الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

المطلوب فلسطينياً

المطلوب فلسطينياً
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي
استحالة السلام مع الصهاينة لم يعد أمراً يحتاج الى دليل، فكل الحيثيات والمؤشرات تؤكد أن الحكومات الاسرائيلية تمثل الشارع الإسرائيلي حق التمثيل، فالتعنت الصهيوني مرده الى يمينية المجتمع الاسرائيلي الذي يرى معظمه أن لا داعي لتقديم أي تنازل للفلسطينيين من أجل تحقيق السلام.
عندما قامت دولة الكيان االصهيوني عام 1948 ، كان عدد كبير من سكانها قد شاهد عياناً آثار وبقايا السكان العرب، فالبيت الذي سكنه اليهودي، قد وجد فيه مصحفاً على سبيل المثال او أي كتاب باللغة العربية، او خربشات اطفال على الجدران أيضاً بلغة عربية، مما كان يعني استعداداً نفسياً لقبول حل وسط مع الفلسطينيين، أما المواطن الاسرائيلي الذي ولد وترعرع في ظل الكيان القائم، فإن تربيته المدعمة بالواقع خلقت عنده قناعة بأن هذه البلاد له وحده ولا يجوز ان ينازعه في ملكيتها أحد، وأنه لا يجوز أن يتنازل عن شبر منها لأن ذلك خيانة غير مقبولة، وكل سياسي يريد التنازل فإنه سيعاقب من خلال صناديق الاقتراع، ولذلك أصبحت الحكومات الاسرائيلية أكثر تطرفاً ويمينية؛ لأن الخط البياني للمجتمع الاسرائيلي يتجه بكل قوة الى جهة اليمين والعنصرية.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإن هذا المواطن الذي يؤمن بأن هذه البلاد له وحده، ليس مجبراً على التنازل؛ لذلك يكون السؤال عنده مشروعاً ومبرراً، لماذا نتنازل؟ من اجل السلام؟ السلام حاصل، وليس هناك تهديد وجودي يدعو للتنازل، الامن مصان سواء من قوات الاحتلال او أجهزة الأمن الفلسطينية، فلماذا نتنازل عن حقوقنا؟
إزاء هذا الواقع، ما هو المطلوب فلسطينياً :
اولاً: تحقيق المصالحة الفلسطينية، فقد أثبتت الإحصائيات أن التنسيق الأمني والعمليات المشتركة بين الاجهزة الأمنية الاسرائيلية والفلسطينية، ازداد في السنة الأخيرة بنسبة 72% عما كان في العام الماضي، أي ان الأمن متحقق للمواطن اليهودي، فلا يفكر في السلام مع الفلسطينيين وهذا ما اشار اليه مراسل "النيوزويك" في اسرائيل مؤخراً، فالمصالحة الفلسطينية الداخلية تمنع وجود تنسيق أمني ويجب أن تسمح بعمليات عسكرية ضد اسرائيل مما يعني احساساً بالخطر الوجودي المفضي الى الاستعداد للتنازل من أجل الأمن، ويكفي الإشارة الى الاحاديث التي تناولت استعداد رابين للتنازل عن نسبة في خانة التسعينات، انها كانت في ظل او بعد العمليات الاستشهادية التي هزت المجتمع الاسرائيلي، أما الآن وقد تحقق الأمن في ظل الانقسام الفلسطيني فيكون من أوجب الواجبات فلسطينياً إنجاز ملف المصالحة الوطنية على أسس تحفظ حق المقاومة والتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية.
ثانياً: التراجع عن قرارات قمة الرباط عام 1974 التي اعتبرت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فالوقائع تؤكد أن اعظم منجزات امريكا واسرائيل على صعيد القضية الفلسطينية كان اعتبار المنظمة ممثلاً شرعيا ووحيداً للشعب الفلسطيني؛ لأن ذلك أعفى العرب من مسؤولياتهم القومية تجاه القضية الفلسطينية، وأصبح الزعماء العرب لا يجدون غضاضة بالقول : لن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، وأننا نوافق على ما يوافق عليه الفلسطينيون، وكان الحكام العرب يعلموا ان تحميل القضية للفلسطينيين وممثليهم يعني أنهم سيتنازلون لأنهم سيكونوا معزولين وضعفاء، وهذا ما حصل؛ فمنذ تسلمت قيادة المنظمة زمام الشأن االفلسطيني ونحن ننتقل من إخفاق وفشل الى إخفاق وفشل أكبر، اما ما يزعمه المتحدثون السياسيون والإعلاميون من أن المنظمة استطاعت أن تحافظ على الشخصية الوطنية الفلسطينية وأن تجعل القضية الفلسطينية قضية عالمية، وأن عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين أكبر من الدول التي تعترف بإسرائيل...الخ هذه المعزوفة التي ساهمت في تضليل الشعب الفلسطيني وأوصلته الى ما وصل اليه ووصلت اليه قضيته، فالشعب الفلسطيني الذي يعترف بدولته عدد كبير من دول العالم لا يستطيع رئيسها الانتقال من مدينة الى مدينة الا بموافقة صهيونية، والشعب الفلسطيني الذي تم الحفاظ على هويته الوطنية يرى غول الاستيطان كل يوم يبتلع ارضه ويسرق ثرواته، ثم ينظر الى العالم فيجده غير قادر على اجبار اسرائيل على تجميد الاستيطان، فما معنى كل الشعارات التي حققتها المنظمة، لذلك فالواجب فلسطينياً التخلي عن شعار أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني؛ لأن قضية فلسطين قضية عربية واسلامية بامتياز، فيجب ان يقول العرب والمسلمون قولاً في قضية فلسطين، وأن تبدأ الشعوب العربية والاسلامية بمحاسبة حكامها على التفريض بقضية فلسطين، قضية العرب والمسلمين الأولى.
ثالثاً: ان يتم الاعلان وبموافقة القوى الفلسطينية الفاعلة، عن الثوابت الفلسطينية التي تشكل قاسمأ مشتركاً بين الجميع ، والمتمثلة بـ: حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى ديارهم التي هجروا منها عام 1948 وحقهم بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم وبأبنائهم حتى اليوم، وحق اقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 67 بما فيها القدس الشرقية_مع الاحتفاظ بحق بعض القوى اعتبار هذا حلاً مرحلياً-، وتكون تلك الحدود الية من أي مستوطنة أو مستوطن يهودي، وأن أي مفاوضات يجب ان تجري فقط حول الترتيبات لانجاز هذه الثوابت، لا ان تكون هذه الثوابت خاضعة للمساومة والتنازل.
sarafandisaed@yahoo.com
مدونتي الخاصة: "مدونة الصرفندي"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق