الأحد، 6 ديسمبر 2009

ردااً على الاخ عاطف كامل بشأن علم الحديث

رداً على الأخ عاطف كامل بشأن علم الحديث بقلم أ . سعيــد الصرفندي
تاريخ النشر : 2009-10-12
القراءة : 1091

رداً على الأخ عاطف كامل بشأن علم الحديثبقلم أ । سعيــد الصرفندي،كتب الأخ عاطف كامل رداً على تعليق لي على مقال للأخ خالد الدالي، وقد أعجبني الأخ عاطف برده؛ لأنه تناول الجانب العلمي، ولم يستخدم اسلوب الشتم الا قليلاً، كما جاء في بعض المواقع :" فما هي الضوابط والقواعد الجديدة الذي سيضعها لنا أمثال هذا الجاهل بمذهبنا لنسير عليها وما هي منزلته في العلم حتى يتبجح ويطلق مثل هذا الكلام الكبير الخطير, ولكن جهله الكبير وإعجابه الشديد بما هو عليه جعله يتفوه بمثل هذه الكلمات التي لا تصدر(إلا) من جاهل لم يعرف قدر نفسه" ومع ذلك فلم تجد هذه الكلمات في نفسي شيئاً؛ لأن الموضوع ليس شخصياً ولا علاقة لي ولا له بالأمر، ومع ذلك فإنه عندما تناول الجانب العلمي أصر على أن يقول من صغار المقلدين، فردد ما قاله اسلافه وعلماؤه الذين يقلدهم، دون تأمل ولا تفكر ولا تدبر، وهو وإن قبل ان يكون دوره في العلم مجرد ناقل؛ فإنني اترفع أن يكون هذا مقامي ومنزلتي؛ فأنا أقرأ يومياً ما يزيد على مئتي صفحة فب العلوم الشرعية، وأكثر من نصفها في المسائل غير الشرعية، وهذا البرنامج اليومي منذ ما يزيد عن عشرين سنة، وأحمل شهادة الماجستير في الدراسات الاسلامية المعاصرة، ومدرس وخطيب منذ ما يزيد على عشرين عاما، فمن كان هذا شأنه فلا يجوز أن يكون إمعة ويردد فقط ما قاله العلماء، وإلا فلماذا يكتب طلبة الدراسات العليا في الجامعات رسائل الماجستير والدكتوراة، هل تكتب من أجل ان نؤكد فقط أن العماء السابقين على حق في كل ما قالوه، لا أعتقد أن أحداً يوافق على هذا।أحد اساتذتي في مرحلة الدراسات العليا بدأ مساقه بقوله : " أنتم اليوم طلبة علم، والعلم طريقه البحث، فلا تقولوا بأن هناك مسلمات، ابحثوا فإذا توصلتم الى نتيجة توصل اليها العلماء السابقون فهذا دليل أنكم انتهجتم منهجاً وافق منهجهم واذا خالفتموهم فاعلموا انكم على الحق حتى يثبت لكم دليل أقوى من الدليل الذي اعتمدتموه"। فكانت الطريق التي عرفت بها العلم هي طريق البحث والتنقيب والقراءة التي لا يستطيعها الكثير من طلبة العلم.لذلك وصلت الى قناعة راسخة بأن هناك فرقاً بين الاسلام وبين الفكر الاسلامي، فليس مقدساً ولا معظماً الا كتاب الله وسنة نبيه بضوابط وهذه الضوابط ليست على ما قاله رسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل ضوابط على نسبة القول للرسول الكريم، فلا يجوز لمن ثبت عنده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال قولاً أن يعترض عليه بعقله ولا بقلبه، ولكن الاعتراض أحياناً على بعض ما نسب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من باب تنزيهه أن يقول ما يخالف العقل والنقل، فالاعتراض على بعض الاحاديث هو ذب عن سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتنقية للنصوص مما علق بها من كذب ووضع لأسباب كثيرة منها الاسباب السياسية والمذهبية والعقائدية، ولا ينكر عالم من علماء الاسلام أن تلك الاسباب وغيرها كانت من موجبات الوضع في السنة النبوية الشريفة.قبل أن ابدأ بمناقشة مقال الأخ عاطف كامل والذي اعتبره رداً على تعليقي فإنني أحب أن اسوق تعليقي ليكون القارئ على بينة قبل ان يحكم :لقد رأيت منك انصافاً؛ لذلك ارد عليك بما يليق بك يا أخي خالد :1. ما وضعه العلماء السابقون من معايير لتصحيح الحديث وقبوله كان منهجاً علمياً ولم يكن منهجا شرعيا، ولذلك اختلفت ضوابط البخاري عن ضوبط مسلم وغيره من رواة الاحاديث.فلو كانت الضوابط شرعية لما سوغ لأحد أن يخالف احدا.2.اذا كان منهجهم منهجا بشريا فهو قابل للخطأ والصواب، ولا يجوز اعتباره من المسلمات لأن هذامعناه اعطاء العصمة لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم.3. كانت هناك اسباب تاريخية وسياسية لنشوء الاهتمام بالسند، خاصة بعد ما حدث من قتال الفئة الباغية لعلي عليه السلام؛ فكانت صحة السند هي المعيار الوحيد لتصحيح الاحاديث.4. اذا ثيت ان معيار صحة السند وحده لا يكفي لاعتبار الحديث صحيحا فلا بد من معايير اخرى تضاف الى معيار صحة السند، منها عدم مخالفة الحديث للقرآن ابتداءً، ثم عدم مخالفته للتاريخ المعروف، ثم عدم مخالفته للعقل السليم والحس القويم.5. هناك احاديث تصنف بأنها صحيحة واعترض عليها في حينه فقد رد البخاري وابن حجر العسقلاني رواية اثبتها مسلم عن ابي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : خلق الله التربة يوم السبت..... الحديث " وعد سبعة ايام ، فقال البخاري وابن حجر العسقلاني هذا حديث لم يسمعه ابو هريرة من رسول الله وانما سمعه من كعب الاحبار، ومع ذلك يسمى هذا الحديث حتى يومنا صحيحا، مع مخالفته لنص القرآن لذي يثبت أن الخلق كله كان في ستة ايام.6. هناك احاديث فيها طعن بالانبياء كحديث:" ما كذب ابراهيم الا في ثلاث..." وحاشا لله أن يقول نبينا صلوات الله وسلامه عليه أن نبياً كإبراهيم كذب، فوالله ما كذب ابراهيم وما وصف رسولنا ابراهيمَ بأنه كذب.واذا قلنا الحديث مكذوب فإن فيه تكذيب للرواة واذا قلنا الحديث صحيح فإننا نوافق على ان ابراهيم كذاب، والعقل والشرع يقضي بأن تكذيبنا للرواة اسهل من تكذيبنا للنبي.7. هناك روايات في الصحاح، تخالف العقل السليم، كما في رواية البخاري، وإن كانت من معلقاته، " أن قردة زنت.... الرواية" فأي عاقل يقبل هذه الرواية .8 لا يتسع المجال هنا لذكر كل شيء، ولكن المقصود ايصال الفكرة، وهي انه ليس كل ما ورد في الصحاح صحيحاً وان كان سنده صحيحا،وهنا يبرز السؤال هل هذا تشكيك في رواة الأحاديث : اقول لا ، لقد اثبت كل منهم صحيحه وفق معاييره هو، فصحيح البخاري صحيح على شرطه، وصحيح مسلم صحيح على شرطه، وهذه الشروط ليست مقدسة، بل هي شروط علمية يمكن أن يتوصل الناس الى منهج ادق واصوب مما توصل اليه السابقون. كذلك يمكن القول ومن باب احسان الظن بأصحاب الحديث ان كل واحد منهم روى ما سمع بسند صحيح عنده من باب الامانة العلمية، وهنا يأتي دورنا في الاستدلال بضوابطنا على صحة نسبة الحديث الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.9. هل قلت لك أنني اقبل روايات " الرافضة" فأنا سني ولكني طالب علم، فما كان من اعتراضات على احاديث وردت عندنا فهي نفس الاعتراضات والمعايير والمقاييس لقبول او رد روايات الشيعة، فهم كما عندنا، علماء ضعفوا احاديث وردت في كتب معتبرة عندهم، فهناك من قال ان الكافي ليس فيه الا 1000 حديث صحيح مع ان الكافي فيه 34000 حديث، ولكن الهوس عند البعض هو اتهام كل من يعترض على حديث صحيح بأنه شيعي، وكأن الانصاف صفة يجب ان تكون مفقودة عند اهل السنة.تحياتي لك اخي خالد ،ارجو ان لا تكون ممن لا منهج لهم الا " هذا ما وجدنا عليه آباءنا"، فهو منهج عوام الناس، اما العلماء وطلبة العلم فمنهجهم: لا يصح عندنا الا ما قم عليه الدليلهذا ما كتبته فانظر أخي عاطف وكل من يقرأ هذا المقال ماذا رد علي الاخ عاطف:أولاً : " فمثلاً قوله: (ما وضعه العلماء السابقون من معايير لتصحيح الحديث وقبوله كان منهجاً علمياً ولم يكن منهجا شرعيا ॥) فيه صواب وفيه اشتباه, فعلماء الحديث جمعوا بين المنهج الشرعي والمنهج العقلي العلمي في وضع معايير لصحة الحديث, ولم يكتفوا فقط بالمنهج العلمي العقلي البحت كما يحاول أن يقرره في كلامه, وتفصيل هذا يطول.لقد بينت أنا ان منهج العلماء السابقين هو منهج علمي، واعترضت أنت على ذلك، وانا لست بحاجة الى اقامة الدليل والحجة عليك في ان منهجهم منهج علمي؛ فأنت تعترف أنه منهج علمي الا أنك تضيف : " فعلماء الحديث جمعوا بين المنهج الشرعي والمنهج العقلي العلمي في وضع معايير لصحة الحديث, ولم يكتفوا فقط بالمنهج العلمي العقلي، وتضيف انه شرعي ايضاً، وهذا يحتاج الى دليل ولكنك تهرب بقولك في نهاية الفقرة بقولك : وتفصيل هذا يطول، وأنا، بل كل قارئ منصف لا يستطيع القفر على هذا الامر وتجاوزه، فجوهر الفقرة بل الموضوع كله أن منهج العلماء اما ان يكون شرعياً أو علمياً، فتقول انه شرعي وعلمي ولا تستطيع أن تأتي بدليل واحد، بل تهرب بحجة أن تفصيل ذلك يطول، فإذا كان تفصيل ذلك يطول فأنا انتظر، ومعي كل من يقرأ ويتابع هذا السجال بيننا، كيف لا تضع الدليل ولو مجملاً ثم يفصله كل قارئ حسب قدراته وخلفيته العلمية. لقد بينت لك وللقارئ الكريم أن اختلاف مناهج علماء الحديث يدل على أن شروطهم ليست شرعية بل علمية فحسب؛ إذ كيف تفسر اختلاف شروط البخاري عن شروط مسلم في اعتبار الحديث صيححا، وكيف تفسر قبول بعض العلماء للحديث المرسل ورفض آخرين له، وكيف تفسر اعتبار التدليس كذباً عن البعض وعند البعض الآخر التدليس ليس طعناً في الراوي إذا اثبت السماع ... الخ.ثانياًً: وهنا اقتبس قولك : "قوله: ( كانت هناك اسباب تاريخية وسياسية لنشوء الاهتمام بالسند، خاصة ॥ ) كلام صحيح, لكن قوله: (فكانت صحة السند هي المعيار الوحيد لتصحيح الاحاديث!) غير صحيح. وأي دارس مطلع على علم الجرح والتعديل ونقد الأحاديث يدرك ذلك.كلامه في الفقرة الرابعة بالجملة مسلَّم به, لكن يبقى أن الذي يطبق هذه المعايير والضوابط يجب أن يكون من العلماء الراسخين لا من أنصاف المتعلمين وطلبة العلم والمبتدئين. لأن كثيراً من هؤلاء ولعدم إحاطتهم بهذا العلم الشريف والسنة المطهرة والآيات القرآنية, وكيفية الجمع والتوفيق بينها قد يعتبرون كثيراً منها متناقضاً, وما ذاك إلا لقلة علمهم وضعفهم.لا أدري ما هو معيارك للعلم وطلبة العلم، فإذا كان حالي كما ذكرت لك، فلا يجوز لمثلك التشكيك بكوني عالماً او طالب علم، ولكنني أؤكد لك انك وغيرك ممن يتعصب الى منهج ما لا يرون من يخالفهم عالماً، بغض النظر عن مستوى علمه، وهنا اقول لك بأنني لو وافقتك في كل ما تقول وكان تحصيلي العلمي لا يتجاوز الابتدائية فإنك تعتبرني من اهل العلم، ولو كنت لا اعلم تعريف الحكم الشرعي او تعريف اصول الفقه. لا يجوز الانتقاص من الآخرين لأنهم يخالفونك، وهذا المنهج ليس منهجك فقط، فهناك من يزعم أنه من اهل السنة والجماعة ويخرج من مسمى السنة كل من المعتزلة والاشاعرة والماترويدية، مع ان معظم علماء الأمة أشاعرة في العقيدة، فلا تكون على حق إذا قلت انا من الفئة الناجية وكل من خالفني فهو في النار، فسفينة الاسلام تصلح لأن تحمل المسلمين جميعاً حتى لو كانوا مختلفين في مسائل عقائدية.ثالثاً: لقد رددت على ايرادي لحديث مسلم " خلق الله التربة يوم السبت...." بما لا تقوم به حجة لك، فالحديث انكره البخاري وابن حجر العسقلاني، اما حديث ما كذب ابراهيم الا في ثلاث... الحديث " فقط أتيت بما يخالف طريق العلماء في فهم النصوص، الكذب لا يطلق الا على الكذب، والاصل في اللغة أنها تفهم على الحقيقة الا اذا تعذر ذلك فيصار بها الى المجاز، وليس هناك ما يدعونا الى فهم كلمة " كذب" التي وردت في الحديث الا على معناها اللغوي، فهي كلمة وضع اهل اللغة لها دلالة لا يجوز تجاوزها الى غيرها الا بدليل، وليس هناك دليل او قرينة تصرف معناها الى غير المعنى المعروف من الكذب. اما الحديث الذي سقته في الاستدلال على جواز الكذب فهو ما يقصد به اصلاح ذات البين وهذا كذب ولكنه كذب مسموح ومباح شرعاً ، كما يكون القتل مذموماً ولكن الشرع طلب منا وأمرنا في حالات معينة بالقتل.رابعاً : اما استخفافك بالعقل فهذا امر منكر، وهل كان الايمان بالله والايمان بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن القرآن من عند الله ، إلا بالعقل؟!خامساً : قولك بأن كتب الرافضة لا تخضع لعقل ولا لمنطلق ولا لضوابط بالجملة ولا يعرفون علم الرواية، فمن قال أنني ادافع عنهم، ولكن مشكلتك أن كل من يخالفك فهو يدافع عن الروافض.وفي الختام هذا ما حضرني على عجل، ولنا لقاءتحياتي لك اخي الكريمsarafandisaed@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق