الاثنين، 18 يناير 2010

العلامة القرضاوي والسلطة الفلسطينية

العلامة القرضاوي والسلطة الفلسطينية

بقلم : أ. سعيــد الصرفنــدي

لا شك أن الشيخ يوسف القرضاوي من المرجعيات القليلة في العالم السني التي لها قبول متميز؛ وذلك بسبب وسطيته التي شكلت علامة فارقة مقابل التشدد والتعصب الذي مثله علماء الوهابية، والذين كانوا حاضنة طبيعية للحركات التكفيرية بعد ثورة البترودولار، فالعلامة الشيخ القرضاوي يعتبر نقطة مضيئة في ظل سطوة الفكر الظلامي المدعوم ممن يسمون بالسلفية، فدعوته دعوة قريبة من الاسلام الذي آمنت به الشعوب المسلمة خلال تاريخها كله.

لقد كانت للشيخ القرضاوي مواقف مشرفة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؛ إذ كان منافحاً عنها ، داعماً للشعب الفلسطيني في كل مراحل جهاده ومقاومته للعدو الصهيوني، مسخراً الكثير الكثير من الجهد والوقت لجمع التبرعات لأهل فلسطين، وقد اتهمته دوائر صهيونية وامريكية بدعم الارهاب، وخاصة بعد فتواه الجريئة التي اباح فيها العمليات الاستشهادية في فلسطين، وهو جراء ذلك ممنوع من دخول كثير من الدول وبخاصة بريطانيا.

منذ تشكل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة كانت للشيخ القرضاوي مواقف انتقادية لهذه السلطة، ومنشؤها الفساد والتعاون الامني بين هذه السلطة والاحتلال الصهيوني، مما ازعج الكثير من رجالات السلطة الفلسطينية، وكان آخر فتوى خالف فيها سلطة رام الله هي حرمة بناء مصر لجدار الموت الفولاذي على حدودها مع قطاع غزة، مخالفاً بذلك أيضاً فتوى شيخ الأزهر في نفس الموضوع.

إن موقف الشيخ القرضاوي من سلطة رام الله وسياساتها جعله يظهر وكأنه مؤيد لحماس ضد فتح مما زاد من وتيرة العداء للشيخ القرضاوي، خاصة وأن الدعم لحركة فتح والسلطة في الخارج بدأ يتناقص وممن ساهم في ذلك موقف القرضاوي الداعم لغزة وصمود اهلها .

من كل ما تقدم فإن الهجوم على الشيخ القرضاوي من السلطة ومن اللجنة المركزية لحركة فتح عبر بيانها، يأتي في سياقه الطبيعي، ولكن غير الطبيعي اجبار الخطباء في يوم الجمعة المقبل على مهاجمة الشيخ القرضاوي.

لقد اجتمع وزير الاوقاف في سلطة رام الله، محمود الهباش، مع مدراء الاوقاف في محافظات الضفة وابلغهم أن هناك خطبة معدة من وزارة الاوقاف تتناول الشيخ القرضاوي وأن كل خطيب يخالف ذلك ويمتنع عن مهاجمة القرضاوي فهو مهدد بالفصل من وظيفته، وفي اليوم التالي تم توزيع الخطبة على الخطباء في مديريات الاوقاف التي يتبعونها مقرونة بالتهديد لكل من يخالف.

إن السلطة التي تمنع تسييس المنابر تريد من الخطباء أن يكونوا ابواقاً سياسية لها، وهذا من القمع والارهاب الفكري الذي لن يكون مقبولاً لا من الخطباء ولا من السامعين، وسيؤدي الى عزوف الناس عن المساجد.

إن خطبة الجمعة المقبلة في مساجد الضفة الغربية ستثير فتنة عظيمة، خاصة وان الناس يعلمون مكانة الشيخ القرضاوي ويحفظونها له، فكيف سيقف خطيب تم توظيفه بالواسطة لانتمائه السياسي، لا يعرف اركان الصلاة من شروطها ، ليهاجم العلامة الشيخ القرضاوي.

من العار ان يهاجم القرضاوي في وسائل اعلام السلطة وحركة فتح ، ومن العار اكثر ان يتم المقارنة بينه وبين نتانياهو، وكأن السلطة في موقع يتساوى فيه من يهاجمها، نتنياهو يهاجم السلطة ومحمود عباس لانه يريد منها ان ستكون سلطة كاملة العمالة لاسرائيل، والشيخ القرضاوي يهاجم السلطة بسبب تفريطها في ثوابت الامة وحقوق الشعب الفلسطيني, فهل يمكن أن تصبح منابر الجمعة مكاناً يهاجم فيه علماء الامة الاوفياء لله ورسوله والمؤمنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق