الأحد، 6 ديسمبر 2009

إن لم تكن مقاومة فلا اقل من ثقافة المقاومة

إن لم تكن مقاومة فلا اقل من ثقافة المقاومة بقلم : أ.سعيد الصرفندي
تاريخ النشر : 2009-06-24
القراءة : 18

إن لم تكن مقاومة فلا اقل من ثقافة المقاومةبقلم : أ.سعيد الصرفنديالذين سكوا شعار المفاوضات ثم المفاوضات على وجهي عملتهم ؛ عرف الاحتلال أن لهم وجهاً واحداً لا يمكن أن يتغير ولو كان الوجه الآخر مخفياً فهو معروف لهم ... إنه المفاوضات؛ لذلك لا يخاف منهم ولا يستحي .ولأن لنا مدرسة متميزة في مجال المفاوضات- حيث أن الحياة مفاوضات- فنحن لا نعترف بمدرسة المفاوضات التقليدية التي تفترض أن يكون المفاوض متسلحاً بأسباب وعناصر القوة، ونعتبر أن عنصر القوة الوحيد على طاولة المفاوضات هو فصاحة اللسان سواء بالعربية أو الإنجليزية . لهذا لم تكن الانجازات إلا كلاماً في وسائل الإعلام .من المؤكد أن الشعوب التي لها قضايا عالقة لم تحل ، وتتصل هذه القضايا بمستقبل تلك الشعوب ، لا يجوز للسياسيين الطارئين على سدة الحكم أن يضعوا حلولاً لقضايا شعوبهم المستقبلية ، سواء كان وجودهم على سدة الحكم بطريقة ديمقراطية أو بتسلطهم على رقاب الناس جبراً عنهم ، فليس من حق أحد باعتباره حاكماً أن يتجاوز دوره وحدوده بوضع حلول قد لا ترضى عنها الأجيال المقبلة؛ إذ الضعف الذي يعيشه السياسي في هذا الزمان لا يبرر التنازل عن حقوق الأمة وخاصة إذا كانت هذه الحقوق محل إجماع من جماهير الأمة كلها وتتصل هذه الحقوق بهوية الأمة وحضارتها وشخصيتها المميزة .هل كان يجوز لحكام دولة كمصر أن تتنازل عن سيناء لليهود لأن النظام المصري لم يكن قادراً على تحريرها ، أم هل يجوز للحاكم في سوريا أن يتنازل عن الجولان المحتل لأن موازين القوى ليست في صالحه ، لا يجوز ذلك لأن النظام السياسي والحكم القائم طارئ على البلاد حتى لو كانت نسبة 99.99% حقيقية .لذلك فإن قضية فلسطين- بعيدا عن الرواية التوراتية- هي قضية شعب اغتصبت ارضه وشرد من وطنه ليقيم فيها شعب لا ينتمي الى هذه الأرض، وطنا له ودولة. هذا هو جوهر القضية الفلسطينية، وهذا الجوهر لا يتغير ولا يجوز له أن يتغير ، ولا يملك أحد أن يغيره كما يشاء تحت ذريعة أنه يملك شرعية انتخابية؛ لأن هذه الشرعية ليست مطلقة، فهي مقيدة بعدم التنازل عن حقوق الأجيال المقبلة بسبب طبيعة القضية الفلسطينية المتميزة.وهنا يبرز السؤال التالي : ماذا فعلت المقاومة ومشروعها، هل حققت تحرير شبر واحد من الأرض المحتلة؟ وإذا كان الجواب لا، فما هي جدوى المقاومة في ظل اختلال توازن القوى بين الشعب الفلسطيني ودولة اليهود، بل بين دولة اليهود والدول العربية مجتمعة؟؟؟لا أقول بأن هذا سؤال مهزوم، بل هذا سؤال نشأ في ذهنية مهزومة لا ترى سقفاً لطموحها الا ما وضعه لها الآخرون، ويكشف عن الأنانية المفرطة التي لا ترى في الوطن الا مشروعاً نفعياً آنياً ، فإذا تحقق لبس أصحابه ثوب الوطنية وأطلقوا الشعارات التي يعجز عنها أفصح الفصحاء وأبلغ البلغاء .ليس هناك خلاف على أن المقاومة لم تحقق حتى الآن تحرير جزء من فلسطين(حسماً للجدال والاختلاف حول قطاع غزة)، ولكن هذه النتيجة لا تلغي حاجة الشعب الفلسطيني الى المقاومة،سواء كانت المقاومة المادية أو المقاومة كثقافة.نحن شعب تحت الاحتلال، ومقاومة هذا الاحتلال مشروعة بل وواجبة في قوانين البشر جميعاً، ولا نعلم شعباً من شعوب الأرض كلها ينكر مشروعية مقاومة الاحتلال إذا وقع لأرضه؛ إذ أصبح هذا الأمر جزءا من مكونات الشعوب الحية، علماً أنه لا يوجد على سطح الكرة الأرضية شعب يوصف بأنه شعب ميت، حتى لو لم يكن له عمق قومي وعمق ديني كما هو حال الشعب الفلسطيني .المقاومة المادية للاحتلال تخضع للمد والجزر، فهي تبع للظروف المحيطة بالمقاومة؛ إذ تتدخل جملة من الظروف الموضوعية في اشتداد وتيرة المقاومة المادية أو ضعفها ، وصولاً في بعض الحالات الى توقفها كلياً، وهذا خاضع لقراءة القوى المقاومة، علماً أن هذا لا يلغي الاستعداد لممارسة المقاومة المادية إذا زالت الظروف التي تحكمت في قوتها أو ضعفها.أما القول بأن هذه المقاومة لا تحقق انتصاراً مادياً فلا مشروعية لها، فهو قول لا تقوم به حجة؛ إذ ليس المطلوب من المقاومة أن تحقق انتصاراً مادياً على قوى الاحتلال – مع أن هناك حالات حدث فيها ذلك- ، ولكن الحد الأدنى المطلوب تحقيقه من المقاومة هو إزعاج المحتل، فلا يجوز أن ينام المحتل نوماً هنئياً دون أن ينغص الشعب الواقع تحت الاحتلال نوم محتليه .أما الذين لا يجدون جدوى من إزعاج المحتل تحت حجة كثيرة وقد يجدون منها يقنع نفوسهم المهزومة فلا أقل من الحفاظ على ثقافة المقاومة، إذ لا يعقل لشعب تحت الاحتلال أن يقوم ابناؤه بالتطبيع مع المحتل وكأنهم والاحتلال دولتين جارتين لا مشكلة بينها البته.ثقافة المقاومة يجب أن تكون حاضرة في كل جوانب الحياة : في المدرسة ومناهج التعليم والمسجد، حتى لا يأتي جيل من الشعب الفلسطيني لا يرى في الإحتلال الا ضحية بريئة، فتزول مشاعر العداء والحقد ويجرم من يحملها استجابة للشرعية الدولية ، معه بقاء الاحتلال .أما القول بأن الاتفاقيات الدولية والإتفاقيات التي وقعت مع الاحتلال تدين التحريض وثقافة المقاومة ولا يجوز مخالفة هذه الاتفاقيات، فهو ليس من حق أحد إذ الاحتلال يتطلب المقاومة وإن كانت المقاومة المادية غير متاحة فلا أقل من الحفاظ على ثقافة المقاومة التي ترى في المحتل عدواً لا بد من التخلص منه.sarafandisaed@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق