية، فكيف سيكون الحال إذا جرت انتخابات نزيهة ي مصر، التي تعتبر المعقل الأقوى لحركة الإخوان، وطبيعي أن هذا الصعود للإخوان في مصر سيؤثر قطعاً على قوة حركة حماس، مما يعني أن ما قبلت به حماس في الماضي لن يكون مقبولاً بعد ذلك، فأراد عباس والسلطة الفلسطينية تحقيق المصالحة منعا لاستفادة حماس من الظروف التي ستنشأ بعد الانتخابات المصرية.
رابعاً: بغض النظر عن تصريحات حماس بشأن نقل مكاتبها ومركز وجودها من دمشق؛ فإن مسار الأحداث يؤكد أن ذلك أمر حتمي، وقد تحدثت التقارير الإخبارية عن ضغوط على النظام الأردني للقبول بمكاتب لحركة حماس في الأردن، وسوف يكون لها أيضاً مكاتب تمثيلية في مصر، وهذا يعني عدم التصادم مع توجهات القيادة المصرية الحالية التي تريد انجازاً حقيقياً، ومن الطبيعي أن الساحة الفلسطينية عبر تنفيذ اتفاق المصالحة هو أسهل وأرخص انجاز.
خامساً: إن إمكانية التوافق على برنامج سياسي بين حركتي فتح وحماس أصبح أمراً ممكناً، وليس معنى ذلك التوافق الكلي بين الطرفين، بل يمكن أن تفسر صيغة هذا البرنامج من قبل حركة فتح بغير ما تفسره حركة حماس، مع يعطي الطرفين وخاصة حركة حماس فرصة لإقناع أنصارها بقبول برنامج سياسي مشترك مع حركة فتح.
سادساً: تبقى العقدة النظرية والعملية متمثلة بالأجهزة الأمنية، التي كانت خلال المد والجزر كأنها ليست خاضعة لأحد معروف، وهذا يتطلب إنهاء قوتها لإعادتها إلى حركة فتح، فقد شكلت هذه الأجهزة بممارساتها مع عناصر حماس حرجاً شديداً أثناء المحادثات بين طرفي الانقسام، حتى قالت قيادات فتح : لسنا نحن الذين نعتقل بل الأجهزة الأمنية، وسوف يكون التغلب على هذه العقدة سهلاًًً في ظل غياب فياض، مما يعني أن الاتفاق على رئيس جديد للوزراء معناه سلب الأجهزة الأمنية قوتها المستقلة عن القيادة السياسية وهو ما يمهد الطريق للوصول إلى المصالحة
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

من يهتم بقضايا الناس الحيوية بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

من يهتم بقضايا الناس الحيوية
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
بعد أن صلينا الجمعة، وكالعادة تجاذبت أطراف الحديث مع عدد من الأصدقاء، أحدهم كان يحمل هم الدنيا على كتفيه حتى ظهر الحزن على غير العادة في عينيه، يفكر ويفكر ولا يجد حلاً، قلة النوم بادية على ملامحه، ماذا أفعل ؟!
صديقي هذا تاجر كانت أحواله حتى الوقت القريب مقبولة ومعقولة، ولكن الحالة الاقتصادية التي تمر بها المناطق الفلسطينية هذه الأيام انقلبت بشكل لم يكن من الممكن توقعه، فأصدر عدداً من الشيكات لا يستطيع تغطيتها، وبدأ التجار الكبار يطاردونه عبر الهاتف.. قد تصل الأمور إلى السجن أو الحجز على بيته الذي لا يملك غيره، ماذا يمكن أن يفعل؟ يتساءل بكل مرارة، وكنت استمع أنا أيضاً بكل مرارة لأنني لا استطيع أن أفعل شيئاً فأنا لا أملك شيئاً من حطام الدنيا يحل مشكلته، وأنا أحاول هنا أن أعبر عن مشاعري تجاه حالة هذا الأخ والصديق، وأحاول المساهمة في ايجاد حل له ولكثيرين من أمثاله فكتبت ما يلي :
أولاً : هذه الحالة التي يعاني منها صاحبنا ليست حالة فردية، فقد أصبح كثير من التجار في مثل وضعه، مما يعني أنها أصبحت ظاهرة مرضية عامة، أي أن هذا التاجر أو ذاك لا يتحمل كل المسؤولية، لأن هذه الحالة ناشئة عن الأوضاع العامة بسبب الأوضاع السياسية، وبنية الاقتصاد المتهاوية التي بنيت على أساس اتفاقية اوسلو، وهذا يتطلب معالجة عامة، أي أن تتحمل السلطة جزءً من مسؤولياتها تجاه الحالة القائمة، وأقل ما يمكن أن تفعله هو سن قوانين طارئة تمنع حبس التاجر الذي لا يستطيع تغطية الشيكات التي أصدرها، وحتى لا تكون المسألة فضفاضة، يمكن أن تتشكل لجان من الغرف التجارية تضع معايير للحالات التي يمكن أن ينطبق عليها قانون عدم الحبس المذكور.
ثانياً : إن الأرباح التي تعلن عنها البنوك هي أرباح عالية إن لم نقل خيالية، وهذه الأرباح ناتجة في كثير من الأحوال عن المعاملات التجارية الضخمة للتجار، مما يعني أن هذه البنوك تتحمل أيضاً مسؤولية أخلاقية ووطنية في التخفيف من مأساة عملائها، وفي هذه الحالة يمكن أن تبادر هذه البنوك بتغطية هذه الشيكات لمدة معقولة دون فوائد؛ لأن حالة الركود الاقتصادية ستكون نتائجها كارثية إذا استمرت، ليس على الأفراد والتجار فقط، بل أيضاً ستطال البنوك لاحقاً، وكما يقول المثل " قليل دائم خير من قليل منقطع".
ثالثاً: أن يتوجه اتحاد الغرف التجارية إلى جهات عربية وإسلامية للحصول على قرض حسن بدون فوائد لمدة طويلة، وهذا الأمر، إذا توفرت الإرادة فهو ممكن جداً، وأعتقد أن عقد اجتماعات على مستوى الغرف التجارية يمكن أن يأتي بأفكار كثيرة فيها حلول لمشكلة هؤلاء التجار الذين مالت أحوالهم بشكل مفاجئ، وإلا فإنهم سينضمون إلى جيش العاطلين عن العمل هم ومن يعمل تحت أيديهم.
رابعاً : إن لجوء التجار إلى قروض ربوية معناه إجبار الناس على مخالفة قناعاتهم، مما يهدم الأساس الأخلاقي لكثير من الناس، إضافة إلى أن هذه القروض لتغطية الشيكات الصادرة لا يشكل الا حلاً مؤقتاً ولكنه سيأتي بنتائج مفجعة على المدى البعيد .
خامساً : لا بد أن يتنبه الجميع، وأقصد بالجميع كل القوى والأحزاب السياسية والهيئات والجمعيات ومؤسسات السلطة إلى أن نتائج الحالة الاقتصادية السيئة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية لا تقف عند حدود المسائل المادية الصرفة، بل يمكن أن تتعداها إلى بروز ظواهر اجتماعية سلبية كالدياثة والمتاجرة بالأعراض، واستغلال هذه الأوضاع ممن فقدوا الكرامة والقيم الدينية والاجتماعية الأصيلة.
الأمر جلل وخطير ويحتاج إلى تظافر الجهود من أجل تدارك الحالة الراهنة لأن تداعياتها ستطال كل فئات الشعب الفلسطيني بدون استثناء .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

السبت، 3 سبتمبر 2011

كسر ساق حماس لن يسمح لفتح بالمسير بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

كسر ساق حماس لن يسمح لفتح بالمسير
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

يمكن القول أن حركتي فتح وحماس تشكلان بسبب قوتهما الجماهيرية، ساقا الشعب الفلسطيني، وقد اعتمدت حركة فتح إستراتيجية خاطئة بعد انتخابات المجلس التشريعي 2006، مفادها أن كسر ساق حماس سواء كان ذلك بفعل فتح نفسها او بفعل جهة خارجية، يعطي قوة لحركة فتح. إلا أن الواقع والتجربة العملية أثبتت أن كسر ساق أحد الطرفين لن يبقي الساق الأخرى سليمة،فحركة فتح التي تسير بدون الساق الأخرى وهي حركة حماس، أصبحت ضعيفة مهتزة قابلة للابتزاز بسبب فقدانها لتوازنها وصعوبة المشي بساق واحدة.
لو كانت المسألة حزبية فقط، لما اعترض أحد على حركة فتح بسبب إستراتيجيتها الخاطئة تلك، فهي حرة سواء حاولت القفز على ساق واحدة أو زحفت في سيرها على بطنها، ولكن هذه الإستراتيجية أضرت بالشعب الفلسطيني وثوابته، فالأخطاء لا تدفع ثمنها حركة فتح، بل الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، ولو استعرضنا الحالة الفلسطينية بعد انتخابات 2006 لوجدنا ما يلي :
أولاً : خلقت نتائج الانتخابات واقعاً سياسياً وحزبياً جديداً، كان يمكن – لو استمر - أن يقلب الأوضاع في الضفة الغربية رأساً على عقب، فقامت سلطات الاحتلال باعتقال نواب حركة حماس، في محاولة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، أي سيطرة حركة فتح على الساحة السياسية، ولم يكن هناك موقف حازم من حركة فتح تجاه اعتقال الاحتلال لنواب الشعب الفلسطيني، وهذا الموقف عبر عن حزبية ضيقة لدى حركة فتح؛ إذ لم تدرك أن الاعتداء على رموز الشرعية الفلسطينية هو اعتداء على الشعب الفلسطيني نفسه، فبقي التنسيق الأمني مع الاحتلال واستمرت مسيرة المفاوضات العبثية ثم كانت حملات الاعتقال والتنكيل ليس فقط بقيادات وكوادر حركة حماس، بل أيضاً بأنصارها، فحرم من الوظيفة العمومية كل من انتخب حركة حماس، وما زال كثير ممن يتم استدعاؤهم للأجهزة الأمنية يسألون عن مشاركتهم في انتخابات 2006 لصالح حركة حماس.
هذا الموقف من اعتقال النواب شكل ضربة قوية لحركة فتح، فقد أصبحت الحركة ممثلة في السلطة الفلسطينية، عاجزة عن التصدي لممارسات الاحتلال من تهويد للقدس واعتداءات للمستوطنين على الأرض والسكان، وأضعف تأثير حركة فتح حزبياً وجماهيرياً، فلم تعد الجماهير الفلسطينية ترى أو تلمس في حركة فتح أنها حركة مناضلة ومقاومة للاحتلال، وكل ما تراه في وسائل الإعلام إما مشاركة هذا القائد الفتحاوي في مراسيم استقبال مبعوث أمريكي او جلسات المفاوضات مع الإسرائيليين أو قائداً يمتدحُ الاحتلالُ تعاونَه الأمني.
ثانياً : حاولت حركة فتح أن تتدارك الحالة المزرية التي وصلت اليها، فعقدت مؤتمرها السادس في بيت لحم، ولكن هذا المؤتمر عقد في حالة فلسطينية استثنائية شكلت رمالاً متحركة غاصت ركب حركة فتح في اعماقها، فقد فشل المؤتمر في طرح برنامج سياسي محدد الملامح، مما يعني أن هذه الحركة أصبحت تفتقد وجود غاية محددة ، وطبيعي أن غياب الغاية يقتضي فقدان بوصلة التوجه والمسير، وهذا ما جعل حركة فتح مشلولة تراوح مكانها، فقد وجدت القيادة الجديدة بعد المؤتمر السادس أن الساحة خالية من منافس حقيقي كحركة حماس فركنت إلى ذلك، وضعف الاندفاع والاستعداد لتحقيق أي انجازات حقيقية.
ثالثاً : هذه الحالة من القفز على ساق واحدة، تشير بشكل لا لبس فيه إلى عجز حركة فتح عن قيادة المشروع الوطني الفلسطيني بثوابت الحد الأدنى الذي يحظى بالإجماع الوطني، وفي هذه الحالة فإن الشعب الفلسطيني هو الذي يدفع ثمن هذا العجز وهذا الإخفاق، سواء من كرامته على حواجز الاحتلال في الضفة ومداخل القدس أو من أرضه التي يبتلعها غول الاستيطان كل يوم، أي أن الحالة الراهنة ليست فشلاً لحركة فتح وحدها بل إنهاك للقضية الوطنية الفلسطينية، مما جعل قسماً كبيراً من الشعب الفلسطيني لا يعبأ بخطوات السلطة باتجاه ما يسمى "استحقاق سبتمبر" وكما يقول المثل الفلسطيني " لو بدها تشتي كان غيمت" ، حيث لا يرى الشعب في ذلك الا سياسة عرجاء تمثل مصالح شخصية أو في أحسن الأحوال مصالح حزبية وفئوية.
رابعاً : المرحلة المقبلة، مرحلة صعبة ومفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، وتحتاج إلى ساقين قويتين، بل أيضاً إلى سيقان عربية قوية بفعل الحالة الثورية الراهنة، ولا يصح الذهاب إلى مستقبل القضية دون خطط وبرامج محددة، بحيث تستولى هذه الخطط والبرامج على مشاعر وأحاسيس وأفكار الكل الفلسطيني، وهذا معناه التعجيل بإنجاز ملف المصالحة الفلسطينية، ومن الطبيعي أن من يذهب بساق واحدة ضعيفة مرتجفة سيسقط في بداية السباق ولن يحصد الا الهزيمة والمرارة .

sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

ماذا بعد سبتمبر ؟؟ ... لا شيء جديد !!

ماذا بعد سبتمبر ؟؟ ...لا شيء مهم !!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لم تكن الانتصارات الحقيقية للشعوب في يوم من الأيام من صنع القيادات السياسية، بل كان دور القيادات السياسية هو صياغة التراكمات النضالية المعمدة بالتضحيات بكل أنواعها لبلورة برنامج عمل سياسي له أهدافه الواضحة وأساليبه المنسجمة مع غاياته، وبدون ذلك فإن أي قيادة سياسية معزولة عن الفعل الجماهيري عند تشكلها أو تشكل برنامجها السياسي لا يمكن أن تحقق انتصاراً حقيقياً؛ فالقيادة المعزولة تطمح في تحقيق غاياتها أو في أحسن الأحوال - مع افتراض حسن النية- فإنها تطمح لتحقيق برنامج يُقزّم الأهداف لتكون بمستوى قدراتها هي، لا بمستوى قدرات الشعوب المناضلة، وينتج عن ذلك فجوة واسعة بين الشعوب وبين هذا النوع من القيادات السياسية. ومكمن الخطر هنا أن تلك القيادات بحاجة إلى محضن مناسب أو غير مناسب، وفي حالة عدم الانسجام بين الشعب وقيادته لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون الشعب محضناً مناسباً، فيبدأ البحث عن محضن خارجي، وبذلك تصبح القيادة السياسية غريبة عن الشعب وهمومه وغاياته وأهدافه، وتصبح في نفس الوقت أكثر عرضة واستجابة للابتزاز السياسي.
ليس ذلك تنظيراً بعيداً عن الواقع السياسي الفلسطيني، بل هو قراءة دقيقة وعميقة للحالة الفلسطينية الراهنة، وما وصل إليه الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية فيما يتعلق بما يسمى "استحقاق سبتمبر"،فقد توصلت القيادة السياسية إلى هذا التوجه منفردة، دون إجماع شعبي أو فصائلي، وهو ما يفسر برودة التعاطي الشعبي مع هذا الاستحقاق، فالقيادة السياسية عندما تتحدث عنه فهي تظهر كل الحماس والاندفاع، مقابل لا مبالاة شعبية، وكأن الأمر لا يخص الشعب الفلسطيني بمجمله بل هو مسألة خاصة بالقيادة السياسية لاعتبارات خاصة بها.
الواقع يؤكد أن التوجه الفلسطيني لمجلس الأمن أو للجمعية العامة للأمم المتحدة، لا يعدو كونه هروباً للأمام، فالفشل الذريع لمسار المفاوضات فلسطينياً، جعل القيادة السياسية تتشبث بحبال الهواء من أجل البقاء في موقعها، ومن تلك الحبال "استحقاق سبتمبر"، فهي تفتقر إلى برنامج سياسي واقعي حتى لو كان يحتاج إلى زمن طويل لترجمته واقعياً، مما جعلها تفكر في انقاذ نفسها من حالة الغرق، ولو كان المستقبل قاتماً وغير مضمون، فالغريق همه الأول والأخير هو النجاة، ولا يسمح وضعه بالتفكير أكثر من ذلك، وحيث أننا لسنا كشعب في تلك الحالة المزرية فلنا أن نفكر برويّة وتأمل وتدبر لما بعد سبتمبر، وهذا يسوقنا جبراً لجملة من الملاحظات والتساؤلات:
أولاً : كل من يستخف بعقول الشعب، بدأ للتنظير السياسي الفارغ بقوله: إن اسرائيل وفي حالة الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67 ستكون في مأزق؛ لأنها ستصبح معتدية ومحتلة لأراضي دولة مستقلة ومعترف بها، مما يعني عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي لأراضي هذه الدولة. وهذا في الحقيقة إن لم يكن كذباً وتضليلاً مقصوداً، فهو سذاجة سياسية لا تليق بقيادة سياسية في أكثر بقاع الأرض تخلفاً؛ لأن هذا القول يقتضي أن القانون الدولي والشرعية الدولية كانت ترى في الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس وضمها أمراً مشروعاً، ولذلك لم تتخذ أي إجراء عملي ضد هذا الاحتلال، بل إنه من المعلوم أن جزءً من المساعدات الرسمية الأمريكية للكيان الصهيوني كان يذهب للاستيطان، وإذا كان الاحتلال بكل جرائمه مخالفاً للشرعية الدولية التي افتقرت إلى آلية لإحقاق الحق، فما هو المستجد الذي سيتغير بعد الاعتراف بدولة فلسطين، ألم تكن الضفة الغربية قد احتلت عام 67 باعتبارها جزءً من دولة معترف بها، وعضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي الأردن ؟!
ثانياً : هل القيادة السياسية المتنفذة مستعدة للتنازل عن موقع القيادة، وتقديم الاستقالة في حالة عدم تحقيق انجاز ملموس؟ هذا هو الأصل، ولكن ذلك لن يحدث؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها إسرائيل، ستقدم للسلطة مظلة هبوط آمنة، وذلك ليس محبة ولا اشفاقاً عليها، بل خوفاً من الفراغ السياسي الداخلي الذي ستملؤه حركة حماس، وهذا يعني الاتفاق على صيغة معدّلة للعودة إلى طاولة المفاوضات، ويمكن في هذا السياق أن يضطر نتنياهو إلى القبول بصيغة دولتين على أساس حدود الرابع من حزيران 67، مع تبادل للأراضي بصيغة غامضة تتطلب عشرات السنين للتفاوض حول تطبيقها.
ثالثاً : في هذه الحالة، وتناغماً مع الحالة الثورية السائدة اقليمياً، فإن الشعب الفلسطيني سيقول كلاماً قاسياً للقيادة السياسية، وقد يكون فعله أشد قسوة، مما يعني احتمالات مفتوحة، أحدها وأخطرها أن تتحول السلطة إلى قوة قمع حقيقية ومباشرة، وترضى علانية بدور الوكيل الأمني للاحتلال. صحيح أن هذا السيناريو صعب التطبيق وطنياً ، الا أن الأوضاع التي نشأت بفعل السيطرة على الأجهزة الأمنية والمال، قادرة على جعل هذا السيناريو أمراً واقعاً، فالحالة الاقتصادية الصعبة في الضفة الغربية، والتي تم تفصيلها بإحكام لتكون مشنقة تشتد ضيقاً كلما حصل تململ وحركة من المشنوق، قادرة على تسهيل تطبيق هذا السيناريو.
رابعاً : بعد ذلك كله، ألا يجدر بالقيادة السياسية، أن تدعو إلى مؤتمر استثنائي لكل مكونات وأطياف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، لتدارس الحالة الراهنة والخروج بتوصيات لها صفة الالزام، لتكون برنامجاً سياسياً يدافع عنه الشعب الفلسطيني كله ويتحمل تبعات الإخفاق إن حصل .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 24 أغسطس 2011

من أجل ذلك .. لا لاستحقاق ايلول بقلم: أ.سعيــد الصرفنــدي

من أجل ذلك .. لا لاستحقاق ايلول
بقلم : أ. سعيــد الصرفنــدي
لا شك أن التوجه إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة من قبل السلطة الفلسطينية للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، لم يكن منذ البداية توجهاً ذاتياً للسلطة، فهو أحد تداعيات التصريحات التي قدمها اوباما معبراً عن تمنياته أن يرى فلسطين عضوا في الأمم المتحدة، وقد تمسكت السلطة الفلسطينية بهذا الأمر، حتى أنها اعتبرت توجهها في ايلول المقبل للاعتراف بالدولة الفلسطينية هو معركة شرسة ستخوضها القيادة بكل حزم وقوة ولن تخضع للضغوط الأمريكية والنصائح الدولية بعدم جدوى هذا التوجه، ومن أجل تسليط الضوء على هذا الاستحقاق "العظيم" لا بد من التنبه إلى ما يلي :
أولاً : القيادة الفلسطينية التي كشفت عن كل اوراقها ومكونات استراتيجيتها في التعامل مع الكيان الصهيوني، بانتهاجها سياسة المفاوضات ولا شيء غير المفاوضات بأشكالها المعهودة من مباشرة وغير مباشرة أو ما يمكن ابتداعه واختراعه من اشكال جديدة للمفاوضات، حصلت من خلالها على لا شيء، وخرج علينا رموز السلطة ومهندسو المفاوضات ليقولوا لنا بأن المفاوضات أصبحت عقيمة ولن تحقق شيئاً ايجابيا للشعب الفلسطيني، وطبيعي أن هذا الاعتراف من قيادات السلطة كان انتحاراً سياسياً؛ لأن من مقتضيات ذلك أن تسلم هذه القيادات الأمانة إلى غيرهم، فقد فشلوا من خلال منهجهم في الوصول إلى تحقيق أيّ من الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، ذلك أنهم ذهبوا للمفاوضات يبحثون عن حقوق الشعب الفلسطيني، وشتان ببن من يذهب للمفاوضات لانتزاع حقوق واضحة ومعروفة مسبقاً، وبين من يذهب إلى عدوه خالي الوفاض، آملاً بالتفاهم معه على الحقوق، مما جعل قيادة السلطة تدرك أنها شرعية وجودها اصبح موضع شك، فكان الحديث عن استحقاق ايلول مخرجاً لهذه القيادة، فهو يُظهر بأن هذه القيادة ما زالت تمتلك المبادرة السياسية والقيام بالفعل السياسي، الذي يؤهلها للبقاء على قيادة الدفة . ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أن القيادة الفلسطينية لا تدرك ما سيترتب على توجهها للامم المتحدة في ايلول القادم من مخاطر، فقد أصبح هذا التوجه هو الورقة الأخيرة بيد السلطة، وهي تدرك أنها لن تحقق شيئاً من خلاله، وهي ليست مستعدة للحديث عن مرحلة ما بعد الفشل، فهي لا تملك تصوراً واضحاً لتلك المرحلة، مما يعني أن الشعب الفلسطيني، ومن خلال الإيحاءات القوية من الحالة العربية الراهنة، سيقول كلمته، وسوف تكون كلمة قاسية، لأن التوجه إلى الأمم المتحدة لم يكن خياراً يحظى بالإجماع الوطني الفلسطيني، فالسقوط سيكون لمن توجه منفرداً دون الاستناد إلى اجماع وطني، فقد كان من المفترض بعد الاعلان عن فشل المفاوضات أن تتم الدعوة لمؤتمر استثنائي تحضره كل اطياف ومكونات الشعب الفلسطيني لتدارس الحالة الفلسطينية والخروج باستراتيجية وطنية تعبر عن الكل الفلسطيني.
ثانياً : هناك فرق بين تحليل لكاتب او محلل سياسي يتحدث عن مخاطر التوجه إلى الامم المتحدة على القضية والثوابت الوطنية، وبين صدور هذا الرأي عن خبير في القانون الدولي مثل البروفيسور جودين جيل، الذي أشار إلى خطورة هذا التوجه، فقد تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها ممثلاً شرعيا ووحيداً للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وهذا اعتراف صريح بأن اللاجئين وفلسطينيي الشتات هم جزء من الشعب الفلسطيني مما يعتبر اقرارا بحق عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها؛ ولذلك فإن تغيير الصفة القانونية لمنظمة التحرير واستبدالها بدولة يمس مباشرة حقوق اللاجئين الفلسطينيين وعلى رأس ذلك حق العودة، فهو يقول في هذا السياق : انهم يشكلون اكثر من نصف الشعب الفلسطيني، فإذا تم حرمانهم من حقوقهم وفقدوا تمثيلهم في الامم المتحدة، فلن يكون هذا مجحفا فقط بحقهم في التمثيل المتساوي، وعلى عكس ارادة الجمعية العامة، بل سيمس ايضا قدرتهم على التعبير عن آرائهم، ومشاركتهم في قضايا الحكم الوطني و التي تشمل بناء وتشكيل الهوية السياسية للدولة، وسيمس ايضا قدرتهم على ممارسة حق العودة"
ثالثا: بما أن هناك خطورة ظاهرة على حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته من خلال التوجه إلى الأمم وتغيير الصفة القانونية لمنظمة التحرير ؛ فإن المطلوب التوجه إلى الشعب الفلسطيني قبل التوجه إلى الأمم المتحدة، وبوابة ذلك انجاز ملف المصالحة الوطنية .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

السبت، 25 يونيو 2011

حركة فتح، هي هي مستعدة للمصالحة

حركة فتح، هل هي مستعدة للمصالحة
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
يعتقد البعض أن الخلاف حول اسم رئيس الوزراء المقبل هو جوهر الخلاف بين حركتي فتح وحماس، وهذا يدل على سذاجة وأمية سياسية؛ إذ تمسك محمود عباس بسلام فياض لا يعدو كونه هروباً من الاستحقاقات السياسية والعملية للمصالحة، وهي استحقاقات لم تتهيأ لها حركة فتح، بحكم سيطرتها على الضفة وما تلازم مع ذلك من مصالح فئوية وشخصية ظهرت وتعززت عبر الانقسام ، فاتفاق المصالحة الذي ظهر فجأة في القاهرة كان مؤشراً على أن هناك أطرافاً وظروفاً أملت توقيع اتفاق المصالحة دون أن تنضج الظروف الداخلية، وهو ما يعاني منه الاتفاق القسري الذي توقف عملياً عند التوقيع الاحتفالي في القاهرة، فهو اتفاق ولد معوقاً ولم يستطع ان يخطو خطوة واحدة إلى الأمام، ويبدو أن بريقه سيخبو شيئاً فشيئاً، وما هي إلا أياما معدودة حتى تعود المناكفات الإعلامية بين حركتي فتح وحماس.
ما هي المستجدات التي أدت وستؤدي إلى عدم تطبيق اتفاق المصالحة؟
أولاً : لا شك أن أمريكا ومعها إسرائيل رأت في المصالحة خطراً على مسار التسوية وهو المسار الذي يسير بخط متوازِ مع السلام، فهما قريبان ولكنهما لن يلتقيا أبداً، فقد أصبح من البديهيات والمسلمات أن أمريكا اخترعت مسار السلام ، ووافقت عليه إسرائيل ، من أجل كسب الوقت لخلق أمر واقع لا يمكن القفز عنه وتجاوزه عند الحديث عن حل نهائي وفق الشروط الإسرائيلية، فالقيادة الفلسطينية التي تم إضعافها خلال السنوات الماضية، وفقدت القدرة على طرح أي خيار غير خيار المفاوضات؛ هذه القيادة بتوقيعها اتفاق المصالحة اعترفت أن خيار المفوضات قد سقط ولم يعد خياراً حقيقياً للشعب الفلسطيني، وهذا معناه الإعلان الصريح من القيادة الفلسطينية بفشل السياسة الأمريكية التي تولت بشكل حصري رعاية العملية السلمية، وهو أمر لم تقبل به الولايات المتحدة الأمريكية، مما فسر المواقف الأمريكية المتصلبة والغاضبة تجاه المصالحة، وفسر كذلك الدوافع وراء عودة عباس إلى الإكثار من ذكر استعداده للعودة إلى المفاوضات، مما يعتبر تأكيداً على أن خيار امريكا وهو خيار المفاوضات ما زال هو المنطلق الوحيد والأوحد لتسوية الصراع، ولا أظن أن هناك موقفاً استراتيجياً لدى القيادة الفلسطينية بالإعلان عن فشل أمريكا في تحقيق السلام، وهذا يتطلب اتخاذ موقف عملي، ومن متطلبات ذلك عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة.
ثانياً: إن فشل عملية التسوية معناه فشل البرنامج السياسي لحركة فتح، وبشكل متزامن إعلان قوي وصريح : أن برنامج حركة حماس لم يفشل، مما يعني أن تنفيذ اتفاق المصالحة هو دعاية فتحاوية مجانية لبرنامج حماس الذي ستخوض به الانتخابات المقبلة، فمن الطبيعي أن الانتخابات المقبلة تحتاج إلى برنامج سياسي واضح، وحركة فتح بتوقيعها اتفاق المصالحة وتطبيقه تكون قد انتحرت سياسياً، أي أنها لن تجد ما تسوقه في الانتخابات لاستقطاب الناخب الفلسطيني، فالمفاوضات، ومسار التسوية لم يعد مجدياً، ليس فقط في تحقيق شيء؛ بل لأن المواطن الفلسطيني يلمس يومياً ابتلاع أراضِ جديدة من قبل حكومات المستوطنين، وتهويد القدس، وجنوح المجتمع الإسرائيلي نحو مزيد من التطرف والشوفينية العمياء بفعل القوة الإسرائيلية والضعف الفلسطيني، مما جعل مطلب الاعتراف بـ"يهودية الدولة" إلغاءً لحق العودة الذي يعتبر في الحقيقة جوهر القضية الفلسطينية، وهذا كله يمنع حركة فتح من تطبيق اتفاق المصالحة.
ثالثاً: يعتبر التنسيق الأمني من أشد المواضيع حساسية بين حركتي فتح وحماس خلال المرحلة الماضية، بل يمكن القول بأنه أحد الأسباب الكامنة وراء الانقسام، وقد تربع على عرش التنسيق الأمني أشخاص محسوبون على حركة فتح، بل يمكن القول أنهم الشريحة الأقوى تنظيماً وتأثيراً في حركة فتح، والواقع الذي يلمسه المواطن الفلسطيني أن حركة فتح هي قيادات الأجهزة الأمنية، وقد نشأت لهذه الشريحة مصالح مادية ومعنوية لا يمكن التنازل عنها بسهولة، ومن الطبيعي أن الأجهزة الأمنية هي من أهم القطاعات المرشحة للتغيير في ظل المصالحة الفلسطينية، وهذا معناه أن الفئة القوية والمؤثرة في حركة فتح ليس من مصلحتها تطبيق المصالحة.
رابعاً: ما زالت حركة فتح تتخذ من م.ت.ف غطاء لشرعنة مواقفها، فاللجنة التنفيذية والمجلس المركزي الذين تهيمن عليهما حركة فتح، يتم استدعاؤهما في كل مرة لتمرير مواقف حركة فتح، ويمكن القول ان المنظمة بتركيبتها الحالية هي الجهة التي تعطي الشرعية لحركة فتح وبرنامجها السياسي، ومن الطبيعي أن تشكيل الحكومة الفلسطينية يتطلب تشكيل اللجنة القيادة الجديدة لمنظمة التحرير، مما يعني سلب حركة فتح قوتها التي تعاظمت في السنوات الماضية عبر السيطرة على م.ت.ف ، بل إن التغيير على بنية المنظمة سيؤدي إلى إسقاط شرعية مسار التسوية ونهج المفاوضات، وهذا ما لا تريده حركة فتح.
لذلك فالتباطؤ والتلكؤ ومحاولات التملص من تطبيق المصالحة ليس له علاقة في الحقيقة بتسمية فياض رئيساً للحكومة المقبلة، بل هو العقبة التي وضعتها حركة فتح ورئيسها محمود عباس؛ لأنهم يعلمون أن هذه العقبة يصعب اجتيازها وعبورها من قبل حركة حماس، ومن الأدلة على ذلك:
1. أن فياض لم يطرح في الجولة الأولى من قبل فتح باعتباره مرشحاً لرئاسة الحكومة، وتصريحات عزام الأحمد شاهدة على ذلك.
2. أن فياض لم يحقق انجازاً حقيقياً من شأنه أن يقنع الشعب الفلسطيني بجدوى بقاءه وتعطيل المصالحة من أجله، فالتنسيق الأمني هو السمة الوحيدة لحكومة فياض، التي يشعر بها الشعب الفلسطيني، اضافة إلى تزايد وتيرة الاستيطان وتهويد القدس .
3. أن الانجازات الاقتصادية التي طبلت وزمرت لها بعض المواقع الإعلامية ليست إلا سراباً يحسبه الظمآن ماء، فالبطالة في ازدياد، وليس هناك مشروعاً اقتصادياًًًًًً واحداً يمكن وصفه من علماء الاقتصاد بأنه حيوي، وكذلك التآكل في رواتب الموظفين وضعف القدرة الشرائية نتيجة التضخم المالي .
4. ديون حكومة فياض بلغت حوالي 2 مليار دولار ، وقضية الديون يحتاج فياض وعباس لشرحها للشعب الفلسطيني، لماذا هذه الديون ومن المستفيد منها، فالمقاصة، وهي المبالغ التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة، وهي بالمناسبة يدفعها الشعب الفلسطيني من قوت يومه، ويضاف إليها أموال الدول المانحة والضرائب الداخلية، وهي بالمناسبة تكفي، فإما انه لا توجد في الحقيقة مساعدات اجنبية، وهنا يبرز السؤال بقوة: لماذا نرهن مواقفنا برضى تلك الدول اذا كانت لا تقدم شيئاً حقيقياً، واما أن أنها تقدم ما يكفي، فلماذا هذه الديون الضخمة.
كل ذلك يؤكد أن فياض ليس خياراً حقيقياً من قبل عباس وحركة فتح، بل أداة لتعطيل المصالحة للأسباب المذكورة.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الاثنين، 6 يونيو 2011

هل ستضحي السلطة بالمصالحة على مذبح المفاوضات

هل ستضحي السلطة بالمصالحة على مذبح المفاوضات
بقلم :أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما فاجأت حركتا فتح وحماس الشعبَ الفلسطيني والعالمَ أجمع، بتوقيع إتفاق المصالحة، كان التحليل المنطقي لما حدث، أن هناك أموراً طارئة دخلت على الطرفين، أجبرت أو أقنعت بتوقيع الاتفاق، وبقدر ما كان ذلك خبراً سعيداً، إلا أنه كان يحمل في جنباته الخبر السيئ، وهو أن ما بني على طوارئ، فقد تأتي طوارئ جديدة تجعله أثراً بعد عين، إذ تؤكد الوقائع أن توقيع الإنفاق لم يكن نتيجة حتمية لتراكمات كمية كانت مخرجاتها المصالحة، فقد أظهر التراشق الإعلامي بين المواقع الإعلامية والمتحدثين الإعلاميين للحركتين عقب فعاليات 15 آذار؛ أن البون شاسع، وليس من احتمال على المدى المنظور أن يتم إنجاز ملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الذي استمر سنوات.
وكان من الطبيعي أن كل من كتب حول المصالحة كان يغفل الفأل السيئ ، مع الاعتراف بأن هناك من تساءل تحت ضغط الواقع سؤالاً مشروعاً، جوهره: هل المصالحة كانت خياراً استراتيجياً عند البعض، أم ورقة للضغط على أطراف بعينها، لتحسين الحالة التفاوضية.
هناك همس أخذ، يتعالى ويكاد يصبح صراخاً، لماذا هذا التأخير في تطبيق بنود المصالحة وأهمها تشكيل الحكومة العتيدة ؟! هل هناك أطراف فلسطينية لا تريد المصالحة ، هذا صحيح ولكننا نسلط الضوء هنا على العوامل الخارجية.
لا شك أن من المعوقات التي ظهرت بعد الاتفاق هي الاتفاق على تسمية رئيس الوزراء، فقد أدركت حركة فتح –على الأقل ممثلها في الحوار عزام الأحمد- أن التخلص من سلام فياض ليس أمراً سهلاً كما توقعوا، أي أن التوافق مع حماس على استبعاد فياض لا يجعله بعيداً عن الساحة السياسية الفلسطينية، فهناك دول مانحة وهناك إسرائيل وهناك الضغط الإعلامي الذي مارسته أقلام عديدة بالاستطلاعات تارة، وبالمقالات التي تربط مستقبل القضية الفلسطينية وحاضرها ببقاء سلام فياض تارة أخرى، ومع ذلك فليست قضية سلام فياض هي المعضلة الكبرى؛ إذ يمكن التخلص منها، حتى من قبل حركة حماس، عبر الاعتراف بشرعية الحكومة إذا نالت الثقة من المجلس التشريعي، حيث يبقى فياض في هذه الحالة مقيداً ومرهوناً برضا المجلس التشريعي، وهذا ما لا يريده ابو مازن، فهو يعلم أن تفعيل المجلس التشريعي والتصويت على حكومة يرأسها فياض، هو إسقاط لخطته في بناء دولة الأمر الواقع، مستغلاً سيطرته على المال وعلى الأجهزة الأمنية.
إذن ما هي الأسباب الحقيقية وراء عدم تنفيذ اتفاق المصالحة حتى الآن :
أولاًً : بدأت الصحف الإسرائيلية ووكالات الأنباء تكشف المستور مرة أخرى، فهي تكشف ولا تدعي أن هناك خطوطاً مفتوحة بين الدكتور صائب عريقات ومولخو، من أجل تدبير شيء في موضوع المفاوضات، وهذا معناه أن هناك طعنة توجه للمصالحة الفلسطينية في الخفاء، وتشكيل الحكومة الفلسطينية من شأنه أن يهدم كل ما يمكن أن يتم الاتفاق عليه بين عريقات باعتباره ممثلاُ لأبي مازن وبين الإسرائيليين، إذ تشكيل الحكومة معناه البدء بتشكيل اللجنة القيادية لمنظمة التحرير وهذا يعني أنه لم يعد من حق عباس ولا عريقات أن ينفردوا بصياغة موقف سياسي يقال بأنه يمثل منظمة التحرير الفلسطينية.
ثانياً : لا شك أن إسرائيل تدرك أهمية توجه السلطة إلى الأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67 ، ومع قناعتنا أن هذا التوجه لن يسفر عن شيء حقيقي؛ لأن الاعتراف بدولة ما كعضو في الأمم المتحدة يستلزم كما ينص الميثاق، على التوجه اولاً إلى مجلس الأمن ذي النتائج المعروفة سلفاً بسبب الفيتو الأمريكي، الا أن الأمر مع ذلك يحرج إسرائيل ويحرج أمريكا كذلك في حال حصوله، فكان المخرج هو المبادرة الفرنسية التي قدمت بالفرنسية ولكنها لا يمكن أن تقرأ إلا باللغة العبرية، وجاءت موافقة ابو مازن عليها فنزلت كالصاعقة على الشعب الفلسطيني، هل يمكن أن نعود إلى طاولة المفاوضات مرة ثانية؟ ما هي الشروط التي يمكن أن يقبل بها ابو مازن للعودة إلى المفاوضات في ظل عدم شمول المبادرة على الانسحاب من القدس وغير ذلك من الثوابت ؟؟
يبدو أن هناك من يراهن على أن ابو مازن يمكن أن يضحي بالمصالحة الفلسطينية مقابل تقديم شيء ما على المسار التفاوضي، ويبدو أن هناك قبولاً بدرجة ما، وهذا قد يفسر عدم تنفيذ اتفاق المصالحة على الأرض ومنه تشكيل الحكومة وعدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية.
يجب أن لا يسمح لأحد بالتضحية بالمصالحة الفلسطينية مقابل وعود كاذبة نعلم بعد أن تعلمنا على جلودنا، بأن منهج المفاوضات سراب خادع لا يمكن أن يحقق حقاً، بل كل ما فعله وسيفعله، هو إعطاء غطاء لما يخلقه الاحتلال من أمر واقع على الأرض، لا يمكن تجاوزه والقفز عليه، ثم يطالب الفلسطيني بالاعتراف بهذا الواقع.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الجمعة، 20 مايو 2011

الرد الفلسطيني المطلوب على خطاب اوباما

الرد الفلسطيني المطلوب على خطاب اوباما
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لو ألقى اوباما خطابه قبل ربيع الثورات العربية والتي كانت أول زهراتها في تونس وأشدها عبقاً في مصر، لتداعى العرب بناء على دعوة من السلطة الفلسطينية لإصدار فتوى من الشيخ عمرو موسى، يمدح فيها الجوانب الايجابية في الخطاب، والتي لا يراها الا هو ومن حوله، ويقلل من سلبيات الخطاب التي لا ينكرها أحد من الناس. الا أن هذا الخطاب جاء في ظروف لا يمكن القفز عنها، فكان لا بد للسلطة الفلسطينية أن ترد على الخطاب البائس، وخصوصاُ فيما يتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي، وحيث أن السلطة وعدت بالرد على الخطاب المذكور خلال 24 ساعة ، فما هو الرد المطلوب:
أولاً : التأكيد على ازدواجية المعايير في الخطاب الأمريكي، وأن منبع هذه الازدواجية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية مرده إلى اعتبارات داخلية، تتعلق بتأثير اللوبي اليهودي في الانتخابات الأمريكية، وأنه لا يجوز بيع القضية الفلسطينية مقابل اصوات اليهود للحزب الديموقراطي، وأن هذا الموقف مرفوض من السلطة الفلسطينية رفضاً باتاً.
ثانياً : التأكيد على أن الموقف السياسي الذي أعلنه اوباما هو عين ما يتمناه نتانياهو، فالمواقف جاءت مطابقة لما اطلقه نتانياهو ، اوباما كسّر مجاديف السلطة الفلسطينة التي تسعى للذهاب إلى الامم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة في ايلول المقبل، فالسياسة الخارجية الاسرائيلية كانت تسعى في الفترة الماضية إلى تحقيق هذا الهدف، وهو منع اوروبا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ثالثاً : التأكيد على أن الحديث عن دولة فلسطينية على حدود 67 ليس الا ذراً للرماد في العيون، فهو دون تحديد سقف زمني، وكذلك لا يخرج عن طور الأمنيات، فليس هناك آلية معينة لتنفيذ هذا الأمر، وكذلك موضوع القدس كان ضبابياً.
رابعاً : لم يتناول الخطاب التأكيد على حق اللاجئين، بل تحدث عن يهودية الدولة، وهذا يتطلب من السلطة أن تؤكد في ردها على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، آخذة بعين الاعتبار القيمة الوطنية والقومية والإسلامية التي اكتسبها حق العودة عبر ما تميز به إحياء ذكرى النكبة هذا العام، فحق عودة اللاجئين هو جوهر القضية الفلسطينية، والتنازل عنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال، وأنه يجب على السلطة الفلسطينية أن تؤكد على هذا الحق ، فشرعية أي تنظيم أو هيئة فلسطينية أصبح مربوطاً بموقفها من حق العودة، وأن التنازل عن هذا الحق أو التهاون فيه، يعتبر انتحاراً سياسياً، عوضاً عن كونه خيانة لثوابت القضية الفلسطينية.
خامساً : تطرق اوباما في خطابه إلى المصالحة الفلسطينية باعتبارها عائقاً أمام تحقيق السلام، وهنا لا بد أن يكون الرد واضحاً وقوياً من قبل السلطة الفلسطينية، فالمصالحة الفلسطينية شأن داخلي، ولن نسمح بالإملاءات من أي جهة كانت في هذا الملف، وأن الوحدة الوطنية أعز علينا من عملية سلام ميتة منذ ولادتها بعملية قيصرية، مع بقائها سنوات تتنفس صناعياً، وأعتقد أن الرد في خطاب السلطة فيما يتعلق بهذه النقطة تحديداً يجب ان يكون بالإسراع في الإعلان عن حكومة المصالحة الفلسطينية، لأن هناك أطرافاً فلسطينية لا تريد المصالحة وتضرر مصالحها بتشكيل الحكومة القادمة، وسوف يبدأ هؤلاء بالتلميح أن تشكيل الحكومة قد يلحق الضرر بالقضية الوطنية ويعزل السلطة الفلسطينية.
سادساً : قيام السلطة فوراً بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، والحض على انطلاق مسيرات ضخمة يتقدمها قادة فتح وحماس في الضفة تحديداً، وذلك في رد عملي على محاولات الوقيعة بين أطراف المصالحة الفلسطينية .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونتي الخاصة " مدونة الصرفندي"

الخميس، 5 مايو 2011

المصالحة اليوم ستأتي بدولة فلسطينية

المصالحة اليوم ستأتي بدولة فلسطينية
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما طرحت بعض فصائل منظمة التحرير برنامج النقاط العشر، أعتبر ذلك تجاوزاً للثوابت الوطنية، وقد كان هذا البرنامج من الناحية الواقعية في حينه برنامجاً سياسياً يفتقد مقومات تحقيقه، بل يمكن القول أن طرحه كان في الوقت غير المناسب مما اسهم في اضعاف الالتزام بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وخلق نقاشاً عمق الشرخ على الساحة الفلسطينية، فهو، كما فعلت الانظمة العربية، اعلن بكل صراحة أن عودة فلسطين أمر مستحيل، وتحقيق انتصار على الكيان الصهيوني في ساحات القتال أصبح من ضروب الخيال، فلا بد من التنازل من أجل انقاذ ما يمكن انقاذه، فالدول العربية مجتمعة عجزت عن تحقيق انتصار عسكري على الكيان الصهيوني، ومن باب أولى أن تعجز قيادة الشعب الفلسطيني عن ذلك، فلا بد من تقديم خطة عمل سياسية.
لا شك أن أي برنامج سياسي لا يأخذ بعين الاعتبار الظروف الذاتية والموضوعية للشعب الفلسطيني، فهو برنامج فاشل في حينه، الا ان تتغير الظروف وينفذ ذلك البرنامج، ولكن البرامج السياسية التي تتناول مصير الشعوب وأهدافها الوطنية لا يجوز أن تلقى هكذا بانتظار غيب يأتي ليحققها، وهذا ما جعل إسرائيل تضرب عرض الحائط كل المبادرات السياسية، فلسطينية كانت أم عربية، لأن موازين القوى لا تسمح بتنفيذ شيء منها، فالجمهور الإسرائيلي الذي يشكل الشباب نسبة عالية منه يتساءل بكل جدية، لماذا نتنازل عن شيء من أرض إسرائيل، وهذا بالضبط أحد أهم الأسباب التي قادت المجتمع الصهيوني إلى اليمينية الشوفينية العنصرية المتطرفة، فاليهودي الذي هاجر مع بداية إقامة دولة إسرائيل كان يعلم أنه تم اقتلاع شعب من أرضه، وأن يسكن بيتاً بناه عربي طرد منه بالقوة، فكان مستعداً لحل وسط مع الجانب الآخر، أما الجيل الذي ولد بعد عام 1967 على وجه الخصوص فقد نشأ وترعرع وهو يتغذى واقعياً بفكرة أن هذه الأرض هي أرض إسرائيل ، والخيانة كل الخيانة هي التنازل عن شيء منها، لذلك كان التعنت الإسرائيلي، إذ لم تقدم للجانب الفلسطيني شيئاً، وكل التسهيلات التي قدمت للسلطة كانت من باب مساعدة الوكيل الأمني للاحتلال.
هذا الموقف الإسرائيلي، المدعوم أمريكياًً إلى الحد الأقصى، ونموذجاً لذلك، كان الفيتو الذي استخدمه أمريكا ضد إدانة الاستيطان، دفع بالسلطة الفلسطينية التي كانت تتوقع شيئاً ايجابياً يحدث على مسار المفاوضات، إلى البحث عن البديل، وليس هناك بديل يمكن اللجوء إليه أسرع من المصالحة الفلسطينية التي تستغل التغيرات الإقليمية وأهمها التغيير في النظام المصري، والاستعداد العربي عموماً لدعم موقف فلسطيني أكثر تشدداً في وجه التصليب الصهيوني، مما يبرر المطالبة بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 بما فيها القدس عاصمة لها، ولا يجوز للقيادة السياسية أن تقبل بأقل من ذلك.
الأصوات التي تأتي من اليسار الصهيوني ويمين الوسط، وكثير من الصحفيين والأكاديميين والكتاب الإسرائيليين، منتقدة نتانياهو وسياساته التي أدت إلى المصالحة الفلسطينية، هي أصوات حريصة على المصلحة الصهيونية، فهم يلومون نتانياهو لأنه لم يقدم شيئاً لعباس يدعوه لمواصلة المفاوضات، مما حدا بعباس إلى اللجوء إلى حماس في ظل تغيرات عربية سوف تجبر إسرائيل لاحقاً على القبول بما لم تقبله من قبل ، فالدول العربية التي كانت تشكل غطاء للتفاوض والتنازل الفلسطيني هي الآن مستعدة لتكون غطاء لنهج المقاومة والتشدد الفلسطيني وأقله عدم التنازل عن إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967.
وهذا أيضاً أحد الأسباب التي قادت حركة حماس للقبول بالمصالحة في ظل التزام السلطة ببرنامج اقامة الدولة الفلسطينة على حدود 67 ، فالتغيرات العربية يمكن أن تدفع بقوة إلى انجاز هذا الهدف، الذي أصبح واقعياً أكثر من أي وقت مضى، ولذلك كانت المهلة التي طلبتها حماس لإجراء الانتخابات سنة كاملة، وهذا لا شك سيكون فترة كافية لرسو سفينة التغييرات العربية على الجودي، مما يعني أن البرنامج السياسي الفلسطيني سيكون قابلاً للتنفيذ إن لم نقل بأن أكثر من ذلك سيكون ممكناً.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونتي الخاصة " مدونة الصرفندي"

الثلاثاء، 15 مارس 2011

مسيرات " لا للانقسام" عمقت الانقسام

مسيرات "لا للإنقسام" عمقت الانقسام
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لم يكن هناك خلاف بين الفلسطينيين بأن الانقسام قد الحق الضرر بالقضية الفلسطينية وبالمجتمع الفلسطيني، وأن انجاز ملف المصالحة الوطنية قد أصبح ملحاً أكثر من أي وقت مضى، وجاءت الثورات العربية في كل من تونس ومصر تطالب باسقاط الانظمة الحاكمة،وقد نجحت في ذلك، فكان مناسباً ان يتناغم الشعب الفلسطيني مع محيطه العربي ليطلق شعار " الشعب يريد انهاء الانقسام"، واعتقد البعض أن نشاطاً فيسبوكياً سيكون قادراً على انهاء الانقسام، وطبيعي أن هذه النظرة المبسطة للامور تدل على بساطة شعبنا وعفويته ومعاناته من الانقسام بحيث اعتقد الشباب ان مسيرات تجوب ارجاء الوطن في 15 آذار قادرة على انهاء الانقسام قبل أن يعود الشباب الى بيوتهم عند نهاية يوم الثلاثاء، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث، بل يمكن القول ان هذا اليوم عمق الانقسام، لأن الأمر لم يأت كنتيجة منطقية لمقدمات تسوق طرفي الانقسام سوقاً الى تحقيق الهدف والشعار الذي انطلقت الفعاليات من أجله ، وهو انهاء الإنقسام.
كان الأصل في مسيرات 15 آذار أن تكون نتيجة تراكمات كبيرة، وتتويجاً لمراحل طويلة قامت بها الاطراف الحزبية ومؤسسات المجتمع المدني، التي وقفت تتفرج على طرفي الانقسام دون القيام بجهد ملموس وعملي من أجل انهاء الانقسام، والضغط على أطرافه لوضع حد للحالة الشاذة التي عاشها شعبنا الفلسطيني منذ الانقسام، وقد كان ذلك مؤشراً على عجز كثير من التنظيمات والاحزاب والمؤسسات في اجتراح مبادرات خلاقة وواقعية يمكن أن تضع حداً للانقسام، بل يمكن القول ان المصالح الفئوية والحزبية الضيقة لتلك القوى هو الذي منعها من المبادرة، إذ كيف يمكن أن نتفهم أن لتنظيم يساري ثلاثة مواقف، موقف يصدر من القيادة التي تقتات على مائدة رام الله، وموقف مغاير يصدر من غزة، وموقف ثالث في نفس المسألة من دمشق.
لقد كان الانقسام وما زال في عناوينه الكبرى بين فتح وحماس، ولكن الواقع يؤكد أن كثيراً من الاحزاب والحركات التي تطالب بانهاء الانقسام، هي جزء من هذا الانقسام، وهذا يقودنا الى تسليط الضوء على واقع الانقسام، وخلفياته وسبل انهائه.
اعتقد أن جنين الانقسام قد تكون بعد ظهور نتائج انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، فقد رفضت قوى سياسية كثيرة، وعلى رأسها حركة فتح، نتائج هذه الانتخابات، وحيث أن هذه الحركة قد انغمست في السلطة التي نشأت على أثر اتفاقات اوسلو، بكل ما تعنيه السلطة من مصالح مادية، مما خلق نفس الواقع الذي ثارت عليه الشعوب العربية، واقع السفاح المحرم بين السلطة ورأس المال، الذي أدى الى عدم تسليم مقاليد السلطة لحركة حماس باعتبارها الكتلة التي شكل اعضاؤها اغلبية ساحقة في المجلس التشريعي، وبدأت مؤسسة الرئاسة في ابتداع مراسيم رئاسية تحد من سلطة الحكومة الجديدة، حتى أن بعض القيادات الفتحاوية بدأت تطلب من الناس بعد اسبوع من ظهور النتائج، الى أن يتهيأوا لانتخابات مبكرة، مما يعني عدم الاعتراف بشرعية ونتائج الاتخابات التي أتت بحركة حماس، وكان من الطبيعي ان تتساوق قوى اقليمية ودولية مع حركة فتح لاعتبارات كثيرة في افشال تجربة وصول حركة اسلامية الى الحكم من خلال صناديق الاقتراع، فمصر والاردن مثلاً عملوا بكل ما اوتوا من قوة لافشال تلك التجربة بسبب احتمال انتقال العدوى، حيث تشكل حركة الاخوان المسلمين في كلا البلدين القوة الوحيدة التي يحسب لها حساب حقيقي.
لم تكن السلطة تدرك أن الفساد الذي استشرى في مؤسساتها وبين قياداتها، كان أحد الاسباب الحقيقية وراء نجاح حركة حماس، وبدل أن تقوم بمحاولة اصلاح شأنها بدأت بمناكفة سياسية وأمنية لحركة حماس، ولم تدرك حركة فتح أن سقوطها المدوي كان تعبيراً عن ثورة حقيقية على السلطة، وهي في الحقيقة أول ثورة عربية على نظام حكم قائم، ولكن الظروف لم تكن مواتية للسير بها الى نهاياتها المحتومة، كما جرى في تونس ومصر.
كذلك كان للبرنامج السياسي الذي رسمته حركة فتح والسلطة الفلسطينية اسوأ الاثر عليهما، فقد فشل هذا البرنامج في اقناع الشعب الفلسطيني به، ولم ينجح في تحقيق اي انجاز واقعي وعملي، خاصة بعد أن ظهرت قيادات حركة فتح لتقول بأن نهج المفاوضات فشل، ومع ذلك يتحدث ابو مازن عن المفاوضات باعتبارها الطريق الوحيد الذي يعرفه، ولن يسمح للشعب الفلسطيني باللجوء الى أي خيار آخر.
هذا الواقع الذي نشأ بعد انتخابات 2006 ، كان بكل جزئياته يقود الى الانقسام، لذلك لا يمكن تغييره بالنوايا الحسنة فقط دون جهد حقيقي يطال السياسات والبرامج والحيثيات التي قادت اليه، ومن هنا لا بد من الاشارة الى جملة من المسائل التي تساهم في انهاء الانقسام:
المسألة الاولى: أن الثوابت الفلسطينية أغلى واكبر واعظم من انجاز المصالحة وانهاء الانقسام، فالانقسام جرى حول البرامج التي تناولت تلك الثوابت، لذلك فأول خطوة لانهاء الانقسام هي الاتفاق برنامج سياسي يؤكد الحفاظ على الثوابت الفلسطينية ممثلة في حق عودة اللاجئين واقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وكذلك حق المقاومة بكل الاشكال التي يتوافق عليها الشعب الفلسطيني، وأن لا يكون شيء من ذلك كله خاضع لموازين القوى مع الاحتلال، فهي ثوابت لا يجوز التنازل عنها بأي شكل من الأشكال.
المسألة الثانية: قضية التنسيق الأمني التي شكلت احد اهم الاسباب الحقيقية للانقسام، ولا أظن ان هناك امكانية حقيقية وواقعية لانجاز ملف المصالحة وانهاء الانقسام مع بقاء التنسيق الامني خارج المسائل الحياتية، ويجب ان يكون هناك جهات مراقبة للتنسق المدني الذي قد تدعو الضرورة اليه.
المسألة الثالثة: ضمانات بالاعتراف بنتائج الانتخابات المقبلة والاعتذار عن ممارسات الاجهزة الامنية التي عاقبت ولاحقت كثيراً من الناس بسبب انتخابهم لحركة حماس، فقد حرم بعض الناس من حقهم في الوظيفة العمومية بسبب الانتخابات، وعوقب البعض فيما يتعلق بالترقيات الادارية ايضاً.
بدون ذلك، لا يمكن ان ينتهي الانقسام، وستبقى مسيرات 15 آذار ومثيلاتها سبباً في تعميق الانقسام وليس سبباً في انهائه.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 9 مارس 2011

ثورات الشعوب العربية سنة إلهية

ثورات الشعوب العربية سنة إلهية
بقم: أ. سعيــد الصرفنــدي
كل مؤمن يعتقد أن هناك قوانين الهية تتحكم في حركة المادة، كالجاذبية ودرجة الغليان وقابلية التفاعل الذري والكيماوي بين بعض العناصر دون بعض، ولكن قليلاً منا يدرك أن المجتمعات أيضاً لها قوانين الهية تتحكم فيها، وسنن تفعل فعلها وإن كانت بصورة أقل حدّية من قوانين الفيزياء والكيمياء0 والقران أفرد مساحة واسعة للتاريخ في سوره وآياته حين تناول الامم والشعوب التي نشأت ثم اندثرت، وطبيعي أن هذه الإشارات القوية والواضحة لعلم الاجتماع في القرآن مقصودها تلافي المجتمع المسلم لأسباب السقوط التي أثرت في تلك المجتمعات وتجاوزها.
السنن الاجتماعية لم يفرد لها العلماء المسلمون كتباً مستقلة، ولكن ذلك لا يعني اشتمال النصوص القرآنية والنبوية عليها، وأول من كتب في هذا العلامة ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، حيث بيَّن طبيعة البشر باعتبارهم عاجزين كأفراد من انتاج كل ما يحتاجونه لاشباع غرائزهم وحاجاتهم العضوية، فكان لا بد من الاجتماع للتعاون على متطلبات الحياة، ومن ذلك نشوء الدولة.
لقد أكد القران أن المجتمعات تخضع للسن الاجتماعية باعتبارها مجتمعات وليس تجمعاً للأفراد، قال تعالى:" ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" ، فقد نصت الآية على أن المجتمعات بمعنى الدول لها أجل محدد، وما دام لها أجل فمعناه ان لها بداية ولها نهاية، والنهاية هنا ليس كنهاية الافراد، بل بسبب جملة من القوانين المتحكمة في هذا المجتمع، فالافراد نهايتهم واجلهم فردي، والمجتمعات اجلها جمعي، ومن الآيات التي تناولت هذة السنة الاجتماعية قوله تعالى:" وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ {15/4} مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ {15/5}.
ومن السنن التي نحتاج الاشارة اليها هنا هي سنة التغيير، قال تعالى:" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ " فلا تغيير الا اذا اراد الناس تغيير واقعهم، وما جرى حتى الآن في الثورات العربية منسجم مع هذه السنة، حيث لم يكن من الممكن أن تتغير الاحوال في مصر وتونس لولا ارادة التغيير التي نبعت من الناس أنفسهم، فعندما لم تكن ارادة التغيير موجودة بقيت الاحوال على ما كانت عليه سنوات طويلة، وما اسهل ان تتغير الحياة في اي مجتمع بمجرد وجود ارادة التغيير، فقد خنعت الشعوب العربية طويلاً امام حكامها، فسامها الحكام الوان الذل والعذاب، خافوا من الحكام واجهزتهم الامنية، فسلطوا عليهم زبانية لا تخشى الله ولا تتقيه.
وكذلك النعم التي انعم الله بها على الامم والشعوب لا ينزعها عنهم الا إذا غيروا ما بأنفسهم، قال تعالى:"ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {8/53}، ومن أمثلة ذلك سقوط الأندلس، فقد كانت من أعظم النعم على المسلمين، ولم تسلب منهم الا عندما ركن الناس الى الدنيا وشهواتها، فتغيرت نفوسهم وافكارهم وغاياتهم وشهواتهم، فنزعت منهم تلك النعمة العظيمة. صحيح أن الفئة المتنفذة تقف أمام التغيير وهذه ايضاً من السنن الاجتماعية التي عرض لها القران، قال تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ {34/34}، ولكن هذا لا يعفي الشعوب التي تسكت على هؤلاء المترفين الذين تحكموا برقاب العباد وثروات البلاد، قال تعالى: " وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {8/25}، فلم تكن الفتنة التي اصابت الشعوب العربية في حكامها واستمرارها سنوات طويلة الا بسبب سكوتهم على أولئك الحكام.
لكل ما ورد، نجد فعلاً أن هناك سنناً تتحكم في مسيرات الشعوب، لا تتبدل ولا تتغير، فمن أراد الخلاص من الطواغيت وجلاوزتهم لا يكتفي بالدعاء عليهم، بل لا بد له من التخلص من الجبن والخوف، وان يقف في وجوههم شامخاً كالطود العظيم، ليقول لهم كفى ! لقد آن الأوان للتغيير، آن الأوان لأن تحكم الشعوب وفق قناعاتها وافكارها وما تريد.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونتي الخاصة " مدونة الصرفندي

الثلاثاء، 8 مارس 2011

بين فتوى القرضاوي وفتاوى الوهابية

بين فتوى القرضاوي وفتاوى الوهابية
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
لطالما تساءل طلبة العلم الشرعي عن الاسباب الحقيقية وراء دفاع الوهابية المستميت عن الحكم الاموي وتحديدا حكم معاوية بن أبي سفيان، فقد ضخَّموا ما له وأنكروا ما عليه، مع أنه هو الذي انطبق عليه كما المح الالباني الذي حسن حديث" اول من يبدل سنتي رجل من بني أمية"، فقد بدل معاوية سنة الشورى في اختيار الحاكم ، وجعلها ملكية، أي عودة للعصبية القبلية التي جاء الاسلام ليهدمها، فقد استطاع الاسلام هدم القبيلة كأساس للحكم فجاء معاوية ليهدم الصرح الذي اقامه الاسلام ، ويعود الى القبيلة كأساس للحكم في الاسللام.
لقد تبنى حكام السعودية أفكار الوهابية التي مجّدتْ ملكية معاوية، لتكون تلك الافكار وحملتها درعاً امام أي انتقاد للملكية والنظام الملكي، باعتباره نظاماً شرعياً استناداً الى ما فعله معاوية، من حصر الحكم في العائلة المالكة، وهذا ما يفعله هؤلاء الحكام، وكل نزع لشرعية الحكم الملكي الاموي هو محاولة لنزع الشرعية عن الحكم الملكي السعودي.
من هنا نفهم الاسباب الحقيقية التي دعت علماء السلطان من مشايخ الوهابية الى استحضار كل النصوص التي تحرم الخروج على الحاكم، وتجعل من المظاهرات عملاً شريراً مخالفاً لأحكام الاسلام، فليس هناك وقت انسب من هذا الوقت في استعادة الاموال التي انفقت على العلماء مع فوائد عالية تتمثل في مثل تلك الفتاوى، وهذا ما أكدته على الدوام علاقة الحكام بعلماء السوء، فالحاكم يعطي من أمر الدنيا للعلماء ولكنه يأخذ من أمر دينهم، فالنصوص التي يستندون اليها في تحريم الخروج على الحاكم، تنطبق على الحاكم الذي يحكم باحكام الاسلام، يجاهد في سبيل الله ويقيم الحدود ويكون خادماً للأمة كما فعل ابا بكر وعمر، أما الحاكم الذي جعل بلاده نهباً للكافر المستعمر، ووالى هؤلاء الكفار وجعل ارض المسلمين قاعدة لعدوانهم على المسلمين .. الخ مخازيهم فليس هو ولي الامر الذي نهى الشرع عن الخروج عليه.
يضاف الى ذلك أن الخروج المنهي عنه هو الخروج بالسيف، والمظاهرات ليست خروجاً بالسيف، هذا اذا اعتبرنا هؤلاء الحكام تجاوزاً " ولاة أمر" وهو ما لم يقل به الا علماء السلاطين. لقد حان الوقت لهؤلاء المحسوبين في زمرة العلماء أن يقولوا بأن الحاكم المطاع شرعاً هو الحاكم الذي يأخذ البيعة من الشعب وليس من هيئة سميت زوراً وبهتاناً باهل الحل والعقد، تتكون من بطانة سوء لهذا الحاكم أو ذاك.
الدولة التي تنسجم مع قواعد الاسلام واهدافه وغاياته هي التي تتكون بعقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وإذا خالف الحاكم مقتضيا ت هذا العقد حل خلعه ومحاسبته ومحاكمته.
مقابل هذه الفتاوى السياسية التي أُلسبت ثوب الفتاوى الشرعية، نرى فتوى الشيخ يوسف القرضاوي، امد الله في عمره، ونفعنا بعلمه، وهي فتوى تبيح الخروج على كل حاكم ظلم شعبه واهان كرامته، واستباح ماله وعرضه، وليس هذا الامر مما يحتاج الى دليل شرعي؛ إذ وصل هؤلاء الى الحكم اصلاً بطريق غير شرعي، فمصلحة الاسلام والمسلمين هي بالخروج على هؤلاء الحكام وخلعهم، فقد أذلوا العباد وافسدوا البلاد، ولا يقال بأن هناك من العلماء من جعل طاعة المتغلب على الحكم واجبه، وهذا فوق كونه يفتقد الى الدليل، فقد اشار العلماء الى حالة هذا المتغلب، فإذا حكم بالاسلام وقبل به المسلمون فهو كذلك، وهذا ما لم يحصل لحاكم من حكام المسلمين، فالمتغلب جاء على ظهر دبابة امريكية، وحفظ للامريكان حقهم مقابل حفظ حكمه، مما يعنى أن هؤلاء الحكام لم تتناولهم احاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي تحرم الخروج عليهم.
من المؤسف حقاً أن ترى فضائيات الزور التابعة للحكام الظلمة، تستنجد بالنصوص التي تمنع الخروج على الحاكم وتأتي بمن ليس له باع في العلم الشرعي ليقرأها على الناس وكأنه فقيه اجتهد فَعُدِمَ احتمال الخطأ.
لن تقبل الأمة بعد اليوم شيخاً يتخذ من نصوص الكتاب والسنة ذريعة لتشريع حكم حاكم ظالم استقوى على شعبه بأجهزة امنية مجرمة، تكمم الأفواه، وتحاسب الناس على ميولهم واهوائهم مظاهاة لمحاكم التفتيش، وستلحق الأمة بكل شيخ جليل يكون في مقدمة المتظاهرين ضد الظلمة والطواغيت.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونتي الخاصة" مدونة الصرفندي

السبت، 5 مارس 2011

مستقبل الكيان الصهيوني بعد تحرر الشعوب

مستقبل الكيان الصهيوني بعد تحرر الشعوب
بقلم: أ. سعيـد الصرفنــدي
منذ قامت دولة الكيان الصهيوني عام 1948 ، قامت أمريكا التي تربعت على عرش الدولة الاولى فوق مسرح السياسة الدولية، بترتيب الدول العربية بشكل يخدم بقاء الكيان الصهيوني قوياً، بل بقاؤه يداً ضاربة لتحقيق المصالح الاستراتيجية الامريكية في المنطقة، فقد تمت صياغة الكيانات العربية فيما يسمى تجاوزاً ب"الدول"، للمحافظة على المصالح الامريكية وأهمها بعد النفط أمن اسرائيل، فقد تم تشويه البنى والتراكيب المتعلقة بالدولة والمجتمع للابقاء على تلك الأهداف.
وجاءت اتفاقية كامب ديفد، ثم توقيع اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية عام 1979 ليشكل اعظم انجاز امريكي-صهيوني بعد اعلان قيام اسرائيل، فقد اخرجت هذه الاتفاقية مصر من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي، مصر الدولة الكبرى في المنطقة بكل امكانياتها وطاقاتها، وقد ثبت بعد ذلك أن العرب تبع لمصر سلماً أو حرباً، وبذلك طويت صفحة الحرب مع اسرائيل، مع اطلاق يد اسرائيل في المنطقة لتشن الحروب وترتكب الجرائم دون حسيب ولا رقيب، ثم تم جرُّ الفلسطينيين لتوقيع اتفاقية اوسلو وبعدها مباشرة الاتفاق الاردني الاسرائيلي في وادي عربه، الذي اكدت الشواهد والتواريخ أن توقيعه كان ينتظر توقيع الفلسطينيين، وبذلك تغير وجه المنطقة لصالح الكيان الصهيوني.
الخيارات التي كانت سائدة في المنطقة ، كانت في الحقيقة هي خيارات الأنظمة، ولم يكن الصراع العربي الاسرائيلي في يوم من الأيام مرتبطاً بخيارات الشعوب العربية والاسلامية، ولكن هذا الواقع الوردي لامريكا واسرائيل بدأ يتغير بفعل الهزات العنيفة التي تجتاح المنطقة وأهمها سقوط النظام المصري، فقد بدأت المنطقة تتشكل وفق رؤى جديدة، وخيارات جديدة، ولا يعني ذلك الاستخفاف بمحاولات امريكا واسرائيل لانتاج النظم البالية، التي سقطت وتلك الآيلة للسقوط، بشكل يخدم مصالحها في المنطقة، الا أن الرؤية السليمة لتطور مسار الاحداث يؤكد أن المنطقة لن تعود الى ما كانت عليه، وخاصة فيما يتعلق بالصراع مع دولة الكيان الصهيوني.
إذن المنطقة مقبلة على التشكل وفق خيارات الشعوب، وهذا معناه أن السلام مُفرَدَةٌ ستختفي من قاموس الانظمة العربية في السنوات المقبلة، حتى لو لم يتم اللجوء الى خيار الحرب قريباً، بل يمكن القول أن نقمة الشعوب على حكامها له اسباب من أهمها تخاذل الحكام العرب أمام دولة الكيان الصهيوني، فالدوافع القومية والعقائدية، تفرض على الشعوب العربية والاسلامية، ان تكون قضية فلسطين من أهم قضاياها، وعندما تترجم ارادات الشعوب في انظمة ديموقراطية حقيقية، لا بد أن تطفو على السطح خيارات جديدة غير التي كانت على مدار عشرات السنين، سيما وأن هناك عناصر قوة جديدة ستضاف الى ما سيكون في المستقبل القريب، وهما العنصر التركي الذي ظهر قوياً حتى قبل بداية التحولات الثورية في المنطقة وكذلك قوة ايران المتنامية والتي كان ابرز مظهر سريع لها هو دخول السفن الحربية الى قناة السويس متوجهة الى سوريا.
إن " اسرائيل " التي نشأت كدولة وظيفية، وككيان مصطنع، مستغلةً، هي ومن شغلها ووظفها، الظروف التي تشكلت في المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، لن تكون قادرة على مواجة التحديات المقبلة، وسيكون وجودها مرهوناً بمسار التغيرات في المنطقة، إضافة الى أن الغرب ومنه امريكا، يقوم في سياسته الداخلية والخارجية على أساس المصلحة؛ سيجد دولة الكيان الصهيوني في يوم من الايام عبئاً عليها من المفيد الخلاص منه.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونتي الخاصة: " مدونة الصرفندي"