الخميس، 5 مايو 2011

المصالحة اليوم ستأتي بدولة فلسطينية

المصالحة اليوم ستأتي بدولة فلسطينية
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما طرحت بعض فصائل منظمة التحرير برنامج النقاط العشر، أعتبر ذلك تجاوزاً للثوابت الوطنية، وقد كان هذا البرنامج من الناحية الواقعية في حينه برنامجاً سياسياً يفتقد مقومات تحقيقه، بل يمكن القول أن طرحه كان في الوقت غير المناسب مما اسهم في اضعاف الالتزام بالثوابت الوطنية الفلسطينية، وخلق نقاشاً عمق الشرخ على الساحة الفلسطينية، فهو، كما فعلت الانظمة العربية، اعلن بكل صراحة أن عودة فلسطين أمر مستحيل، وتحقيق انتصار على الكيان الصهيوني في ساحات القتال أصبح من ضروب الخيال، فلا بد من التنازل من أجل انقاذ ما يمكن انقاذه، فالدول العربية مجتمعة عجزت عن تحقيق انتصار عسكري على الكيان الصهيوني، ومن باب أولى أن تعجز قيادة الشعب الفلسطيني عن ذلك، فلا بد من تقديم خطة عمل سياسية.
لا شك أن أي برنامج سياسي لا يأخذ بعين الاعتبار الظروف الذاتية والموضوعية للشعب الفلسطيني، فهو برنامج فاشل في حينه، الا ان تتغير الظروف وينفذ ذلك البرنامج، ولكن البرامج السياسية التي تتناول مصير الشعوب وأهدافها الوطنية لا يجوز أن تلقى هكذا بانتظار غيب يأتي ليحققها، وهذا ما جعل إسرائيل تضرب عرض الحائط كل المبادرات السياسية، فلسطينية كانت أم عربية، لأن موازين القوى لا تسمح بتنفيذ شيء منها، فالجمهور الإسرائيلي الذي يشكل الشباب نسبة عالية منه يتساءل بكل جدية، لماذا نتنازل عن شيء من أرض إسرائيل، وهذا بالضبط أحد أهم الأسباب التي قادت المجتمع الصهيوني إلى اليمينية الشوفينية العنصرية المتطرفة، فاليهودي الذي هاجر مع بداية إقامة دولة إسرائيل كان يعلم أنه تم اقتلاع شعب من أرضه، وأن يسكن بيتاً بناه عربي طرد منه بالقوة، فكان مستعداً لحل وسط مع الجانب الآخر، أما الجيل الذي ولد بعد عام 1967 على وجه الخصوص فقد نشأ وترعرع وهو يتغذى واقعياً بفكرة أن هذه الأرض هي أرض إسرائيل ، والخيانة كل الخيانة هي التنازل عن شيء منها، لذلك كان التعنت الإسرائيلي، إذ لم تقدم للجانب الفلسطيني شيئاً، وكل التسهيلات التي قدمت للسلطة كانت من باب مساعدة الوكيل الأمني للاحتلال.
هذا الموقف الإسرائيلي، المدعوم أمريكياًً إلى الحد الأقصى، ونموذجاً لذلك، كان الفيتو الذي استخدمه أمريكا ضد إدانة الاستيطان، دفع بالسلطة الفلسطينية التي كانت تتوقع شيئاً ايجابياً يحدث على مسار المفاوضات، إلى البحث عن البديل، وليس هناك بديل يمكن اللجوء إليه أسرع من المصالحة الفلسطينية التي تستغل التغيرات الإقليمية وأهمها التغيير في النظام المصري، والاستعداد العربي عموماً لدعم موقف فلسطيني أكثر تشدداً في وجه التصليب الصهيوني، مما يبرر المطالبة بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 بما فيها القدس عاصمة لها، ولا يجوز للقيادة السياسية أن تقبل بأقل من ذلك.
الأصوات التي تأتي من اليسار الصهيوني ويمين الوسط، وكثير من الصحفيين والأكاديميين والكتاب الإسرائيليين، منتقدة نتانياهو وسياساته التي أدت إلى المصالحة الفلسطينية، هي أصوات حريصة على المصلحة الصهيونية، فهم يلومون نتانياهو لأنه لم يقدم شيئاً لعباس يدعوه لمواصلة المفاوضات، مما حدا بعباس إلى اللجوء إلى حماس في ظل تغيرات عربية سوف تجبر إسرائيل لاحقاً على القبول بما لم تقبله من قبل ، فالدول العربية التي كانت تشكل غطاء للتفاوض والتنازل الفلسطيني هي الآن مستعدة لتكون غطاء لنهج المقاومة والتشدد الفلسطيني وأقله عدم التنازل عن إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967.
وهذا أيضاً أحد الأسباب التي قادت حركة حماس للقبول بالمصالحة في ظل التزام السلطة ببرنامج اقامة الدولة الفلسطينة على حدود 67 ، فالتغيرات العربية يمكن أن تدفع بقوة إلى انجاز هذا الهدف، الذي أصبح واقعياً أكثر من أي وقت مضى، ولذلك كانت المهلة التي طلبتها حماس لإجراء الانتخابات سنة كاملة، وهذا لا شك سيكون فترة كافية لرسو سفينة التغييرات العربية على الجودي، مما يعني أن البرنامج السياسي الفلسطيني سيكون قابلاً للتنفيذ إن لم نقل بأن أكثر من ذلك سيكون ممكناً.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونتي الخاصة " مدونة الصرفندي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق