الجمعة، 29 يناير 2010

من الذي يعطل المصالحة فعلاً ...؟!

من الذي يعطل المصالحة فعلاً ...؟!
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
مع أن الصحافة العبرية تحاول دائماً دس السم بالدسم، وتسعى بشكل متواصل الى ضرب عرى الوحدة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها صحافة تخدم الخطوط العريضة لسياسة الإحتلال؛ إلا أن التجربة أثبتت أن السبق الصحفي الذي يسعى اليه كوكبة من كتاب الصحف الإسرائيلية، يعطي مصداقية لما يكتبون، ومن آخر الأمثلة على صدق الصحافة الإسرائيلية كشفها قبل غيرها عن البدء بإنشاء جدار الموت الفولاذي الذي تبنيه مصر على حدودها مع قطاع غزة، ولذلك فالصحافة الاسرائيلية، وتحديداً، اسماء لامعة فيها، تتصل مباشرة مع أصحاب القرار وتنقل في أغلب الأحيان معلومات دقيقة، بعكس الصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني الذي يضطر الى الخوض في التحليلات دون المعلومات مما يضعف أداءه ويجعل الصحافة عندنا تستند غالباً الى ما يكتب في الصحافة الأجنبية ومنها الصحافة الإسرائيلية، خاصة أن الترجمة أصبحت ميسرة، مما يتيح الاطلاع على كل ما يكتب في العالم بسهولة ويسر.
الخبر الذي نشرته "هآرتس" اليوم الجمعه 29/1/2010 للمحللان عاموس هرئيل وأفي يساخروف في مقال مشترك ، "عن مسؤولين أمنيين أن المصريين باتوا يوافقون على وجهة النظر الإسرائيلية الأمريكية بأن لا شيء إيجابي سيتمخض عن جهود القاهرة لعقد مصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية. إذ أن إدارة أوباما تخشى بأن يعزز اتفاق المصالحة حركة حماس على حساب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض".
هذه المعلومات ليست جديدة، ولكنها تؤكد أن الاحتلال وبدعم أمريكي واستجابة فلسطينية هو الذي يعطل الوصول الى مصالحة وطنية فلسطينية، فالمصريون الذين تفاجئوا باستعداد حماس على توقيع ورقة المصالحة الفلسطينية، عرضوا الأمر على الامريكيين والإسرائيليين فأوصوا بوضع نقاط وحذف نقاط لا تستطيع بعدها حركة حماس ان توقع على الورقة المصرية المعدلة مما يعطي مجالاً للمصريين وللسلطة الفلسطينية ولحركة فتح أن تقول بأن حركة حماس هي التي تعطل الوصول الى مصالحة وطنية بامتناعها عن التوقيع على الورقة المصرية.
المقال المشار اليه، يعتبر أن موافقة السلطة وحركة فتح على المصالحة يعرضها لوقف تدفق الاموال، وهذا ما كشفه السيد جبريل الرجوب قبل أيام، عندما قال بأننا تلقينا تهديدات أمريكية بفرض حصار علينا إذا توصلنا الى مصالحة مع حركة حماس، مما يدل أن المعلومات التي كشفتها صحيفة "هآرتس" تأتي في سياقها، إضافة الى ان الواقع يشهد بصحة هذه المعلومات. وقد كشفت المعلومات أن هناك سلسلة قوانين أمريكية تمنع وصول اي دولار لعباس وفياض في حالة قبول حماس كشريك، وهذا يعني أن السلطة وحركة فتح لن تقبل أبداً بتوقيع إتفاق مصالحة حقيقية مع حركة حماس، فهي ليست قادرة على الحياة يوماً واحداً بدون المساعدات المقدمة للاجهزة الامنية ووزارات السلطة، ولذلك نجد التعنت في جملة من التصريحات التي صدرت عن قيادة السلطة وحركة فتح، فهم متفقون على جملة واحدة : " لتوقع حماس الورقة المصرية"، وهم يعلمون أن توقيع حركة حماس للورقة المصرية كما هي أمر مستحيل؛ لأن ذلك انتحار سياسي تفقد حركة حماس مبرر وجودها بعده.
المصريون، حسب صحيفة"هآرتس"، أوقفوا جهودهم على مسار المصالحة الفلسطينية، وهم-أي المصريون- والامريكيون والاسرائيليون باتوا يعطون الأولوية لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، في الوقت الذي يتم فيه الضغط على حركة حماس وحرمانها من تحقيق أي انتصار او انجاز، ويأتي في هذا السياق الضغط الامريكي لوقف تنفيذ صفقة تبادل الأسرى التي اعلن الامريكان علناً أنها تضعف عباس والسلطة الفلسطينية، والتي كن من المفترض أنها اكبر انجاز لحركة حماس.
هذه المعلومات وغيرها، التي بدأت تنشر كل يوم في الصحافة الاجنبية ومنها الاسرائيلية، تدل دلالة واضحة لا لبس فيها أنه ليس من مصلحة حركة فتح ولا من مصلحة السلطة الفلسطينية انجاز ملف المصالحة الوطنية مع حركة حماس، فهم في الحقيقة لا يريدون غزة ضمن السلطة الفلسطينية، في الوقت الذي يسيطرون هم على الضفة الغربية، وهي مربط الفرس؛ فالمصالحة قد يترتب عليها اجراء انتخابات تفوز فيها مجدداً حركة حماس مما يضع أطرافا عديدة في خانة ضيقة، وهذه الاطراف جميعاً ليست مستعدة للوقوف في تلك الزاوية الحرجة، فتعطيل المصالحة هو الذي تريده امريكا واسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهو الذي يبقي حركة حماس خارج دائرة الفعل السياسي، وخارج التأثير في الحياة السياسية.
هذا الواقع قد يتزامن معه في الأيام القليلة القادمة حملة اعتقالات وتضييقات على كوادر حركة حماس ومناصريها، وقد تكون البداية ما حصل مع النائب ابو جحيشة.
على اساس هذه الخلفية فإن حركة فتح مطالبة باتخاذ موقف واضح من قضية المصالحة، ولا يكفي فقط طرح بعض المواقف الايجابية من المصالحة في الاجتماعات المغلقة للمجلس الثوري لحركة فتح، يجب ان تخرج الاصوات المخلصة عالياً لتقول أن الذي يعطل المصالحة الوطنية الفلسطينية هم أمريكا واسرائيل، ولا يجوز أن ترتهن مصالح الشعب الفلسطيني بحفنة من الدولارات التي تقدم لحكومة فياض.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة الصرفندي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق