الأحد، 6 ديسمبر 2009

هل يدرك المؤتمر السادس التحولات الداخلية الفلسطينية

هل يدرك المؤتمر السادس التحولات الداخلية الفلسطينية بقلم: أ . سعيد الصرفندي
تاريخ النشر : 2009-08-03
القراءة : 454

هل يدرك المؤتمر السادس التحولات الداخلية الفلسطينيةبقلم: أ । سعيد الصرفندي.عندما تعقد حركة أو حزب مؤتمره العام، الذي يعتبر أعلى هيئة قيادية ؛ فإن هذا المؤتمر خلال انعقاده، يتناول- من ضمن ما يتناول- المتغيرات التي حدثت خلال الفترة الواقعة بين عقد المؤتمر السابق والمؤتمر الحالي، ويتم استعراض المتغيرات بدقة بالغة؛ لأن الحركة أو الحزب كائن اجتماعي فهو عند صياغة برنامجه السياسي للمرحلة المقبلة وتحديد المهمات المستقبلية، يتأثر بجملة من العوامل والظروف التي تؤثر عليه قطعاً.مؤتمر فتح السادس سوف يستعرض التطورات الإقليمية والدولية ، فلا بد أن يشير اقليمياً الى خروج العراق من ساحة الصراع العربي الاسرائيلي مما يشكل عامل ضعف اقليمي للقضية الفلسطينية، وكذلك يستعرض حالة الترهل العربي والإسلامي مما أضعف القدرة على التصدي للعدوان الإسرائيلي، كل هذا الاستعرض يقصد منه ايجاد المبررات لما آلت اليه حركة فتح التي اصبحت في الحقيقة هي السلطة الفلسطينية .كذلك سيتم الإشارة دولياً الى غياب الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية التي كانت تشكل حليفاً وصديقاً مخلصاً للثورة الفلسطينية على الساحة الدولية كما كان يتم تصويرها ، وأن هذا الغياب، إضافة الى تفرد أمريكا بالهيمنة على العالم، كل ذلك أدى الى خفض سقف الطموحات والتوقعات للثورة الفلسطينية؛ إذ ليس بالإمكان أكثر مما كان ...لم تكن السطور السابقة استعراضاً للتغيرات الإقليمية والدولية، ولكنها إشارة الى ما سيتم استعراضه وبأدق التفاصيل، باعتبارها تغيرات كانت تتطلب من حركة فتح التنكر لمنطلقاتها وسياساتها التي أقرها المؤتمر الخامس قبل عشرين عاما، وهذا الأمر طبيعي، بل لا يمكن التنكر للتغيرات الاقليمية والدولية، فلا تستطيع حركة فتح القفز عن تلك المتغيرات وتجاوزها، ولكن المطلوب –وهو ما لن يتم- استعراض التغيرات على السياحة الفلسطينية الداخلية واستخلاص العبر والدروس منها.هل ستتعامل حركة فتح مع التغيرات الداخلية فتعترف أنها لم تعد القوة الأولى على الساحة الفلسطينية، من خلال استعراض الوقائع والحيثيات التي لا يجوز أيضاً تجاوزها والقفز عنها.عندما انطلقت حركة فتح باعتبارها حركة تحرر وطني لم يكن في الواقع من ينافسها في ذلك الحين ، فقد استطاعت حركة فتح أن تكون إطاراً جامعاً لمعظم القوى والتيارات الفلسطينية،إذ كان العمل المسلح هو الذي يجمع الفلسطينيين جميعاًَ، فالمتدين كان يرى في تبني فتح للكفاح المسلح شكلاً من أشكال الجهاد المطلوب شرعاً وإن لم تتبناه فتح على خلفية دينية، كذلك كان حملة الفكر الماركسي داخل فتح يرون أن الكفاح المسلح يعتبر جزءاً من الثورة العالمية ضد الإمبريالية والصهيونية ، كذلك أصحاب المنطلقات الوطنية والقومية لم يجدوا تناقضاً مع حركة فتح، فلم تكن حركة فتح القوة الأولى باعتبار منطلقاتها الفكرية، بل يمكن القول أن الحالة الفكرية لحركة فتح لم تكن واضحة منذ انطلاقتها، وهذا كان أحد أهم عناصر قوتها؛ لأن تلك المرحلة كانت تتطلب التركيز على العمل وليس على الأفكار، ولكن هذا الواقع تغير فلا بد من الاعتراف بهذا التغير والإستفادة منه عند صياغة المهمات المستقبلية.الساحة الفلسطينية لم تكن في يوم من الأيام معزولة عن الواقع الإقليمي والدولي، لذلك كانت الساحة الفلسطينية تستجيب بشكل طبيعي لمجمل التغيرات الحاصلة في دول المحيط ابتداءً وكذلك على الساحة الدولية.عندما انتصرت الثورة الإيرانية بدأت تؤثر بأشكال مختلفة على الجماعات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي، وهذا التأثير كان بأشكال مختلفة بحسب الواقع الذي تعيشه هذه الحركة أو تلك، ولكن المشترك في تأثير التورة الإيرانية كثورة إسلامية هو ارتفاع وتيرة التدين بين الشباب، وهم الطاقة المحركة لكل عمل تغييري،مما كان يعني انحسار المد القومي على الشباب العربي.كذلك جاء " الجهاد" في افغانستان ليعطي دفعة للجماعات الإسلامية؛ لأن هذا الجهاد كان يظهر وكأنه ضد الإلحاد، فكل انتصار كان يصور وكأنه انتصار للإسلام، وأنا لا احدد موقفاً بقدر ما استعرض واقعاً .ثم كان انهيار الإتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية والذي تم تصويره بأنه إنهيار لدول كافرة وهذا أيضاً اعطى دفعة للفكر الاسلامي الصاعد.ما بين الثورة الإيرانية الى انهيار الاتحاد السوفياتي وصولاً الى بناء السلطة الفلسطينية ، كانت هناك تغيرات على الساحة الفلسطينية ذات طابع اسلامي أيضاً، فبرزت حركة حماس، ولم تكن بحاجة الى دعاية ايديولوجية فمساحة التواصل بينها وبين الشارع الفلسطيني كانت واسعة جداً ، فبدأت تستقطب قطاعات واسعة من القاعدة التقليدية لحركة فتح ولكنها غير حزبية . ومع ذلك لم يكن هناك استقطاب واسع في البداية على مستوى الأغلبية الصامتة التي كانت مشاعرها مع حركة فتح لأن الفوارق لم تكن ملحوظة لعوام الناس .عندما تأسست السلطة الوطنية الفلسطينية كانت مشاعر الناس قد عادت للانسجام مع حركة فتح باعتبارها الحركة القادرة على تحقيق الحلم الفلسطيني في العودة والاستقلال، وكانت النظرة الى العائد باعتباره بطلاً يريد انجاز ما تبقى من الحلم الفلسطيني، ولم تكن تدرك حركة فتح مخاطر ارتباطها بالسلطة، حيث تم اهمال التنظيم ليصبح الكادر الفتحاوي في معظمه من مسؤولي السلطة، ويبدو أن من أوقع فتح في شرك السلطة كان يدرك أن السلطة لها مذاق حلو يسهل الإدمان عليه، كما أن هناك مصالح مادية تحققت لكوادر فتح من خلال السلطة فكان التخلي عنها صعباً جداً ؛ مما أدى الى استجابة حركة فتح لكل الاستحقاقات ولو كان في ذلك ابتعاداً عن الشارع وهمومه وصولاً الى التناقض مع طموحات هذا الشارع.في هذا الوقت الذي بدأت تخبو فيه أنوار حركة فتح كانت حركة حماس وفيةً لمنطلقاتها وأهدافها الرئيسية، فهي تمارس المقاومة وإن كانت بوتائر متباعدة ، وعملت على الالتصاق بمصالح الجماهير من خلال المؤسسات التي استطاعت بناءها خلال سنوات طويلة، وكذلك إعاقة أي اتفاق نهائي يصفي الصراع مع اسرائيل.في هذا الوقت بدأت الجماهير تلمس فساد السلطة ورموزها واستغلال عناصرها لمواقعهم، خاصة صغار السن منهم ، فهم في نظر الناس لم يكونوا بحكم سنهم مقاتلين في لبنان، وبالتالي فإن هؤلاء يستغلون فتح والسلطة من أجل مكاسب ومصالح حققتها لهم السلطة، في الوقت الذي لم يحصل أبناء المخيمات والفقراء من الناس على شيء، وهم الذين قدموا الغالي والنفيس في الانتفاضة الأولى وعلى مدار سنوات الاحتلال.بدأ الإنقسام المشاعري واضحاً بين فتح ممثلة في السلطة وبين جماهير الشعب الفلسطيني، وصولاً الى حالة غضب بدأت تتراكم حتى وصلت الى حالة عداء تبحث عن اللحظة المناسبة للتعبير عنها، وجاءت هذه اللحظة عند انتخابات المجلس التشريعي وقبلها انتخابات البلديات والمجالس المحلية،فكانت النتائج الساحقة لحركة حماس ، وبدل البحث عن الأسباب الحقيقية لهذا الفشل من خلال تحسين الأداء ومن خلال موقف نقدي جدي للمرحلة السابقة، بدل ذلك بدأت حركة فتح تظهر العداء لحركة حماس بشكل سافر، وهنا بدأت الجماهير تلاحظ أن هذا العداء غير مبرر ولا يعبر عن مشاعر الشارع الفلسطيني، فلماذا بدأت المعوقات من قبل الرئيس عباس وحركة فتح لمسيرة حركة حماس،لماذا لم تعطَ حماس حقها في الحكم بناء على نتائج الانتخابات... الخ الأسئلة المشروعة التي ظهرت على لسان الشارع .وزاد الطين بلة اعتقال نواب حركة حماس من قبل الاحتلال مما خلق شعوراً بأن حماس وقعت بين فكي كماشة، فتح ممثلة بالسلطة من جهة ومن جهة أخرى الا حتلال ، كما بدأت جهزة السلطة بعد أحداث غزة تلاحق وتعاقب كل من ثبت انه انتخب حركة حماس.كل هذه التحولات الداخلية على المستوى الفلسطيني تحتاج الى مراجعة نقدية، الا أنها يجب ان تؤكد على أمرين :الأول : أن حركة فتح غير قادرة في هذا المؤتمر على استقطاب الجماهير التي لحقت بها في ا لسا بق فهذا يحتاج الى قاسم مشترك يجمع كل اطياف الشعب الفلسطيني وهذا ما لم تعد فتح قادرة عليه، فهناك منهج مختلف عن السابق .الثاني: أن فتح انطلقت لتحقيق هدف محدد وبوسيلة محددة، تحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح،فكل انحراف عن هذه البوصلة يؤكد أن حركة فتح انتهت ولو تم الحفاظ على حركة فتح من حيث الإسم والشكل ولكنه سيكون اسم فارغ من مضمونه.sarafandisaed@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق