الأحد، 6 ديسمبر 2009

الاسلام والديموقراطية

الاسلام والديموقراطية بقلم:أ .سعيد الصرفندي
تاريخ النشر : 2009-06-20
القراءة : 33

الاسلام والديموقراطيةأ .سعيد الصرفندي –أريحاالدراسات الاسلامية المعاصرةهل هناك كلمات تتغير مدلولاتها ومعانيها بتغير الزمان والمكان ؟ نعم، لأن الألفاظ هي نتاج المجتمع البشري، ولا أريد أن اناقش هنا هل اللغة توقيفية أم اصطلاحية، فالألفاظ هي طريقة التفاهم بين البشر، وعندما يوضع اللفظ فإنه يدل على معنىً ما، وقد يتغير الواقع الذي يدل عليه اللفظ مع بقاء اللفظ المستعمل نفسه، ومن الأمثلة على ذلك لفظة القلم، فهي تعبير عن الآلة أو الأداة التي يتم من خلالها الكشف عما في ذهن الكاتب ، وهذا الواقع ينطبق على لوحة المفاتيح التي تستخدم في الكتابة الإلكترونية، ف"لوحة المفاتيح" تقوم بنفس الوظيفة التي يقوم بها القلم، ولو أطلقنا عليها لفظ القلم لما كان هناك اختلاف في الواقع الذي تدل عليه .كذلك من الأمثلة على ذلك لفظ المكتبة فهو تعبير عن رفوف تعلوها مجموعة من الكتب، إلا أن تعبير المكتبة الإلكترونية لا علاقة له بمفهوم المكتبة التقليدي .كل هذا يدل على أن هناك الفاظاً تتسع مدلولاتها أو تضيق بحسب الزمان والمكان والمجتمع الذي يستخدم تلك الألفاظ، ولا يمكن أن تفرض دلالة لفظ ما على مجتمع ما الا بالقدر الذي يوافق عليه هذا المجتمع ويستخدم هذا الاصطلاح وفقاً له.ومن هذه الالفاظ موضوع البحث هنا هو الديموقراطية، فنحن بين منكر لاستخدامها عند المسلمين لأنها كلمة غربية لها دلالات عند أصحابها ولا يجوز تجاوز هذه الدلالات والمعاني التي وضعت من أجلها، وبين من يقول بجواز استخدام هذا اللفظ لأنه لا مشاحة في الإصطلاح .الذي يغيب عن بال من يحرم استعمال لفظ الديموقراطية والدعوة اليها، هو أن استعمال المسلم لهذا الاصطلاح ليس بالضرورة أن يدل على ما يدل عليه عند غير المسلمين، فالمسلم قد يستعمل لفظة الديموقراطية في سياق ثقافته كمسلم، ولا ينفصل استعماله لها عن مجموعة الأحكام الشرعية الثابته التي تتغير بتغير الزمان والمكان .غير المسلم عندما يستعمل لفظ الديموقراطية ويوافق عليها فإنه يستخدمها في سياق ثقافته هو، فهو يعتبر أن الشعب هو الذي يحكم نفسه بأي قانون شاء، ولا يوجد معيار لجواز هذا القانون الا الاغلبية البرلمانية أو التوافق المجتمعي على جملة من السلوكيات .أما المسلم الذي يوافق على استخدام الديموقراطية؛ فإنه يوافق عليها باعتبارها آلية للوصول الى السلطة والتداول السلمي لها دون الموافقة على تجلياتها في المجتمعات الغربية ، فالديموقراطية عندهم تشتمل على أمور منها : حرية الاعتقاد، وحرية الرأي، والحرية الشخصية وحرية التملك. وهذه أمور قد يحدث التوافق مع جزء منها وقد لا يحدث مع ما تبقى منها ، فحرية الاعتقاد مسألة فيها خلاف بين علماء المسلمين فمنهم من يعتبر أن فرض الدين الاسلامي على أفراد المجتمع المسلم ليست من الإسلام مستدلين بقول الله سبحانه وتعالى " لا إكراه في الدين" فلو كان هناك مسلم ارتد عن الاسلام فلا عقوبة دنيوية تتناول فعله هذا ، وعقابه على الله في الآخرة ، وهناك من يتمسك بنص حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم،: " من بدل دينه فاقتلوه" ، وبالتالي فليس هناك اجماع على هذا الأمر ، وقد صرح كثير من العلماء المعاصرين بأن الردة الفردية التي لا تؤثر في السلم الاجتماعي ولا تخلخل عقيدة المجتمع فليس لها عقوبة في الدنيا ، فمن أراد أن يموت على الكفر ويخلد في جهنم فهذا شأنه. أما ما يتعلق بالحرية الشخصية كأحد تجليات مفهوم الديموقراطية في المجتمع الغربي فهي ليست مقبولة عند المسلم الذي يوافق على الديموقراطية، فلم يقل أحد من الحركات الاسلامية أو المفكرين المسلمين الذي يحللون الديموقراطية واستخدامها والدعوة اليها بأن من حق الرجل والمرأة أن يقيموا علاقات جنسية مفتوحة خارج مؤسسة الزواج لأنهم يوافقون على الديموقراطية، فهذا الأمر له مقياس آخر وهو الحكم الشرعي المتعلق بهذا الفعل وهو الحرمة، فلا الموافقة على الديموقراطية موافقة مجملة ولا الموافقة على قانون يحظى بالأغلبية يمكن أن يغير من موقف المسلم من الزنا، فهو حرام شرعاً سواءً قالت به الديموقراطية الغربية أو من خلال قانون تم سنه من قبل الأغلبية البرلمانية والنيابية. كذلك فإن حرية التملك ليست على اطلاقها فما كان من كسب حرمه الشرع فهو حرام، وليس معتى موافقة المسلم على الديموقراطية فبوله بالكسب الحرام أو تحليل هذا الكسب الحرام ، وهكذا .مما تقدم يتضح أن مفهوم الديموقراطية وتجلياته عند المسلم يختلف عنه عند الكافر، ولا يمكن أن يقال أن استخدام هذا المصطلح يلزم المسلم بما يلتزم به الكافر، إذ ليس للكافر مرجعية ومقياس للأعمال الا القوانين الوضعية، في الوقت الذي يجاهر فيه المسلم بأن الاسلام هو قاعدته الفكرية ومقياسة في الحياة هو الحلال والحرام مع موافقته على الديموقراطية ، فهو غير ملزم بها الا بالقدر الذي لا يتعارض مع عقيدته .اما اعتبار الاسلام مشتملا على طريقة لا يجوز مخالفتها فهذا ليس موضع اجماع، فالاسلام ثوابت ومتغيرات ونظام الحكم في الاسلام ليس من الثوابت، ويكفي القول أن القرآن والسنة التي لا تعارضة لا تحتوي على نظام حكم في الاسلام، لذلك يلجأ البعض الى ما يسمى باجماع الصحابة، وهو اصطلاح يحتاج ابتداءً الى دليل حتى يستدل به .مرة أخرى ، المسلم يستخدم الديموقراطية في سياق ثقافته الاسلامية فلا يتعارض مع الشرع ويستفيد منها قدر الإمكان.sarafandisaed@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق