السبت، 10 يوليو 2010

اوباما ونتنياهو يجران عربة واحدة

اوباما ونتنياهو يجران عربة واحدة
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
منذ عدة أشهر اعتقد كثير من المراهنين على الخلاف الظاهري بين نتنياهو واوباما ان الأخير سيتخد مواقف حاسمة من قضية الصراع في الشرق الاوسط لصالح الطرف الفلسطيني، وهذه المراهنة كان لها ما يبررها عند كتاب الاعمدة اليومية الذين يتعاملون وكأنهم مراسلين سياسيين وليسوا محللين سياسيين، مغفلين استراتيجيات امريكا الثابتة في المنطقة والمتعلقة باسرائيل والشرق الاوسط، والحقيقة أن وسائل الاعلام المضللة والرسمية العربية، ساهمت بشكل مقصود في تضخيم الخلاف الظاهري بين اوباما ونتنياهو لتبرير التعلق بالسياسة الامريكية التي تسعى لحل عادل للقضية الفلسطينية وتحاول الضغط على اسرائيل، كما كانت وسائل الاعلام تلك تصور المشهد الامريكي الاسرائيلي.
العلاقة بين أمريكا واسرائيل، وخاصة فيما يتعلق بالشرق الاوسط، تأتي في سياق مشهد اوسع واهم من القضية الفلسطينية؛ إذ يعتبر الملف النووي الايراني احد الاضلاع المهمة في العلاقة الاسرائيلية الامريكية، فالادارة الامريكية تعلم أن البرنامج النووي الايراني لا يمكن وقفه، فهو مثل كرة الثلج التي تنحدر من أعلى القمة ومساحة السفح طويلة جداً، واسرائيل، تعلم حقيقة هذا البرنامج ولكنها تبتز الادارة الامريكية للتغاضي عن طرح حل ملزم للقضية الفلسطينية، وللاستفادة من التعاطف الدولي بسبب التهديد الايراني المزعوم.
الزيارة التي قام بها مؤخراً نتنياهو للبيت الأبيض أظهرت مدى العلاقة الحميمة التي ترتبط بها الادارة الامريكية مع اسرائيل، وتحديداً مع نتنياهو، فقد كان متوقعاً أن اوباما سيوبخ نتنياهو ويجبره على تقديم تنازلات للفلسطينيين، لكن النتائج جاءت مخالفة لكل تلك التوقعات، فلم يعد نتانياهو من البيت الابيض بخفي حنين، بل وضع خفيه على الطاولة امام الفلسطينيين، ليتحدث معهم بلغة جديدة تظهر قوته وتثير الفزع في قلوب الساسة الفلسطينيين، الذين كانوا كولد لجأ الى ابيه لينصفه من ابن الجيران الذي اعتدى عليه، فما كان من الأب الا ان دافع عن ابن الجيران ووبخ ابنه.
لم تناقش امريكا الاهانة التي تم توجيهها لها اثناء زيارة نائب الرئيس الامريكي للمنطقة، جو بايدن، وما عرف في حينه بأزمة "رمات شلومو" التي اعتبرت اهانة قاسية للسياسة الامريكية، وكان هذا دليلاً واضحاً على قبول تام بسياسة الاستيطان التي تمارسها حكومة نتنياهو، وأن الخلاف حول الاستيطان هو خلاف تكتيكي، يسعى كل طرف لتحقيق انجازات سياسية، فنتنياهو يريد ان يثبت أنه الطرف القوي الذي لا تلين له قناة في مسألة الاستيطان، حفاظاً على انجازات شخصية وحزبية، وكذلك الحفاظ على الائتلاف اليميني في الحكومة الاسرائيلية الحالية، اما اوباما فيريد من خلال التعامل مع قضية الاستيطان ان لا يتم اضعاف مصداقيته امام الاطراف الفلسطينية والعربية، لأن ذلك يشكل خطراً على مصالح امريكا في المنطقة ويقوي تيار الممانعة مقابل تيار الاعتدال
العوامل الحزبية الداخلية في امريكا لها ايضاً اعتبارات قوية، فانتخابات الكونغرس المقبلة تضغط على الحزب الديموقراطي لكي يتخذ اوباما موقفاً تصالحياً بل داعماً لاسرائيل ولنتنياهو على وجه الخصوص، حتى تبقى صورة اوباما باعتباره صديقا حميما لاسرائيل، وكان من اوضح مظاهر صورة الصداقة الدعم الامريكي لبرنامج اسرائيل النووي.
كل ذلك يؤكد أن الاتصالات مع الفلسطينيين ستبقى تراوح في مكانها، ولن يتم انجاز حقيقي على مستوى القضية الفلسطينية، وأن كل الجهود والزيارات المكوكية للسيد متشل هي لادارة الصراع وليس لحله، ولن يكون هناك تصادم ولو بالحد الأدنى بين اوباما ونتنياهو، لأن هناك مصالح مشتركة وكل من الحصانين يجر العربة نفسها.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق