السبت، 12 ديسمبر 2009

حول السنة والشيعة وأشياء اخرى

حول السنة والشيعة وأشياء أخرى / أ. سعيد الصرفندي
الكاتب : مكتب القاهرة أضيف بتاريخ :26-07-2009 2:33:53 PM [ قراءة : 894128 مرة ]
حول السنة والشيعة وأشياء أخرى / أ. سعيد الصرفندي كثيراً ما نقرأ مقالات مكتوبة من أهل السنة تقدح في الشيعة وتكفرهم، كذلك نجد في كتابات الشيعة ما يماثل ذلك، والأنكى من هذا كله أن تجد في هذه الكتابات أو تلك شتماً أو حقداً يُستدعى خلاله الموروث التاريخي الذي لا يعرف العوام في الجهتين تفاصيله بل يقفزون إلى النتائج المقررة عند كلٍ منهما تقليداً وثقة بما قاله العلماء السابقون عندهم.هناك من يقول أن الأصل في المسلم أنه ليس سنياً ولا شيعياً، بل مسلم ينتمي إلى الإسلام قبل أن ينقسم الناس إلى سنة وشيعة، ثم بعد ذلك ينظر في أدلة كل طرف فيختار ما يغلب على ظنه أنه الحق، أما تزكية مذهب على مذهب دون إقامة الدليل على ذلك فهو من التعصب المذموم وإتباع للهوى وليس إتباعاً لأمر الله ورسوله، فلو ولد الخميني أو أحمدي نجاد في عائلة سنية لما استنكف عندما يذكر أمامه أبا بكر وعمر أن يقول:" رضي الله عنهما" ، ولو ولد ابن تيمية وابن عثيمين في "قُم" لعائلة شيعية لقال كلما ذكر المهدي أمامه : عجل الله فرجه.السنة ليسوا فريقاً منسجماً لا على مستوى العقيدة ولا على مستوى الفقه العملي، وقد تجد أحيانا من الخلاف بين أهل السنة ما يفوق الخلاف بينهم وبين الشيعة، كذلك تجد أن الشيعة مختلفين في مسائل عقائدية وعملية.لو نظرنا إلى اختلاف أهل السنة لوجدناه بينهم في أدق المسائل العقائدية، فهناك من يقول برؤية الله يوم القيامة عياناً وهناك من ينكر من أهل السنة ذلك، وهناك من يقول بأن الاستواء على العرش حقيقي وهناك من يعتبر ذلك تجسيماً لا يليق بالله، وهناك من يثبت صفات الله وهناك من ينكرها، وهناك من يتأول الصفات وهناك من يجريها على الحقيقة ، هناك من يقول بالحقيقة وهناك من يقول بالمجاز في صفات الله.وعلى مستوى القرآن فهناك من أهل السنة من قال أن القرآن مخلوق وهناك من كفّر من قال ذلك وهم من أهل السنة، وحجة المعتزلة الذين قالوا ان القرآن مخلوق: أن القول بأزلية القرآن يعني تعدد القدماء وهذا شرك . كذلك وجد من أهل السنة من يقول بأحاديث يفهم منها أن القرآن فيه نقص، وهناك من رد هذه الأحاديث دراية لأنها تخالف ظاهر القرآن .أما بخصوص النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " فهناك من يقول بعصمته بعد النبوة فقط وهناك من يجعل عصمته قبل النبوة لأنها من مؤيدات النبوة، وهناك من ينسب اليه الخطأ بعد النبوة في المسائل الدنيوية وهناك من يقول أن هذا لا يليق نسبته اليه، وهناك من يقول بأن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " سحر بناء على الأحاديث الصحيحة وهناك من ينفي ذلك ويرده بقول الله سبحانه وتعالى : " والله يعصمك من الناس " أو لأن هذا يجعل الكفار صادقين بدعواهم " إن تتبعون الا رجلاً مسحوراً " وهكذا نجد أن هناك خلافات عقائدية كبيرة بين أهل السنة، علماً أن اصطلاح " أهل السنة" غير منضبط فهناك من يجعل الأشاعرة والماتوريدية والمعتزلة ليسوا من أهل السنة، وهذا معناه إخراج جمع كبير من علماء الأمة من مذهب السنة، بل يمكن القول أن معظم علماء الأمة السابقين كانوا أشاعرة في العقيدة.كذلك لا يمكن وضع الشيعة في سلة واحدة فهناك من ينسب الى التشيع وهو كافر عند الشيعة، فغلاة الشيعة من الاسماعيلية والدروز والعلوية هم كفار عند الشيعة الامامية، إذ يقولون بالحلول والاتحاد وهي عقيدة كفر عن الاثنا عشرية، وكذلك هناك الزيدية التي ترى أفضلية علي عليه السلام على أبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم-ولكنهم يصححون خلافة ابا بكر ويقولون بجواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل وهو علي .كذلك هناك من يقول من الإثنا عشرية بأن القرآن فيه تحريف وهناك منهم من يسوق عشرات الأدلة النقلية والعقلية على أن القرآن الذي بين أيدينا هو الذي نزل به الروح الأمين على قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لذلك لا يجوز التعميم كما عند ابن تيمية في منهاج السنة: والشيعة يقولون يتحريف القرآن"، لأن هذا لا يعم الشيعة كلهم.هذا كله يدل على أن السنة والشيعة ليستا دائرتين محددتي المعالم بدقة، فليس كل من قال أنه سني يكون بالضرورة على صواب وليس كل من قال أنه شيعي لا بد أن يكون على صواب .أما القول بأن علياً عليه السلام كان أولى بالخلافة من أبي بكر فهذا لا يصحح مذهب الشيعة وكذلك لا يصحح مذهب السنة قول البعض أن الشيعة يسبون الصحابة؛ إذ صحة المذهب لا تثبت هكذا.عندما تحدث العلامة يوسف القرضاوي – أطال الله عمره- عن المد الشيعي في المجتمعات السنية ، تحدث أيضاً عن واقع هذه المجتمعات، ونهم من جملة ما قاله أن هناك تقصيراً من علماء السنة في خلق الوعي الاسلامي المطلوب لمنع هذا الاختراق ، فكثير من علماء السنة وعلى وجه الخصوص اصحاب المناهج السلفية وغيرهم الذين يهتمون بطرح قضايا هامشية ويكتبون ويؤلفون عنها الكتب الكثيرة، أما القضايا المهمة والتي تهم المسلمين اليوم فلا يتطرق اليها الا القليل النادر منهم،إذ أنني لا استطيع أن أفهم ما جدوى آلاف الكتيبات التي تتحدث عن القبوريين وعن الذبح للجن في الوقت الذي تذبح فيها أمريكا أبناء المسلمين ولا تجد من علماء السلاطين من يحرض الأمة عليها.الخلاف السني الشيعي لا يبرز هذه الايام الا لأسباب سياسية،صحيح أن هناك خلافاً في الأصول والفروع بين السنة والشيعة، ولكنه خلاف يستند الى أدلة معتبرة عند كل فريق ،ولكن المستفيد من إذكاء هذا الخلاف هم أعداء الأمة الاسلامية وعلى وجه الخصوص أمريكا .إن حب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أمر مشترك بين السنة والشيعة، هناك من يغالي في حبهم وهو معذور في ذلك، لأنه يصلي عليهم في كل صلاة ولا تصح صلاة المسلم الا بالصلاة على آل محمد، وهذا الأمر قطعي، والظني هو من هم آل محمد، هناك من حصر آل محمد في علي وفاطمة والحسن والحسين وهذا له أدلة من الأحاديث التي يرويها أهل السنة ،وهناك من جعلهم كذلك وأضاف اليهم أزواج النبي وأقاربه المؤمنين استدلالاً بعموم القرآن في تحديد ال آل .ما الذي نريده الآن : الاختلاف بين السنة والشيعة لا يمكن أن يزول ولكن التعايش بين السنة والشيعة مع اختلافهم ممكن . لا بد من التنبه أن الأمة الإسلامية سنة وشيعة تمتلك من الإمكانيات والطاقات المادية والبشرية ما يمكنها من لعب دور مهم على المسرح الدولي . والأهم من ذلك أن فكرة الدولة وشكلها عند الطرفين لم تعد هي الفكرة التقليدية، فلا أهل السنة الآن يسعون الى إقامة خلافة على أسس معاوية ويزيد، ولا الشيعة عندهم إمام معصوم يسوس الأمة بفكر ومنهج آل البيت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق