الأحد، 6 ديسمبر 2009

رسالة الى الاخوة في حزب التحرير

رسالة الى الأخوة في حزب التحريربقلم: أ। سعيد الصرفندي
تاريخ النشر : 2009-07-03
القراءة : 512

رسالة الى الأخوة في حزب التحريربقلم: أ। سعيد الصرفنديالسلام عليكم ورحمة الله:لم أكن أعلم أن بعض مقالاتي ستثير ما أثارته عند شباب الحزب، وكم فاجأني أن يرد عليّ المهندس أحمد الخطيب، عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير- فلسطين، وفوجئت أكثر عندما اظهرت كلماته نزقاً وعصبية لا تليق بمثله، فلم أجد تفسيراً لهذا التصرف إلا أنها نتيجة للتأثير الذي احدثته، وبخاصة المقال المعنون بـ " الدولة الاسلامية بين خلافة حزب التحرير والدولة المعاصرة" ، خاصة وأن القراء لهذا المقال على وجه الخصوص(أو على الأقل الذين قرأوا جزءا منه) تجاوزوا الألف وسبعمائة قاريء.الاخوة في حزب التحرير : لا احد يملك الحق بالقول: إنني وحدي على الحق ويزكي نفسه بنفسه " قل الله يزكي من يشاء"،سواء كان القائل فرداً أو جماعة أو حزباً،سيما إذا كان الأمر مرتبطاً بمسائل يتم التوصل اليها بالاجتهاد أو من خلال البحث في الواقع، فالإجتهاد يكون بغلبة الظن فلا يرجح ظنك على ظن الآخرين شيئاً؛ لأن رتبة الدليل واحدة،واما المسائل المتصلة بالبحث في الواقع فإن العقل السليم يعترف بأن قدرات البشر متفاوتة في قدرتها على اكتشاف كنه الواقع وعلاقاته بغيره من الاحوال التي يؤثر هو فيها أو تؤثر فيه، وبذلك لا تكون النتائج هنا أكثر من نتائج نسبية تتغير بتغير قدرتنا على اكتشافٍ أفضل للواقع ، ولكننا مع ذلك كبشر لا بد أن تكون لنا افكار نتبناها في كل جوانب الحياة، فلا يوجد إنسان إلا وله وجهة نظر سواء أظهرها أم لم يظهرها،سواءً كانت وجهة النظر هذه صحيحة أم لا، مطابقة للواقع أم لا، ووجهة النظر هذه يعتنقها الانسان إما تحقيقاً أو تقليداً، وللأسف نجد أن كثيراً من الناس وبسبب انضمامهم الى جماعات وأحزاب يدافعون عن متبنياتهم دون أن يتعرفوا الى الأفكار المخالفة لهم، وهذا يعكس أحياناً أزمة الإنتماء لجماعة، وهي أزمة ذات ايحاءات ايجابية لأنها تعبير عن حقيقة الإنسان الذي قال عنه ابن خلدون: "الإنسان مدني بالطبع"؛ إذ يحتاج الإنسان الى الانضمام الى جماعة فيتنازل عن أفكاره ومقاييسه الخاصة لصالح أفكار ومقاييس الجماعة التي ينتمي اليها،خاصة إذا كان ضعيفاً ووجوده في الجماعة يعوض حالة الضعف هذه، ومع الوقت تقفز مفاهيم الجماعة لتصبح هي المعيار الذي يحكم به على كل حال، وقد أعجبني قولٌ لأحد العلماء السابقين : " إذا أردت أن تكتشف خطأ شيخك فجالس غيره"؛ إذ قد يتعرف أحدهم الى شيخ فيعتقد أنه بقية العلماء المجتهدين في الأرض، لم تنجب النساء مثله، ولكنه إذا تعرّفَ الى شيخ آخر اكتشف أن شيخه الأول لم الا مسكيناً مدعياً للعلم، وأنه عند أتباعه شيء كثير، صحيح أنه أعور ولكنه بين عميان، وكما يقول المثل العامي : " الأعور بين العميان ملك " . الأخوة في حزب التحرير: عندما أكتب لا أقول للآخرين: إنني على الحق، ولا حق إلا ما أقول، ولكنني أحاول تجنيدهم لوجهة نظري؛ من خلال مخاطبة عقولهم إذا كانت المسألة تحتاج الى دليل عقلي، والاستدلال بالدليل الشرعي إذا كانت المسألة تحتاج الى دليل شرعي، إلا أنني عند الاستدلال بمصدر التشريع الأول وهو القرآن وما لا يخالفه عندي من السنة، سواء كانت المخالفة للدليل الجزئي من القرآن أو للأدلة العامة التي تظافرت الآيات على تبيانها؛ فإنني أدرك أن الله يقصد المعنى المطلق ونحن نفهم المعنى النسبي الذي يتناسب مع طاقتنا البشرية العاجزة والقاصرة؛ لأن الكمال لله وحده، والإنسان يسير في طريق الكمال، فلا يملك أحد أن يقول بأن الله يقصد كذا على وجه القطع من خلال الدليل الظني أو القطعي في دلالته؛ فإن المعنى المقصود قد يتغير بتغير الزمان والمكان؛ إذ الخلاف بين الناس ليس على ثبوت الدليل فقط ؛ ولكن على فهم الدليل وكيفية الاستدلال بالدليل أيضاً، وهنا أسوق دليلاً على هذا : وهو تفسير العلماء السابقين لقوله تعالى: ( ويعلم ما في الأرحام ) فقد حصر العلماء السابقين علم الله في هذه المسألة : أنه يعلم أذكر في رحم المرأة أم أنثى، وهذا التفسير كان هو الوحيد المقبول في ذلك الزمان. ولكن هذا التفسير لم يعد مقبولاً مع أن دلالة الآية كانت عند القدامى قطعية. واعضد استدلالي كذلك في مسألة أخرى؛ فإن الآيات التي دلت على أن خروج الإنسان من مني الرجل لا تعد ولا تحصى، وكانت دلالتها قطعية عند العلماء السابقين أن التقاء ماء الرجل بماء المرأة ( الحيوان المنوي بالبويضة) هو السبيل الوحيد لتكون الجنين، أو أن تخلق الجنين من ماء دافق ،ولكنها لم تعد كذلك في زمن الاستنساخ إذ لا يلزم وجود الحيوان المنوي ولا وجود الذكر أصلاً . كل ذلك يجعلنا صغاراً أمام الحقيقة المطلقه التي تكلم بها الله في كتابه العزيز، فلا يكون ادراكنا لمعانيها الا بشكل نسبي . الأخوة في حزب التحرير: إن الأمة الإسلامية تقودها فكرياً مجموعة من الجماعات والأحزاب، وكل جماعة أو حزب يمتلك منهجاً في العامل مع النصوص الشرعية يختلف مع الآخر، وليس الابداع في مهاجمة الآخرين بل بإقامة الدليل المقنع لمن يقلد هذا الحزب او ذاك. لذلك كفوا عن تخوين الآخرين واتهامهم بشتى التهم، لا لشيء الا لأنهم يخالفونكم في المنهج.الأخوة الأعزاء : كلي أمل أن تكون رسالتي هذه طريقاً الى فتح القلوب والعيون المغلقة لكي نعلم أن الوصول الى شاطيء الحق لا يمكن أن يكون بركوب سفينة الباطل، وأن الباطل كل الباطل هو اتهام الآخرين فقط لأنهم يخالفون فهمنا نحن، وليس لمخالفتهم لله رب العالمين.sarafandisaed@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق