الأربعاء، 7 أبريل 2010

لمشكلة لحاق فتح ببرنامج فياض

المشكلة لحاق فتح ببرنامج فياض
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما تم فرض الدكتور سلام فياض وزيراً للمالية لم يكن هناك خيار امام ياسر عرفات سوى قبوله، فقد أدرك عرفات أن أمريكا والاتحاد الاوروبي لن يقدموا فلساً واحداً الا من خلال فياض، وهذا يعني ان رفضه كوزير للمالية معناه فشل تجربة السلطة وسقوطها، فكان الخيار فعلاً خياراً صعباً ، ولكن تم قبوله على اعتبار ان حركة فتح بتاريخها وطاقاتها، قادرة على احتوائه سيما وانه لا يمتلك برنامجاً سياسياً، وأن كل ما يريده هو الشفافية والمسائلة والنزاهة في محاولة لوقف الفساد المالي الذي استشرى في مؤسسات السلطة وبين أفراد قيادتها.
لقد تم تضخيم جهود فياض في محاربة الفساد المالي والاداري، حتى بدأت قطاعات كبيرة من المثقفين والمستقلين الذين عانوا من الفساد، يتحدثون عن نزاهة فياض مما مهد قبوله كقائد سياسي، ولم يعترض على مساره إلا قلة قليلة كانت ترى في فياض خطراً ماحقاً على حركة فتح.
الإنقسام الفلسطيني الذي غذاه فئات متنفذة في حركة فتح، ولكنها منسجمة مع مشروع فياض، اعطى عند العوام تبريراً للقبول بفكرة أن فياض هو المنقذ، وهذا ما جعل حركة فياض اقوى في الريف الفلسطيني حيث كانت الحركة السياسية اصلاً ضعيفة، فالاحزاب والحركات الفلسطينية كان ملعبها الأكبر هو المدن.
الآن بدا واضحاً أن سلام فياض ليس مهنياً في مجال المال فقط، بل يملك برنامجاً سياسياً ينفذه بقوة المال والأجهزة الأمنية التي استطاع جعلها موالية له بعد خطة التقاعد المبكر لمن دخل مع ياسر عرفات وحمل السلاح ضد اسرائيل في يوم من الأيام، فقد تخلص من الفدائي المقاتل الذي توقع أن كل ما حصل هو تكتيك، وسيأتي اليوم الذي توجه فيه البندقية الى الفلسطينية الى الاحتلال، وهذه الخطة- التقاعد المبكر للعسكريين- منسجمة ما طرحه دايتون في محاضرته الشهيرة، حيث استطاع خلق انسان فلسطيني جديد في الأجهزة الأمنية، فهو غير مرتبط عملياً بتاريخ المقاومة ضد الاحتلال، وغالباً غير متعلم مما يسهل السيطرة عليه ...الخ.
كذلك ساهمت بعض الأقلام المنتفعة في تسويق فياض وانجازاته اعلامياً، حتى وصل الأمر الى امتداح خطته السياسية التي يجرى تنفيذها على الأرض، دولة مسخ ستقام في النصف الثاني من العام القادم، دولة الأمر الواقع على جزء من اراضي الضفة الغربية ، وهذا معناه اسقاط قضايا الحل النهائي كالقدس وحق العودة والافراج عن المعتقلين والمياه.
واضح من الدعم الدولي لفياض أن هذه الخطة هي الخطة التي توافق عليها أمريكا والاتحاد الاوروبي واسرائيل، وأن الحل النهائي لن يتجاوز هذه الخطة، ولن يكون بإمكان أحد أن يزاود على سلام فياض، فالمفاوضات لم تحقق شيئاً يذكر، والمقاومة لن تستعيد القدس وتعيد اللاجئين، وستخرج الاقلام بالدفاع عن واقعية هذا الانجاز الذي تم تحقيقه على يدي فياض.
كل هذا طبيعي، فرجل مثل فياض له خطة سياسية ينفذها ، ويستغل كل امكانيات السلطة لتنفيذها، ولكن غير الطبيعي هو لحاق حركة فتح بخطة فياض من خلال امتداح نشاطه وقدراته في بناء مؤسسات الدولة الفلسلطينية العتيدة، فقد أصبح برنامج فياض عملياً هو برنامج حركة فتح غير المعلن، كذلك في ظل تجاوز فياض لبرنامج منظمة التحرير، فإن المتنفذين فيها باعوا برنامجها لفياض.
حكومة فياض التي يجب ان تكون، وفقاً للقانون، حكومة تسيير أعمال، هي الحكومة التي تطرح برنامجاً سياسياً يتناقض مع برنامج حركة فتح ومنظمة التحرير، ولا نجد من يعترض على خطوات هذه الحكومة وسياساتها العملية التي ليس لها اي مرجعية قانونية ومعترف بها حسب "الدستور الفلسطيني".
إذا أرادت حركة فتح البقاء على قيد الحياة فلا بد من الوقوف امام خطة اعلان الدولة الفلسطينية المستقلة عام 2011 وفقاً لخطة سلام فياض، وبدون ذلك ستفقد مبرر وجودها وبقائها الذي لم يعد الا هيئات وتشكيلات لا علاقة لها بحياة شعب تحت الاحتلال يناضل من أجل تحرره واستعادة حقوقه، وسوف تكون الضربة القاضية من فياض لحركة فتح إذا جرت انتخابات البلديات والمجالس المحلية، فما تسرب من اقتراحات عن تركيبة الكتل التي سيشكلها فياض يدل على أن الوقت عنده قد حان للقضاء على حركة فتح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق