الثلاثاء، 27 أبريل 2010

فتح وحكومة فياض بقلم: أ. سعيد الصرفندي

فتح وحكومة فياض
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما تشكلت السلطة الوطنية الفلسطينية وفق اتفاقية أوسلو سيئة السمعة والصيت، كانت حركة فتح هي التي مثلت الطرف الفلسطيني في هذه الإتفاقية، فلم لم تكن منظمة التحرير سوى مظلة مهترئة، مع أن هناك فصائل تتشكل منها منظمة التحرير ولم تكن تعلم عن الاتفاق شيئاً، بل إن كثيراً من قيادات فتح لم تكن على اطلاع بما يجري في اوسلو؛ حيث كانت الاضواء مسلطة على الوفد الفلسطيني المفاوض في امريكا، وعلى رأسه حيدر عبد الشافي.
ومما يقوي واقعية هذا التصور أن حركة فتح هي التي سيطرت سيطرة مطلقة على مقاليد وزارات السلطة ومؤسساتها بعد تشكلها، وأن ما اعطي من رتب عسكرية لبعض عناصر التنظيمات المنضوية تحت لواء منظمة التحرير، كان شكلياً مئة بالمئة، فقد تم الاكتفاء برتب عالية رواتبها ايضاً عالية، ولكن بدون مهمات أو مسؤوليات حقيقية؛ وهذه التنظيمات لم يكن لها وجود حقيقي في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل إن بعضها لم يسمع به العوام الا بعد دخول السلطة.
حركة فتح انغمست في الواقع الجديد دون خطة انسحاب من هذا الواقع الذي زالت فيه الفوارق بين حركة فتح وبين مؤسسات السلطة، فلم يعد الاهتمام بفتح كحركة تحرر وطني، بل طغى وجود السلطة الفتحاوية على حركة فتح نفسها، وكأن الحركة استكملت مهماتها كحركة تحرر وطني، ولم يعد لها من مهمات سوى بناء السلطة الفلسطينية وقيادتها.
هذا الواقع كان له ارتدادات عنيفة على حركة فتح، كان اولها خسارة الحركة في انتخابات المجالس المحلية والبلديات، ثم كانت الصاعقة بالفوز الساحق الذي حققته حركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي 2006 ، ثم كان الحسم العسكري في قطاع غزة، مما أدى الى غضبة فتحاوية لهذا الواقع الذي تحياه حركة فتح.
بعد أحداث غزة لم تكن حركة فتح قادرة على السيطرة على الضفة الغربية سيطرة فتحاوية محضة، فقد كانت الضفة على موعد مع القائد الجديد سلام فياض؛ إذ ارسى فياض بقوة المال قواعد جديدة في النظام السياسي الفلسطيني، بحيث لا تقوم لهذا النظام قائمة بدون المال الدولي الذي أعلن أنه لن يكون الا من خلال فياض. هذا الواقع تعاملت معه حركة فتح بكثير من الاستخفاف والمصلحية، فالاستخفاف كان بقدرات فياض؛ إذ اعتقدت حركة فتح أن نفوذها وتجربتها قادرة على تحجيم فياض لأن دوره مقصور- حسب اعتقادهم في حينه- على ترسيخ الشفافية ووقف هدر المال العام والفساد الاداري، وكذلك كانت المصلحية في التعامل مع فياض بسبب الصراع مع حركة حماس بعد الحسم العسكري في غزة.
هذه العلاقة بين الطرفين، لم تكن علاقة متكافئة، ولم تكن لها استراتيجيات واضحة، مما أدى الى ضعف حركة فتح وتقوية فياض، ليصبح الرجل الأول في السلطة الفلسطينية، بل لقد تشكلت حكومة فياض بعد احداث غزة من وزراء لا علاقة لهم بحركة فتح، واستمر الغطاء والسكوت الفتحاوي لحكومة فياض نكاية في حركة حماس وتعبيراً عن حالة العجز التي تعيشها حركة فتح.
منذ احداث غزة الى الآن، أصيبت حركة فتح بضعف واضح، ولم ينجح مؤتمرها السادس في وقف حالة التدهور والإنكماش التي سيطرت عليها؛ بل يمكن القول أن ما تمخض عن المؤتمر من برنامج سياسي هلامي، اعطى الفرصة الكافية لبروز برنامج سلام فياض السياسي، باعتباره برنامجاً واقعياً مدعوماً من دول العالم قاطبة وعلى رأسها الولايت المتحدة وأوروبا.
لا شك أن هناك حالة غضب فتحاوية من سلام فياض، ولكن حقيقة هذا الغضب لا تنبع من برنامجه السياسي، بل من تحييد فتح وابعادها عن مركز القرار، حتى وصل الأمر الى الحديث عن تحجيم شخصيات فتحاوية في وزارات مختلفة من وزارات السلطة، مما يعني سلب الامتيازات والانجازات الشخصية التي تحققت في المرحلة السابقة، وهذا ما دعى توفيق أبو خوصة، للقول في احدى مقالاته : أن حماس سيطرت على غزة، وفياض على الضفة، فماذا بقي لحركة فتح...
الآن، هناك حديث عن تعديل وزاري في حكومة فياض، سيكون من نتائجه مشاركة قيادات فتحاوية من الصف الأول في هذه الوزارة، وهذا سيبدو انجازاً وانتصاراً على فياض، ولكن الحقيقة غير ذلك؛ إذ ستكون هذه الوزارات بلا اهمية على الأرض ولن تمنع فياض من الاستمرار في تنفيذ خطته لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عام 2011، فالمشاركة الفتحاوية لن تكون سوى مناصب شخصية للوزراء وليس لحركة فتح.
فياض سيظهر من خلال المشاركة الفتحاوية في وزارته أن هناك اجماعاً فلسطينياً على خطته السياسية، مما يعزز سيطرته المطلقة بدون منازع على الأجهزة الأمنية والوزارات المدنية، ويؤسس لمرحلة جديدة، تشارك فيها حركة فتح في الحكومة بشكل شخصي دون البرنامج السياسي، فالمشاركة لن تكون سياسية، بل حصولاً على جزء من كعكة السلطة التي حرمت منها فتح بعد أن أدمنت على مذاقها.
لم يعد فياض شخصاً يحارب الفساد المالي والإداري فقط، بل شخص له برنامج سياسي يحاول تنفيذه بدعم دولي من خلال المال والاجهزة الأمنية التي تمت صياغتها وفق رؤية دايتون، وهنا مكمن الخطر في مشاركة فتح في التعديل الوزاري المقبل، فهي مشاركة لن ترقى الى المشاركة السياسية، بل سيتم تطويعها لخدمة البرنامج السياسي لسلام فياض.
إن مشاركة حركة فتح في الحكومة المعدلة دون تصور سياسي ودون برنامج سياسي، ودون استراتيجيات واضحة للتعامل مع الاحتلال في ظل الجمود على المسار السياسي، وكذلك في ظل الانقسام الفلسطيني ، لن يكون الا كارثة جديدة تحل بالقضية الفلسطينية .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

الثلاثاء، 20 أبريل 2010

اكبر طبق مسخن...ههههه

أكبر طبق مسخن ...ههههه
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
من المؤسف أن شعباً تحت الإحتلال لا يكون الخلاص من الاحتلال هو محور حياته، فالشعوب التي عانت من الاحتلال وتخلصت منه، كانت حياتها كلها تدور حول فكرة الخلاص من الاحتلال، فالمقاومة العسكرية أو "السلمية" جزء من حركة الشعوب ضد محتليها، والثقافة والفن والتراث كلها عناصر تم توظيفها في خدمة الفكرة الأساس وهي التخلص من الاحتلال، فالفن لدى الشعوب المحتلة ليس مقصوداً لذاته وإنما حلقة في سلسلة متصلة يسهم في إذكاء الروح المعنوية للشعوب المحتلة ضد محتليها، والأدب كذلك، فوجد ما يعرف بالأدب المقاوم والفن المقاوم، ولعب فنانون وأدباء أدواراً محورية في مسيرة خلاص شعوبهم من الاحتلال، كذلك كان يتم توظيف التراث والثقافة لخلق انماط سلوكية تسهم في رحلة الثورة على المحتل.
ومع أن الاحتلال الصهيوني لفلسطين هو آخر الاحتلالات الهمجية في مسيرة الدول الكولونيالية الاستعمارية،؛ فإن ما يجري في فلسطين لا يتناسب مع طبيعة الاحتلال، ولا يستطيع عاقل أن يفهم ما يجري في فلسطين، وخاصة في الضفة الغربية، من انجازات تتجاوز الاحتلال ووجودة، من مثل أكبر "سدر كنافة" و"أكبر صحن تبولة" و" وأكبر صحن .." وأكبر ثوب" و" أكبر كوفية"...الخ، من الانجازات التي يدخل من خلالها الشعب الفلسطيني كتاب غينس، مع أن الدخول الى هذا الكتاب ممكن من خلال أكبر عضو ذكري ، أو أكثر إمرأة قادرة على مضاجعة الرجال في زمن قياسي ... الخ.
إن مشهد "أكبر طبق مسخن" الذي تم تدشينه مؤخراً ليس سوى شكل من أشكال الاستحمار الذي تمارسه الانظمة القمعية التي تجبر الناس على اظهار الفرح بتوافه الأمور، ولكن المخجل حقاً ان يتم تناول الموضوع وكأنه حدث مهم وانجاز عظيم، ويتم استضافة الناس في الفضائيات للتحدث عن هذا الانجاز الفلسطيني الضخم في مواجهة الاحتلال...
كنت اتمنى أن يتم تطوير المعابر بحيث يتمكن إنسان معاق من السفر دون معوقات، فالمعاق مضطر هو ومن معه الى القيام بأفعال مخجلة للصعود الى الباص المتجه الى الجسر باتجاه الأردن، فليس هناك كرسي متحرك خاص بالحالات الخاصة، وليس هناك مراحيض خاصة، وليس هناك مسار خاص للحالات الخاصة.
كنت أتمنى ان يتم افتتاح مدرسة ابداعية، يكون فيها من متطلبات التخرج أن يقدم الطالب عملاً ابداعياً له علاقة بفكرة الخلاص من الاحتلال.
كنت اتمنى أن يتم تدشين مصنع يساهم في دعم صمود العامل الفلسطيني الذي يناقش البعض منعه من العمل في المستوطنات.
امنيات كثيرة لي ولكل الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال ووجوده، ولا اعتقد أن طبق مسخن هي أمنية حقيقية لواحد من ابناء الشعب الفلسطيني.
ليس طبق المسخن هو الذي " يفلق" بل اعتباره انجازاً هو الذي فلق كثيراً من ابناء المخيمات وأسر المعتقلين والشهداء.
وإلى لقاء قادم مع انجاز قادم لشعب عظيم تحت الاحتلال
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

الأربعاء، 7 أبريل 2010

لمشكلة لحاق فتح ببرنامج فياض

المشكلة لحاق فتح ببرنامج فياض
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما تم فرض الدكتور سلام فياض وزيراً للمالية لم يكن هناك خيار امام ياسر عرفات سوى قبوله، فقد أدرك عرفات أن أمريكا والاتحاد الاوروبي لن يقدموا فلساً واحداً الا من خلال فياض، وهذا يعني ان رفضه كوزير للمالية معناه فشل تجربة السلطة وسقوطها، فكان الخيار فعلاً خياراً صعباً ، ولكن تم قبوله على اعتبار ان حركة فتح بتاريخها وطاقاتها، قادرة على احتوائه سيما وانه لا يمتلك برنامجاً سياسياً، وأن كل ما يريده هو الشفافية والمسائلة والنزاهة في محاولة لوقف الفساد المالي الذي استشرى في مؤسسات السلطة وبين أفراد قيادتها.
لقد تم تضخيم جهود فياض في محاربة الفساد المالي والاداري، حتى بدأت قطاعات كبيرة من المثقفين والمستقلين الذين عانوا من الفساد، يتحدثون عن نزاهة فياض مما مهد قبوله كقائد سياسي، ولم يعترض على مساره إلا قلة قليلة كانت ترى في فياض خطراً ماحقاً على حركة فتح.
الإنقسام الفلسطيني الذي غذاه فئات متنفذة في حركة فتح، ولكنها منسجمة مع مشروع فياض، اعطى عند العوام تبريراً للقبول بفكرة أن فياض هو المنقذ، وهذا ما جعل حركة فياض اقوى في الريف الفلسطيني حيث كانت الحركة السياسية اصلاً ضعيفة، فالاحزاب والحركات الفلسطينية كان ملعبها الأكبر هو المدن.
الآن بدا واضحاً أن سلام فياض ليس مهنياً في مجال المال فقط، بل يملك برنامجاً سياسياً ينفذه بقوة المال والأجهزة الأمنية التي استطاع جعلها موالية له بعد خطة التقاعد المبكر لمن دخل مع ياسر عرفات وحمل السلاح ضد اسرائيل في يوم من الأيام، فقد تخلص من الفدائي المقاتل الذي توقع أن كل ما حصل هو تكتيك، وسيأتي اليوم الذي توجه فيه البندقية الى الفلسطينية الى الاحتلال، وهذه الخطة- التقاعد المبكر للعسكريين- منسجمة ما طرحه دايتون في محاضرته الشهيرة، حيث استطاع خلق انسان فلسطيني جديد في الأجهزة الأمنية، فهو غير مرتبط عملياً بتاريخ المقاومة ضد الاحتلال، وغالباً غير متعلم مما يسهل السيطرة عليه ...الخ.
كذلك ساهمت بعض الأقلام المنتفعة في تسويق فياض وانجازاته اعلامياً، حتى وصل الأمر الى امتداح خطته السياسية التي يجرى تنفيذها على الأرض، دولة مسخ ستقام في النصف الثاني من العام القادم، دولة الأمر الواقع على جزء من اراضي الضفة الغربية ، وهذا معناه اسقاط قضايا الحل النهائي كالقدس وحق العودة والافراج عن المعتقلين والمياه.
واضح من الدعم الدولي لفياض أن هذه الخطة هي الخطة التي توافق عليها أمريكا والاتحاد الاوروبي واسرائيل، وأن الحل النهائي لن يتجاوز هذه الخطة، ولن يكون بإمكان أحد أن يزاود على سلام فياض، فالمفاوضات لم تحقق شيئاً يذكر، والمقاومة لن تستعيد القدس وتعيد اللاجئين، وستخرج الاقلام بالدفاع عن واقعية هذا الانجاز الذي تم تحقيقه على يدي فياض.
كل هذا طبيعي، فرجل مثل فياض له خطة سياسية ينفذها ، ويستغل كل امكانيات السلطة لتنفيذها، ولكن غير الطبيعي هو لحاق حركة فتح بخطة فياض من خلال امتداح نشاطه وقدراته في بناء مؤسسات الدولة الفلسلطينية العتيدة، فقد أصبح برنامج فياض عملياً هو برنامج حركة فتح غير المعلن، كذلك في ظل تجاوز فياض لبرنامج منظمة التحرير، فإن المتنفذين فيها باعوا برنامجها لفياض.
حكومة فياض التي يجب ان تكون، وفقاً للقانون، حكومة تسيير أعمال، هي الحكومة التي تطرح برنامجاً سياسياً يتناقض مع برنامج حركة فتح ومنظمة التحرير، ولا نجد من يعترض على خطوات هذه الحكومة وسياساتها العملية التي ليس لها اي مرجعية قانونية ومعترف بها حسب "الدستور الفلسطيني".
إذا أرادت حركة فتح البقاء على قيد الحياة فلا بد من الوقوف امام خطة اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة عام 2011 وفقاً لخطة سلام فياض، وبدون ذلك ستفقد مبرر وجودها وبقائها الذي لم يعد الا هيئات وتشكيلات لا علاقة لها بحياة شعب تحت الاحتلال يناضل من أجل تحرره واستعادة حقوقه، وسوف تكون الضربة القاضية من فياض لحركة فتح إذا جرت انتخابات البلديات والمجالس المحلية، فما تسرب من اقتراحات عن تركيبة الكتل التي سيشكلها فياض يدل على أن الوقت عنده قد حان للقضاء على حركة فتح.