السبت، 3 سبتمبر 2011

كسر ساق حماس لن يسمح لفتح بالمسير بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

كسر ساق حماس لن يسمح لفتح بالمسير
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي

يمكن القول أن حركتي فتح وحماس تشكلان بسبب قوتهما الجماهيرية، ساقا الشعب الفلسطيني، وقد اعتمدت حركة فتح إستراتيجية خاطئة بعد انتخابات المجلس التشريعي 2006، مفادها أن كسر ساق حماس سواء كان ذلك بفعل فتح نفسها او بفعل جهة خارجية، يعطي قوة لحركة فتح. إلا أن الواقع والتجربة العملية أثبتت أن كسر ساق أحد الطرفين لن يبقي الساق الأخرى سليمة،فحركة فتح التي تسير بدون الساق الأخرى وهي حركة حماس، أصبحت ضعيفة مهتزة قابلة للابتزاز بسبب فقدانها لتوازنها وصعوبة المشي بساق واحدة.
لو كانت المسألة حزبية فقط، لما اعترض أحد على حركة فتح بسبب إستراتيجيتها الخاطئة تلك، فهي حرة سواء حاولت القفز على ساق واحدة أو زحفت في سيرها على بطنها، ولكن هذه الإستراتيجية أضرت بالشعب الفلسطيني وثوابته، فالأخطاء لا تدفع ثمنها حركة فتح، بل الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، ولو استعرضنا الحالة الفلسطينية بعد انتخابات 2006 لوجدنا ما يلي :
أولاً : خلقت نتائج الانتخابات واقعاً سياسياً وحزبياً جديداً، كان يمكن – لو استمر - أن يقلب الأوضاع في الضفة الغربية رأساً على عقب، فقامت سلطات الاحتلال باعتقال نواب حركة حماس، في محاولة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، أي سيطرة حركة فتح على الساحة السياسية، ولم يكن هناك موقف حازم من حركة فتح تجاه اعتقال الاحتلال لنواب الشعب الفلسطيني، وهذا الموقف عبر عن حزبية ضيقة لدى حركة فتح؛ إذ لم تدرك أن الاعتداء على رموز الشرعية الفلسطينية هو اعتداء على الشعب الفلسطيني نفسه، فبقي التنسيق الأمني مع الاحتلال واستمرت مسيرة المفاوضات العبثية ثم كانت حملات الاعتقال والتنكيل ليس فقط بقيادات وكوادر حركة حماس، بل أيضاً بأنصارها، فحرم من الوظيفة العمومية كل من انتخب حركة حماس، وما زال كثير ممن يتم استدعاؤهم للأجهزة الأمنية يسألون عن مشاركتهم في انتخابات 2006 لصالح حركة حماس.
هذا الموقف من اعتقال النواب شكل ضربة قوية لحركة فتح، فقد أصبحت الحركة ممثلة في السلطة الفلسطينية، عاجزة عن التصدي لممارسات الاحتلال من تهويد للقدس واعتداءات للمستوطنين على الأرض والسكان، وأضعف تأثير حركة فتح حزبياً وجماهيرياً، فلم تعد الجماهير الفلسطينية ترى أو تلمس في حركة فتح أنها حركة مناضلة ومقاومة للاحتلال، وكل ما تراه في وسائل الإعلام إما مشاركة هذا القائد الفتحاوي في مراسيم استقبال مبعوث أمريكي او جلسات المفاوضات مع الإسرائيليين أو قائداً يمتدحُ الاحتلالُ تعاونَه الأمني.
ثانياً : حاولت حركة فتح أن تتدارك الحالة المزرية التي وصلت اليها، فعقدت مؤتمرها السادس في بيت لحم، ولكن هذا المؤتمر عقد في حالة فلسطينية استثنائية شكلت رمالاً متحركة غاصت ركب حركة فتح في اعماقها، فقد فشل المؤتمر في طرح برنامج سياسي محدد الملامح، مما يعني أن هذه الحركة أصبحت تفتقد وجود غاية محددة ، وطبيعي أن غياب الغاية يقتضي فقدان بوصلة التوجه والمسير، وهذا ما جعل حركة فتح مشلولة تراوح مكانها، فقد وجدت القيادة الجديدة بعد المؤتمر السادس أن الساحة خالية من منافس حقيقي كحركة حماس فركنت إلى ذلك، وضعف الاندفاع والاستعداد لتحقيق أي انجازات حقيقية.
ثالثاً : هذه الحالة من القفز على ساق واحدة، تشير بشكل لا لبس فيه إلى عجز حركة فتح عن قيادة المشروع الوطني الفلسطيني بثوابت الحد الأدنى الذي يحظى بالإجماع الوطني، وفي هذه الحالة فإن الشعب الفلسطيني هو الذي يدفع ثمن هذا العجز وهذا الإخفاق، سواء من كرامته على حواجز الاحتلال في الضفة ومداخل القدس أو من أرضه التي يبتلعها غول الاستيطان كل يوم، أي أن الحالة الراهنة ليست فشلاً لحركة فتح وحدها بل إنهاك للقضية الوطنية الفلسطينية، مما جعل قسماً كبيراً من الشعب الفلسطيني لا يعبأ بخطوات السلطة باتجاه ما يسمى "استحقاق سبتمبر" وكما يقول المثل الفلسطيني " لو بدها تشتي كان غيمت" ، حيث لا يرى الشعب في ذلك الا سياسة عرجاء تمثل مصالح شخصية أو في أحسن الأحوال مصالح حزبية وفئوية.
رابعاً : المرحلة المقبلة، مرحلة صعبة ومفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، وتحتاج إلى ساقين قويتين، بل أيضاً إلى سيقان عربية قوية بفعل الحالة الثورية الراهنة، ولا يصح الذهاب إلى مستقبل القضية دون خطط وبرامج محددة، بحيث تستولى هذه الخطط والبرامج على مشاعر وأحاسيس وأفكار الكل الفلسطيني، وهذا معناه التعجيل بإنجاز ملف المصالحة الفلسطينية، ومن الطبيعي أن من يذهب بساق واحدة ضعيفة مرتجفة سيسقط في بداية السباق ولن يحصد الا الهزيمة والمرارة .

sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق