الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

موقف فتح من جدار الموت هل يمثل دفاعاً عن مصالح الشعب الفلسطيني؟

فتح من جدار الموت هل يمثل دفاعاً عن مصالح الشعب الفلسطيني؟!بقلم:أ. سعيد الصرفندي


تاريخ النشر : 2009-12-22القراءة : 17




موقف فتح من جدار الموت هل يمثل دفاعاً عن مصالح الشعب الفلسطيني؟!
بقلم: أ. سعيد الصرفندي
جدار الموت الذي تؤكد الشواهد الحية على البدء بإنشائه، هو فكرة إسرائيلية –أمريكية، تم التفاهم عليها بين ليفني ورايس إبان العدوان الهمجي الإسرائيلي على غزة قبل عام، وكان التفاهم الأمريكي الإسرائيلي يقضي بتحميل مصر مسئولية القيام بخطوات يتم بموجبها منع حماس من التسلح مرة أخرى، وحيث أن أمريكا قادرة من خلال سيطرتها على البحر، وإسرائيل عبر السيطرة على حدودها مع قطاع غزة؛ فإن المطلوب من مصر القيام بخطوات من جهتها، لمنع وصول السلاح الى غزة.
وقد استطاعت حركة حماس من خلال الأنفاق، ليس فقط تهريب السلاح الذي يمكنها من خوض مواجهة ثانية في المستقبل، بل الحد من الحصار القاتل الذي يشمل حبة الدواء والغذاء، فقد استطاعت حماس وسكان قطاع غزة عبر الأنفاق من الصمود حتى الآن، مما جعل الاعتماد على لعبة الوقت ليس لصالح إسرائيل، فالحياة مع قسوتها في قطاع غزة، إلا أنها تسير، وفي نفس الوقت تظهر مصر وإسرائيل باعتبارهما طرفاً واحداً يحاصر اهل غزة، مما يزيد من التعاطف مع حركة حماس، ويحمّل مصر وإسرائيل مسئولية أخلاقية عن موت كل طفل أو مريض في قطاع غزة بسبب هذا الحصار الظالم.
هذا الواقع، بقدر ما أزعج أمريكا واسرائيل ومصر، بقدر ما يزعج السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، فقد راهنت هذه السلطة على عامل الوقت الذي يخنق الحياة اليومية مما يضعف شعبية حركة حماس، وبالتالي التنازل سياسياً عن ثوابت الحركة في الحوار الذي كانت تتولاه المخابرات المصرية لإنجاز مصالحة وطنية فلسطينية، ولكن حركة حماس لم تفقد شعبيتها، ففي الضفة الغربية يزداد التعاطف معها بسبب الإعتقالات اليومية من قبل الاحتلال من جهة ومن الأجهزة الأمنية الفلسطينية من جهة أخرى، ويزداد هذا التعاطف مع اعتراف السلطة على لسان أبرز مسؤول فيها- الدكتور صائب عريقات- عن فشل منهج المفاوضات، كذلك في قطاع غزة؛ فإن مهرجان ذكرى انطلاقة حركة حماس دلل بشكل قاطع على أن شعبية حركة حماس لم تتأثر بفعل الحرب والحصار، وإنما تزايدت بشكل مقلق لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، مما حدى بوسائل الاعلام الاسرائيلية تسليط الضوء على هذه الجزئية من احتفالات حماس وهي العدد الضخم الذي شارك فيها، ولا شك أن هذا سيكون محرجاً لحركة فتح التي ستحتفل بعد أيام بذكرى انطلاقتها، حيث لن تنجح بحشد نصف العدد الذي حشدته حماس في غزة في ذكرى انطلاقتها؛ لأن ذكرى انطلاقة حركة فتح ستكون في 1/1/2010 أي يوم الجمعة، وهذا معناه عدم مشاركة الطلاب والموظفين من خلال تأمين الباصات والحافلات عند المدارس والدوائر الحكومية أيام الدوام الرسمي، فالكثير ممن شارك في احتفالات فتح بذكرى انطلاقتها في السنوات السابقة كانوا من الطلاب والموظفين الذين وجدوا في المشاركة يوم عطلة، أما ان يتنازل الموظف والطالب عن يوم عطلته الرسمية ليشارك في ذكرى انطلاقة فتح؛ فإن الدوافع ستكون ضعيفة جداً، مما سيشكل احراجاً لحركة فتح، ولا أشك عندي مطلقاً بأن حركة فتح لن تعلن عن مهرجان مركزي في ذكرى الانطلاقة، بل ستكون هناك مهرجانات فرعية في كل منطقة وربما على مدى ايام متعددة، للخروج من مأزق العدد الذي سيلفت انتباه المراقبين مقارنة بالعدد الضخم الذي حشدته حركة حماس في ذكرى انطلاقتها في غزة.
إذن فلسطينياً، فالسلطة وحركة فتح من أكثر المتضررين من صمود حركة حماس في قطاع غزة، ، وحيث أن وجود حركة نشطة في الانفاق يعتبر من أهم مقومات الصمود ، فكانت المواقف التي اطلقتها قيادات في السلطة وفي حركة فتح حول بناء "جدار الموت" تعبيراً عن الصراع السياسي مع حركة حماس.
إن مواقف حركة فتح وقولها بأن بناء السور يعتبر شأناً داخلياً مصرياً، يلاقي غضباً فلسطينياً في الضفة والقطاع والشتات الفلسطيني بأكمله، فالحصار خطيئة اخلاقية في نظر العالم كله وقواه المحبة للسلام، ولذلك تنطلق حملات التعاطف مع غزة لكسر الحصار، فكيف في نظر الفلسطينيين أنفسهم، وقد شهدت صلوات التراويح في رمضان الماضي في كل العالم الاسلامي بما فيه الضفة الغربية، دعاء وبكاء وتضرعاً الى الله أن يفك الحصار عن قطاع غزة .
إن حركة فتح رسمياً ضد فرض الحصار على قطاع غزة، ولكن موقفها من جدار الموت واعتباره شأناً داخلياً مصرياً، يضر بشعبيتها، ويجعل الفلسطيني في كل مكان ينظر اليها باعتبارها شريكاً للاحتلال في حصاره لقطاع غزة.
جدار الموت ليس شأناً مصرياً داخلياً، فهو نتاج تفاهمات امريكية اسرائيلية لتركيع قطاع غزة وحركة حماس للتسليم بشروط الرباعية الدولية، ولا يجوز لحركة فتح ان تتساوق مع المخططات الامريكية الاسرائيلية لخنق قطاع غزة، فهذا لن يزيد من شعبيتها؛ بل سيزيد من شعبية حركة حماس، خاصة في ظل سيطرة حركة فتح على الضفة الغربية التي تشهد كل يوم مزيداً من الاستيطان وتهويد القدس والاعتداء على المسجد الأقصى، وصعوبة الحياة الاقتصادية للمواطن الفلسطيني وانخفاض القيمة الشرائية لرواتب الموظفين التي تتآكل كل يوم بسبب ثباتها من جهة وغلاء الاسعار من جهة أخرى.
لذلك يكون السؤال مشروعا في هذا السياق: هل موقف فتح من جدار الموت يمثل دفاعاً عن مصالح الشعب الفلسطيني؟! الجواب إذا صدر عن سياسيين قادرين على قلب المعطيات والحقائق سيكون نعم، ولكن السؤال نفسه لو عرض على الشعب الفلسطيني؛ فإن الجواب قطعاً سيكون لا، لا يمكن لهذا الموقف من حركة فتح تجاه جدار الموت أن يكون معبراً عن مصالح الشعب الفلسطيني؛ لأن تهاوي أو ضعف اي جزء من أجزاء الشعب الفلسطيني امام اسرائيل ومخططاتها يعني اضعافاً للكل الفلسطيني.
المطلوب من حركة فتح الآن أن تعلن أن بناء جدار الموت يضر بالمصلحة الفلسطينية، سواء كان ذلك آنياً أو على المدى البعيد، وأن هذا الجدار ليس من أجل الحفاظ على المصالح القومية لمصر، بل من اجل الحفاظ على مصالح اليهود؛ فقطاع غزة لم يكن في يوم من الايام خطراً على مصر وامنها القومي، بل ان مصر تتحمل مسئولية اخلاقية في إغاثة غزة لأن قطاع غزة تم احتلاله عام 1967 وهو تحت النفوذ المصري، فالمصريون مطالبون بتقديم كل شيء نصرة لغزة لا أن يقفوا عائقاً وسداً في طريق صمودها، من خلال تشديد الحصار عبر بناء جدار الموت الذي يقصد منه تركيع حماس سياسياً، صحيح أن هناك صراعاً بين حركة فتح وحركة حماس، ولكن هذا الصراع يتطلب المحافظة على ثوابت اخلاقية ووطنية اثناء ادارته، فلا يعقل ان تتخلى حركة وطنية كحركة فتح عن مصالح الشعب الفلسطيني بتأييد بناء جدار الموت .
sarafandisaed@yahoo.com
ssarafandi@hotmail.com
مدونة:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق