الأحد، 6 ديسمبر 2009

ماذا فعلت المفاوضات في الجبهة الداخلية الفلسطينية

الصرفنــدي
تاريخ النشر : 2009-11-15
القراءة : 504

ماذا فعلت المفاوضات في الجبهة الداخلية الفلسطينية؟!بقلم : أ. سعيــد الصرفنــديكان الإعتراف بفشل المفاوضات من فم كبير المفاوضين الفلسطينيين قد مر بسهولة ويسر، ودون تداعيات على المؤسسة الحاكمة في السلطة الفلسطينية، وكان يفترض أن يكون للاعتراف بهذا الفشل اقالات واستقالات، ولكن شيئاً من هذا كله لم يحدث.في هذا المقال لن يكون التركيز على فكرة الفشل، بل على ما فعله منهج المفاوضات وتأثيره على الجبهة الداخلية الفلسطينية.عند نشأة القضية الفلسطينية، كانت المسألة استيطان يهودي وشراء للأرض من قبل اليهود من أجل تحقيق وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.الشعب الفلسطيني، كأي مجموعة تعيش مجتمعة؛ فإنها تتماسك بقدر وجود مشترك بينها، وتضعف بقدر تفكك هذا المشترك، ولذلك كان التصدي أو الرفض على الأقل هو ما يجمع الشعب الفلسطيني تجاه مؤامرة إقامة دولة لليهود، ثم بعد ذلك عندما اصبحت الخطط لاقامة هذا الكيان حقيقة واقعة على الأرض.بعد عام 1948، وبعد أن أفاق الشعب الفلسطيني من الصدمة، كان مجمعاً على شعارات وثوابت منها: عدم الاعتراف بدولة "اسرائيل"، حق العودة للاجئين الفلسطينيين، دون الحديث عن دولة فلسطينية بجانب دولة اسرائيل، بل كان هذا الطرح يعتبر خيانة عظمى من المجموع والكل الفلسطيني. وبدأت بعد ذلك تتركز مشاعر الهزيمة في الشباب الفلسطيني المثقف الذي انشأ التنظيمات والفصائل الفلسطينية، وما ان جاءت هزيمة عام 1967 حتى بدأت المقاومة المسلحة هي الشعار الوحيد المجمع عليه .إن كون الإنسان يعيش في جماعة، وهذا ما يناسبه، كما قال ابن خلدون:" الإنسان مدني بالطبع"، فإنه لا يستطيع العيش وفق افكاره ومعتقداته الفردية فقط، بل لا بد من فكر واعتقاد جمعي، من أجل صياغة الاهداف والأفكار وتجنيد الطاقات بل واستنهاضها من أجل تحقيق الغايات التي يسعى اليها المجتمع.كانت هناك أفكار تجمع الشعب الفلسطيني، ولم يكن حولها خلاف، بل استطاعت تلك الافكار والقيم أن تصهر الاختلافات الفكرية بين المجموعات الصغيرة لصالح الأفكار الجمعية، فكانت حركة كحركة فتح مثلاُ، تضم اناساً متدينين يؤمنون بأن الكفاح المسلح جزء من الجهاد الذي أمر به الدين الاسلامي، وكان كذلك الماركسي يرى في الكفاح المسلح جزءاً منسجماً مع أفكار الثورة العالمية ضد الرأسمالية والاستعمار، وهكذا، ففكرة الكفاح المسلح ضد عدو سلب الارض واغتصبها، كانت تحظى باجماع، ولم يكن الشعب الفلسطيني يفكر في استبدال هذا الخيار حتى تتحقق اهدافه في هدم كيان اليهود وعودة اللاجئين، بل يمكن القول انه لم يكن يفكر في دولة مستقلة، وفي هذا رد على الدكتور صائب الذي كان يردد دائماً أن منظمة التحرير حولت القضية الفلسطينية من قضية لاجئين الى قضية هوية وشعب،يريد بناء دولته المستقلة، وهذا فيه تضليل كبير، فالشعب الفلسطيني لو كان يريد دولة بجانب دولة " اسرائيل" لوافق على قرار التقسيم الذي اعطاه الحق في دولةٍ مساحتها أكبر من مساحة الدولة التي تسعى منظمة التحرير الى إقامتها ولن تفلح في ذلك.لقد كان هناك اجماع على مقاومة الاحتلال، فكانت الوحدة الوطنية حقيقة واقعة، لا تحتاج حتى الى تنظيمات واحزاب، فالشعب الفلسطيني ككل شعوب العالم، ينهض لقتال من جاء يسلبه ارضه، بغض النظر عن افكار أفراده، بل العبرة في الفكرة الجمعية التي يؤمن بها مجموع افراد الجكاعة أو المجتمع.لذلك لو تتبعنا الخط البياني"Graph " لشعبية منظمة التحرير بعد رفع غصن الزيتون مع البندقية،لوجدناه في هبوط، فقد بدأ الشعب الفلسطيني ينقسم الى من يحمل البندقية فقط وبين من يحمل مع البندقية غصن الزيتون، ولم يكن هذا الإنقسام برغم اهميته ، ليؤثر بشكل حاسم على الوحدة الوطنية، لأن حركة فتح مع تلويحها بغصن الزيتون، فقد استمرت في التناغم مع الكل الفلسطيني عبر الابقاء على البندقية فكراً وممارسة.اما بعد اتفاق اوسلو، فقد حدث شرخ عميق على الساحة الفلسطينية، هناك من يؤمن بمنهج المفاوضات، ولو كان ذلك حتى الممات، وهناك من يؤمن فقط بالمقاومة لتحقيق الاهداف الفلسطينية، وهذا معناه، وجود حالة استقطاب حادة؛ لأن من يؤمن بالمفاوضات فقط هم تيار قوي له وزنه على الساحة الفلسطينية.معنى ذلك، أنه اصبحت للشعب الفلسطيني، اهداف متغايرة، مما اضعف حماسة الشعب الفلسطيني لكلا الخيارين، فكل فريق له اساليبه في الوصول الى الغاية، واختلاف الغايات معناه عدم القدرة على حشد الطاقات كلها في اتجاه واحد.نقول هذا بعد الاعتراف بفشل نهج المفاوضات، أي أن التأثير السلبي لهذا المنهج كان عميقاً جداً على الساحة الفلسطينية، وعقيماً فلم يحقق شيئاً غير تمزيق الساحة الفلسطينية، فكرياً ومشاعرياً، واصبحت اعادة اللحمة صعبة إن لم تكن مستحيلة؛ لأن التيار الذي آمن بالمفاوضات فقط ، نشأت له مصلحة سوف يدافع عنها بكل ما اوتي من قوة، وسوف يجترح مبادرات جديدة لكسب الوقت عشرات السنين للإبقاء على الحالة الراهنه.لقد مزق نهج المفاوضات الحالة الجمعية التي كانت سائدة قبل ظهوره، ومما زاد الطين بلة، ان هذا المنهج لم يحقق شيئاً غير تخفيف اعباء الاحتلال، فقد أصبح أرخص احتلال في العالم. لا بد من العودة الى ما يجمع الشعب الفلسطيني كله، والتخلص سياسياً ممن شقه فجعله أجزاءً متناثرة لا حول لها ولا قوة.sarafandisaed@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق