الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

الرد على الأخ احمد النعيمي

الرد على الأخ أحمد النعيمي
بقلم: أ. سعيــد الصرفنــدي*
منذ بدأت الكتابة على صفحات"دنيا الوطن" انبرى عدد محدود من الاخوة الكتّاب يعارضون بعد الأفكار التي تضمنتها مقالاتي، مقارنة بعدد كبير من الكتّاب والمعلقين الذين يثنون على ما أكتب، وقد تبين لي أن كوكبة المعارضين هذه تملك وجهة نظر محددة، يتمسكون بها ويدافعون عنها، وهذا حقهم، وأنا لا أنكر حق المخالفة لمن خالفني، ولكن الملفت للإنتباه أن هذه المجموعة بينها مشترك آخر غير الفكرة التي يدعون اليها، وهذا المشترك يتمثل في مفردات الشتم والتخوين والتكفير لكل من خالفهم، مما يدل على ضيق أفقهم، وقلة بضاعتهم من العلم.
ومن الذين يتصدون لمقالاتي الأخ أحمد النعيمي، وكنت كتبت مقالاً ارد عليه بعنوان" أحمد النعيمي : لن أرد عليك بطريقتك"، وكان مقاله قد تضمن الكثير من الشتم والقدح والتخوين الذي يترفع عنه أهل العلم، وقد عزمت أن لا أرد على أحد من تلك المجموعة، إلا أن المقال الأخير الذي كتبته بعنوان " كيف نفهم الحديث والسنة النبوية" قد تصدى للرد عليه الأخ أحمد النعيمي بمقال تحت عنوان"الرد على الشبه التي أثارها الأستاذ الصرفندي ، وأستاذه غاستون ويت"، مما جعلني ملزماً بالرد عليه لما فيه من أباطيل وأراجيف بما يلي :
1. كل من قرأ مقالي يجد أن النعيمي يسوق في مقدمته مدحاً لشيء غير موجود في المقال، فقد اخترع شيئاً يوافق رأيه وادعى إنني قلته، وهذا يدل على عدم قرائته قراءة تؤهله للرد على مقالي؛ إذ الرد يحتاج الى قراءة متأنية متدبرة، وهذا ما لم يفعله الأخ النعيمي انطلاقاً من موقفه المسبق من شخصي، وهذا قمة السقوط، وهو دليل على ما اردده دائماً أن هناك جملة من العوامل التي تؤثر في فهم النص، منها موقف القاريء المسبق من الكاتب؛ فإذا كان موافقاً له مدحه وتأول أقواله، وإذا كان مخالفاً له فإنه يحوّر اقواله التي يتفق فيها معه ليؤكد على التعارض والاختلاف بينهما.
2. فرية التأثر بالمستشرقين، فالأخ النعيمي، مثله كمثل باقي الكوكبة الرائعة التي تهاجمني، يتهمني بالتأثر بأقوال المستشرقين، ومع أن هذه الشبهة كنت قد رددت عليها كثيراً ومطولاً الا أنني اجدني مضطراً لتلخيص موقفي من هذه المسألة على النحو التالي:
· بعد الاطلاع على أقوال المستشرقين وجدت أنه لا يجوز وضع المستشرقين في سلة واحدة، فمنهم من بدأ دراساته الاستشراقية وليس عنده نتائج مسبقة، فحيثييات البحث هي التي كانت تقوده الى النتائج، وهؤلاء لا يجوز مهاجمتهم مطلقاً لأنهم مستشرقون، وقد استفاد الباحثون من المناهج التي اعتمدها هؤلاء المستشرقون، فهي مناهج علمية بحته، وهناك مستشرقين اعلنوا اسلامهم ودافعوا عن الاسلام مثل روجيه غارودي المستشرق الفرنسي ،فالباحث الذي يضع النتائج قبل بداية البحث ثم يحرّف المعطيات ليسوقها الى النتائج المسبقة، لا يكون باحثاً على الحقيقة، وإنما جزء من آلة فكرية يكون منظّراً لها.
· هناك قسم آخر من المستشرقين، على النقيض من القسم الأول، بدأوا دراساتهم الاستشراقية من أجل الوصول الى نتائج وضعت مسبقاً، كدراسات المستشرقين اليهود الذين حاولوا التأكيد على مقولاتهم التوراتية المحرفة من خلال تحريف الأدلة أو اختراعها للتناسب مع أهدافهم.
· لا يكون الرد على المستشرقين بكل أقسامهم من خلال القول "هذا رأي المستشرقين" و"هذا تأثر بالمستشرقين"، فالمستشرقون اصحاب النوايا السيئة نشروا أفكارهم في العالم كله، وممن تلقى أفكارهم واطلع عليها أبناء المسلمين أيضاً، وقد أثارت شُبَهُ المستشرقين أسئلة جدية حول الاسلام بشكل عام، ولما طرح ابناء المسلمين تلك الشبهات على علماء ليس لهم من العلم الا الإسم، كانت الإجابة "هذه أفكار مستشرقين"، فبقيت الشبهات دون رد علمي يبطلها ويفندها؛ لذلك من المخجل أن يتم الرد على كل ما قاله المستشرقون بجملة واحدة" هذه اقوال المستشرقين"، بل يجب مناقشة ما قاله المستشرقون حتى تزول تأثيراتهم على ابناء المسلمين.
3. اما في ما يتعلق برواية الحديث بالمعنى، فهو مما لا ينكره الا أعمى البصر والبصيرة، انظر ما قاله الشيخ ابراهيم بن عبد الله اللاحم من علماء المنهج السلفي، في شرحة لكتاب اختصار علوم الحديث:" فرع آخر: وأما رواية الحديث بالمعنى فإن كان الراوي غير عالم ولا عارف بما يحيل المعنى، فلا خلاف أنه لا تجوز له روايته الحديث بهذه الصفة، وأما إن كان عالما بذلك بصيرا بالألفاظ ومدلولاتها وبالمترادف من الألفاظ ونحو ذلك، فقد جوز ذلك جمهور الناس سلفا وخلفا، وعليه العمل كما هو المشاهد في الأحاديث الصحاح وغيرها " أي أنه لا ينكر رواية الاحاديث بالمعنى مع وجود ضوابط عقلية لا دليل عليها من الشرع. ومن الأمثلة على ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المعروف:" ولا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" فقد رواه هشيم عن شيخه الزهري بالمعنى فقال:" ولا يتوارث اهل ملتين شتى"، فانظر كيف اختلف المعنى ، فالحديث الأول يمنع التوارث بين المسلم والكافر، أما هشيم فجعل التوارث ممنوعاً بين أهل ملتين، وشتان بين المعنى المقصود من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين ما قاله هشيم، فقد جعل التوارث ممنوعاً بين اهل ملتين فلا يرث المنصراني اليهودي ولا المجوسي ..الى غير ذلك، وهذا مما لا يقول به أحد من علماء المسلمين. وكذلك حديث ابن مسعود " الصلاة على وقتها" رواه البخاري: مواقيت الصلاة، 527، وهذا مهناه أن الصلاة في أول الوقت أو في آخره فهي سواء؛ لأن الصلاة فرض موسع يؤدى في اول الوقت أو في آخره ولا فضل لمن أداها في أول الوقت عمن أداها في آخر وقتها، ولكن هناك من روى الحديث بالمعنى فقال:" الصلاة في أول وقتها" فقال العلماء إنه رواه بما فهمه من الحديث وأخطاء في هذا الفهم. .. رواه بالمعنى. فيكون هذا الأمر ثابت عند العلماء الراسخين، أما من يحاول السباحة على شواطئ العلم فيظن أنه أمر منكر. وأما ما سقته من أمثلة فهي يست أكثر من كلام انشاء نقلته بالقص واللصق فلا يستحق الرد
4. اما عن قولي في صحيح البخاري ومسلم، فهذا قول كثير من أهل العلم، أن هناك تناقضات في البخاري ومسلم، ولكن لا يعرفها الا اهل العلم، ودعنى اسوق لك قول ابن باز في الامام مسلم: " ومما اخذ على مسلم- رحمه الله-رواية حديث ابي هريرة: أن الله خلق التربة يوم السبت ..الحديث ، والصواب ان بعض رواته وهم برفعه للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من رواية ابي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار،لأن الآيات القرآنية والاحاديث الصحيحة كلهاكلها قد دلت على أن الله سبحانه قد خلق السموات والارض وما بينهما في ستة أيام ...وغلط كعب الاحبار ومن قال بقوله في ذلك وانما ذلك من الاسرائيليات الباطلة" مجموع فتاوى ومقالات، الجزء الخامس والعشرون، جمع واشراف الدكتور محمد بن سعد الشويعر، دار القاسم. فماذا تقول انت ، هل في صحيح مسلم اسرائيليات واباطيل ام لا، وسوف يكون لي إنشاء مقال مستقل في تناول صحيح مسلم وصحيح البخاري.
5. اما ادعاؤك بأن الله تكفل بحفظ السنة، فالحديث السابق دليل على كذب هذا الادعاء وأن الله بريء منه، فكيف يكون الله تكفل بحفظ السنة وفي أصح الكتب ما يوصف بأنه من الاسرائيليات الباطلة.
أي عقل ذلك الذي في رأسك ، وعمن تعلمت العلم يا نعيمي .
هداك الله الى الحق، واكتفي بالرد عليك لعل في هذا كفاية.
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة: sarafandisaed.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق