الأحد، 6 ديسمبر 2009

رداً على مقال الدكتور الجعبري في معاً

رداً على مقال الدكتور الجعبري في معاً بقلم : أ. سعيد الصرفندي
تاريخ النشر : 2009-06-19
القراءة : 18

رداً على مقال الدكتور ماهر الجعبري : كارتر ومسيرة الترويضبقلم : أ. سعيد الصرفندي مما لا شك فيه أن المفترض في شباب حزب التحرير الوعي السياسي؛ لأن الحزب حزب سياسي كما يعرف الحزب نفسه في أدبياته، فكيف إذا كان الكاتب للمقال عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير – فلسطين وهو الدكتور ماهر الجعبري، الذي تحدث عن الواقع السياسي كما يفهمه حزب التحرير فقط، دون مراعاة لأفهام الآخرين.من المؤسف حقاً أن لا نرى من حزب التحرير الا هجوماً على حركة حماس وسياستها، مع أن اجتهاد الحركة في المسائل السياسية لا يمس العقيدة الاسلامية ولا يخالف النصوص القطعية، مع أن هناك ما يمكن اعتباره خروجاً على الاسلام في مواقف الحزب ومتبنياته؛ فليست مواقف حماس وفقاً لذلك أبعد من الاسلام من مواقف الحزب، ومع ذلك لا يجوز الإنكار على الحزب مواقفه ومتبنياته سواء في الفقه أو السياسة.من المعلوم أن التحليل السياسي يوصلنا الى نتائج ظنية، مما يعني أن الآخرين عندما يخالفوننا في تحليلهم السياسي فإننا لا ننكر عليهم ذلك؛ لأن مستندنا ومستندهم واحد وهو الظن، أما أن يجعل الظن طريقاً لليقين فهذا لا يجوز ، وهنا أعيد الدكتور الجعبري الى البيان الذي صدر عن الحزب قبل الانتخابات البلدية؛ إذ حرم الحزب المشاركة فيها لأن المجالس المحلية والبلديات ستقوم بتنفيذ الشق الأمني من خارطة الطريق –أي حماية الاحتلال- ، هذا ما قاله الحزب وتوقعه وبنى على توقعه وتحليله السيباسي حكماً شرعياً ، اما الواقع الآن فيقول عكس ذلك ، لقد انقضت اربع سنوات على انتخابات البلديات ولم تقم البلديات بأي دور أمني . وهذا ما يقودني الآن الى مناقشة مقال الدكتور الجعبري بكل ما فيه من تجاوز للحقائق واسقاط لمواقف الحزب المسبقة على الواقع بغض النظر عن انطباق تلك المواقف على الواقع أو عدم انطباقها .أولاً : يحاول الدكتور التدليس والخلط على القارئ حين يساوي بين مواقف الحكومتين، فيجعل حكومة رام الله وحكومة غزة في نفس المنزلة من الحل الامريكي والسياسة الأمريكية،إذ لا يذكر الدكتور أن حكومة رام الله تتلقى الدعم المادي والسياسي والعسكري من أمريكا في الوقت الذي تحاصر امريكا وعملاؤها في المنطقة حكومة غزة سياسيا واقتصادياً وعسكريا.ثانياً : فكرة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 مقبولة من حركة حماس كما يظهر من تصريحات عدد من قادتها، وهذا ليس فيه مخالفة شرعية ولا وطنية، إذ المخالفة تكمن في الاعتراف بكيان اليهود الغاصب كياناً شرعياً في فلسطين، وليس بالموافقة على دولة في حدود 67 ، إذ لم يكن في أدبيات حركة حماس ما يشير الى عدم الموافقة على إقامة دولة فلسطينية في حدود 67 ، بل القول بأن فلسطين من البحر الى النهر، وهذا أمر لا يزال قائما حتى الآن، إذ يعتبر شعار " لن نعترف بإسرائيل" أوضح شعار صدر عن قيادة حركة حماس وهو من الكلمات المحكمات التي يجب ان تفهم على أساسها كل الكلمات المتشابهات التي يمكن أن يفهم منها أن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 غاية الغايات لدى حركة حماس .ثالثاً : هناك مواقف سياسية لا يضير أصحابها التراجع عنها، استجابة لموازين القوى أو ضغط الواقع ما دامت هذه المواقف أصلاً غير متصلة بالعقيدة الاسلامية، وأنا هنا أذكر الدكتور الجعبري أن حزب التحرير فصل بعض أعضائه بسبب حصولهم على جواز سفر فلسطيني مع بداية تشكل السلطة الفلسطينية، وكان الحصول على الجواز الفلسطيني يعتبر حراماً لأنه اعتراف بسلطة اوسلو ، أما الآن فلا اعتقد أن أحداً من شباب الحزب الذين يسافرون خارج البلاد لا يحمل جواز سفر فلسطيني ، فتراجع الحزب عن موقفه لا يعيبه، ولكن هذا التراجع يعني أن هناك استجابة للواقع الذي لا يمكن تجاوزه والقفز عنه .رابعاً : هناك من ينكر وجود متغيرات في الاسلام ، وهذا ما يمكن اعتباره جهلاً بحقيقة الاسلام، فهو يتشكل من ثوابت ومتغيرات، ولو نظرنا الى الثوابت لوجدناها قليلة مقارنة بالمتغيرات التي تتغير بسبب الزمان والمكان، والمواقف السياسية والتعامل مع الآخر ليس من الثوابت بل من المتغيرات ، وقد يصل الأمر الى مخالفة النص الثابت إذا كان الواقع يقتضي مخالفته ، ومن الأمثلة التي تذكر في هذا السياق ما فعله عمر بن الخطاب في سهم المؤلفة قلوبهم، فهو سهم منصوص عليه في كتاب الله ولكن حالة القوة التي عاشتها الدولة الاسلامية في عصر عمر –رضي الله عنه- ، اقتضت تعطيل هذا الحكم ، مما يدل على عمق فهمه أن هناك ثوابت وهناك متغيرات، وأن هذا الحكم من المتغيرات مع وجود النص القطعي الدلالة والقطعي الثبوت .خامساً : هناك اختلاف بين الفقهاء على العمل بالمصلحة، فمنهم من ينكرها كمصدر من مصادر التشريع أو باعتبارها قاعدة عامة يبنى عليها ، وهناك من يعتبرها كذلك، ومعلوم أن المذهب المالكي يعتبر أن المصلحة تخصص عموم النص، وهذا وإن لم يكن له حالة معيارية الا أنه جزء من الفقه المالكي، علماً أن الأخذ من أي مذهب كان لا يعتبر مخالفة للشرع ولو كان من باب الأخذ بالأيسر والأسهل، فكل سهل أو يسير عند هذا المذهب أو ذاك هو من الاسلام .سادساً : يقارن الدكتور الجعبري بين حكومة غزة وحكومة تركيا ، " وتضع قادتها في نفس الخانة التي وضع قادة الحكومة التركية أنفسهم فيها، وهم يحملون العلمانية بالشمال، وشيئا من الإسلام باليمين." إن هذا الكلام لا يليق في وصف حكومة غزة أو حكومة تركيا، فهو تكفير مبطن،إذ العلمانية حسب الدكتور وحسب حزب التحرير كفر بواح، وكل من يدعو لها أو يعيش بناء عليها فهو كافر، وأنا أربأ بالدكتور وبحزب التحرير أن ينزلق الى هذا المقام، فإذا كان الأمر كذلك فحكومة غزة حكومة كافرة.سابعاً : اتهام حكومة غزة بأنها توافق على الشرعية الدولية ، فهذا كلام عام لا يليق بمن في مقام الدكتور الجعبري، إذ تعتبر مشكلة حماس وحكومة غزة هي عدم الاعتراف بالشرعية الدولية على اطلاقها، أما إذا كان في هذه الشرعية ما لا يناقض العقيدة الاسلامية فلا بأس من الأخذ به، ويمكن التمثيل على ذلك بأنه لو عرضت علينا كمسلمين اتفاقية دولية تمنع السبي في الحروب لكنا الآن اول من يوافق عليها، لأن فيها مصلحة للمسلمين ولا تخالف الاسلام ، والمصلحة فيها ان حكم السبي في الحروب لو كان قائماً لكانت زوجة الدكتور ونساء المسلمين سبايا في يد اليهود والأمريكان، بعد احتلالهم لفلسطين وبعض البلاد الاسلامية كالعراق وافغانستان .ثامناً : الحل الذي يطرحه الدكتور هو حل حزبه، ومعلوم أن هناك تيارات ومناهج متعددة تجتاح الامة الاسلامية، ولا يستطيع حزب او جماعة أن تفرض تصوراتها على باقي المسلمين ، لذلك لا يكون الصواب والحق فقط في انتقاد الآخرين بل في اقناع الأخرين بالمنهج الذي يعتنقه ويعتمده هذا الحزب او ذاك.sarafandisaed@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق