الاثنين، 12 يوليو 2010

تحفظات حماس هي تحفظات الشعب الفلبسطيني

تحفظات حماس هي تحفظات الشعب الفلبسطيني
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
عندما تصاعد الحديث عن المصالحة الفلسطينية بعد واقعة اسطول الحرية، كانت الشكوك كثيرة حول نية المتحدثين عن المصالحة؛ لأنها كانت في جوهرها تنحصر في ضرورة توقيع حماس على الورقة المصرية ثم الاتفاق أو التعهد بالأخذ بملاحظاتها على الورقة المصرية، ثم إظهار حركة حماس وكأنها هي التي تعطل المصالحة بتعنتها وعدم قبولها بتوقيع الورقة المصرية، وكان من الطبيعي أن لا توقع حركة حماس دون ادراج ملاحظاتها على الورقة سواء كان ذلك باتفاق فلسطيني-فلسطيني أو كجزء ملحق مع الورقة المصرية نفسها، لأن جوهر ملاحظاتها منسجم مع الموقف الشعبي ، وهذه الملاحظات كما تعلن عنها قيادات حركة حماس محصورة في مسألتين: القيادة المؤقتة لمنظمة التحرير حتى اجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، ولجنة الانتخابات المركزية والتعهد بقبول نتائج الانتخابات.
لا شك أن الحديث عن شرعية منظمة التحرير الفلسطينية بتركيبتها الحالية، أصبح حديثاً ممجوجاً، فلا شرعية لها في الحقيقة الا عند الاسرائيليين والامريكان والانظمة العربية الرسمية؛ إذ لم تعد هذه المنظمة تعبر عن طموحات الشعب الفلسطيني بعد إن تخلت عن شعاراتها ومبادئها التي قامت على أساسها، وأهمها عودة اللاجئين وعدم الاعتراف بدولة الاحتلال، وأن فلسطين من البحر الى النهر، وأن الكفاح المسلح هو طريق تحرير فلسطين، فلقد نشأت هذه المنظمة في ظروف غير التي تعيشها في هذه الايام، وتغيرت شعاراتها بحكم تغير الواقع، لكن هذا التغيير لم يكن من حق القيادة بمعزل عن الشعب الفلسطيني؛ إذ استحقت منظمة التحرير شرعية تمثيلها للشعب الفلسطيني عند انطلاقتها ولو كان ذلك بدون انتخاب،كل ذلك بسبب التصاقها بأهداف وثوابت الشعب الفلسطيني، ولكن عندما دخلت دوامة العملية السلمية كان من المفروض ان تتم العودة للشعب الفلسطيني ليستفتى على المنهج والمنحى الجديد الذي التزمته منظمة التحرير، حتى تكون هناك شرعية حقيقية لتمثيلها للشعب الفلسطيني، وهذا ما تخشاه القيادة المتنفذة، فالشتات الفلسطيني لم يعد مؤيداً لهذه المنظمة بتوجهاتها الحالية ، ولا يمكن أن يفوز رموزها الحاليين بتوجهاتهم الحالية في أي تجمع فلسطيني في الخارج؛ إذ فلسطينييو الشتات متعلقون بقوة بحق العودة الذي اسقطته قيادات ورموز المنظمة الحالية، فلا مجال والحالة هذه أن يكون هناك تفويض وتأييد ومباركة من الخارج الفلسطيني للقيادة المتنفذة في منظمة التحرير وسياساتها وتوجهاتها، وطبيعي أن أي فشل لهم في التركيبة المستقبلية إذا جرت انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، معناه رفع السيف المسلط على رقاب الشعب ا لفلسطيني، وهو الالتزام بالاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير، وهذا معناه التراجع عن العملية السلمية ومنهج المفاوضات العبثية.
تغيير تركيبة المنظمة في المستقبل والقبول بقيادة مؤقتة حتى إجراء الانتخابات، هو مطلب فلسطيني بامتياز، والذين يعارضون ذلك هم امريكا واسرائيل والدول العربية، إضافة للقيادة الفلسطينية الحالية، التي تستخدم مومياء المنظمة كلما ارادت القيام بما يخالف توجهات الشعب الفلسطيني، وهنا يجب الاعلان بكل قوة أنه لا يجوز الحديث مطلقاً عن بقاء هذه المنظمة الى قيام الساعة مدعية تمثيلها للشعب الفلسطيني وهي لا تمثل في الحقيقة الا مصالح فئة ارتبطت مصالحها بالعملية السلمية التي حققت كل شيء ما عدا انجاز حقيقي واحد للشعب الفلسطيني.
اما على المستوى الداخلي، اي الضفة الغربية وقطاع غزة، فقد كانت النتائج واضحة، الشعب الفلسطيني لا يعطي حق التمثيل لقيادة هذه المنظمة، فلا يعقل بعد ذلك ان تبقى التركيبة الحالية مهيمنة ومسيطرة على الشعب الفلسطيني، ومن يدعي غير ذلك عليه أن يوافق على اجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، ومطلب حماس بتشكيلا قيادة مؤقتة حتى اجراء هذه الانتخابات هو مطلب فلسطيني، وليس مطلباً لحركة حماس فقط، فلا أدري ما هو وجه الاعتراض من حركة فتح على هذا التحفظ إذا اراتدت المصالحة الحقيقية.
أما المطلب الثاني، وهو تشكيل لجنة الانتخابات المركزية بالتوافق، وضمان الاعتراف بنتائج الانتخابات، فهو أيضاً ليس مطلباً لحركة حماس فقط،بل مطلب فلسطيني بامتياز؛ إذ كيف يطلب من الشعب الفلسطيني المشاركة في الانتخابات واعتبار التصويت واجب وطني ثم لا يلتزم المشاركون بنتائج هذه الانتخابات، بل إن عدم الموافقة على هذا المطلب يعتبر اهانة للشعب الفلسطيني.
اما لماذا يعتبر هذا الأمر مهماً قبل اجراء الانتخابات، فقد حققت حركة حماس اغلبية ساحقة في الانتخابات التشريعية عام 2006، وتعالت الاصوات في اليوم التالي من بعض قيادات حركة فتح تطالب باجراء انتخابات مبكرة، مما يعني فعلاً عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، وهذا معناه أنه اذا حصلت الانتخابات بدون ضمانات للاعتراف بنتائجها فإن دوامة العنف والاقتتال الداخلي مرشحة للعودة مرة أخرى، مما يعني انقساماً جديداً في حينه.
إن عدم الموافقة على لجنة انتخابات بالتوافق، معناه التلميح للتزوير في الانتخابات المقبلة، وهذا ما لا يقبله الشعب الفلسطيني مطلقاً، فقد جرت انتخابات نزيهة في المرة السابقة، ولا يمكن أن تكون نزيهة مرة أخرى الا بلجنة يتم تشكيلها بالتوافق بين مكونات الشعب الفلسطيني وأطيافه السيياسية .
إذا كانت هذه هي ملاحظات حركة حماس فهي في الحقيقة ملاحظات الشعب الفلسطيني كله، فلماذ1ا تعطيل المصالحة حتى الآن .
sarafandisaed@yahoo.com
مدونة الصرفندي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق